حبل الله
الإهداء من مال الأولاد

الإهداء من مال الأولاد

السؤال:

هل يحق للأبوين أن يتصرفا في ملك أولادهم بالإهداء للآخرين من أموالهم مثلا؟

الجواب:

يتبين من شروط الولي أنه ليس له أن يتصرف بما يلحق ضرراً محضاً بالمولى عليه كالتبرع والإهداء من ماله، فإن كان للصغير مال أنفق عليه من ماله. ويجوز للأب المحتاج أن يأخذ نفقته الضرورية من مال الصغير، لقوله تعالى:

{ومن كان غنياً فليستعفف ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف} (النساء، 4).

وإن كان الأولاد راشدين فللأبوين حق النفقة والرعاية على أولادهم، وهو من بر الأبوين المأمور به في كتاب الله تعالى، أما مطلق تصرف الأبوين بمال أولادهم الراشدين فلا يجوز بغير طيب نفس منهم، ولو كان للأبوين حق مطلق بالتصرف في مال الأولاد الراشدين لما كان لإيجاب النفقة لهما وجه.

وأما حديث (أنت ومالك لأبيك) فلم يأخذ أكثر الفقهاء بظاهره. قال ابن حبان في صحيحه تحت عنوان ” ذكر خبر أوهم من لم يحكم صناعة العلم أن مال الابن يكون للأب. ” ثم ذكر الحديث وعقب عليه بقوله: [ومعناه أنه صلى الله عليه وسلم زجر عن معاملته أباه بما يعامل به الأجنبي وأمره ببره والرفق به في القول والفعل معاً إلى أن يصل إليه ماله فقال له: (أنت ومالك لأبيك) لا أن مال الابن يملكه الأب في حياته عن غير طيب نفس من الابن له][1] .

ويرى بعض أهل العلم أن اللام في قوله صلى الله عليه وسلم: (لأبيك) تفيد الإباحة لا التمليك فيباح للوالد أن يأخذ من مال الابن حاجته ولا تفيد أن الأب يملك مال الابن؛ فإن مال الابن له وزكاته عليه وهو موروث عنه.

ويعلق الشيخ علي الطنطاوي بقوله: إن الحديث قوي الإسناد لكن لا يؤخذ عند جمهور الفقهاء على ظاهره بل يؤول ليوافق الأدلة الشرعية الأخرى الثابتة والقاعدة الشرعية المستنبطة منها وهي أن المالك العاقل البالغ يتصرف بماله وليس لأحد التصرف به بغير إذنه[2].

ويؤيد ما ذهبنا إليه ما أخرجه البيهقى عن قيس بن أبى حازم قال: جاء رجل إلى أبى بكر رضي الله عنه فقال: إن أبى يريد أن يأخذ مالي كله يجتاحه، أى لا يُبْقي منه شيئا، فقال لأبيه: إنما لك من ماله ما يكفيك. فقال: يا خليفة رسول الله، أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أنت ومالك لأبيك “؟ فقال: نعم، وإنما يعني بذلك النفقة. “[3]

 ويصح أن يهدي الولي من مال الولد ما لا يضر بالولد، كأن يكون له كثير من الثياب فيهدي الوالد أحداها لأحد ما، وأما مطلق الإهداء فإنه لا يصح لأنه مظنة لإهلاك مال الولد، وقد أُمر الأولياء أن يرعوا أموال الأولاد بتنميتها وحسن إدارتها.


[1] صحيح ابن حبان 2/ 142 – 143.

[2] فتاوى الطنطاوي ص 137.

[3] تاريخ الخلفاء للسيوطى ص 66.

أضف تعليقا

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.