السؤال:
ما مدى صحه حديث [هذا جبريل جاء يعلمكم دينكم ] وأنه قدم بصورة إنسان حسن الملامح ….إلخ. هل هو صحيح؟ وهل هناك في القرآن ما يؤيد إمكانية أن يأتي جبريل أو غيره من الملائكة لتعليم الناس ؟
الجواب:
سنجيب على هذا السؤال بنقطتين، الأولى: نوضح فيها صحة الحديث من جهة سنده وإمكانية حدوثه ومضمونه، والثانية: نوضح إمكانية أن يتمثل الملائكة بالصورة البشرية بما يؤيد ذلك من القرآن الكريم.
أولًا: صحة حديث “جاء جبريل يعلمكم دينكم“
الحديث من جهة السند صحيح ، فقد رواه البخاري ومسلم وغيرهما. وهو صحيح من جهة إمكانية تمثل الملك بالبشر، لوجود الأمثلة من كتاب الله تعالى على حدوثه. أما من جهة المضمون ففي بعض تفاصيله إشكالات من جهه مخالفة القرآن كالحديث عن أمارات الساعة بالرغم من نفي القرآن معرفة نبينا أو غيره من البشر والمخلوقات موعدها أو حتى أماراتها، لأنها لا تأتي إلا بغتة:
﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا، قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي، لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ، ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً، يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا، قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: 187]
نص الحديث:
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:
“بينما نحن عندَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذ طلعَ علينا رجلٌ شديدُ بياضِ الثيابِ، شديدُ سوادِ الشَّعَرِ، لا يُرى عليه أثرُ السَّفَرِ، ولا نعرفُه، حتى جلسَ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فأسندَ ركبتيه إلى ركبتيه، ووضَعَ كفيه على فَخِذَيْه، وقال : يا محمدُ، أخبرني عن الإسلامِ ؟ فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : الإسلامُ أن تَشْهَدَ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأن محمدًا رسولُ الله، وتُقيمَ الصلاةُ، وتُؤْتِيَ الزكاةَ، وتَصومَ رمضانَ، وتَحُجَّ البيتَ إن استطعْتَ إليه سبيلًا. قال : صدقْتَ. قال : فعجِبْنا له يَسْأَلُه ويُصَدِّقُه. قال : فأخبرْني عن الإيمانِ ؟ قال : أن تُؤْمِنَ باللهِ، وملائكتِه، وكتبِه، ورسلِه، واليومِ الآخرِ، وتؤمنَ بالقدرِ خيرِه وشرِّه. قال : صدَقْتَ. قال : فأخبرْني عن الإحسانِ؟ قال : أن تَعْبُدَ اللهَ كأنك تراه، فإن لم تَكُنْ تراه فإنه يراك . قال : فأخبرْني عن الساعةِ؟ قال : ما المسؤولُ عنها بأعلمَ مِن السائلِ. قال : فأخبرْني عن أَماراتِها؟ قال : أن تَلِدَ الأَمةُ ربَّتَها ، وأن ترى الحُفَاةَ العُراةَ العالةَ رعاءَ الشاءِ يَتَطاولون في البُنْيانِ . قال : ثم انطلَقَ، فلبثْتُ ثلاثًا، ثم قال : يا عمرُ، هل تدري مَن السائلُ ؟ قلْتُ : اللهُ ورسولُه أعلمُ. قال : فإنه جبريلُ أتاكم يُعَلِّمُكم دينَكم.”[1]
ثانيا: هل في القرآن ما يؤيد إمكانية مجيء جبريل أو غيره من الملائكة بصورة بشرية؟
لقد ورد في القرآن أكثر من موضع صريح يثبت أن الملائكة يمكن أن تتشكل في صورة البشر بإذن الله:
1_ قصة مريم عليها السلام:
﴿فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا﴾ (مريم: 17)
أي أن جبريل عليه السلام تمثّل لها في صورة إنسان كامل الخِلقة لتبشيرها بعيسى عليه السلام.
2_ قصة ضيوف إبراهيم ولوط عليهم السلام:
﴿وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى﴾ (هود: 69)
وورد أنهم دخلوا عليه في صورة رجال فلم يعرفهم أول الأمر وظنهم ضيوفًا من البشر، حتى إنه قدم لهم الطعام إكراما لهم:
﴿فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً﴾ (هود: 70)
وكذلك لما ذهبوا إلى لوط عليه السلام ظنهم ضيوفا:
﴿وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ … قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي﴾ (هود: 78)
هذه الآيات تبين بوضوح إمكانية أن يأتي الملائكة على هيئة بشرية لأغراض كثيرة بأمر الله تعالى وليس بخيارهم الشخصي، وهذا يضفي مزيد مصداقية على الحديث محل السؤال.
عن أُسامةَ بنِ زَيدٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: “أُنْبِئْتُ أنَّ جِبْرِيلَ عليه السَّلَامُ أتَى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وعِنْدَهُ أُمُّ سَلَمَةَ، فَجَعَلَ يُحَدِّثُ ثُمَّ قَامَ، فَقَالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لِأُمِّ سَلَمَةَ: مَن هذا؟ قَالَتْ: هذا دِحْيَةُ، قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: ايْمُ اللَّهِ ما حَسِبْتُهُ إلَّا إيَّاهُ، حتَّى سَمِعْتُ خُطْبَةَ نَبِيِّ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُخْبِرُ جِبْرِيلَ”[2]
إذن جبريل عليه السلام قد يتمثل في صورة بشرية بأمر الله تعالى، وهذا من قدرات الملائكة التي منحهم الله إياها.
*وللمزيد حول الموضوع ننصح بالاطلاع على المقالة التالية:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] أخرجه مسلم (8)، وأبو داود (4695) واللفظ له، والترمذي (2610)، والنسائي (4990)، وابن ماجه (63)، وأحمد (367)
[2] أخرجه البخاري (3633)


قصص تمثل الملائكه ببشر جأت في القرآن إلا هذه القصه بأن جبريل جاء للصاحبه وهم جالسين مع النبي عليه الصلاة والسلام فكيف نصدقها؟؟
أنت غير مجبرة على التصديق، كل ما في الأمر كان السؤال عن احتمال وقوع هذا الأمر، وكان الجواب بنعم، لكن هل يمكننا الجزم بوقوعه؟ طبعا لا. لأن الأحاديث الصحيحة سندا ومعنى تثبت بغالب الظن لا باليقين.
مقدره جهودكم القيمه ولكني كنت في نقاش مع احد الزملاء الذي يصدق هذه القصه وانا انكرتها لانها لم ترد في القرآن مثل باقي القصص التي ذكرتوها حضراتكم ولا حتى بتلميح !!وهذا كان هو صلب سؤالي عن هذه القصه تحديدا
شكرا جزيلا
ولكن هل لمجرد انه الحديث ذكر في البخاري ومسلم وجب علينا تصديقه الملائكه تتمثل ربما للانبياء لغرض الوحي والدعوه
اما ان تتمثل لعامة الناس لتعلمهم دينهم وايضا في وجود النبي المكلف بهذا الأمر حسب الروايه هنا والله اعلم هذه الروايه غير منطقيه .
فما وظيفه النبي اذا مادام الملك جاء يعلم الناس كنت في جدال ما احد زملائي حول هذه الروايه فليس كل صحيح هو حدث فعلا فجميعنا نعرف ان كلمه صحيح تعني صحة السند فقط دون النظر الي متن الروايه
هذا هو الغرض من السؤال نعم اعرف انها صحيحه السند لكنها ربما غير حقيقيه
ممكن توضيح وشكرا مقدما
الحديث لا يعارض القرآن في علامات الساعة
قال تعالى :﴿ فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم ﴾أشىراطها يعني علامات قربها ومن علامات قربها بعثة النبي محمد ﷺ ، حيث جاء في كتب أهل الكتاب أنه سيكون نبي وهو آخر الأنبياء (راجع تفسير ابن كثير ، تفسير الطبري ، تفسير القرطبي ، تفسير البغوي ….إلخ) .
وأما الحديث فذكر من علامات الساعة أن ترى الحفاة العراة العدالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان ، فقد وقع في زماننا هذا ، وهو مشاهد وموجود ، وهذا يقوي الإيمان بصدق الحديث
أشراط جمع شرط، والشرط كما يعرفونه، هو ما لا يلزم من وجوده الوجود ويلزم من عدمه العدم. أما العلامات فهي إشارات لا شروط. والآية أكدت أن الأشراط قد جاءت، ولم تقل إن أشراطها ستكون في آخر الزمان، بل تحدثت بأنها وقعت منذ بدء الخلق، ومن ذلك دورة الحياة في الطبيعة وإخراج الحي من الميت والميت من الحي وهكذا، وأحاديث علامات الساعة تقول بأن العلامات ستأتي آخر الزمان، وهذا فرق واضح بين الأشراط والعلامات، ثم إن الآية أكدت بأن الساعة تأتي بغتة، حتى لا يفهم بعضهم أن الأشراط هي العلامات، ولذا فإن روايات علامات الساعة مخالفة لهذه الآية، ولا يصلح استدلالهم بها على العلامات.
أنصح بقراء المقالة المفصلة (علامات الساعة) من الرابط التالي
https://www.hablullah.com/%d8%b9%d9%84%d8%a7%d9%85%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d8%a7%d8%b9%d8%a9/
بالرجوع لكتب اللغة والغريب يتبين ويتضح الفرق بين الشَرْط/وهو ماذكرته في التعريف ، وبين الشَرَط/والذي يعني العلامات، وعلى هذا كتب التفسير سواء التي تعتني التفسير بالقران والأحاديث أو التي تعتني باللغة وبالبلاغة ، وفسرت أشراطها بالعلامات .
فقد جاء في كتاب مختار الصحاح
ش ر ط: (الشَّرْطُ) مَعْرُوفٌ وَجَمْعُهُ (شُرُوطٌ) وَكَذَا (الشَّرِيطَةُ) وَجَمْعُهَا (شَرَائِطُ) وَقَدْ (شَرَطَ) عَلَيْهِ كَذَا مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَنَصَرَ وَ (اشْتَرَطَ) أَيْضًا. وَ (الشَّرَطُ) بِفَتْحَتَيْنِ الْعَلَامَةُ. وَ (أَشْرَاطُ) السَّاعَةِ عَلَامَاتُهَا. وَ (أَشْرَطَ) فُلَانٌ نَفْسَهُ لِأَمْرِ كَذَا أَيْ أَعْلَمَهَا لَهُ وَأَعَدَّهَا. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: وَمِنْهُ سُمِّيَ (الشُّرَطُ) لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا لِأَنْفُسِهِمْ عَلَامَةً يُعْرَفُونَ بِهَا، الْوَاحِدُ (شُرْطَةٌ) وَ (شُرْطِيٌّ) بِسُكُونِ الرَّاءِ فِيهِمَا. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: سُمُّوا شُرَطًا لِأَنَّهُمْ أُعِدُّوا مِنْ قَوْلِهِمْ (أَشْرَطَ) مِنْ إِبِلِهِ وَغَنَمِهِ أَيْ أَعَدَّ مِنْهَا شَيْئًا لِلْبَيْعِ. وَ (الشَّرِيطُ) حَبْلٌ يُفْتَلُ مِنَ الْخُوصِ. وَ (الْمِشْرَطُ) كَالْمِبْضَعِ وَزْنًا وَمَعْنًى، وَالْمِشْرَاطُ مِثْلُهُ. وَشَرَطَ الْحَاجِمُ بَزَغَ، وَبَابُهُ ضَرَبَ وَنَصَرَ.
انتهى
وراجع لزاماً كتاب:[[لسان العرب]]، والصحاح وغيرها من كتب اللغة والغريب كلهم نفس التعريف .
وكذا في كتاب النهاية في غريب الحديث والأثر.
* * *
في تفسير أبي السعود (٩٨٢هـ):﴿فَهَلْ يَنْظُرُونَ إلا السّاعَةَ﴾ أيِ: القِيامَةَ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿أنْ تَأْتِيَهم بَغْتَةً﴾ أيْ: تُباغِتُهم بَغْتَةً وهي المُفاجَأةُ بَدَلُ اشْتِمالٍ مِنَ السّاعَةِ والمَعْنى: أنَّهم لا يَتَذَكَّرُونَ بِذِكْرِ أهْوالِ الأُمَمِ الخالِيَةِ ولا بِالإخْبارِ بِإتْيانِ السّاعَةِ وما فِيها مِن عَظائِمِ الأهْوالِ وما يَنْتَظِرُونَ لِلتَّذَكُّرِ إلّا إتْيانَ نَفْسِ السّاعَةِ بَغْتَةً، وقُرِئَ “بَغَتَةً” بِفَتْحِ الغَيْنِ وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَقَدْ جاءَ أشْراطُها﴾ تَعْلِيلٌ لِمُفاجَأتِها لا لِإتْيانِها مُطْلَقًا عَلى مَعْنى أنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنَ الأُمُورِ المُوجِبَةِ لِلتَّذَكُّرِ أمْرٌ مُتَرَقَّبٌ يَنْتَظِرُونَهُ سِوى إتْيانِ نَفْسِ السّاعَةِ إذْ قَدْ جاءَ أشْراطُها فَلَمْ يَرْفَعُوا لَها رَأْسًا ولَمْ يَعُدُّوها مِن مَبادِي إتْيانِها فَيَكُونُ إتْيانُها بِطَرِيقِ المُفاجَأةِ لا مَحالَةَ، والأشْراطُ جَمْعُ شَرَطٍ بِالتَّحْرِيكِ وهي العَلامَةُ، والمُرادُ بِها: مَبْعَثُهُ ﷺ وانْشِقاقُ القَمَرِ ونَحْوُهُما. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَأنّى لَهم إذا جاءَتْهم ذِكْراهُمْ﴾ حُكْمٌ بِخَطَئِهِمْ وفَسادِ رَأْيِهِمْ في تَأْخِيرِ التَّذَكُّرِ إلى إتْيانِها بِبَيانِ اسْتِحالَةِ نَفْعِ التَّذَكُّرِ حِينَئِذٍ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإنْسانُ وأنّى لَهُ الذِّكْرى﴾ أيْ: وكَيْفَ لَهم ذِكْراهم إذا جاءَتْهم عَلى أنَّ “أنّى” خَبَرٌ مُقَدَّمٌ و”ذِكْراهُمْ” مُبْتَدَأٌ و”إذا جاءَتْهُمْ” اعْتِراضٌ وُسِّطَ بَيْنَهُما رَمْزًا إلى غايَةِ سُرْعَةِ مَجِيئِها وإطْلاقُ المَجِئِ عَنْ قَيْدِ البَغْتَةِ لِما أنَّ مَدارَ اسْتِحالَةِ نَفْعِ التَّذَكُّرِ كَوْنُهُ عِنْدَ مَجِيئِهِ مُطْلَقًا لا مُقَيَّدًا بِقَيْدِ البَغْتَةِ، وقُرِئَ “إنْ تَأتِهِمْ” عَلى أنَّهُ شَرْطٌ مُسْتَأْنَفٌ جَزاؤُهُ ﴿فَأنّى لَهُمْ﴾ …إلَخْ والمَعْنى: إنْ تَأْتِهِمُ السّاعَةُ بَغْتَةً لِأنَّهُ قَدْ ظَهَرَ أماراتُها فَكَيْفَ لَهم تَذَكُّرُهم واتِّعاظُهم إذا جاءَتْهم.
* * *
وفي تفسير ابن جرير الطبري (٣١٠هـ):
وقوله ﴿فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا﴾
يقول: فقد جاء هؤلاء الكافرين بالله الساعة وأدلتها ومقدماتها، وواحد الأشراط: شرط، كما قال جرير:
تَرَى شَرَطَ المِعْزَى مُهورَ نِسائِهم … وفي شُرَطِ المِعْزَى لهُنَّ مُهُورُ(١)
ويُروَى: “ترى قَزَم المِعْزَى”، يقال منه: أشرط فلان نفسه: إذا علمها بعلامة، كما قال أوس بن حجر:
فأَشْرَطَ فيها نَفْسَهُ وَهْوَ مُعْصِمٌ … وألْقَى بأسْبابٍ لَهُ وَتَوَكَّلا(٢)
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ﴿فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا﴾ يعني: أشراط الساعة.
⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ﴿فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً﴾ قد دنت الساعة ودنا من الله فراغ العباد.
⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ﴿فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا﴾ قال: أشراطها: آياتها .
* * *
وعلى هذا المعنى كتب التفسير
والله الموفق
أشراط الساعة سواء قلت علاماتها أو آياتها أو شروطها كلها تعني شيئا واحدا ألا وهو الآيات الدالة على وقوعها، لأن المشركين لم يجادلوا في وقت حدوثها أصلا وإنما جادلوا في إمكانية حدوثها ، فجاء الرد القرآني بإثبات إماكنية الوقوع واستدل عليه بأدلة ظاهرة من الآيات الكونية والعقلية والعلمية (انظر أواخر سورة يس)
أما قول علماء اللغة أن الأشراط تعني علامات قرب الساعة فذلك جاء تأثرا بأقوال المفسرين، فاللغويون تأثروا بالمفسرين وليس العكس.
ما يدفعني لقول ذلك أن القرآن يؤكد على أن الساعة تأتي بغتة، ولازم هذا أن لا يكون لها علامة اقتراب، وإلا لكانت لغة القرآن ركيكة _حاشاه_ أما تبرير المفسرين في هذا الصدد فضعيف لأنهم رهنوا أنفسهم للروايات المفتراة على نبينا المتعلقة بعلامات الساعة، فبدل أن يردوها حاولوا تطويع الآيات للتوافق معها.
كما يؤكد القرآن أن النبي الكريم لا يعلم متى تقوم الساعة وليس لديه علم بها فكيف يزعم أحدهم بعد ذلك أن النبي تحدث عن علامات اقترابها؟!.
علماء الحديث يقولون بأن الراوي الثقة إذا خالف الراوي الأوثق منه فيحكم على روايته بالشذوذ ، فكيف بالرواية التي تخالف القرآن صراحة، هل يمكن قبولها وبناء الأحكام والتصورات والعقائد عليها؟!
فما أولى؛ رد الرواية التي تخالف القرآن أم رد الرواية التي تخالف الرواية الأوثق منها؟ّّ!