حبل الله
جزاء الشاكرين

جزاء الشاكرين

جزاء الشاكرين
لا يستطيع أحد أن يحصي جزاء الشاكرين لأن من يجزيهم هو الله سبحانه، والعبد قاصر عن إحصاء نعم الله عليه ابتداء وهو أكثر عجزا عن إحصاء ما أعدّ سبحانه للشاكرين، ومع ذلك نحاول جهدنا في ذكر بعضٍ من جزائهم:
1_ من شكر الله حقا بالقول والعمل استحق رضى الله ومحبته. فعن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ثلاثة من كن فيه آواه الله في كنفه، وستر عليه برحمته ، وأدخله في محبته » قيل : ما هن يا رسول الله ؟ قال : « من إذا أُعطي شكر ، وإذا قدر غفر ، وإذا غضب فتر »[1] .
2_ الشكر يؤدي إلى زيادة النعمة. قال تعالى {وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} (آل عمران، 144) {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} (ابراهيم، 7)
3_ الشكر يدفع البلاء والعذاب. قال الله تعالى {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا} (النساء، 147). قوله تعالى صريح في أنه لم يخلق أحداً لغرض التعذيب، كما أن الآية تدل على أن فاعل الشكر والإيمان هو العبد وليس ذلك فعلاً لله تعالى، وإلا لصار التقدير : ما يفعل الله بعذابكم إذا خلق الشكر والإيمان فيكم ومعلوم أن هذا غير منتظم[2].
وفي الآية ما يلفت الانتباه إذ تقدم ذكر الشكر على الإيمان، ويبرر الزمخشري _ كما نقل عنه صاحب البرهان_ ذلك بقوله: لأن العاقل ينظر إلى ما عليه من النعمة العظيمة في خلقه وتعريضه للمنافع فيشكر شكرا مبهما، فإذا انتهى به النظر إلى معرفة المنعم آمن به ثم شكر شكرا متصلا، فكان الشكر متقدما على الإيمان وكأنه أصل التكليف ومداره. وجعله غيره من عطف الخاص على العام لأن الإيمان من الشكر وخص بالذكر لشرفه[3]
4_ الشكر لله ينجي من المهالك قال تعالى {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ. نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ} (القمر، 34_35) فالله تعالى أنجى لوطا عليه السلام ومن آمن معه بسبب شكرهم لله تعالى.
5_ الشكر صفة لله تعالى. يقول سبحانه عن نفسه {وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا} (النساء ، 147) وكذلك {إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} (فاطر ، 30) وعندما يدخل المؤمنون الجنة يقولون {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} (فاطر، 34) كما وُصفَ به الأنبياءُ عليهم الصلاة والسلام، ويكفي المؤمن فخرا أن يتحلى بصفة وصف الله تعالى بها نفسه وأنبياءه.
6_ الشكر طريق للإبداع والنجاح في الحياة، حيث يؤكد علماء الاجتماع والخبراء النفسيون على أهمية الشكر في حياة الفرد والجماعة، ونحن نلحظ هذا في حياتنا اليومية؛ فكم تميل نفسك نحو إنسان شاكر، وكم تنفر من إنسان ناكر، وما يتبع ذلك من اتخاذك من قرارات نحو هذا الشخص سواء بالتعامل معه أو تركه وما يترتب على ذلك من تحقيق مصلحة له أو ضياعها.

      إن شكرك لله كما ينبغي يشعرك بالرضا عن نفسك وعن جوهر وجودك في هذه الحياة، كما أن شكرك لمن يسدي إليك معروفا يبعث فيك طاقة تملؤك بالحيوية والاستعداد الدائم للتفاعل مع الناس، بعكس من أدمن على إنكار الجميل؛ حيث تمتلئ نفسه ضيقا وحرجا، يؤدي به أن يكون منبوذا بين الناس، منطويا على نفسه، يقلب أفكاره يمينا وشمالا، يبحث عن حل لإعراض الناس عنه، ولا يجد سوى أن يتهمهم بالتسلط عليه وعدم الرغبة فيه، وينسى أنّه أسُّ المشكلة ومسببها بعدم شكر من أسدى إليه جميلا.

المصدر: جمال نجم (الشكر في القرآن الكريم) https://www.hablullah.com/?p=1436

 


[1] رواه الحاكم في المستدرك ، رقم الحديث 397 ، وقال هذا حديث صحيح الإسناد.
[2] الرازي، 5/423
[3] البرهان، 3/248

أضف تعليقا

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.