إحياء ليلة القدر يكون بصلاة القيام وبقراءة القرآن والدعاء – فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: اعْتَكَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ، فَسَمِعَهُمْ يَجْهَرُونَ بِالْقِرَاءَةِ، فَكَشَفَ السِّتْرَ، وَقَالَ: «أَلَا إِنَّ كُلَّكُمْ مُنَاجٍ رَبَّهُ، فَلَا يُؤْذِيَنَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَلَا يَرْفَعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْقِرَاءَةِ»، أَوْ قَالَ: «فِي الصَّلَاةِ»[9]
ليلة القدر
ليلةالقدرليلةٌ عظيمة شريفة أنزل الله جل وعلا سورةً كاملة تبينفضلها، قال تعالى {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ. وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ. لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ. تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ. سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} (القدر، 1_ 5)
وقد وُصفت هذه الليلة بالمباركة في سورة الدخان بقوله تعالى {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ} (الدخان، 3) والمباركة أي كثيرة الخير لما ينزل فيها من الخير والبركة ويستجاب من الدعاء ولو لم يوجد فيها إلا إنزال القرآن وحده لكفى به بركة[1].
وليلة القدر تُلتمس في العشر الأواخر من رمضان وفي الوتر منها خاصة، وقد اعتاد المسلمون إحياءها في ليلة السابع والعشرين من رمضان، ولا دليل على ذلك من القرآن والسنة. وقد استدل البعض بالضمير العائد على ليلة القدر في سورة القدر {سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} فالضمير (هي) جاء رقمه السابع والعشرين من عدد كلمات السورة البالغ ثلاثون كلمة، وهي ملاحظة جليلة إلا أنها لا تصلح دليلا للجزم بكون ليلة القدر في تلك الليلة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنْ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ)[2] وقد وردت روايات أخرى لكن أظهرها تلك التي تشير أنها في العشر الأواخر، وفي الوتر منها تحديدا لما روي عن سالم عن أبيه رضي الله عنه قال رأى رجل أن ليلة القدر ليلة سبع وعشرين فقال النبي صلى الله عليه وسلم (أرى رؤياكم في العشر الأواخر فاطلبوها في الوتر منها)[3] وفي حديث آخر (إِنِّي أُرِيتُ لَيْلَةَ القَدْرِ، ثُمَّ أُنْسِيتُهَا – أَوْ نُسِّيتُهَا – فَالْتَمِسُوهَا فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ فِي الوَتْرِ)[4]
قيام ليلة القدر
ليس لليلة القدر صلوات مخصوصة كما يفعل بعض الناس فيلزمون أنفسهم بصلاة مئة ركعة مثلا، فهذا على خلاف الهدي النبوي، وقد حثّ النبي صلى الله عليه وسلم على قيام ليلة القدر بقوله (مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)[5]
والقيام المعهود هو ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم فقد سُئلت أمّ المؤمنين عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، كَيْفَ كَانَتْ صَلاَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ؟ فَقَالَتْ: «مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلاَ فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاَثًا)[6] وقد سألته ماذا تقول إن علمت أنها ليلة القدر، فقال صلى الله عليه وسلم (قولي اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني)[7]
والإعتكاف في المساجد من سنة النبي صلى الله عليه وسلم وخاصة في العشر الأواخر من رمضان، فقد ورت عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ)[8]
أضف تعليقا