قال الله تعالى
{وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ . لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} (الحج، 27_28)
الأذان في اللغة: الإعلام: ومنه قوله تعالى: وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر، والحج في اللغة: القصد وكثرة الاختلاف والتردد، تقول العرب: حج بنو فلان فلانا: إذا قصدوه وأطالوا الاختلاف إليه والتردد عليه.
والرجال في الآية: جمع راجل، وهو الماشي على رجليه، والضامر: البعير ونحوه، المهزول الذي أتعبه السفر.
ولم تأمر الآية إبراهيم إلا بالأذان للحج أي بالإعلان عنه، لأن أعمال الحج معروفة من لدن آدم عليه السلام. وقد علّم جميع الأنبياءِ أقوامَهم فريضة الحج، ومعلوم أنه ما من أمة إلا خلا فيها نذير، ولذلك قال تعالى{يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} أي من كل ناحية، وهذا لا يتأتى إلا بجهد عظيم بذله كل نبي لقومه مهما بعد مقامهم.
وهذه الآيةُ تُبيِّنُ أنَّ ما يُنحر هو الأنعام، ويكون ذلك في الأيَّام المعلومات، وهي أيَّام عيد الأضحى، ثم بيَّنت وجوبَ التَّسمية والتَّكبير عند الذَّبح.
والأنعام هي المعز والضأن والإبل والبقر، كما فصله قوله تعالى {وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ. ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ. وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (الأنعام، 142_144)