حبل الله
الشرك أعظم الظلم

الشرك أعظم الظلم

الشرك أعظم الظلم
الشرك بالله سبحانه هو أشد الظلم وأخطره لأنه تجاوز للحد مع الله تعالى إذ أمر بتوحيده لكن المشرك يتخذ معه شريكا، وفي ذلك إرجاع للفضل لغير صاحبه، ولأنه يؤدي بصاحبه إلى الخلود في جهنم إن مات على الشرك، فيكون قد ظلم نفسه وأوردها المهالك، لذلك ابتدأ لقمان الحكيم وصاياه لأبنه بعدم الشرك لأنه رأس كل فتنة. قال الله تعالى {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (لقمان،13).
يقوم الشرك على مجرد التعصب للهوى وتغليب المصلحة الفانية على الأخرى الباقية، ولا يقوم الشرك على أي دليل مقنع، وهو ظلم للنفس وللآخرين على حد سواء، كما أنه انتقاص لحق الله في التوحيد، وعدم تنزيهه عن مشابهة الخلق في حاجتهم إلى الشريك والمعين، لذا توعد الله تعالى هؤلاء بشديد العقاب في الدنيا والآخرة، فقال سبحانه {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ} (آل عمران،151)
ولَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالُوا: أَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ كَمَا تَظُنُّونَ، إِنَّمَا هُوَ كَمَا قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: {يَا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ})[1]
وسئل النبي صلى الله عليه وسلم: (أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك)[2]. فالشرك أعظم أنواع الظلم، ولهذا كان جزاء صاحبه أن يخلد في النار يوم القيامة، كما قال تعالى: {إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} (المائدة، 72) .
وكل ذنب قد يغفره الله تعالى إلا الشرك فإنه لا يُغفر لصاحبه، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} (النساء، 48) .

ومن الشرك التقرب إلى الموتى وأصحاب القبور من الأولياء والصالحين وغيرهم، وذلك بدعائهم والإستغاثة بهم، والذبح والنذر لهم، والطواف بقبورهم، والحلف بهم تعظيماً لهم، واعتقاد النفع والضر فيهم، وأنّ لهم تصرفاً في هذا الكون، وقدرة على الدفع والرفع، والضر والنفع، والعطاء والمنع، كما هو الواقع في بعض بلاد الإسلام مع الأسف الشديد[3]. قال الله تعالى {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} (الرعد، 16)



[1] صحيح البخاري، باب ما جاء في المتأولين، رقم الحديث 6937 . ومسلم، رقم الحديث (124) (197) . وصحيح ابن حبان،باب ذكر اطلاق الظلم على الشرك، رقم الحديث 253

[2]رواه البخاري، رقم الحديث 4207، ومسلم، رقم الحديث 86

[3] مجلة البيان، حقيقة الظلم، 197/16

التعليقات

    • من أمثلة ذلك التقرب إلى الموتى وأصحاب القبور من الأولياء والصالحين وغيرهم، وذلك بدعائهم والإستغاثة بهم، والذبح والنذر لهم، والطواف بقبورهم، والحلف بهم تعظيماً لهم، واعتقاد النفع والضر فيهم، وأنّ لهم تصرفاً في هذا الكون، وقدرة على الدفع والرفع، والضر والنفع، والعطاء والمنع.
      فهذا كله شرك عظيم لأن من يفعل ذلك ويعتقده فقد أعطى بعض الاوصاف التي لا تليق إلا بالله تعالى لبعض من عباده.

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.