السؤال:
الجزء من الآية 33 من سورة الأحزاب الذي يقول: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ يُقال إنه منفصل عن الجزء الأول من الآية. فهل تشير هذه الآية إلى أصحاب الكساء الخمسة؟ وإذا كانت الآية تشير إلى أصحاب الكساء الخمسة، فلماذا وُضِعت بين آيات تتحدث عن نساء النبي؟.
الجواب:
الآية ليست مفصولة عن سياقها، بل هي جزء من نفس السياق. والسبب في التحوّل من ضمير المؤنث (عنكنّ) إلى ضمير المذكر (عنكم) هو:
-إما لأنه دخل معهن النبي ﷺ في الخطاب (وهو مذكر)، فيتحول الضمير للمذكر جريا على عرف اللغة.
-أو لأن كلمة “أهل البيت” تُستعمل للمذكر والمؤنث معًا، فيرجع الضمير للمذكر وهو الأصل في الجمع.
يزعم عموم الشيعة أن لفظ “أهل البيت” في الآية مقصور على علي بن أبي طالب وفاطمة و الحسن و الحسين رضي الله عنهم[1].
والحق أن هذه الآية لا علاقة لها بعلي وأبنائه أصلا[2]، لأنها تتحدث عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وواجبهن في تبليغ الكتاب والحكمة. سياق الآية كما يلي:
﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا. وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا. وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا ﴾ (الأحزاب: 32-34)
ولإبطال دلالة الآية على أزواج النبي كان لا بد من افتراء أحاديث تبطل دلالتها في أذهان الأتباع، فاخترع الكثير منها كحديث الكساء الذي ترويه كتب الشيعة وأهل السنة على السواء. وهو في مسند أحمد كما يلي:
حدثنا محمد بن مصعب، قال: حدثنا الأوزاعي، عن شداد أبي عمار، قال: دخلت على واثلة بن الأسقع، وعنده قوم، فذكروا عليا، فلما قاموا قال لي: ألا أخبرك بما رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: بلى، قال: أتيت فاطمة رضي الله تعالى عنها أسألها عن علي، قالت: توجه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فجلست أنتظره حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه علي وحسن وحسين رضي الله تعالى عنهم، آخذ كل واحد منهما بيده، حتى دخل فأدنى عليا وفاطمة، فأجلسهما بين يديه، وأجلس حسنا وحسينا كل واحد منهما على فخذه، ثم لف عليهم ثوبه – أو قال: كساء – ثم تلا هذه الآية: ﴿إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا﴾ [الأحزاب: 33] وقال: ” اللهم هؤلاء أهل بيتي، وأهل بيتي أحق”»[3]
ومن السهل الانتباه لمخالفة هذه الرواية لصريح الآية الكريمة، ومع ذلك تعتبر هذه الرواية أصلا في تعريف “أهل البيت” عند الشيعة فيخرجون بها أزواج النبي من دلالة الآية بالرغم من كونها صريحة عليهن، ويقصرونها على علي وأبنائه بالرغم من عدم ذكرهم في الآية.
أما جمهور أهل السنة فيقولون أن الآية في أزواج النبي بحسب السياق لكنها تشمل عليا وأبناءه بالنظر إلى حديث الكساء، وهذا جريا على جواز استدراك الحديث على القرآن عندهم. وهذا خطأ بيِّن كما ترى. إذ كيف يمكن أن يُخرج النبيُّ أزواجَه من مصطلح أهل البيت بالرغم من دلالة القرآن الصريحة في ذلك فضلا عن عرف اللغة التي تعتبر أن أهل البيت هم أزواج الرجل ومن يسكن معه في البيت من أولاده!.
*وللمزيد حول الموضوع ننصح بالاطلاع على مقالة د. جمال نجم الشيعة والتشيع في ميزان القرآن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] الطبرسي، مجمع البيان، ج1/50 .


أضف تعليقا