حبل الله
3. إعمال العقل

3. إعمال العقل

3. إعمالُ العقل :

يتميَّزُ الإنسانُ عن الحيوان بعقله وبقدرته على فعل الخيرات، إلَّا أنْ يتَّبعَ شهواتِه؛ فاتِّباعُ الشَّهوات يُغيِّرُ فهمَه وتفكيرَه ونظرتَه إلى الأشياء، لذا أكثَرَ القرآنُ الكريمُ الدَّعوةَ إلى إعمال العقل، ولم تردْ كلمةُ “العقل” في القرآن الكريم، ولكن وردتْ أفعالٌ مُشتقَّةٌ منها 48 مرَّةً، وكلُّها تُفيدُ إعمالَ العقل. منها قوله تعالى: «وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ» (يونس، 10 / 100).

وقد وردتْ كلمةُ “الفؤاد” مع مُشتقَّاتها 16 مرَّة، وكلمة “ألباب” جمع “لب” مع مُشتقَّاتها 16 مرَّةً كذلك، وكلمة “اللُّب” تعني العقل الخالصَ من الشَّوائب دون غيره؛ لأنَّ أسيرَ شهواته وأمنياته _في الحقيقة_ يملكُ عقلاً، ولكنَّه لا يستطيعُ إعمالَه بشكلٍ صحيحٍ، حتَّى لو أعمَلَه لمْ يرضَ بالنتيجة، فعقلُه ليسَ خالصاً من الشَّوائب، ولإعمال العقل بشكلٍ صحيحٍ فلا بُدَّ من التخلُّصِ أوَّلاً من قيد الرَّغبات وأسر الشَّهوات.

والنِّظام الثُّيوقراطيُّ يُريد من المواطنين عدمَ إعمال عقولهم بتدخلُّهم في شؤون الدَّولة كما نرى ذلك واضحاً في قول جون كالفين: “إذا كان في النِّظام العامِّ ما يلزمُ إصلاحُه، فصاحبُ السُّلطة الوحيدة في هذا المجال هو الحاكمُ وحده، ولا ينبغي لأحدٍ من أفراد المجتمع أن يتدخَّلَ فيما ليس من شأنه فيُحدِثَ الاضطرابات، أعني أنَّه لا ينبغي لأحدٍ أن يقومَ بعملٍ إلَّا إذا أُمِرَ به؛ فإنْ أَمرَه الحاكمُ أصبحَ مسؤولاً مُصرَّحاً له من قبل السُّلطة العامَّة، والحكَّامُ الذين يحكمون وفقاً للمصلحة العامَّ يُمثّلون حقيقةً سيادةَ الإله”.

أمَّا القُرآنُ الكريمُ فالدَّعوةُ فيه واضحةٌ بأن يهتمَّ كلُّ واحدٍ من أفراد المجتمع بما يحدثُ حولَه وأن يقومَ بالإصلاح، وقد صرَّحَ أنَّ السُّكوتَ عن الخطأ يُوجِبُ اللَّعنةَ كما قالَ اللهُ تعالى: «لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ؛ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ» (المائدة، 5 / 78، 79). وقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ رأى منكم مُنكراً فليُغيِّرْه بيده، فإنْ لم يستطعْ فبلسانه، فإن لم يستطعْ فبقلبه، وذلك أضعفُ الإيمان».[1]



[1]صحيح مسلم، باب الإيمان 78 / 49.

أضف تعليقا

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.