حبل الله
أضحية العيد فرض كفاية على الأمة ومندوبة للأفراد

أضحية العيد فرض كفاية على الأمة ومندوبة للأفراد

السؤال: تزوجت منذ شهور عدة وتراكمت عليّ الديون بسبب ذلك، ونحن على موعد مع قدوم عيد الأضحى المبارك، وأرغب بذبح أضحية العيد وليس معي مال لأشتري الأضحية، هل يجوز لي أن أشتريها دينا أو بالتقسيط؟

الجواب: أمر الله تعالى نبيه عليه السلام أن ينحر، أي أن يتقرب إليه بذبح من بهية الأنعام. قال الله تعالى {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (الكوثر، 2 )

وما أمر به صلى الله عليه وسلم تؤمر به أمته ضمنا ما لم يبين تعالى أن هذا الأمر مخصوص بنبيه كما بين _مثلا_ أمر التهجد بقوله “نافلة لك”. وعندما يعمد النبي إلى تنفيذ أمر ربه، يأمره سبحانه أن يجعل من هذا الذبح خالصا له سبحانه، وقد ورد هذا التوجيه بقوله تعالى {قل إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (الأنعام،162)

وقد فرض الله تعالى الأضحية على كل الأمم من قبلنا كما ورد في قوله تعالى {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} (الحج، 34).

ونظرا للآيات السابقة فإن القربان فرض كفاية على مجموع الأمة إن قام به البعض سقط الإثم عن الباقين، وهو مندوب بحق المقتدر يضحي عن نفسه وأهل بيته، ولا يُشترط أن يضحي كل واحد في البيت؛ فأضحية واحدة تكفي المضحي وأهل بيته. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَحَدُهُمَا عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَالْآخَرُ عَنْ مَنْ لَمْ يُضَحِّ مِنْ أُمَّتِهِ»[1]

وعن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَبَحَ كَبْشًا أَقْرَنَ بِالْمُصَلَّى ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ هَذَا عَنِّي وَعَنْ مَنْ لَمْ يُضَحِّ مِنْ أُمَّتِي»[2]

بناء على ذلك نقول إنه لا يكلف الإنسان بما فوق طاقته، حتى إن من قال بوجوب الأضحية كالحنفية اشترطوا لوجوبها الغنى، وحدُّ الغنى عندهم أن يمتلك المضحي نصاب الزكاة، وهو 85 غم من الذهب أو ما يعادلها من النقد زائدا عن حاجاته الأصلية.

وقد ذكرنا بالأدلة أنها فرض على الأمة بمجموعها (فرض كفاية) ومندوبة للأفراد؛ فمن فعلها عن ظهر غنى أصاب السنة، ومن تركها لقلة حيلته فلا تثريب عليه إن شاء الله تعالى.

فإن اشتراها دينا أو بالتقسيط فإنها تجزئه كذلك، وله أجرها، لكنه ألزم نفسه ما لم يلزم.



[1]  سنن الدار قطني، الصيد والذبائح والأطعمة، برقم 4744

[2]  رواه الحاكم في المستدرك، برقم 7549 وقال هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ . وعلق عليه الذهبي في التلخيص بقوله صحيح 7549

أضف تعليقا

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.