حبل الله
آيات ملك اليمين.. حكم ربانية ظاهرة.. واجتهادات إنسانية قاصرة..

آيات ملك اليمين.. حكم ربانية ظاهرة.. واجتهادات إنسانية قاصرة..

الرسالة من الباحث الإسلامي إبراهيم السبيعي

يقول فيها:

كنت قد عملت دراسة تتناول مفهوم ملك اليمين في القرآن الكريم ، واحببت أن انشر هذه الدراسة عبر موقعكم المبارك واسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد..

آيات ملك اليمين.. حكم ربانية ظاهرة.. واجتهادات إنسانية قاصرة..

بسم الله و الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

لقد اطلعت كغيري على الفتوى المثيرة للجدل، التي أطلقها الشيخ ياسين العجلوني ، والتي أفتى من خلالها بجواز اتخاذ النساء السوريات إماء وجواري، وتطبيق أحكام ملك اليمين عليهن، وأن يتخذ الرجل المسلم 50 امرأة سورية واعتبارهن ملك يمين

وقد علل الشيخ العجلوني ذلك، إلى إيجاد فرص تكفل إعالتهن وإيوائهن وسترهن وحمايتهن من الاستغلال، بسبب مسألة التهجير التي يتعرض لها إخواننا المسلمين في سوريا

وذكر قائلاً أن الدليل الذي استند عليه في تلك الفتوى، هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم عن أنس رضي الله عنه، ” قال رسول الله إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويظهر الجهل… إلى قوله حتى يكون للخمسين امرأة القيم الواحد، والقيم هنا من يقوم بأمرهن فيصرن له مواليات وإماء”.

وتابع العجلوني سرد أدلته وكان منها ما قوله : “وفي الحديث الذي رواه البخاري ويرى الرجل الواحد تتبعه أربعون امرأة يلذن به من قلة الرجال وكثرة النساء، ولقوله صلى الله عليه وسلم إذا عمت الفتنة ميز الله أولياءَه حتى تتبع الرجل خمسون امرأة تقول يا عبد الله استرني يا عبد الله آوني، وفي الرواية تقول له : انكحني”

وأضاف.. أن تلك الفتوى نيابة عن علماء الشام، “وانه سوف يدعو علماء الشام إلى الأخذ بها، لأنها الوسيلة الشرعية الوحيدة التي تضمن للمرأة السورية المهجرة التي ليس لها أحد إلا الله، أن لا تستغل جنسيًا، وأن لا تهان، وأن لا يعتدا عليها، وأن لا يتمتع بها بوسائل غير شرعية..

فما هو موقف الدين الإسلامي من هذه الفتوى ؟!

وللإجابة على هذا السؤال، فإنني أرى أنه من المناسب ونحن نتعرض لفتوى الشيخ ياسر العجلوني المتعلقة بأحكام ملك اليمين ، أن نسبق ذلك بعرض مختصر للتعريف بالأسرى والسبايا ، وما هي الأسباب الشرعية الصحيحة التي تبيحه ؟! وما هي الظروف والملابسات الاستثنائية المشروعة التي تسمح بإدراج النساء الأسيرات ، تحت مفهوم ملك اليمين؟!

معنى الأسير في اللغة :

الحبس والشد والأخذ والخلق، و يقال أسر البول – بفتح الهمزة وكسر السين – إذا احتبس ومصدره الأسر- بضم الهمزة وسكون السين.

والإسار : القد الذي يؤسر به. يقال ليس بعد الإسار إلا القتل والجمع أسر، ومنه أيضاً الحبل الذي يشد به الكتف ، ولذلك سمي المأخوذ في الحرب أسيرا.

لأنه كان يشد به، ثم أطلق عليه ذلك وإن لم يشد.

والأسير : الأخيذ، وكل محبوس في قد أو سجن ، قال الله تعالى {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} (سورة الإنسان آية / 8) الأسير المسجون ، والجمع أسراء وأسارى – بضم الهمزة. وأسرى .

ومن المجاز : شد الله تعالى أسره ، أي قوى إحكام خلقه ، ومن قولهم : ما أحسن ما أسر قتبه ، وهو أن يربط طرفى عرقوبي القتب برباط، وكذلك ربط أحناء السرج بالسيور .

فأما الأسير في قوله تعالى {نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا} (سورة الإنسان، آية / 28) ، فمعناه الخلق ،يقال : شد الله أسره : أحكم خلقه.

كما يقال : هذا الشيء لك بأسره ، أي كله.

ولقد كانوا يسمون الأسير ( أخيذا ) والأخيذ أعم من الأسير، فالأسير في أصل اللغة هو الأخيذ الذي يشد ويقيد.

وقالت العرب أن الأسرى هم غير الموثقين عندما يؤخذون ، والأسارى هم الموثقون ربطا.

ولم يرد الجمع في القرآن الكريم، إلا بصيغتين اثنتين الأولى :

أسرى ، وذلك في قول الله تعالى {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ ۚ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) (سورة الأنفال، آية / 67)

وأيضاً في قول الله تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (سورة الأنفال، آية 70)

والثانية : أسارى – بضم الهمزة – وذلك في قوله تعالى {وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} (سورة البقرة، آية / 85}

والصيغتان تنصرفان إلى الأسرى ، المأخوذين في الحرب ، ولا داعي للتفريق بينهما في المعنى أو الإيحاء.

إذ الصيغة الأولى في الآيتين السابقتين من سورة الأنفال تتحدث عن الأسرى في غزوة بدر، والصيغة الثانية الواردة في سورة البقرة تتحدث عن أسرى اليهود فيما كان من عداوات بينهم، حيث كان بنو قينقاع من اليهود أعداء بني قريضة إخوانهم في الدين، وكان الأولون حلفاء الأوس .

والذي يعنينا من هذه التفريعات المختلفة بمعنى الأسير، هو أسير الحرب الذي تدور حوله ما سنفصله من أحكام ومعاملات بعون الله تعالى .

تعريف السبي:

السبي لغة[1] يقال : سبيت النساء سبيا وسباء ، ووقع عليهن السباء ، وهذه سبية فلان : للجارية المسبية ، وتقول : خرجت السرايا فجاءت السبايا .

ويقال : سبى العدو سبيا وسباء أسره ، فهو سبى وهي سبى ، والجمع سبايا .

والسبي ما يسبى ، والجمع سبى ، والنساء لأنهن يسبين القلوب ، أو يسبين فيملكن ، ولا يقال ذلك للرجال ، لأن الغالب تخصيص الأسر بالرجال والسبي بالنساء ، والجمع سبايا ، والسبى أيضاً / المأسور ، وصف بالمصدر ، والسبي المأسور والمأسورة ، وهي سبية أيضاً ، والجمع سبايا.

والسبي اصطلاحا:

وهو لا يكاد يخرج عن التعريف اللغوي السابق ، وكذلك في التفريق بين السبايا والأسرى ، فالسبايا هم الصبيان والنساء الذين ظفر المسلمون بأسرهم أحياء، والأسرى هو الرجال والمقاتلون إذا ظفر المسلمون بأسرهم أحياء كذلك[2]

الأسباب والملابسات التي تبيحه :

أساس نشأة السبي، هو وجود النساء في ميدان القتال ، ووقوع الأسر عليهن ، ومن هنا تساق النساء أسيرات.

وقد تكون للمرأة أدوار متعددة : كالإمداد بالمال، والمشاركة الفعلية في القتال، أو بالتحريض عليه، وحينئذ يكون السبي موجها إليها بصفة خاصة لما اقترفته من جناية توجب الأسر والسبي .

ولكن ما ينبغي التشديد والتنبيه عليه هنا ، هو أن التصور الإسلامي للحرب يقتضي أن تجري في ظل العقيدة الصحيحة، وإن المسلمين قد أذن لهم بالقتال من حيث كونهم أصحاب عقيدة فرضت عليهم العدل والقيام به ، فاضطهدوا وحوربوا من أجلها ولولاها لسالمهم الناس. قال الله تعالى {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} (سورة الحج، آية/ 39)

وذلك لأن ذلك الأسير الكافر أو تلك السبية الكافرة المناوئين للحق والعدل كانا ظالمين ، أو معينين على الظلم، أو أداة في تنفيذه أو إقراره ، فكانت حريتهم فرصة لفشو الطغيان والقضاء على العدل وأهله، والاستعلاء على الآخرين ، ومن هنا جاز سبيهم وأسرهم.

كل ذلك إذا كانت الحرب مشروعة دينيا، أما إن كانت لمطامع الدنيا وحظوظ الملك ، فلا يباح فيها السبي .

ظروف وملابسات النساء الأسيرات، قبل نقلهن إلى دار الإسلام.

أنه إذا ما انتهى القتال المشروع في الحروب الإسلامية ضد المحاربين المعتدين ، ثم وضعت الحرب أوزارها ، ووقع السبي على النساء ضمن من وقع عليهم الأسر في أرض المعركة، وصرن في حوزة المسلمين، فإننا نلحظ رحمة إسلامية منقطعة النظير، تراعي حالتهن لتلك الفترات الاستثنائية الصعبة التي يعشنها، وتسعى إلى معالجة أوضاعهن، بمجموعة من الحلول التي تحتكم في معاملاتها إلى مبادئها الأصيلة، رعاية لحرماتهن، وصيانة لأعراضهن، وحفظاً وكفالة لحقوقهن.

ومن تلك الأحكام والمعاملات ما يلي :

مثل متى يجوز تركهن ؟! وكيف يكون أسلوب معاملتهن قبل القسمة ، وطبيعة حياتهن بعدها، وذلك لاحتوائهن ولمعالجة الآثار النفسية التي حلت بهن جراء ويلات الحرب، فضلاً عن ما خلفته من آثار اجتماعية ، كأن يقتل بعض أزواجهن ، أو أن يباعد السبي بينهن وبين أزواجهن، وديارهن.

ولذلك إن رأى إمام المسلمين أو من يقوم مقامه، أن المصلحة تقتضي في ردهن إلى أزواجهن وأهليهن ووطنهن وهن ما زلن في دار الحرب، جاز له ذلك.

وقد روى الطبراني في الأوسط أن ابنت حاتم الطائي وقعت في أيدي المسلمين وأنزلت بمكان يمر منه النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، فتعرضت له ، وقالت : هلك الوالد ، وغاب الرافد ” تعني أخاها عديا ” ، فامنن علي من الله عليك ، فقال : قد فعلت ، فلا تعجلي بخروج حتى تجدي من قومك من يكون لك ثقة حتى يبلغك إلى بلادك ، وأقامت حتى قدم رهط من قومها فكساها رسول الله وحملها وأعطاها نفقة فخرجت معه[3].

كذلك إن رأى إمام المسلمين، أن بتركهن في دار الحرب، سبباً في ضياعهن وفسقهن واستغلالهن ، جاز له أن يحملهن إلى دار الإسلام .

وكذلك لا يجيز الإسلام لأتباعه المحاربين سبي النساء في بلدة فتحت صلحا، أو لم تكن في اعتبار الإسلام دار حرب.

فعن المهلب بن أبي صفرة قال : حاصرنا مدينة الأهواز[4] على عهد عمر ابن الخطاب رضي الله عنه ، ففتحناها ، وقد كان صلحا لهم من عمر فأصبنا نساء ، فوقعنا عليهن فبلغ ذلك عمر، فكتب إلينا أن خذوا أولادكم وردوا إليهم نساءهم.

كما أن الإسلام لا يعطي الفرد الآسر حق التصرف الفردي في ما بين يديه من السبايا، كالتسري والوطء والنكاح، ولو أن واحد من المسلمين الآسرين لهن، فعل ذلك مع إحداهن، فإن الإسلام يوجب عليه حد الزنا، وحد السرقة، وهذا ما يراه مالك.

وذلك لعدم وجود سبب للملك بالزواج ، أما حد السرقة، فيعود سببه، لأخذه شيئا من المغنم دون إذن إمام المسلمين.

هذا بعض من الأحكام وصور المعاملات المستمدة من الدين، أو المبنية على وقائع حدثت وكان فيها تصرف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم أجمعين، والتي يظهر من خلالها رحمة وسماحة وسمو مبادئ الدين الإسلامي.

مرحلة تحول السبايا إلى ملك اليمين:

بعد نقل السبايا من دار الحرب إلى دار الإسلام، يتابع ديننا الإسلامي سياسته العلاجية، التي يهدف من خلالها إلى احتوائهن ومعالجتهن نفسياً واجتماعيا ودمجهن في المجتمع الإسلامي.

ولذلك إن وجد لهن الكفيل الكفء من ذوي الأرحام أو الأقارب، مقيما في أرض المسلمين، ثم توفرت فيه القدرة والرغبة على كفالتهن، فإن الإسلام يوجب وصلهن به ، ونقل تبعيتهن إليه ، دون آسرهم.

وإلا فإنه يوزع أولئك السبايا على آسريهم من المسلمين المجاهدين الغانمين لهن من دار الحرب، من خلال أنصبة وسهاما تقسم عليهم.

والإسلام لا يرى بأساً بأن يكون لكل كافل من الغانمين واحدة أو أكثر من السبايا، ليصبحن على هذا الاعتبار الجديد مسئولية من مسئوليات ذلك المسلم، وبمثابة الأمانة العظيمة، المتمثلة في صورة كفالة ورعاية وتبني لهن.

وبهذا الوضع تطبق عليهن صفة ” ملك اليمين ” ، وهذا هو المراد الذي قصده التشريع الإسلامي من مصطلح ملك اليمين الذي ورد ذكره في القرآن الكريم في أكثر من أربعة عشر موضعا.

أي ما تملكه سلطة يد الكافل من أمانة، من رجال ونساء وأطفال، وما يهمنا هنا هو السبايا.

ومعنى ملك يمين أي ما تحت تصرفه ، من سبايا، كفالة وحماية ورعاية وإنفاقا.

وإذا قال قائل.. وهل يجيز الإسلام لذلك المسلم الكافل، أن يباشر من في يده من سبايا، بالتسري والوطء والنكاح، لاعتبارهن ملك يمين واقع بين يديه ؟

نقول إن الإسلام لا يجيز له ذلك، لأن السبية وان كانت في ملك يمينه، إلا انه لا يجوز له وطئها ونكاحها، إلا بتوفر الشروط الشرعية الصحيحة الموجبة لعقد النكاح ومنها :

– الإسلام

وذلك لأنه لا يجوز لمسلم أن يعقد عقدة النكاح على كافرة أو مشركة أو مجوسية وقع عليها حكم ” ملك اليمين “، حتى تسلم طواعية .قال الله تعالى {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ..} (سورة البقرة، آية / 256)

وقال الله تعالى {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} (سورة البقرة، آية / 221)

وكذلك يتجه بعض الفقهاء ، إلى عدم جواز وطء السبية مادامت وثنية أو مجوسية ،ولعل حجتهم في هذا الاتجاه قياسهم التسري على الزواج ، ومن الشروط أيضاً:

– القبول والإيجاب.

كما أن الإسلام يلزم توفر وليها أو أهلها ، وبشرط أن يكون ذلك النكاح برغبتها ودون إكراه.

قال الله تعالى {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ۚ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ ۚ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ۚ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ ..} (سورة النساء، آية / 25)

– دفع الأجر . قال الله تعالى {وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ ..} (سورة النساء، آية / 25)

– الشهود.

وبهذا يتضح لنا، أن الإسلام لا يجيز للمسلم أن يمارس أي ممارسة عاطفية أو جنسية مع من في يده من ملك اليمين، إلا بعقد نكاح شرعي.

وكذلك يتضح لنا أيضاً، أن ملك اليمين شيء، وأن النكاح شيء آخر.

وقد يقول قائل : وما هي الحكمة من الوصية النبوية الخاصة بملك اليمين، التي نبه عليها النبي صلى الله عليه وسلم، حين وفاته ثلاثاً !؟، قال صلى الله عليه وسلم الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم[5]. وكذلك ما هي الحكمة الربانية من تكرار إشارات ملك اليمين في القرآن الكريم !؟

نقول : لم يكن التنبيه النبوي لقضية ملك اليمن، فضلاً عن الإشارات القرآنية الخاصة به، أن تتكرر في عدة مواضع من القرآن الكريم إلا لتنبيه المنتمين للدين الإسلامي بخطورة وحساسية وأهمية القضية – وهي قضية من الأهمية بمكان. وضرورة تهذيب نفوسهم من النزعات الشهوانية والحيوانية، وتربيتها على ضبط النفس، والتزام العدل واحترام الآخر. وتأكيداً لهم على ضرورة الالتزام والأخذ بما نصت عليه آيات ملك اليمين من أحكام ومبادئ وآداب وقوانين وقواعد، في حال تعاملهم مع الفئة المدرجة تحت ملك اليمين.

ليبلغوا بموجب ذلك الالتزام غاية الإسلام السامية ، وهي العدل مع ملك اليمين، الذي يقضي باحتوائهن وإصلاحهن ودمجهن في المجتمع الإسلامي، فضلاً عن حماية الفرد من الوقوع في الرذيلة، ومنعاً لانتشار الفاحشة في المجتمع.

وبتحقق تلك الغاية الربانية والأهداف التشريعية النبيلة، يبقى المجتمع الإسلامي مجتمعاً نظيفا وخالياً من الأمراض المجتمعية والنفسية والصحية والأخلاقية.

وهنا تتجلى عمق الحكمة وعظمة التشريع الإسلامي ، لجملة الأحكام والقواعد والمبادئ والآداب والإرشادات والتوجيهات، التي تضمنتها آيات ملك اليمين التي نورد منها ما يلي :

يقول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِّن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّـهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (سورة النور، آية / 58)

وهنا يتطرق النص القرآني لآداب الاستئذان لفئة من الناس، وقد كان ملك اليمين، من ضمنهم ،وذلك لأن ملك اليمين يقيم إقامة كاملة في نفس سكن كافله المسلم.

ومن آيات ملك اليمين أيضاً :

يقول الله تعالى {وَاعْبُدُوا اللَّـهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا} (سورة النساء، آية / 36 )

وهنا يتضح الإيصاء والحث الإلهي بالإحسان إلى فئة من الناس، وقد كان ملك اليمين ، من ضمنهم.

ومن آيات ملك اليمين أيضاً :

يقول الله تعالى {وَاللَّـهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَىٰ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّـهِ يَجْحَدُونَ} (النحل، 71)

وهنا إخبار رباني بالتفاوت والتفاضل في الرزق بين الناس، وذلك لأن ملك اليمين هم فئة ، آل مصيرها إلى فئة من المسلمين، الذين بذلوا أنفسهم وأموالهم في سبيل حماية ونشر دين الله في الأرض، وأن الله قد فضلهم في الرزق.

ومن آيات ملك اليمين أيضاً :

يقول الله تعالى {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّـهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (سورة النور، آية / 31)

وهنا تذكير رباني للمؤمنات بوجوب غض البصر وحفظ الفرج، ونهي عن إبداء الزينة، إلا ما ظهر منها، وتذكيرهن بالالتزام بآداب الحجاب، عدا على فئة من الناس، وقد كان ملك اليمين من ضمنهم.

ومن آيات ملك اليمين أيضاً :

يقول الله تعالى {لَّا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا} (سورة الأحزاب، آية / 55)

هنا أمر رباني للنساء، بضرورة التقيد بآداب الحجاب، إلا على الفئة التي استثنتها الآية، وقد كان ملك اليمين منهم.

ومن آيات ملك اليمين أيضاً :

يقول الله تعالى {وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلًا أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّـهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُم بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنكُمْ وَأَن تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (سورة النساء، آية / 25)

وهنا إرشاد رباني لبعض رجال المسلمين الذين يريدون الزواج، ولكن لا يملكون السعة والمقدرة المالية التي تعينهم على الزواج من النساء الحرائر، بأن يتزوجوا من النساء المؤمنات اللاتي في ملك اليمين.

ومن آيات ملك اليمين أيضاً :

قال الله تعالى {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۖ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ۚ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ۚ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} (سورة النساء، آية / 24 )

وملك اليمين هنا، هن النساء المسبيات في الحرب الدينية المشروعة، فإن صلح حالهن وأسلمن ثم رأى إمام المسلمين، أن المصلحة تقتضي في عدم ردهن إلى أزواجهم الكفار في دار الحرب المقاتلين لدين العدل والمسلمين، جاز له ذلك، وعند ذلك يحل للمسلمين من الزواج منهن.

ومن آيات ملك اليمين أيضاً :

يقول الله تعالى {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا}  (سورة النساء، آية / 3)

وهنا تذكير رباني بوجوب العدل والقسط.

ومن آيات ملك اليمين أيضاً :

يقول الله تعالى {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ – الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ – وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ – وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ – وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ – إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أو مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ- فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} (سورة المؤمنون، آية / 1- 7 )

وهنا تذكير رباني بصفات المؤمنين ، الذين من صفاتهم حفظ الفرج، عن ما حرم الله، إلا على زوجاتهم ، اللاتي ارتبطن بهم عن طريق عقد نكاح صحيح، من النساء المحصنات، أو من ملك اليمين.

ومن آيات ملك اليمين أيضاً :

يقول الله تعالى {إِلَّا الْمُصَلِّينَ – الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ – وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ – لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ – وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ – وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ – إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ – وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ – إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ – فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ}  (سورة المعارج، آية / 24- 31 )

ومن آيات ملك اليمين أيضاً :

يقول الله تعالى {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ۗ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ۖ وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ۚ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (سورة النور، آية / 33)

ومن آيات ملك اليمين أيضا :

يقول الله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۗ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (سورة الأحزاب، آية / 50)

ومن آيات ملك اليمين أيضاً:

يقول الله تعالى {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا} (سورة الأحزاب، آية / 52)

ولكن بالرغم من تعدد آيات ملك اليمين، وورود الوصية النبوية التي تؤكد أهميته، وعلى الرغم من المنظومة المتكاملة للمعاملات والإجراءات العلاجية، التي وفرتها الشريعة الإسلامية، وأخذت في حسبانها جميع دقائق وأبعاد وجزئيات القضية.

وعلى ما يبدو من منهجية وفعالية جميع ذلك، إلا أن كثيرا من المسلمين لم يراعوا ذلك في كثير من الأحوال، بل سلكوا وبكل أسف تعاملات كانت مستمدة من نظم وعادات سبقت الإسلام.

ولذلك فإن الإسلام يبرأ من كل فتوى وكل تفسير وكل فعل يتعارض مع حقيقته ومبادئه السمحة، وان حصل أي تجاوزات من المسلمين ناجمة عن سوء فهم وعدم معرفة بحقيقة الأمور التي تضمنها الآيات القرآنية، فإن ذلك مردود عليهم لا على الإسلام، لأن ما قصدوه شيء ، وما قصده الإسلام شيء آخر.

هكذا كان رأي القرآن الكريم في آيات ملك اليمين، وهكذا كانت منهجية الإسلام في تعاملاتها مع مالك اليمين، سائلاً الله عز وجل في هذا البيان أن تتضح معالم ملك اليمين وأحكامه، للأصوات والدعوات الإسلامية التي خرجت علينا مؤخراً بالمطالبة بعودة نظام ملك اليمين، والسبايا، وامتلاك الجواري ، والتي كان آخرها فتوى الشيخ ياسين العجلوني. هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.


[1] انظر / أساس البلاغة للزمخشري القاموس المحيط للفيروزبادي ( مجد الدين محمد بن يعقوب ) ، باب الواو والياء – فصل الزاي والسين . الطبعة الثانية سنة 1371-1952 ، المعجم الوسيط . مجمع اللغة العربية . الطبعة الثانية، ج 1- المنجد للأب لويس معلوف

[2] انظر / بدائع الصنائع في ترتيب الشرائح للكاساني، ج 7 / 117 ، الأحكام السلطانية للفراء/ 127 ، آثار الحرب . د/ وهبة الزحيلي / 264

[3] مجمع الزوائد، ج 5 / 235 .

[4] الأهواز مدينة فارسية، كانت قاعدة من قواعدهم الحربية، فر إليها القائد الفارسي ” الهرمزان ” ووقعت بينه وبين سعد بن أبي وقاص حرب فيها. ثم فتحت أخيراً على أيدي المسلمين

[5] أخرجه النسائي في الكبرى ، وابن ماجه من حديث أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الموت جعل يقول ” الصلاة ! وما ملكت أيمانكم ! ” فما زال يقولها وما يقبض بها لسانه }

التعليقات

  • لا يوجد جواري في الاسلام تم تحريف معاني الكلمات في القران
    الاحاديث و الروايات و التفاسير مجهودات بشرية يحتمل الخطا و الدس و الصواب
    توضيح أن ما جاء في كتب التراث من أن ملك اليمين هم أسرى الحرب وما أطلقت عليه الموروثات السبايا من الحرب، هو أمر لم يرد في القرءان الكريم بل هو من الإضافات البشرية وليس عليه دليل من القرءان. فليس هنا علاقة بين ملك اليمين وأسرى الحرب.

    أما ما جاء في مصير أسرى الحرب في النص القرءاني فهو شيئين لا ثالث لهما بعد نهاية الحرب:
    – المَن عليهم وإطلاق سراحهم بدون مقابل.
    – قبول فديةٍ ما مقابل إطلاق سراح الأسرى.
    ما بالك يالنساء و اولاد الاسير ؟
    ما معنى قوله تعالى ((ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا))؟
    http://www.ejaaba.com/t-128012.html
    ما معنى ملك اليمين في القران الكريم ؟
    http://www.ejaaba.com/t-128129.html
    ما المقصود في القران (الحر بالحر والعبد بالعبد) و(عبدا مملوكا )و (عبادكم وامائكم)؟
    http://www.ejaaba.com/t-128131.html
    هل يوجد رق و عبيد و جواري في الاسلام ؟ وما معنى فك او تحرير رقبة؟
    http://www.ejaaba.com/t-128130.html

  • شكرًا على التوصيح لطالما هذا الموضوع كثرت فيه الالتباسات و التفاسير منذ قرون وقرون كما انه ليس الموضوع الوحيد الذي فُسر بشكل مغلوط فهناك عدة مواضيع فُسرت كما شاء أصحابها او كما كانو يرونها و يجمعون عليها وللأسف بقيت هي المقياس و المعيار و نسينا ان القران الكريم و تدبره في كل مكان و زمان لا يقف عند حد. لكن هناك إشكالات وهي:

    يقول الله تعالى {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا}
    اولا:
    أهذا يعني انه لا تعتبر ملك اليمين زوجا وانه يحق الزواج منهن لكثر من اربع؟
    ثانيا:
    ذلك أدنى ان لا تعدلو فما هو العدل في حالة ملك اليمين ولماذا عقوبتها مثل عقوبة الحرائر مع انه قد تم زواجها؟

    { وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ – إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أو مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ}
    ثالثا:
    هل يكون حفظ الفرج الا على الأزواج او ما ملكت ايمانكم فيكون على الأزواج بعقد النكاح و لا يشترط على ملك اليمين بلا عقد النكاح فهذا تناقض

    {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ۗ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ۖ وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ۚ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (سورة النور، آية / 33)
    رابعا؛
    الم يذكر في الآيات السابقة لنحكو ما طاب لكم… او ما ما ملكت إيمانكم هل هذا يعني انه لا نكاح لملك اليمين مع ان النكاح يعني عقد الزواج؟ فما هو التفسير لهذه الآية؟

    يقول الله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۗ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}
    خامسا:
    فهنا الله تعالى يقول للنبي انه يحل له أزواجه و ملك يمينه فما هو الفرق ولماذا ذُكِرت ب الواو وما ملكت يمينك ولم يقل تعالى او ما ملكت يمينك؟
    سادسا:
    يقول تعالى أزواجك اللاتي أتيتهن أجورهن وما ملكت يمينك. أليس قد ذُكر في الآيات الاخرى ان لملك اليمين اجر فكيف يكون الجمع بين هاتين الآيتين؟
    سابعا:
    ماهو التفسير في علمنا ما فرضنا عليهم في ازواجهم و ما ملكت إيمانهم لكيلا يكون عليك حرج؟

    جُزيتم كل الخير أخرجنا الله تعالى من الظلمات و الجهل الى النور. بإنتظار رد فضيلتكم.

  • كلام هشام خطا يريد ان يحرف اياو معاني القران و يرمي كلام العلماء الأفاضل في الاندلس و العثمانيين و الامويين و العباسيين و الصحابة و التابعين كلهم يرميهم وراء ظهره و جاء يفسر تفسيرا لايدخل في عقل و لا منطق . روح الله يهديك

  • اسمح لى سيدى …انت لم تأت دليل قاطع وقوى ينصر رأيك …ولو كان لا يجوز وطىء ملك اليمين بغير عقد شرعى .فلماذا قال الله تعالى والذين هم لفروجهم حافظون الاعلى ازواجهم أو ما ملكت ايمانهم فانهم غير ملومين.فرق الله بين الزوجه وملك اليمين .اذا هى ليست زوجه والا لدخلت تحت قوله تعالى الا على ازواجهم.

    • هاتان الآيتان قد وردتا في سياق الآيات 1_ 11 من السورة كما يلي:

      قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1)

      الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)

      وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3)

      وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4)

      وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5)

      إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6)

      فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7)

      وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8)

      وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9)

      أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10)

      الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11) المؤمنون، 1_11

      كما ترى فإن الخطاب في الآيات جميعها موجه إلى الرجال والنساء من المؤمنين على حد سواء، والمذاهب الفقهية بالرغم من قبولها بذلك إلا أنها استثنت الآية 6 واعتبرت أن الخطاب فيها موجه للرجال فقط، حيث اعتبروا أن الرجل يستطيع أن يستحل فرج من تقع تحت سلطته من الإماء بدون عقد الزواج، واعتبروا هذه الآية دليلا على ما ذهبوا إليه بالرغم من كون الخطاب أصلا موجها لكلاً من الرجال والنساء، وبالتالي لا يمكن اعتبارها دليلا على ما ذهبوا اليه.

      يقول الطبري في تفسير الآية: “والذين هم لفروج أنفسهم وعنى بالفروج في هذا الموضع: فروج الرجال، وذلك أقبالهم. (حافظون) يحفظونها من أعمالها في شيء من الفروج. (إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ) يقول: إلا من أزواجهم اللاتي أحلهنّ الله للرجال بالنكاح. (أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ) يعني بذلك: إماءهم. و “ما” التي في قوله: (أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ) محل خفض، عطفا على الأزواج. (فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) يقول: فإن من لم يحفظ فرجه عن زوجه، وملك يمينه، وحفظه عن غيره من الخلق، فإنه غير مُوَبَّخٍ على ذلك، ولا مذمومٍ، ولا هو بفعله ذلك راكب ذنبا يلام عليه”[10].

      وبالرغم من وضوح السياق في اشتماله الذكر والأنثى في الخطاب الموجه إلا أن المفسرين قد جعلوا (وما ملكت أيمانهم) من الآية السادسة خاصة في الرجال فقط بغير دليل أو قرينة.

      أ_ الخطأ اللغوي

      ارتكب المفسرون في الآيتين 5 و6 من سورة المؤمنون خطأين بارزين؛ واحدا في الاستثناء والآخر في العطف

      1_ الخطأ في الاستثناء

      نص الآيتين كالتالي:

      {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ . إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} (المؤمنون، 5_6)

      يقول أبو بكر الجصاص معلقا على هذه الآية:

      فأما قوله: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} استثناء من الجملة المذكورة لحفظ الفروج وإخبار عن إباحة وطء الزوجة وملك اليمين[11].

      ويقول الطبطبائي المنسوب للمذهب الجعفري شارحا الآية:

      وقوله: “إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين” استثناء من حفظ الفروج، والأزواج الحلائل من النساء، وما ملكت أيمانهم الجواري المملوكة فإنهم غير ملومين في مس الازواج الحلائل والجواري المملوكة[12].

      وبحسب ما ذهب إليه الفريقان فإنه يمكننا تلخيص ما توصلوا إليه من تفسير كما يلي:

      والذين (الرجال والنساء) هم لفروجهم حافظون. إلا (الإستثناء هنا خاص بالرجال فقط) على أزواجهم و ما ملكت أيمانهم (أقام حرف العطف {و} بدلا من {أو} ) فإنهم غير ملومين في إظهار فروجهم لهن.

      ولا يمكن أن يفيد الاستثناء في الآية المعنى الذي ذهبوا إليه. ولو كان الخطاب في الآية موجها للرجال خاصة وكان سياق الآيات موجها للرجال كذلك لاحتمل ما ذهبوا إليه من معنى. وفي ذلك الحال يصح للرجل أن يكشف عورته على زوجته أو جاريته لكن لا يصح للزوجة أن تكشف فرجها لزوجها، كما لا يصح للأمة أن تكشف فرجها على سيدها. لذلك كان لا بد من تجيير آخر متعلق بحرف العطف (أو) حتى يستقيم لهم ما يريدون

      2_ العطف: الأخطاء التفسيرية المتعلقة بحرف العطف

      حرف العطف “أو” الوارد في الآية أُعطي له معنى حرف العطف “و” . ومعلوم أن حرف العطف “أو” يفيد التخير بين اثنين، أما حرف العطف “و” فإنه يفيد الجمع بين المعطوف والمعطوف عليه، لذا لا يجوز استخدام أحدهما بديلا عن الآخر بوجه من الوجوه، وهو ما عمد إليه المفسرون مخالفين بذلك قواعد اللغة.

      والمعنى الذي ينسجم مع قواعد اللغة في الاستثناء والعطف في الآية 6 من سورة المؤمنون ما يلي:

      والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ملكت أيمانهم (من أزواجهم) .

      ولو تم قبول التفسير الخاطئ للاستثناء في الآية بدون تغيير معنى حرف العطف “أو” لأدى ذلك إلى قبول أن يكشف الرجل عورته لزوجته ولجاريته دون العكس، وليس هذا ما يريده القوم. فالخطأ الأول لا بد من تدعيمه بخطأ ثانٍ كي يستقيم لهم ما يطلبون، فكان أن أعطوا حرف العطف “أو” معنى حرف العطف “و”.

      وفي الآيات المتعلقة في الموضوع يظهر بوضوح أن الزوج رجلا كان أو امرأة حرا كان أو مملوكا يستطيع كل منهما أن يظهر فرجه لزوجه فقط

      ب_ القاء الضوء على الايات المتعلقة بالموضوع

      لا تستطيع المراة أن تنكح أكثر من زوج، أما الرجل فيستطيع أن ينكح أكثر من واحدة، ويمكن أن يكون زوجه حرة أو أسيرة. يقول الله تعالى:

      {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} (البقرة، 221)

      إذا أرادت الحرة أن تتزوج من أسير مملوك فليس ثمة قيود على هذا الزواج، بخلاف الرجل فإنه إن أراد التزوج من الأسيرة فإن ذلك مشروط بعدم قدرته على نكاح الحرة. كما قال الله تعالى:

      {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (النساء، 25)

      بحسب الآية فإن زوجة الرجل إما أن تكون حرة أو أمة ولا يصح له الجمع بينهما البتة.

      وقد أمرنا الله تعالى بالحرص على تزويج المملوكين كحرصنا على تزويج الأحرار. كما جاء في قوله تعالى:

      {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (النور، 32)

      بحسب الآيات السابقة فإنه يستطيع أن يتزوج الأحرار من الأحرار، والأسرى من الأسرى، والأحرار من الأسرى، ويمكننا تصنيف ذلك كالتالي:

      الرجل الحر_ المرأة الحرة (النساء، 32)

      الرجل الحر_ المرأة الأسيرة (النساء، 25)

      المرأة الحرة_ الرجل الأسير (البقرة، 221)

      الرجل الأسير_ المرأة الأسيرة (النور، 32)

      هؤلاء جميعا سواء كان حرا أم أسيرا لا يجوز للمؤمن منهم أن يكشف عورته إلا لزوجه سواء كان حرا أو أسيرا، والتشابه جد كبير بين الآيتين 5و6 من سورة المؤمنون والآيات الأخرى ذات الصلة من السور الأخرى.

      كما نلاحظ فإن الآيات توازن الفوارق بين الزوجة الحرة وبين الزوجة الأسيرة، وفي الآيتين 5 و6 من سورة النور تأكيد على تلك الموازنة فحرف العطف “أو” جاء للتأكيد على عدم جمع الحرة مع الأمة كزوجتين لرجل واحد. ونذكر الآية مرة أخرى للتذكير:

      {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ . إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} (المؤمنون، 5_6)

    • 🔦بلسان العرب نقول مثلا الصيب (بتشديد الياء) و المقصود الخير النازل من السماء أو المطر أو السحاب أو المقصود كلهم.

      🖍️و العرب تعلم المقصود عن طريق السياق.

      🖍️وهكذا اللسان العربي يكون للكلمة معنى مطلق يحتمل معنيين أو أكثر،، أو معنى مقيد بمقصود واحد أو اثنين،،، والسياق هااااام جدا يحدد المقصود.

      🖍️مثال آخر عندما نقول ما ملكت الأيمان ،،الأيمان في اللغة هي العهود ومنها القسم ،،،،فيكون المعنى من ملكنا منه عهدا ،،، والعهد هو عهد أحله الله لنا لأن الله هو مالك الملك، وليس المقصود عهد لم يحله الله ، ، ولفظ ما في اللغة تعني العاقل أو غير العاقل حسب السياق،
      وما ملكت أيماننا هم من بيننا وبينهم أيمان أحلها الله لنا .

      🔦وعلى حسب السياق نعلم مقصود تلك الأيمان

      ففي سياق النكاح تكون الأيمان المقصودة هي أيمان النكاح.

      وفي سياق الخدمة تكون الأيمان أيمان القيام بخدمة متفق عليها.

      وهكذا عندنا مثلا أيمان رعاية اليتيم وأيمان القيام بالتمريض.

      ففي سورة النور مثلا آية31 لفظ ما ملكت أيمانهن: أي ما ملكن منه حق القيام بأيمان تمريض وخدمة فليس على المرأة المريضة حرج أن تبدي زينتها أمام ممرضات غير مسلمات أو ألا تحفظ فرجها أمامهن للضرورة الشديدة.

      ▪️وكذلك المكتوب كتابهم بينهم أيمان النكاح فهم مما ملكت يمين بعضهم البعض فلا حرج في عدم حفظ الفرج بشرط إكمال أركان النكاح بركن الزواج الأخير وهو ركن الإحصان (الديمومة والسكن) وبعدها يتسمون أزواجا بعد إتمام أركان الزواج الإسلامي وهذا نجده بآيات أم الكتاب الواضحة عن الزواج الإسلامي وأركانه الحدود التي لا ينبغي تعديها.

      فهكذا تأويل المتشابهات نردها لأصول اللسان ولآيات أم الكتاب.

      مثال بسيط أضيفه
      معنى تحرير رقبة بين المسلمين ،،هل هي تحرير من تعبيد مسلم لإنسان؟،،بالطبع لا،، لأن الله حرم تبديل الفطرة ,والله فطر الناس على الكرامة وكرامة الإنسان تعني أنه ليس أقل من درجة بني آدم له حرية التفكير والارادة.

      قال الله *: لا تبديل لخلق الله*

      والمعنى هو تحرير رقابهم من أيمان خدمة مؤبدة متفق عليها سابقا بين العبد لله وسيده (عبد لله ايضا)في الجاهلية، فلألا ينهار المجتمع أمر رسول الله بتحرير الرقاب من تلك الخدمة المؤبدة تدريجيا.

      ▪️وأضيف معلومة بشأن هذا الموضوع
      كانت النساء في هذا الوقت على قسمين:

      ▶️ما طاب من النساء :وهن المحصنات العفيفات الأغنياء اللاتي لم يعتدن الزنا في الجاهلية.

      ▶️وما لم يطبن:(اللاتي اعتدن الزنا لإنهن كن يسمون إماء في الجاهلية ويجبرهن سيدهن على الزنا )وقد أدخلهم الله في المسمى الجديد و هو ما ملكت أيمانكم أي بينكم وبينهم أيمان الخدمة فقط،، وهن لم يعدن إماء بمعنى التعبيد فقد حررهم الله وهذه هي الفطرة ولكنهن لا يطبن للزواج ،،،

      وفي هذا الأمر تفاصيل والملخص: أن الله أمر (في باديء الأمر) من لم يستطع أن ينكح المحصنة أي العفيفة فعليه بالصنف الآخر مما ملك ممن هن قد أصبحن خادمات ،،،قال الله:

      وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلًا أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ۚ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُم ۚ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ۚ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ …..الآية

      ثم أمر الله بالزواج منهن مباشرة وأنهن أصبحن
      كالعفيفات بعد انتشار الإيمان بينهن :
      وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ۚ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32)النور

      ▪️وفي سياق حفظ الفرج ،فهنا المقصود علاقة حللها الله: هي علاقة النكاح فهي لا تجوز إلا للزوج أو المكتوب كتاب نكاحه فبينه وبين من كتب كتابه عليها يمين النكاح فهي مما ملكت يمينه كنكاح ،قال الله:
      *وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ* ..الآية وهي الآية الأم في تحريم كل علاقة خارج النكاح الاسلامي و أركان النكاح الاسلامي لها آيات أم وهي حدود لا نتعداها.

      والمقصود الثاني هو حفظ الفرج عموما فهو مقصود أوسع من مقصود العلاقة وهو لا يجوز إلا في حالة الاضطرار الشديد كالمريضة مثلا لا حرج ألا تحفظ فرجها من الممرضة أو الطبيبة او الطبيب او الخادمة ان كانت عجوز مثلا وبينهم أيمان التطبب والخدمة .

      *كتب محمد أسد في كتابه رسالة القرآن* :
      فإن معظم المفسرين المشهورين يفسرون ( ما ملكت أيمانكم ) بالنساء اللواتي تملكوهن بعقد النكاح . وظهر هذا في تعليق *الرازي والطبري* – بالرجوع إلى *عبد الله بن عباس* *ومجاهد* *وآخرين* -.
      يعتقد الرازي تحديدا في تعليقه أن هذه الآية (المحصنات من النساء) – بعد تعداد درجة المحظورات في العلاقات – تؤكد على تحريم أي علاقة جنسية مع أية امرأة خارج إطار الزوجية” انتهى من *ترجمته للقرآن التي نشرت بعنوان ” رسالة القرآن ” (ص/162-163).*

      ↩️وهكذا نرد كل نقطة متشابه علينا فهمها إلى الآية الأم التي بينها الله لنا وأحكمها في كتابه.

      فمثلا :قول الله:
      يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
      المقصود هنا اليتامى والخدام الذين هم مما ملكت أيماننا من أيمان رعاية يتيم وأيمان خدمة.

      و هكذا مثلا في مسألة ما ملك يمين رسول الله ،،إذا كان السياق سياق نكاح فالمقصود من كانت مكتوب كتابها على رسول الله بينهم يمين النكاح،،وان كان السياق سياق آخر فمعنى آخر ،
      فهناك مثلا الأسير او الأسيرة ببنهم وبين رسول الله أيمان الأسر فقط وهم ليسوا عبيد عند الناس،قال الله: *فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً* …الآية
      ،يمن الله عليهم بالحرية أو يوزعهم القائد أسهما على المجاهدين يتولون أمورهم فمثلا نبادلهم بأسارى مسلمين أو يكاتبوننا عن مبلغ أو خدمة كتعليم المسلمين القراءة فداءا من الأسر جزاء ما افسدوه من أرضنا وعلينا اطعامهم ومدواة جرحهم أولا ،قال الله:
      *ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا.*
      و معنى عبادكم في القرآن عباد الله الذين عندكم كقولنا أمهركم أي أمهر من عندكم ،،والفرق بين لفظ عباد وعبيد أن العرب لا تطلق أبدا لفظ عباد على عبيد اتخذهم الناس عبيد.

      وانظر معجم العين او معجم لسان العرب.

      في تفسيره لمعنى والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم….
      فالمقصود أن المتزوجة محرمة على الرجال إلا في حالة واحدة وهي أن تكون مسلمة جديدة وكان لها زوج كافر وتريد أن تتزوج مسلم ،،،فبعد الإسلام لا تحل للكافر و لها أن تتزوج من مسلم بعقد قران(يمين النكاح أو كتب الكتاب) ولا تحتاج موافقة الكافر الذي كان زوجها ولا تحتاج ولاية أهلها الكفار فالمسلم يمتلكها منهم بأمر من الله طبعا بإرادتها للزواج من المسلم زواج إسلامي صحيح.

  • هذه التفاسير المنطقية والمقنعة لا بدَّ من نشرها بدلا من التفاسير التى صنعنا بها أعداء لنا ولديننا.

    نحن أضررنا بالدين اكثر من غيرنا عندما أغلقنا عقولنا واكتفينا بالنقل الأعمى.

    كم من شباب وبنات هجروا الدين وألحدوا بسبب الكثير من المغالطات التى لا يقبلها العقل ولا القلب؟!.

    كنت على وشك الارتداد بسبب التفاسير العنصرية والأحاديث المغلوطة التى لا تحترم المرأة وتهينها باسم الدين مثل فكرة التعدد والطلاق الغيابى والرد الغيابى وكأن ديني يحتقرني.

    عاوزة تدبر أوسع لآيه التعدد فى سورة النساء التى تُستغل للأسف لتشريع التعدد بأربعة.
    الآيه تتحدث عن الإقساط فى اليتامى، وكلمة يتامى تشمل الذكور والإناث، فاراد المشرع تقديم حلٍّ كاحد الحلول الاجتماعية لرعاية الأيتام بالزَّواج من النساء الاتى لديها يتامى يحتاجون لإعالة ورعاية.

    وفى النهاية يحذر الله فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة ذلك أدنى ألا تعولوا، أي لو أن التعدد فى النساء الأرامل سيجعلك لا تعدل أو لا تقدر أن تعول كلَّ واحدة بأولادها فزوجة واحدة أفضل.

    **اما ملك اليمين وحسب فهمى وتدبرى للآيات فهو لفظ يسرى على الإناث والذكور، ويعني عقد يُشترط فيه القيام بأعمال مقابل المأوى والرعايه والأجر، ولا يخصُّ النكاح، بدليل الآيات السابق ذكرها التي اختصت الزواج منهم بشترط الرضا والموافقة وإعطاء الأجر .

    فملك اليمين نقدر أن نصفه بأنه كعقد العمل، فهم طبقة ليست من علية القوم، ونسطيع اعتبارهم الفئة العمالية، فمهورهن أقل من غيرهن من النساء، لذلك كن البديل الثانى للرجل الذى يريد الزواج لأنه غير قادر على المحصنة سواء مهرها او طريقة معيشتها فيما بعد، لأنها كزوجه من علية القوم ستحتاج لملك يمين وخادمين لأنها ليست للمتعة والخدمة بل هى زوجة، فمكانتها عالية حتى غير ما نعيشه نحن الآن.

    وقد يكون ملك اليمين من الذكور للأعمال الشاقة داخل المنزل، وحدَّد الله زينة تظهر من المراة أمامه كالتى تظهر بها أمام أبيها وأخيها وأهل البيت، ولكن لا علاقة للإسلام بالأفعال البشرية والجرائم التي ارتكبت فى حقِّ ذكور ملك اليمين ممَّن تمَّ خصيهم، وهذا لم يأمر به القرأن.

    يارب تعليقى يكون واضح ويسير
    والله أعلى وأعلم طبعا

  • إذا تدبرنا جميع الآيات الواردة بخصوص كلمة ملك اليمين ، فهي كلمة موجودة قبل الإسلام ومتعارف عليها ، ويجب أن نلاحظ أن هناك فترات زمنية تحدد الحكم في مفهوم ملك اليمين ، فكان ملك اليمين في مجتمع ما قبل بعثة الرسول موجود وبقي المؤمنون يتعاملون مع هذه الظاهره بما ينزل لهم من القرآن ، وبعد نزول الأحكام كاملة أصبح من جملة تلك الأحكام أن من يرغب في نكاح ملك اليمين فعليه أن يختار ملك اليمين من الفتيات المسلمات ويأخذها بإذن أهلها وبأجر .

    لا أريد أن أطيل وأرجو من الله أن أكون قد أضفت نقطة في هذا المقال والله يسددنا لمعرفة المزيد وشكرا

  • لا يوجد سبي في الإسلام، والقرآن لم يذكر كلمة سبي، ولا أن نأخذ النساء والأطفال سبايا، فهذا قمة الجور والظلم أن تزر وازرة وزر أخرى، كما أن الأسرى الرجال يتم إطلاق سراحهم إما منا أو فداء، فكيف يبيح الله لنا ترك الرجال أحرارا وسبي نسائهم الأضعف والأقل حيلة.
    أرجو من الباحث البحث بتعمق أكثر، وجزاه الله خيرا، لكن السبي هو فعل جاهلي، وأسانيد أحاديث السبي جميعها بها عوار ، ويمكن الرجوع لموسوعة الشيخ متولي إبراهيم صالح في الرواة للتأكد من ذلك.

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.