حبل الله
حكم الاحتفال بعيد الميلاد الشخصي

حكم الاحتفال بعيد الميلاد الشخصي

    السؤال: ما حكم الاحتفال بعيد ميلاد الأفراد ؟
الجواب: الاحتفال بعيد الميلاد ليس من دين الإسلام في شيء، وإنما هو عادة غريبة مصدرها دين غير الإسلام. لقد أكمل الله نعمته على نبيه والمؤمنين إذ أكمل لهم شريعته، وأتم عليهم نعمته. روى البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، (أن رجلا من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرؤونها لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا. قال أي آية؟ قال: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتمتت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة يوم الجمعة).[1]
ووجه الاستدلال بالحديث أن الأعياد مرتبطة بالشعائر الدينية الخاصة بكل أمة، وها هو الرجل اليهودي رغم معرفته عظمة ذلك اليوم الذي نزلت فيه الآية إلا أنه لم يتخذ ذلك اليوم عيدا، ولو نزلت هذه الآية على نبي منهم لما ترددوا في جعل يوم نزولها عيدا. كما أن عمر رضي الله عنه لم يلزم اليهودي وبني دينه على أن يجعلوا من ذلك اليوم عيدا؛ لأن ذلك لا يتوافق مع معتقدهم الديني. فكيف يسمح أبناء المسلمين لأنفسهم الاحتفال بأعياد شرعت في ملل غير ملة الإسلام؟ !
كما روى البخاري قول النّبي صلى الله عليه وسلم : (يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا، وهذا عيدنا).[2] وفي الحديث دلالة واضحة على اختصاص كل أمة بأعيادها ، مما يقتضي تمايز الأمّة الإسلامة بهذه الشعيرة.
حرص النّبي صلى الله عليه وسلم أن تتمايز أمته بأعيادها فتصبح أمّة من دون الناس تُعرف بأعيادها وعاداتها، وحرص عليه الصلاة والسلام على أن لا تذوب أمته في الثقافات الخاصة بالأمم الأخرى. 
ويستمر تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من أن تنزلق أمته نحو تقليد غير المسلمين بشعائرهم وعاداتهم، حيث قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: (لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه قلنا يا رسول الله اليهود والنّصارى؟ قال فمن؟).[3]
وفي حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها شبرا بشبر وذراعا بذراع فقيل يا رسول الله كفارس والروم؟ فقال ومن الناس إلا أولئك؟).[4] ولا يخفى على أحد أن الاحتفال بأعياد الميلاد بدعة الروم وقد تبعهم خلق كثير حتى من ضعفت نفوسهم من المسلمين.
هذه الأحاديث الصحيحة تنسجم انسجاما تاما مع آيات الكتاب العزيز والتي تؤكد أن التشريع لا يكون إلا لله حيث قال تعالى {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ}.[5]  وقال أيضا:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.[6]
ورُبَّ قائل يقول وما علاقة احتفال الشخص بعيد ميلاده بما ذكرت؟ فأقول بأن النصارى قد ابتدعوا الاحتفال بمولد المسيح على غير هدي منه عليه السلام، ومن ثم ابتدعوا الاحتفال بأعياد ميلادهم كل سنة تشبها بعيد ميلاد المسيح، فأصل الاحتفال هو ما تمليه عليهم عقائدهم المحرفة، وقد استمروا بهذا التقليد حتى تسرب هذا الداء إلى ديار المسلمين. وقد ذُكر أن أول من احتفل بعيد الميلاد الشخصي الفاطميون في مصر، ولا يخفى ما كانوا عليه من بدعة وضلال.
وفي هذا العصر استشرت هذه العادة القبيحة في بيوت المسلمين حيث يحتفلون بأعياد الميلاد وخاصة للأطفال الصغار، متذرعين بأقوال متهافتة كاظهار الفرحة بالطفل، وأن هذا من العادات لا من العبادات وما إلى ذلك من الترهات والكلام غير السديد.
لقد شرع لنا الإسلام أعيادا نحتفل بها (الفطر والأضحى ويوم عرفة ويوم الجمعة وأيام التشريق)، فلا ينبغي لنا العدول عنها لغيرها تحت أي ذريعة. وإذا أردنا أن نحتفل بالأطفال فقد سنَّ لنا النبي صلى الله عليه وسلم سننا كالعقيقة . ونحن نحتفل بالطفل عندما يحقق انجازا كنجاحه أو تفوقه.. وأنا هنا لا أحصر طرق الاحتفال بما ذكرت وإنّما نوهت إلى بعض منها.
ولا بد من التنويه أخيرا إلى أن بعض الناس يظن أن تغيير التسمية إلى يوم الميلاد بدلا من عيد الميلاد يجعله حلالا، ومنهم من يحتفل قبل الموعد بيوم أو بعده بيوم، وكل هذا من إيحاء الشيطان وهو لا يغير من حقيقة الأمر شيئا.

[1] البخاري، رقم الحديث  44  
[2] البخاري، رقم الحديث 904   
[3] البخاري، رقم الحديث 3197
[4] البخاري رقم الحديث 6774
[5] الشورى،13
[6] الشورى، 21

أضف تعليقا

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.