حبل الله
هل يجب على المرأة تغطية قدميها أمام الأجانب؟

هل يجب على المرأة تغطية قدميها أمام الأجانب؟

السؤال:

هل إخفاء القدمين أو لبس الجوربين واجب على المرأة أمام الأجانب ؟ فهناك من يقول أنه شرط ومنهم من يقول به خلاف، فهل يمكن توضيح المسألة؟

الجواب:

سؤالك يتعلق بعورة المرأة أمام الأجانب، وتحديدًا:  هل القدمان جزء مما يجب تغطيته بالجوارب أو بلباس طويل أمام غير المحارم أم لا.

أولًا: محل الخلاف

اختلف العلماء في حكم تغطية قدمَي المرأة أمام الرجال الأجانب:

فقد ذهب الجمهور (المالكية والشافعية والحنابلة) إلى أنه يجب تغطية القدمين، لأنهما من العورة.

أما الحنفية فقالوا: القدم ليست من العورة، فلا يجب تغطيتها في الصلاة ولا أمام الأجانب (مع الكراهة في بعض الحالات)

إذن، القدمان محل خلاف، هل هي عورة أم لا؟ وقد استند الفريقان إلى الآية 31 من سورة النور، مع ذلك اختلفوا فيما يقع عليه الاستثناء في قوله تعالى {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} حيث اتفقوا أنه يشمل الوجه والكفين ثم اختلفوا على القدمين.

ثانيا: الأدلة التي استند إليها الجمهور:

﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا … وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ ‌لِيُعْلَمَ ‌مَا ‌يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ﴾ [النور: 31] 

تفيد الآية أن القدم مما يُخفى، وبالتالي هو من الزينة التي يجب سترها. حيث يقتصر الاستثناء في قوله تعالى (إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) على الوجه والكفين للحاجة لإظهارهما ولدلالة حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، أن النبي ﷺ قال لها:

“يا أسماءُ، إن المرأة إذا بلغت المحيض، لم يَصلح أن يُرى منها إلا هذا وهذا”، وأشار إلى وجهه وكفيه.[1]

فالأصل في جسد المرأة أنه يستر كله، إلا ما استُثني بدليل، وقد اعتبروا حديث أسماء حجة في بيان الاستثناء في الآية.

ثالثا: دليل الحنفية في أن قدمي المرأة ليستا بعورة:

1_القياس على الوجه والكفين: فقالوا: كما أُبيح للمرأة كشف الوجه والكفين للحاجة (كالبيع والشراء ونحو ذلك)، فالقدم أيضًا تُكشف لحاجات المشي والحركة. والعمل خاصة في الزراعة وبعض الأعمال التي تطلب كشف القدمين.

فالحاجة في كشف القدمين قائمة؛ لأن المرأة تحتاج للمشي في الطرقات والأسواق، وقد لا تَسْهُل تغطيتهما دائمًا.

2_ لا يوجد نهي صريح عن كشف القدمين، فالأصل الإباحة.

3_ قالوا أنه اشتهر في العصور الأولى _من غير إنكار_ أن النساء كنّ يمشين حافيات أو مكشوفات القدمين أحيانًا، ولم يُعرف إنكار شديد على ذلك.

ملاحظة مهمة: رغم أن الحنفية لا يقولون بوجوب ستر القدمين أمام الأجانب، إلا أنهم يستحبّون تغطيتهما. حتى قال بعضهم إن كشفها أمام الرجال الأجانب يُكره، لا سيما إن وُجد فتنة.

الخلاصة:

استند الحنفية إلى توسيع الاستثناء الوارد في الآية: {إلا ما ظهر منها} ليشمل الوجه والكفين والقدمين، خاصة أنه لا يوجد نهي صريح عن كشفهما، بينما قصر الجمهور الاستثناء على الوجه والكفين بدلالة حديث أسماء، فرأي الجمهور أحوط بينما رأي الحنفية فيه أيسر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]  رواه أبو داود وضعفه بعض العلماء من جهة السند، لكنه مشهور عند الفقهاء ومقبول من جهة المعنى.

 

التعليقات

    • لا بأس في ذلك، ذذلك أن ابتلاء المؤمن لا يتأتى باعتزال الناس وإنما باتباع أوامره تعالى واجتناب ما نهى عنه، وكل نفس بما كسبت رهينة ولا يتحمل أحد وزر غيره مادام لم يكن سببًا في معصية بالتحريض أو التشجيع عليها قَالَ سُبْحَانَهُ وتَعَالَىٰ:

      ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ، فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَلِنَفْسِهِ، وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا، وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ﴾ الزمر (41)

      فما يجب علينا هو أن يُذكِّر المؤمنون والمؤمنات بعضهم بعضا على حد سواء بالتي هي أحسن وبإعطاء القدوة الحسنة ، فإن لم يُستجب لهم فلا إثم عليهم مصداقًا لقوله جَلَّ في عُلاه:

      ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ، لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ، إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ المائدة (105).

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.