السؤال
ما المقصود بقوله تعالى” (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض).
ما المقصود بـ (من في السماء)؟ وكيف نوفق بينها وبين أن الله تعالى ليس في السماء كما يدَّعون؟.
الجواب:
نبدأ بتفسير الآية، ثم ننتقل إلى بيان معنى قوله “مَن في السماء” والتوفيق بينها وبين تنزيه الله تعالى عن المكان.
أولًا: نص الآية
قال الله تعالى:
﴿أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ﴾ [الملك: 16]
ثانيًا: في معنى قوله تعالى “مَن فِي السَّمَاءِ“
أي هل أنتم في مأمن من أن يُسقطكم الذي في السماء إلى باطن الأرض؟ فإذا بكم ترونها تهتزّ وتضطرب.
و (مَن في السماء) هو الله تعالى، كما هو في كل مكان بقدرته وعلمه. والسماء من السمو والعلو، وسماء كل شيء: أعلاه[1]، فيكون المعنى: (مَن هو في سموه وعلوه)، فلا يغيب عنه شيء، لذلك فقولنا “الله في السماء” ليس لتحديد مكانٍ له، بل للتعبير عن علوّه وعظمته. كما تقرره الآيات التالية:
﴿وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ ﴾ [الأنعام: 3]
﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ﴾ [الزخرف: 84]
﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ. لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴾ [الحديد: 4-5]
ثالثًا: التوفيق بين الآية وبين تنزيه الله عن المكان
الله تعالى منزَّه عن أن يُحَدَّ بمكان أو يُحاط به، لأنه ليس بمخلوق حتى يحد بمخلوق، وليس ثمة خالق أعظم منه حتى يحدُّه. قال تعالى:
﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11]
فـالسماء ليست مكانًا يُحدّ الله فيه، بل المقصود العلو والقهر والرفعة. فالآية لا تعني أن الله “ساكن في السماء” – حاشاه – وإنما تعني أنه عالٍ على خلقه، بائنٌ منهم، مستوٍ على عرشه استواءً يليق بجلاله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] المفردات، مادة سما (ص427)


أضف تعليقا