السؤال:
شكرًا جزيلًا على مجهوداتكم الطيبة، لقد قرأت على موقعكم مقالة تصورات وحقائق حول عمر بن الخطاب لكنني ما لبثت أن تساءلت عن قصة زواجه من أم كلثوم بنت علي، أنَى لهذا الرجل أن يتزوج طفلة (على الأكثر في 11 من عمرها إن لم تكن في السابعة) وأن يلمسها ويكشف عنها حتى قبل زواجه منها، وأنى لأبيها أن يقبل تزويج طفلته من رجل رفضه رسول الله لابنته لأنها كانت صغيرة مقارنة بعمره، مع العلم أن فاطمة الزهراء عليها السلام كانت على الأقل في 15 من عمرها.
أدري أن الزواج في الإسلام يشترط البلوغ والرشد إلا أن أصحاب هذه الرواية يعتلُّون بها لإجازة زواج الصغار ونحو ذلك. أرجو منكم أن تساعدوني على توضيح هذا اللبس وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
إن الحمد والشكر لله تعالى، ونشكر السائل الكريم على ثقته في موقعنا، عسى ربنا أن يهدينا سواء السبيل.
وفي الحقيقة لا يوجد أي لبس يستدعي مساعدة السائل الكريم لأنه قد أجاب بنفسه عن السؤال حين قال: (أنه يدري أن الإسلام يشترط البلوغ والرشد) لصحة النكاح. وهذا الأمر واضح جلي في كتاب الله تعالى الذي قال:
﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ…﴾ النساء (6)
فقد بينت الآية الكريمة أن بلوغ الحُلم لا يعني بلوغ النكاح ولا يعني استئناس الرشد.
وقد تحدثنا في هذا الموضوع باستفاضة في موقعنا[1].
فاللبس الحقيقي لا يكمن فقط في الرواية ولا في الاحتجاج بها على زواج الصغيرات؛ فالرواية في حد ذاتها متناقضة حتى في تحديد سن الطفلة مع غيرها من الروايات التي تبيح نكاح حتى الرضيعة!! وصدق الله تعالى إذ يقول:
﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ، وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ النساء (82).
إن اللبس يكمن في فكر المسلمين عامة، فبرغم وضوح الآيات البينات التي لم يخالفها رسولنا الكريم صاحب الخلق العظيم، ولا أصحابه الكرام، وعلى الرغم من علم السائل الكريم ودرايته بشروط الزواج في كتاب الله تعالى فإنه مازال يقع في شراك الأقاويل التي قد افتريت على الله تعالى وعلى رسوله قبل أن تفترى على الصحابة الكرام. وهدف تلك الأقاويل هو الطعن في دين الله تعالى عن طريق الطعن في أتباعه الأوائل ليردوا الناس عن دينهم ﴿وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ، وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ، فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ﴾ الأنعام (137).
فقد ألبسنا نحن المسلمين على أنفسنا حين تركنا الآيات البينات وذهبنا نستبق في محاولة إثبات أن بشرا معينين يحق لهم أن يعقبوا على حكمه تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ﴾ [الرعد: 41]
فقد تركنا العلم اليقيني واتبعنا الظنون التي حذرنا تعالى من اتباعها:
﴿وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ، إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ، وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا﴾ النجم (28)
إذ أنه لو افترضنا جدلًا صحة هذه الروايات وأن عمر بن الخطاب أو غيره من أصحاب الرسول وأتباعه قد فعلوا ذلك (وهذا بعيد عن أخلاقهم) فسواء من تزوج الطفلة أو ولي أمرها الذي وافق على تزويجيها فكلاهما وغيرهما ليسوا حجة على دين الله تعالى:
﴿قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ، فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ الأنعام (149).
ولو أخطأ السابقون فليس لنا أن نحتج بأعمالهم أو نسير على خطاهم في تحليل أو تحريم ما لم يحله أو يحرمه رب العالمين، فما من حسابنا عليهم من شيء:
﴿قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ سبأ (25)
ولا يحق لنا أن نبحث عن عثراتهم المفترضة وقد أفضوا إلى بارئهم امتثالًا لقوله جل جلاله:
﴿تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ، لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ، وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ البقرة (134)
وختامًا:
إن أمره تعالى الذي تكرر في كتابه ﴿فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ﴾ هو أبلغ رد وأقصر جواب على كل تلك الأقاويل المفتريات التي نبأنا العليم الحكيم أنها حدثت وستحدث:
﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا، وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ، فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ﴾ الأنعام (112)
فمهما حاولنا الدفاع أمام من ارتضوا وابتغوا حكم الجاهلية ممن ينظرون إلى المرأة على أنها سلعة أو بهيمة تباع وتشترى صبية كانت أو رضيعة أو حتى جنينًا في بطن أمها، فلم ولن تقنعه الآيات البينات ولذا قال تعالى: ﴿فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ﴾.
ولا حاجة لتضيع جهودنا في الرد على من افتروا على أصحاب النبي من السابقين الأولين وقد شهد لهم سبحانه وتعالى بالسبق والرضوان في قوله:
﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ التوبة (100)
إن محاولة إثبات هذه الروايات المسمومة لا نفع من ورائها سوى الإساءة لعصر النبوة والصحابة الطيبين ومن ثم حمل الإثم والوزر مصداقًا لقوله تعالى:
﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ الأحزاب (58).
ولا ينبغي لنا أن ننساق وراءهم فنرتضي بغير الله تعالى حكمًا مصداقًا لأمره:
﴿أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا، وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ، فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ﴾ الأنعام (114)؟
وهو تعالى يسألنا:
﴿تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ، فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ الجاثية (6)؟!
الباحثة: شيماء أبو زيد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] انظر مثلا: زواج الصغار و واللائي لم يحضن، والتحريف المقصود و السن الأمثل للزواج وتأخير الزواج بهدف إكمال التعليم
روايه زواج عمر بن الخطاب بنت علي رضى الله عنهما يصدقها أنصار السنه اما في كتب الشيعه فهم يكذبون هذا الحدث اصلا !! وبما انني لا انتمي لأي فريق أميل اكثر الي تكذيب هذه الروايه وهذا الزواج الغير متكافئ والغير منطقي .
لأنهم(الفقهاء) اقنعونا في الدين الموازي انه تزوجها ليرعاها !!! أكلما أراد رجل ان يرعى او حمي أمرة تزوجها!! يتزوج حفيده صديقه ليرعاها ما هذا العبث لا حول ولا قوة الا بالله