السؤال: سافرت إلى أوروبا وأنا في العدَّة حيث كان ذلك رغبة زوجي، ولكنَّ الله تعالى شاء وتوفَّاه. والآن عندي مشكلة؛ سوف تنتهي الفيزا بعد شهر وطلبوا مني أن يكتب عليَّ شخصٌ في البلدية فقط على الورق من غير ما أراه ولا أكلِّمه، فقط لأصلح أوراقي أنا وأبنائي. فهل هذا حرام لأنِّي في العدَّة؟ وهل يجوز لي فعل ذلك؟ أرجو إجابتي لأنَّي لا أعرف ماذا أفعل.. وجزاكم الله خيرا
الجواب: لا بأس بسفر المعتدَّة إلى أيِّ مكان تريده، لأنَّ البقاء في البيت وعدم الخروج منه ليس من شروط العدَّة. الشَّرط الوحيد في العدَّة هو الامتناع عن الزَّواج وعدم إظهار الرَّغبة فيه.
ولا يجوز عقد النِّكاح في العدة، لقوله تعالى {وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} (البقرة 235) والمقصود بالكتاب هو ما كتبه الله على المرأة المتوفى عنها زوجها من وجوب العدة. والأصل عدم جواز العقد الصوريّ أيضا، لكنَّه (أي الصوري) يباحُ عند الحاجة الملحَّة، ويمكننا الاستناد في إباحة ذلك إلى قوله تعالى:
{لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ، وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً، وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ، وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} (آل عمران 28)
هذه الآية ليست نصَّا في المسألة التي نحن بصددها، لكنَّها تبيِّن أنَّه يجوز للمؤمن أن يُظهر عكسَ ما يُبطن ليقيَ نفسه من ظلم الكافرين، وعلى ضوء هذه الآية يمكننا القول أنَّه يصحُّ للمؤمن القيام بإجراء ظاهره مخالفة شرعيَّة دون حقيقته ليقيَ نفسَه من ضررِ مخالفة قوانين الدَّولة التي يلجأ إليها.
وإن كان هناك ثمة رغبة بالزَّواج حقيقةً فليكنْ بعد انتهاء العدَّة وليس قبلها. وحينئذ يتمَّ العقد الحقيقي، ولا يصحُّ البناء على العقد الصوري الذي أُبيح للحاجة دفعاً للضَّرر، لأنَّه غيرُ معتبرٍ شرعا، وهو باطلٌ أصلا فلا يجوز تصحيحه والبناء عليه.