حبل الله
الديانة الطاوية من التوحيد إلى الشرك

الديانة الطاوية من التوحيد إلى الشرك

الديانة الطاوية وعقيدة الوساطة والشرك
الطاوية هي الديانة الأساسية في الصين. مؤسسها لاوزي، يؤمن الطاويون أنه يكبر كونفشيوس[1] بـ 53 سنة. خرج لاوزي من الصين وذهب إلى الغرب وسلك هناك طريق بوذا[2]. وبهذا أصبحت الديانة الطاوية نقطة مشتركة تجمع بين القيم البوذية والكونفشيوسية. وقد أخبر الله تعالى أنه أرسل إلى كل مجتمع رسلا فقال: « إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ» (الفاطر، 35 / 24). والأنبياء الذين ذكروا في القرآن الكريم هم المرسلون في المناطق المحيطة بمكة المكرمة، أي ما يعرف اليوم بمنطقة الشرق الأوسط. والكتب المنزلة من الله تعالى ليست مقتصرة على التوراة والإنجيل والزبور والقرآن الكريم. بل هناك كتب كثيرة أنزلها الله تعالى إلى الأنبياء والمرسلين. قال الله تعالى: « لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ» (الحديد، 57 / 25).
ما يظهر عند الإستقراء أنّ عقيدة الإيمان بالله وحده لا شريك له موجودة في أصل كل الديانات، ومنها الطاوية والبوذية وغيرهما، ومن يستقرئ الديانات كلها يجد قبس النبوة موجود فيها، لكن كثرة التحريف قد غطى ذلك القبس فلا يكاد يُرى، ورغم الأصل السماوي للديانات السابقة للإسلام إلا أن الشرك وعقيدة الوساطة هي المسيطرة على أتباعها.  
ولعل المثال الأبرز على ذلك مظاهر الشرك الواضحة لدى المكيين قبل الإسلام، ورغم مظاهر الشرك تلك إلا إنّهم كانوا يدّعون أنّهم على دين إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام، ولا يشك أحد أن هذين النبيين الكريمين قد بعثا في أهل مكة وخصوصا إسماعيل عليه السلام لملازمته المكان. والأمر في المسيحية كذلك رغم وجود من يدافع عن عقيدة التوحيد فيهم إلا أنّ هذه الأصوات لا تسمع، فمظاهر الشرك في المسيحية بادية للعيان؛ فعقيدة التثليث عندهم، وموقع الكنيسة ورجال الدين وتماثيل المسيح والعذراء، كلّ ذلك من مظاهر شركهم، تعالى الله عما يشركون. والطاوية على النهج نفسه، حيث إنّ المتدبر للتعاليم الطاوية الأولى يجدها مجردة عن الشرك، وكلما تقدم بها الزمان وظهر علماء (رجال الدّين) جدد وجدت أن الشرك يزحف إلى عقائدهم زحفا هائلا ما أدى بالطاوية إلى أن تكون أسوأ الأمثلة على الشرك. وفيما يلي نرى عملية تحول الطاوية من ديانة توحيد إلى ديانة شرك: 
1. طاو
طاو، هو مُدَبِّر نظام الكون، وقدرة خالقه ليس فوقها قدرة. هو الحاكم العالي الذي يستحق أن يعبد وأن يحترم. وهو الذي أسس نظام الكون. والذي يذكر طاو صباحا يسعد مساءً.[3] هو الكبير المتعال يهيمن على من في الأرض. ولا هوادة في حكمه حين يكثر الفساد في الأرض. والموت والبعث بعد الموت والشرف والثروة كلها تكون بتقديره هو.[4] وهو أزلي وأبدي وموجود في كل مكان ولا يُعرف كنهُه.[5] ويخسر من يحاول تصويره في الذهن.[6] لم يُخلق، وخالق كل شيء.[7] لا يتغير.[8] موجود وحاضر في كل زمان.[9] يرى كل شيء واضحا ومع الناس في كل شؤونهم.[10] يتبين مما سبق _بشكل جليّ_ أنّ المراد بطاو هو الله.
2. تي
 هو ظهور الوجود الحقيقي لطاو،[11] وتجليته في الإنسان والمخلوقات الأخرى. وإذا كان طاو قد خلق جميع المخلوقات، فإنّ تي يغذيهم ويربيهم ويصورهم ويسويهم. وكل الموجودات تمجد طاو وتحترم تي.[12]
يين يانج
وهو رمز عالمي للطاقتين الكبيرتين اللتين توجهان نظام الكون وتدبرانه. ويحتاج كل منهما للآخر فهو مكمل له ولا يتواجد أي منهما دون الآخر.[13] والعلاقة السرية بينهما سبب لحدوث كل شيء، وهذا مبدأ خلقه طاو، ثم انتقلت الطاقة الخالقة من طاو إلى ين ويانج، فيمسكهما تي في وحدة منسجمة.[14] يولد من طاو واحد ثم يصبح اثنين (ين ويانج)،[15] ومن اثنين يولد ثلاثة، ومن الثلاثة يولد آلاف، وكل الموجودات تشمل الين وتحتضن اليانج.[16] وقد أعطيت صفة الخالق لطاو إلى تي. وحققها تي إلى ثنائية الين واليانج. ويهيمن تي على جميع المخلوقات.
3. الأرواح الخالدة والطاقات اللطيفة
إذا انتظم الإنسان في حياته بطاو فإنه لا يبقى لديه المضللات الخادعة التي تحول بين الظلام والضياء والحياة والممات، ويفوز بصداقة كثير من الموجودات ذوات الأرواح العالية، ويخلد بينهم محميا من التأثرات السلبية، ويملك طاقة تحيا بها حياة غير قابلة للهلاك. وهكذا يصل إلى الحياة الخالدة.[17]
الأشجار والحيوانات، والناس والحشرات، والزهور والطيور… كلها تجليات الطاقات اللطيفة التي تدفقت إلى العالم من النجوم. ويحلّون ويتحدون مع الموجودات ويعطون لهم الحياة.[18]
4. أرواح الأجداد
كل أسرة تخصص أماكن خاصة لأرواح أجدادها، لزعمهم أنّ الأرواح تحميهم وتحفظهم من البلايا.[19] وأحيانا يستحضرون الأرواح ويخبرونهم ما حدث في الأسرة ويستعينون بهم. ولا بد أن تكون المقابر في أوساط المزارع تبركا من الأرواح. ويقومون بتنظيف المقابر في موسم الربيع ويتبركون بمن فيها.[20]
5. العارفون والمرشدون الملائكيون
العارفون والخالدون والمرشدون الملائكيون الذين يعلمون الغيب هم يشكلون طرق الوصول إلى القوة الإلهية. يكسب الإنسان بوساطتهم صفة الخلد، ويصل إلى الفناء التام، وهم وسطاء بين الكائن اللاهوتي والكائن الناسوتي، وهم يعرفون الكون قبل الخروج من الباب، ويرون النجوم في كبد السماء بلا حاجة إلى النظر من النافذة، يعلمون بدون تعلم ويرون بدون نظر، ويفوزن دون أن يبذلوا جهدا.[21]
ولا يمكن العثور على هؤلاء المرشدين الملائكيين، ولكنهم سيحضرون عند من طلبهم. وفي النهاية يعقب انتقال الحقائق الروحية حين يتم الاتصال مع الخاصية الإلهية بحكمته العالية وفضله المميز. و هذا طريق يتبعه كل الملائكة الذين يذهبون إلى الملك الإلهي.[22] وفي كل خطوة من خطوات التقدم الذي تحدث أثناء السلوك المتكامل، تتعلم أن تحترم من يهتم بالخاصية الروحانية، وليس من يهتم بالخاصية الدنيوية، لأنه لا يستحق ذاك الإحترام. فحينئذ يُفتح لك البابُ الصوفيّ، فتنضم إلى مديري الكون الهائل وخالقيه؛ هم مديروا الكون ولكن لم يديروه وخالقوه ولكن لم يخلقوه.[23] جميع المرشدين والتقنيات عابرة، والحقيقة الأصلية تتجلى من اتحاد الإنسان مع الطاقة الإلهية لطاو.[24]
6. الرابطة
الذي يريد أن يصل إلى طاو، فعليه الاتصال بأحد من المعلمين الملائكيين. كما يجب عليه أن يعمل بتعاليم معلمه، ويحلل جميع المفاهيم المعضلة، ويبذل كل ما بوسعه لخدمة الآخرين، وأن يقوم بتطهير النفس، وأن لا يزعج معلمه بعقبات لا ضرورة لها، فالرباط الروحي مع معلمه يجعل القوة الإلهية تحميه، وهكذا يجتاز جميع العقبات التي يواجهها، ويحافظ على إخلاصه المطلق إلى الأبد، كما يحافظ على تواضعه وعزمه وقدرته الإنسجامية والتي تملأه بالنور الإلهي.[25]
وهكذا رأينا كيف تسلل الشرك رويدا رويدا إلى عقائد الطاويين حتى بدت ديانتهم أبعد ما تكون عن دين التوحيد. والغرض من هذا العرض أن يحذر المسلم من كل ما من شأنه أن يتسلل إلى عقيدته من مظاهر الشرك صغر أم كبر، وأن يتحلل من كل دعوة للشرك مهما كان صاحبها، وأن لا يغترَّ بمظاهر دعاة البدع والخرافة التي تحول بين المسلم وكتاب ربه فيضل عن سبيل الله. ولا أعظمَ من أن يتمسك المسلمُ بالكتاب الكريم فيحفظه من الوقوع في الزلل والشطط عن منهج الله رب العالمين.


 1 هو أول فيلسوف صيني يفلح في إقامة مذهب يتضمن كل التقاليد الصينية عن السلوك الاجتماعي والاخلاقي، ففلسفته قائمة على القيم الاخلاقية الشخصية وعلى ان تكون هناك حكومة تخدم الشعب تطبيقا لمثل أخلاقي أعلى. تعاليمه وفلسفته قد تؤثر بعمق الفكر والحياة الصينية والكورية واليابانية والتايوانية والفيتنامية. ويلقب بنبي الصين. (ويكيبيديا الموسوعة الحرة
 [2] بوذا (558 ق.م. – 483 ق.م.) واسمه الأصلي سيدهارتا غوتاما (صاحب الهدف المحقَّق) مؤسس الديانة البوذية إحدى الديانات الكبرى. أبوه كان حاكماً لإحدى المدن في شمال الهند على حدود مملكة نيبال وينتمي إلى طبقة المحاربين (كشاطريا). توفيت أمّه مايا وهو في السابعة من عمره، فربّته عمّته. تزوج في السادسة عشرة من عمره إحدى قريباته وفي مثل سنه. و قد ولد في الأبهة والفخامة، ولكنه كان في غاية التعاسة. فقد لاحظ أن أكثر الناس فقراء، وأن الأغنياء أشقياء أيضاً، وأن الناس جميعاً ضحايا المرض والموت بعد ذلك. و قد فكر بوذا كثيراً، واهتدى إلى أنه لابد أن يكون في هذه الحياة العابرة شيء أبقى وأنقى من كل ذلك.(ويكيبيديا الموسوعة الحرة)
[3]  تيمور و كوجوك، تاريخ الأديان ، صـ . 62.
[4]   تيمور و كوجوك، تاريخ الأديان، صـ 63.
[5]   ينر عثمان، المرجع السابق، صـ. 16، 26، 46.
[6]   لاوزي، التعليمات المجهولة، ترجمة اسماعيل تاشبنار، و آمنة كولشاه جوشقون، دار قاقنوس استانبول 1999، صـ. 20.
[7]   لاوزي.
[8]   لاوزي.
[9]   لاوزي.
[10]   لاوزي.
[11]   تيمور وكوجوك، تاريخ الأديان ص. 69.70.
    J.C cooper, Erdemin Işığı (Taoculuk), Çev. İsmet Zeki Eyuboğlu, SayYayıncılık, İstanbul, 1994, s.39      [12]
    İzutsu Toshihiko, Taoculuk’daki Anahtar Kavramlar, Çev. Ahmet YükselÖzemre, Kaknüs Yayınları, İstanbul, 2001, s.164       [13]
[14]   لاوزي، الامرجع السابق، صـ . 65.
[15]   ينر عثمان، المرجع السابق، ص. 60.
[16]   لاوزي، المرجع السابق، ص. 51.
[17]   لاوزي، المرجع السابق، صـ. 52.
[18]   تيمور و كوجوك، المرجع السابق، صـ . 58.
[19]   تيمور و كوجوك، المرجع السابق، صـ. 58
[20]   لاوزي، المرجع السابق، صـ . 82.
[21]   ينر عثمان، المرجع السابق، 65.
[22]     لاوزي، المرجع السابق، صـ . 82.
[23]   لاوزي، المرجع السابق، صـ . 83.
[24]   لاوزي، المرجع السابق، صـ . 96.
[25]   لاوزي، المرجع السابق، صـ . 32.

التعليقات

    • دخلت احد المعابدة القديمة في كوريا الجنوبية رأيت المصلين يرجعون ويسجدون لتمثال بوذا تماما كما صلاتنا وهو دليل فعلا ان اصل الديانة هو الاسلامزثم حرفت
      جزاكم الله عنا كل خير ونفع بكم المسلمين

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.