حبل الله
علاقة النوم بالموت

علاقة النوم بالموت

علاقة النوم بالموت
قال الله تعالى: "وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ. فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْآيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ . (البقرة 2/72-73) فالسؤال هنا ما العلاقة بين ضرب الميت ببعض البقرة وبين إحياء الله الموتى؟
وقبل الإجابة يجب أن نفهم العلاقة بين الموت والنوم؛ قال الله تعالى: « وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى» (الأنعام، 6/60). ويجب أن نركز الأنظار في الآية على الكلمتين : "يَتَوَفَّاكُمْ " و "يَبْعَثُكُمْ " والتوفي كالموت والبعث هو كالقيام من النوم. والله يحيي الموتى يوم القيامة. والقِيامة من قام يقوم قياما. والبعث بعد الموت كالقيام من الفراش، ونَفْخُ الصور وهو كالمنبه للإستيقاظ من النوم. قال الله تعالى: «وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ. قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا» (يس، 36/51-52). وهذا مثل بعثنا كل صباح من الفراش فلذك قال تعالى : «وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى» وكذلك معنى قوله تعالى: « فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ الْمَوْتَى» (البقرة، 2/73).
{ وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فادرأتم فِيهَا } أي اختصمتم في شأنها وتدافعتم فطرح كل واحد منكم قتلها عن نفسه إلى صاحبه {والله مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ فَقُلْنَا اضربوه بِبَعْضِهَا }
فالضرب هنا كالصور في الآخرة والمنبه في الدنيا. والآية تتحدث عن إحياء من مات حديثا وجسمه لم يفسد بعد. فقد أصلح الله تعالى بقدرته ما اعترى على أعضاء الميت من الخراب ثم أعاد إليه روحَه فبعثه كما يبعث الإنسان من نومه،حيث قال: "كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ الْمَوْتَى" أي يُحيي الجسد أولاً، ثم يعيد إليه روحه ويقيمه مثل الذي قام من النوم.
والإنسانُ مخلوق من طينٍ. قال الله تعالى: «الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ. ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ» (السجدة، 32/7-8). والطينُ هو الترابُ المُختَلط بالماء1وبدون اختلاط الماء بالتراب لا تحصل الحياة.
وعلى هذا النظام تتكون كل المواد الغذائية. فكل إنسان خلق من تراب وليس أبونا آدم فقط، بل البشرية جمعاء. وهم يتغذون من التراب كالنبات قال تعالى : وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا . ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْإِخْرَاجًا (نوح 71/17-18) ومن جوهر الأغذية يتكون بذر الإنسان في رحم المرأة، وينمو بالأغذية كذلك، ويتغذى من التراب حتى يتوفاه الموت، وما انفصل من الإنسان يصبح ترابا، والخلق الجديد كذلك يكون من التراب، فيخرج الإنسان من التراب كما يخرج النبات. قال الله تعالى: « مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى» (طه، 20/55). وعندما يتمُّ خلق بدن الأنسان يعيد الله إليه روحه كما أعاد روح النائم عند اليقظة قال تعالى: «اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى » (الزمر، 39/42). فلما أعاد الله أرواحهم في الآخرة قام الناس من قبورهم كالذين يقومون من نومهم ويقولون : «…مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا » وهذا هو معنى قوله تعالى : «… كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ . » (البقرة 2/73)

[1] مفردات ألفاظ القرآن، مادة: طين. 

أضف تعليقا

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.