حبل الله
تحميلُ معنى جديد لكلمة رسول

تحميلُ معنى جديد لكلمة رسول

تحميلُ معنى جديد لكلمة رسول

في التراث الإسلامي تأتي كلمة الرَّسول بمعنى الشَّخص المُرسل، والحقيقية أنَّ هذا هو المعنى الثَّاني للكلمة، أما المعنى الأول فهو الرِّسالة التي يأتي بها الرَّسول[1]، فمحمدٌ عليه الصلاة والسلام بصفته رسولا أتى بكلام الله الموجود في القرآن فيكون الأمر باتباع الرَّسول هو اتباع للقرآن ذاته. يقول الله تعالى:

من يطع الرسول[2] فقد أطاع الله (النساء 4/80)

وقد بيَّن الله تعالى الوظيفة المناطة بالرَّسول بقوله:

فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِين (النحل 16/35)

يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (المائدة 5/67)

يقع على عاتق الرُّسل الذين يبلِّغون كتابَ الله إظهارُ الأحكام وإيجاد الحلول من خلال المنهج الذي بيَّنه الله في الكتاب. يقول الله تعالى:

لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (آل عمران، 3/164)

تشير الآيات أنَّ النَّبي بصفته رسولاً يبلِّغ الكتاب ويعلِّمُ الحكمة. وهذا عين ما قام به نبيُّنا، وبتمام ذلك أنهى مهمته. وقد تحدَّثت الآية التَّالية عن ذلك بوضوح:

وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ (آل عمران 3/144)

الرَّسول الباقي إلى قيام الساعة الذي يجب طاعته هو القرآن الكريم. حيث يقع على كواهلنا مسؤولية تبليغه إلى كلِّ الأمم بلغاتها المختلفة، وإلا لا يمكن وصول الرَّسول إليهم. يقول الله تعالى:

وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (إبراهيم، 14/4)

والرَّسول المذكور في الآية الذي يُرسَل لكلِّ أمَّة بلسانها لا يمكن أن يكون غير القرآن الكريم، فإذا لم نبلِّغ القرآن إلى كلِّ أمِّة بلسانها فلا يمكن أن تكون هذه الأمم مكلَّفة بالإيمان به والعمل بمقتضاه. يقول الله تعالى:

وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ … (آل عمران 3/81)

بالجمع بين ما ذُكر سابقا من ضرورة تبليغ كلِّ قوم بلسانهم مع الآية أعلاه يُفهم أنَّ المقصود من كلمة “الرَّسول”  هو القرآن الكريم. ويعني ذلك أنَّ القوم الذين لا يأتيهم القرآن بلسانهم يكونوا في عداد الذين لم يأتهم رسولٌ أصلا.

الرَّسول هو المكلَّف بتبليغ كلام المُرسِل من دون زيادة أو نقصان، وبهذا المعنى فإنَّ كلَّ من بلَّغ كلامَ الله إلى الناس فهو رسول. وكلُّ من بلَّغ كلام غيره من الناس رسولٌ أيضا، فمثلا؛ بعث ملكُ مصرَ رسولا إلى يوسف عليه السلام، كما أورده قوله تعالى:

فَلَمَّا جَاءهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ … (يوسف، 12/50)

قام علماء التراث بتعريف كلمتي النَّبيِّ والرَّسول على خلاف ما عرَّفتها الآيات فقالوا: “الرَّسول هو الشَّخص الذي بعثه الله تعالى بكتابٍ وشريعةٍ جديدين، بينما النَّبي هو الشَّخص الذي بعثه الله تعالى بكتاب وشريعة نبيٍّ قبله”[3]

بحسب هذا التعريف فإنَّ الرسول الذي بعثه ملكُ مصر إلى يوسف عليه السلام لا بدَّ أنَّه بُعث بكتابٍ وشريعةٍ جديدين!. إذا كان النَّبي هو المكلَّف بتبليغ رسالةِ رسولٍ قبله فهذا يعني أنَّه لم يعد أحدٌ مكلَّف بتبليغ القرآن بعد انقضاء نبوة محمد لأنَّه لا نبيَّ بعده.. وهكذا أضحت الأخطاء الجسيمة التي ظهرت بسبب إبعاد المسلمين عن القرآن بعيدة عن الأنظار.

للمزيد حول الموضوع ننصح بقراءة مقالة أ.د عبد العزيز بايندر: (الإسلام من دينٍ مركزُه الكتاب إلى دينٍ مركزه البشر) على الرابط التالي http://www.hablullah.com/?p=3092

وكذلك مقالة (النبي والرسول وضرورة التفريق بينهما) على الرابط التالي http://www.hablullah.com/?p=1239

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]  مفردات ألفاظ القرآن، الراغب الأصفهاني، مادة رسل. وهذا نصَّ ما قاله الراغب: “والرسول يقال تارة للقول المتحمل كقول الشاعر: ألا أبلغ أبا حفص رسولا وتارة لمتحمل القول والرسالة”

[2]  إذا اعتبرنا إلـ التعريف في كلمة الرسول عوضا عن المضاف إليه فيكون معناها (رسول الله)

[3]  انظر عمر نصوحي بيلمان، Büyük İslam İlmihali ، اسطنبول، ص 17، الفقرة 34

أضف تعليقا

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.