حبل الله
الفطرة

الفطرة

الرسالة من طرف الأستاذ أحمد الزبير محجوب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على اشرف المرسلين ….وبعد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أطلب منك ـ أخى جمال ـ أن تقرئ منى السلام الشيخ الجليل العارف بالله الحافظ حدوده  /  أ. د. عبد العزيز بايندر ـ نفع الله به الأمة ـ وبلّغه إعجابى وتقديرى العظيم له ولكتبه ( خاصة فى الربا ) .

الفطرة :

قال الله تعالى {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (الروم: ٣٠)

حنيفاً بمعنى خالصاً , والحنيفيه بيان لحال الوجه  ( المطلوب ) عند إقامته للدين , وهذا التوجه الخالص دون شرك  هو ( الفتقة التى فتق الناس عليها ) , وفاطر السموات والأرض فاتقهما ,

{أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ}  (الأنبياء: ٣٠)

أى كانت السموات وما فيهن  والأرض وما فيها من حجر و شجر و بشر ..الخ , رتقاً ففطرهما ( فتقهما ) الرحمن كواكباً وحجراً وشجراً وبشراً …الخ , والفطرة ( الفتقة ) التى فطر( فتق ) الناس عليها هى ( التوجه الخالص لله دون شرك ) وهكذا كانت فطرة سيدنا آدم عليه السلام , وهكذا هى فطرة كل مولود , ذكراً كان او أنثى , لن تجد تبديلاً لخلق الله , الكل يولد على الفطرة ( التسليم الخالص لله ) بدون إلحاد وبدون شرك وبدون شر, إذ كلها أمورمكتسبة  يكتسبها الانسان فى سعيه فى الحياة الدنيا ولذا هومسئول عنها , أى الخير أصلٌ فى الإنسان والشر مكتسب .

{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ. أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} (الأعراف: ١٧٢ – ١٧٣)

أخذ من ( بنى آدم ) وليس من ( آدم ) لأنه لم يشرك فلا حجة لمن أشرك من بنوه , ونحن لا نعلم كيف ومتى واين  تمت هذه الشهادة على انفسنا , ولكننا نعلم يقيناً أنه قبل أن نولد ,ونعلم ان كل من يولد لديه بعض المعارف الهامة , مثل كيفية الرضاعة !!! لاندرى كيف ومتى واين تعلمناها !!! كيف كان حالنا لو لم نكن تعلمناها من قبل أن نولد ؟؟؟

مما سبق , ( فطرة الله وشهادتنا على أنفسنا ) هى ما اصطلح على تسميتها ( صوت الضمير )

وهى ما يجتهد الشيطان أن نغيره :

{وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا} النساء: ١١٩

فيلحد من يلحد ويشرك من يشرك ويظلم من يظلم ويسفك الدماء من يسفك , ولا حول ولا قوة إلا بالله .

وهذه الفطرة وهذا العلم اللدنّى , والسمع والبصر والفؤاد , وآيات الله فى الكون وفى الأنفس , هى أساس حساب كل من لم يدرك رسول أو رسالة :

{وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا} (الإسراء: ١٣)

دينه وواجبه أن يحافظ على هذه الفطرة , ويحافظ على قلبه سليماً من تغيير الشيطان , ولا يستقلن أحد بهذا الواجب ( اى يراه قليلاً سهلاً ) فكل ما طلب من أبينا آدم عليه السلام هو :

{وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} (البقرة: ٣٥)

  واللبس فى حساب ( من لم يدرك رسول او رسالة ) فى المفهوم السائد , نشأ من الفهم الخاطئ للآية الكريمة :

{مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (الإسراء: ١٥)

والفهم السليم المتسق مع الآيات الأخرى هو ,ما كنا معذبين ولا مهلكين فى الدنيا حتى نبعث رسولاً نذيراً, فما من أمة أهلكها الله إلا خلا فيها نذير , وليس هذا نصا فى عذاب الآخرة .

{وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} (القصص: ٥٩)

وألفت نظرك ـ أخى الكريم ـ أن العذاب والهلاك فى الدنيا ليس بسبب الكفر ( من اهتدى فلنفسه  ومن ضل فعليها ) وانما الهلاك بسبب الظلم (ليس المقصود بالظلم هنا الشرك )وبسبب مغالبتهم المصلحين .

ونعود فنقول :   الفطرة التى فطرنا الله عليها ,تجعلنا نبحث عن الإله الذى شهدنا له بربوبيته , وفى بحثنا نستطيع  ان نميز بين الحق والباطل , باستخدام اسماعنا وابصارنا وأفئدتنا , وآيات الله فى الكون وفى أنفسنا , وهذا الاستخدام المبنى على الفطرة ,هو ما سمى إصطلاحاً (فلسفة),

وهو عندى ( الحكمة ) والحكيم عندما يجد الإله الحق , يقول كما يفترض أن يقول اهل الكتاب:

{وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ} (القصص: ٥٣)

وإن شاء الله , نواصل الحديث عن ( الحكمة ومفاهيم يجب أن تصحح فى الفلسفة ) والطلاق والاستناد على الكتب المقدسة ومعايير ضبط الحديث .

ودمتم فى حفظ الله ..مع أطيب الدعوات بالسعادة فى الدارين

أحمد الزبير محجوب

30 يوليو 2012

تعليق واحد

  • شكرا لك استاذنا الفاضل أحمد الزبير محجوب على هذه الملاحظات القيمة والتي بلا شك تسثري بحثنا ويسعدنا استقبال ملاحظاتكم دائما.
    وفققكم الله وسدد خطاكم

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.