بعد أن أمر اللهُ تعالى إبراهيمَ عليه السَّلام بإعادة بناء الكعبة أمره بما يلي:
﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا، وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ. لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾ (الحج 22/ 27- 28)
في تلك الأثناء توجَّه إبراهيم عليه السَّلام لربه بالطَّلب التَّالي:
﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ (البقرة 2/ 126)
ومنذ ذلك الحين أصبحت مكَّة هي البلد الأكثر أمنا في العالم، والنَّاسُ الذين بدأوا يأتون إلى الحجِّ والعمرة مصطحبين معهم الهدْيَ وحاملين معهم بضائعهم لعرضها في السُّوق الموسميِّ التي تقام في مواسم الحجِّ جعلوا منها مدينة حيويَّة للغاية. وقد شكَّل كلُّ ذلك لأهل مكَّة اعتبارا ومكانة بين العالمين. لـمَّا بُعث خاتمُ النَّبيِّين، علموا أنَّه رسول الله إليهم، ولكنَّ الملأ منهم ظنَّوا أنَّ اتِّباعه سيفقدُهم مكانتَهم بين النَّاس، لذا اختاروا مواجهته بدل الإيمان به. علِمْنا هذا من خلال الآية التَّالية:
﴿وَقَالُوا (أهل مكَّة) إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى (القرآن) مَعَكَ (يا محمد) نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا، أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا؟، وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (القصص 28/ 57)
1_ التَّحذير من فقدان مكَّة
زاد المشركون من ضغوطهم للتَّخلُّص من نبيِّنا والمؤمنين معه خوفًا من فقدان السُّمعة والمكانة، عندئذٍ نزلت الآياتُ التَّالية:
﴿وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْضِ لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا، وَإِذًا لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً. سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا، وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً﴾ (الإسراء 17/ 76- 77).
والآيتان المكيَّتان التَّاليتان تعلنان بدء فقدان المشركين لمكَّة وأنَّ الحاكميَّة فيها ستنتقل إلى النَّبيِّ والمؤمنين:
﴿إِنَّ مَا تُوعَدُونَ (أيها المشركون) لآتٍ، وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ. قُلْ (يا محمد) يَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ، إِنِّي عَامِلٌ، فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدِّارِ (مكَّة)، إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ الأنعام 6/ 134- 135)
*ما سبق جزءٌ من مقالة أ.د عبد العزيز بايندر ( معركة بدر والقدر ) ولقراءة المقالة كاملة يرجى الضغط على العنوان.