حبل الله
التهرب من الزكاة

التهرب من الزكاة

السؤال: ما حكم التصرف بالمال البالغ نصاب الزكاة قبل أن يحول عليه الحول بنية التهرب من الزكاة، كأن يشتري سيارة ليس بحاجة لها ثم يبيعها ليبدأ حولا جديدا؟

الجواب: الزكاة فرض على من ملك نصاب الزكاة وحال عليه الحول، والمسلم الحق هو الذي يؤدي زكاة ماله ابتغاء رضوان الله تعالى، كما قال سبحانه {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (البينة، 5)

وإذا زكَّى المسلم مالَه فقد وقع أجره على الله سبحانه في الدنيا والآخرة:

يقول الله تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ. إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (البقرة،276_ 277)

ولا شك أن التهرب من الزكاة لا ينفع فاعله؛ لأنها لا تسقط عنه، ولا تبرأ ذمته منها إلا بأدائها. فعن أنس رضي الله عنه أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان منها: (ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة)[1]

والمقصود (لا يجمع بين متفرق) من الحيوانات التي تجب فيها الصدقة كأن يكون ثلاثة لكل واحد منهم أربعون شاة فيجب على كل واحد شاة، فإذا جمعوها وجب على الجميع شاة واحدة. (لا يفرق بين مجتمع) كأن يكون لشريكين أربعون شاة فتجب فيها شاة واحدة، فإذا أخذ كلُّ شريك حصته عشرين لم يجب عليها شيء. (خشية الصدقة) أن تقل أو تكثر؛ لأن العامل على الزكاة أيضا ربما فعل ذلك أحيانا حتى تكثر الزكاة على المكلفين فليس له ذلك[2].

يقول الامام الشافعي: وفي الحديث خطابٌ لربِّ المال من جهة، وللساعي من جهة، فأمر كلَّ واحدٍ منهم أن لا يُحدث شيئاً من الجمع والتفريق خشية الصدقة. فربُّ المال يخشى أن تكثر الصدقة فيجمع أو يفرق لتقل، والساعي يخشى أن تقل الصدقة فيجمع أو يفرق لتكثر، فمعنى قوله (خشية الصدقة) أي خشية أن تكثر الصدقة، أو خشية أن تقل الصدقة، فلما كان محتملاً للأمرين لم يكن الحمل على أحدهما بأولى من الآخر فحمل عليهما معاً. لكن الذي يظهر أن حمله على المالك أظهر والله أعلم[3].

وبيع جزء من المال بغية التهرب من الزكاة يحمل ذات المعنى في الجمع والتفريق، فلا ينبغي للمسلم أن يعمد إليه، خاصة وأنه يعلم أن الرقيب عليه هو الله تعالى الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.



[1]  رواه البخاري. 1450

[2]  تعليق مصطفى البغا على الحديث في صحيح البخاري

[3]  فتح الباري 4/ 56.

أضف تعليقا

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.