حبل الله
الشرك وتأليه النفس

الشرك وتأليه النفس

تأليه النفس والشرك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كل من يقول أنه لا يؤمن بالله فهو مشرك، وكل مشرك يعرف وجود الله ووحدانيته. قال الله تعالى: « وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ. اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ. وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ» (العنكبوت، 29 / 61- 63). « قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ. فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ» (يونس، 10 / 31 – 32).
وحين أمر الله تعالى إبليس أن يسجد لآدم أبى واستكبر؛ لأن السجود لآدم لا يوافق ما عنده من الشروط للطاعة. كما أخبر الله تعالى عن ذلك بقوله: « وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ. فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ. فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ. إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ. قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ. قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ. قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ» (الحجر، 15 / 28 – 34). «وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ» (البقرة، 2 / 34).
وقد تظاهر إبليس أنه خالف آدم ولكنه في الحقيقة قد خالف أمر الله تعالى بالسجود لآدم؛ لذا «قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ» (الأعراف، 7 / 13).ولم ينكر إبليس وجود الله ولا وحدانيته. وقد قال بعد عصيانه: «… إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ» (الأنفال، 8 / 48). كما كان إبليس يؤمن بالآخرة؛ فهو القائل حين طُرِد: «رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ» (الحجر، 15 / 36).
ومن المعلوم أن من استكمل أركان الإيمان، فآمن بالله وملائكته واليوم والآخر فإنّه يعدُّ  “مسلما صالحا”، ومن الجدير ذكره أنّه لم يكن أنبياء قد أُرسلت أو كتبا قد نزلت حتى يؤمن بها إبليس. لقد بدأ إبليس كفره بعدم إطاعة أمر واحد من أوامر الله تعالى. وكذلك الملاحدة، فإنّهم يقبلون من أمر الله ما توافق مع هواهم وينكرون غيره. وإذا مستهم البأساء والضراء يدعون الله مخلصين له الدين. فأهواؤهم هي الإله الأول عندهم، أما الله تعالى فيضعونه في المرتبة الثانية وهذا هو عين الشرك، تعالى الله عمّا يشركون. لذا قلنا كل كافر مشرك وكل مشرك كافر، قال الله تعالى: «أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا. أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا» (الفرقان، 25 /43 – 44). «أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ» (الجاثية، 45 / 23).
كل شخص لديه حس الخلود، وهذا الحسّ يترجمه صاحبه بعمل دؤوب وكأنه لا يموت، وكلما نجح الإنسان في عمله ازدادت رغبته بالحياة، لكن يقف الموت والإنقطاع عن الحياة حائلا دون اكتمال فرحه بإنجازه، وهنا يأتي دور الإيمان؛    فالإيمان بالآخرة يرضي هذا الحس ويملأ نفسه شوقا لما هو آت بدل الخوف من الموت. ومن لا يؤمن بالآخرة ممن يؤلهون أنفسهم فإنّهم حتما سيبحثون عن أفكار يؤمنون بها لإرضاء هذا الحس كإيمان الكثيرين منهم بعقيدة تكرار الموت أو تناسخ الأرواح. أي الموت ثم الإحياء بجسد جديد. قال الله تعالى: «وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ» (الجاثية، 45 / 24).
ويذهب البعض الآخر لإخماد ذلك الحس بالقول بانتهاء كل شيء بالموت ولذا ينكرون يوم الدين، وكما هو ملاحظ فإنّ هذا الإنكار للبعث والحساب كان مخالفا للفطرة التي فطر الله الناس عليها، والله تعالى يصف هؤلاء المنكرين بالمعتدين الآثمين؛ لتعدّي هؤلاء على الفطرة، وهم آثمون بما اقترفوه بحق أنفسهم وغيرهم من الخروج على منطق الحق والإيمان وبالتالي دخول جهنم. قال الله تعالى: «وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ. الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ. وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ. إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ. كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ. كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ. ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ. ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ. كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ» (المطففين، 83 / 10- 18).

تعليق واحد

  • قال الله تعالى: قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (القصص، 28 / 50)

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.