السؤال:
أود أن أسألكم عن إحدى الأفكار التأملية التي تدور في ذهني في الآونة الاخيرة، كأنثى مخلوقة في كوكب ذكوري _للأسف_ لا يمكنني تجنب التفكير في المواضيع الدينية دون مقارنة الإناث بالذكور والعكس. بناء على شخصيتي وهويتي فأنا أحب كوني أنثى، ولو كان لي قدرة الاختيار سأختار أن أكون أنثى مرة أخرى لأسباب متعددة، مثل أنني لا أرى الرجل أفضل من الإناث، وأرى أنهم الأكثر إجرامًا وإرهابًا وغالبية غير المتزنين عقليًا ونفسيًا وعاطفيًا هم من الذكور.
بالطبع يزعجني التحيز الجنسي الذي نعيشه كإناث منذ بداية الخلق، وأفهم تمامًا أن هذه الأرض فانية وأن الأفضل من ناحية تعاليم الدين أن لا نقارن ما فضل الله به بعضنا على بعض، ولكن سؤالي التأملي الآن ليس له علاقة بحقوق وواجبات كل جنس في الحياة، سؤالي عن بداية الخلق بحد ذاته:
لماذا خلق الله آدم قبل حواء عليهما السلام؟ ولم أمر الملائكة بالسجود لآدم دون حواء؟ صحيح أنه حينها لم تخلق حواء بعد وبالتالي آدم هو أول مخلوق بشري، لكن أيضًا حواء مخلوق بشري وتعتبر الأولى من جنس الإناث مثلما أن آدم هو الأول من جنس الذكور، فلماذا حتى بمسألة الخلق فضّل الله أن يخلق الذكر قبل الأنثى؟ وجعل الملائكة تسجد للذكر دون الأنثى؟ لماذا لم تسجد الملائكة أيضا عندما خلق الله حواء؟
صحيح أني أقول أن هذه أسئلة تأملية لكن لا أنكر إنزعاجي، فلا بأس لدي برؤية بعض تعاليم الدين التي تتحيز للرجل أكثر من المرأة واستمر بإخبار نفسي أن هذه دار ابتلاء، لكن يبدو أن هناك أفضلية فعلية حتى منذ بداية الخلق وحتى نهايته إذ أن الكثير من النعيم في الجنة تم ذكرها وتفسيرها للرجل دون المرأة، فلماذا كل هذا التحيز؟ والرجاء إجابتي بشكل واف ومباشر فلا أرغب بتهدئة هذه التساؤلات بشكل مؤقت فقط بل أريد ردًا قاطعًا.
الجواب:
نحيي السائلة الكريمة على تساؤلاتها التأملية التي تفتح لنا آفاقًا للفكر والتدبر لننهل جميعًا من كتاب أنزل: ﴿تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ﴾ ونبدأ من حيث انتهت لطمأنتها أننا لا نعطي أجوبة مسكنة أو مهدئة مؤقتة يزول مفعولها سريعا ليكتشف أنه مازال مصابًا بالشك يعاني من أرق الفكر، بل إننا في كثير من التساؤلات ننكأ جرح المريض لنعمل على تطهيره مما يلوثه حتى لا يلتئم عليه ويصيبه بضرر أكبر خفي وحينها لن تنفع معه مسكنات تهدئة الألم وربما تؤدي بصفاء حياته الروحية.
والحق أن الفضل يعود إلى الكتاب الذي طرح كل القضايا على طاولة النقاش والتدبر والذي أجاب عن جميع التساؤلات التي من شأنها أن تشغل الفكر وتعكر الصفو وتوغل الصدر مصداقًا لقول من أنزله:
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ يونس (57)
والذي لا يحتاج منا إلى المدارة والبحث وراء أعذار ومبررات للدفاع عنه فهو:
﴿لَا رَيْبَۛ فِيهِۛ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ البقرة (2)
هل تمارس العنصرية ضد النساء فقط؟
أما بالنسبة لما أسمته السائلة الكريمة بــ (الكوكب الذكوري) ونحن لا ننكر وجود هذا الفكر العنصري وأثره السلبي على بعض النساء، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل التحيز العنصري الذي يعاني منه هذا الكوكب يقتصر فقط على الذكر ضد الأنثى؟!
- ألا يعاني أكثر المجتمعات وخاصة غير المؤمنة بالقرآن ولا حتى بمن أنزله من تحيز وعنصرية ضد اللون والعرق واللغة؟
- ألا يتجرع أكثر الناس من أصحاب المهن البسيطة واليدوية مرارة العنصرية والنظرة الدونية -وأكثر المشتغلين بها من الذكور – ممن هم أعلى درجة منهم من الأغنياء وأصحاب الوظائف المرموقة وأصحاب السلطة (من الذكور والإناث على حد سواء) والذين يرون أنهم الأفضل والأكرم ويعطون لأنفسهم الحق في إلحاق الأذى والإذلال والإهانة والتنكيل بهؤلاء؟
- ألا يعاني الكثير من أصحاب الإعاقات وذوي الهمم وقصار القامة – ذكورًا وإناثُا – ممن يرون أنفسهم أصحاء خاليين من العيوب والنقائص الخَلقية؟
- والأدهى من ذلك، ألا تشكو أكثر الفتيات من التحيز والعنصرية من فتيات مثلهن لمجرد أنهن يرون أنفسهن أكثر بياضًا أو جمالًا أو رشاقة وكثيرًا ما يحدث ذلك في الأسرة الواحدة بين الأخوات أو الأقارب؟!
بل أننا لو تفكرنا قليلًا في استمرارية هذ المجتمع الذكوري لوجدنا أن أكثر النساء هن السبب الرئيسي بمساعدتهن ذكورهن على إحياء ذلك الفكر الجاهلي، فنجد أكثر الأمهات يفرقن في التعامل بين الأبناء والبنات لدرجة التمييز في الطعام والشراب، ومنهن من ترضى بظلم ابنها لأخواته البنات ولزوجته ولبناته، وأكثر الأمثال الشعبية التي قيلت في الترغيب بولادة الذكر والتنفير من ولادة الأنثى كان منبعها أمهات يعتقدن أن الذكر سوف يرفع من شأنها ويعولها ويكون السند لها، وكثيرًا ما يحدث العكس بأن يتزوج الابن وينشغل بحياته عنها، وتحمل أكثر البنات هموم أمهاتهن وآبائهن رغم ما عانينه من محابة الأخ الذكر على حسابهن!!
هل التعاليم الدينية هي مصدر الذكورية؟
لو افترضنا أن الدين – كما يعتقد كثيرون ومنهم السائلة الكريمة – هو مصدر التحيز والعنصرية أو أنه قد ساهم في تكوين التفرقة بشكل أو بآخر بين الذكر والأنثى، فمن أين نشأت عنصرية المجتمعات البعيدة كل البعد عن القرآن وعن تعاليمه والتي تحيزت على أساس اللون أو اللغة أو العرق حيث راح ضحيته الآلاف من أصحاب البشرة السمراء! وتم تحت شعارها عمليات الإبادة الجماعية والاغتصاب وتدمير الممتلكات مدن وقرى بأكملها على أيدي متطرفين متعصبين بمسمى التطهير العرقي! تلك الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية التي اضطرت القانون الدولي لتأسيس ما أسموه بمنظمة حقوق الإنسان، والعجيب أن الذين تنادوا لتأسيس هذه المنظمة هم أكثر الناس هضمًا وظلمًا لحقوق هذا الإنسان!!
من الذي تسبب في كل هذا التحيز والعنصرية التي تعيشها المجتمعات بمختلف أشكالها؟ أهو نفسه الإله الخالق الذي دعا إلى القسط والتآخي والمحبة والقول الحسن ونهى عن السخرية والتنابز أم: ﴿أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُه﴾ وأنه: ﴿لَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ﴾ وأن المتسببين في ذلك هم من حرفوا تعاليم الكتب السماوية ممن وصفهم ربهم بأن: ﴿قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ﴾ المائدة (13) والذين توعدهم ربهم: ﴿إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ الشورى (42)؟
فالحق أن التسمية الأكثر واقعية هي (الكوكب المتحيز أو العنصري وليس الكوكب الذكوري) لأنه كما تعيش بعض المجتمعات بفكر ذكوري وتتحيز له، فإن أكثر المجتمعات تعيش تحيزًا وعنصرية تجاه بعضهم البعض إناثًا وذكورًا وعلى جميع المستويات والأصعدة من البسطاء إلى الأثرياء.
خلق آدم أولا
ليأخذنا الحديث للسؤال التأملي عن خلق أبينا آدم أولًا؟ وهل هناك أفضلية له باعتباره (الذكر) دون زوجه باعتبارها (الأنثى)؟ وعلى الرغم أنه السؤال نفسه سوف يظل مطروحًا في حالة إذا خلقت الأنثى أولًا، فيقول الذكر لماذا خلقها ربها أولًا؟
فيجيب علينا قوله تعالى: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا﴾؟ المؤمنون (115) وقوله: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ﴾ الأنبياء (16) وبما أن هذا الكون لم يُخلق لعبًا وأن الإنسان لم يُخلق عبثًا وأنه سبحانه: ﴿خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾ الفرقان (2) فمن تقدير هذا الخالق لا بد أن يكون الخلق متراكبًا فيبدأ بالأساس ليقوم عليه البناء، وذلك – ولله المثل الأعلى – كمن يبني بيتًا فليس من المنطقي أن يبدأ بالدور الأول والثاني من غير أساس في الأرض، كما أن الثمرة تخرج من البذور، والنهر يتدفق من منبع.
فعند خلق السموات والأرض فقد خلقها الله تعالى قبل خلق الإنسان وليس بعده: ﴿ذَٰلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ. الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ. ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ﴾ السجدة (8) والأمر نفسه في خلق الإنسان الذي سيجعله خليفة: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ…﴾ الأنعام (165) ثم بيَّن لنا مراحل خلق هذا الخليفة بالتسلسل الذي يبدأ بتكون هذا الماء في صلب الذكر أولًا، ثم ينتقل إلى رحم الأنثى ليبدأ مرحلة التكوين: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا﴾ الحج (5).
ومن هنا فكل شيء في خلقه تعالى قد رُتب حسب دوره ومراحل نموه وتطوره، ولم يرتب بحسب أفضليته وتميُّزه، وخلق الذكر أولًا ليس تزكية له على حساب الأنثى، بل ترتيبًا مقدرًا لبداية (الخليفة) من النشأة إلى الممات إلى البعث.
هذا بالإضافة إلى ترتيب الأولويات وتحديد المسؤوليات كما سيتبين عند الحديث عن السجود، وهل كان لآدم وحده أم له ولزوجه معه؟ وهل هناك فرق في الحالتين؟!
إن الجواب عن هذا السؤال يكمن بالتأمل في كلمتي (الخليفة والبشر) والذي يترتب عليه أحد الأمرين وكلاهما لا يتعارض مع الآخر.
- فعند التدبر في كلمة (الخليفة) الذي جُعل على الأرض يقول تعالى ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ البقرة (30) ومعلوم أن هذا الــ (خليفة) كما يطلق على الذكر (آدم) فهو كذلك يطلق على (الأنثى زوجه) إذ لا يمكن أن يحمل الذكر هذا اللقب وحده دون أن تشترك معه الأنثى، فلا خلافة تقوم إلا بهما سويًا، إذًا فكلاهما خليفة.
- وكذلك كلمة البشر ﴿إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ﴾ ص (71) فكلاهما بشر متساويان في مادة الخلق: ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ الأنعام (98) وفي طبيعته وكيفيته: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ الحجر (28)
فكلمات (البشر والإنسان والخليفة) كلها تشمل الذكر والأنثى، فنقول هو بشر وهي بشر، وهو إنسان وهي إنسان، وكلاهما خلقه سبحانه بيديه، وكلاهما نفخ فيه من روحه تعالى.
- والذي يترتب على ذلك أمرين:
- فإن كان (الخليفة) و(البشر) بجنسيه ذكرًا وأنثى كانا معًا عند أمر الملائكة بالسجود، لقوله تعالى ﴿إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ. فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾ ص (72) فلم يقل (إني خالق آدم من طين) وإنما قال (خَالِقٌ بَشَرًا) ويؤكد هذا جواب إبليس عندما أبى السجود: ﴿قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ الحجر (33) فلم يقل (لم أكن لأسجد لآدم) وإنما ﴿قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ﴾.
فعلى هذا فقد تم السجود لكليهما معًا.
- وإن كانت الأنثى قد خُلقت بعد السجود ولم تكن موجودة عند الأمر، فقد لحقها السجود ولم يفتها التكريم، وسيكون السجود له هو سجود ضمني لها باعتبارها خليفة وبشرا خلقه تعالى بيديه ونفخ فيه من روحه.
وهذا الأمر معلوم وبديهي مسلم به، إذ أن تعظيم وتشريف الملوك والرؤساء لا يكون للملك وحده، وإنما لزوجه معًا دون تفرقة، فالشعوب لا تنتخب ولا تختار زوجات الملوك والأمراء ولكن بمجرد تتويج الملك والأمير أو حصول الرئيس على المنصب وحلف اليمين، فإن الزوجة تحصل فور ذلك على لقب الملكة والأميرة أو السيدة الأولى وترتدي زي الملكات وتضع التاج تلقائيًا وحتى بدون مراسم تتويج ولا تحتاج إلى حلف يمين.
والدليل على ذلك عدم وجود الذرية حينذاك ولكنه بتكريم الزوجين أحدهما أو كلاهما فقد كُرمت ذريتهما إلى يوم القيامة بالسجود الأول ﴿قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا﴾ الإسراء (62) وذلك أسوة بذرية الملوك والأمراء الذين يحملون اللقب الملكي والأميري من أكبرهم إلى أصغرهم – حتى وهم أجنة في بطون أمهاتهم – فيقال الملكة حامل في ولي العهد.
وبالتالي فسواء أكان الخطاب باسم الخليفة أو البشر أو الإنسان أو آدم فإن الخطاب موجه لزوجه معه، فكلاهما من نفس واحدة: ﴿يَٓا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾ النساء (1) وكلاهما حصل على التعليم: ﴿عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ العلق (5) وناله التكريم: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَم﴾ الإسراء (70)
فلا خلافة ولا تعليم ولا تكريم قد نال أحدهما دون الآخر؛ فلكي يحصل بينهما التآلف والتلاقي في الروح والجسد ينبغي أن ينالا ذات القدر من الخَلق والأمر، وإبليس يعلم جيدًا أن التكريم لكلا الزوجين، ولهذا عندما أقسم على التزيين والإغواء كان لهما معًا وليس لآدم وحده: ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ الحجر (39) وفي موطن آخر: ﴿قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ، قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ… قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ الأعراف (16)
ومن هنا فإن كان الخليفة والبشر والإنسان هو شخص واحد مذكر، فسيكون الأمر بالسجود والتكريم والتعليم له وحده، وإن كانت كل هذه الكلمات تعني الجنس البشري والإنساني الذي يخلف بعضه بعضًا، فإن السجود والتكريم والتعليم لكلا الذكر والأنثى على حد سواء، كما أن الإغواء والتزيين لكليهما.
الحكمة من نسب المعصية والإغواء والنسيان لآدم وحده دون زوجه
رغم وجود ضمير الجمع في بداية الخطاب في قوله: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ﴾ الأعراف (11)؟
يرد على ذلك بالآية نفسها حين قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ﴾ فالخطاب كان موجهًا لكليهما، ثم أفرد وخوطب آدم وحده لحكمة بالغة ألا وهي، تكليفه تعالى بأنه المسؤول عن تلك الأنثى وليس المفضل عليها أو المُكرم دونها.
والمتأمل في الخطاب الإلهي لآدم يدرك ذلك واضحًا جليًا حين خصه تعالى وحده في تلقي الوسوسة حين قال: ﴿فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَىٰ﴾ طه (120) وحين نسب إليه نسيان العهد: ﴿وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا﴾ طه (115) وفي إلقاء فعل المعصية والغواية عليه وحده: ﴿وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ﴾ طه (121) والذي يجعلنا نتساءل:
- ألم يتم توجيه الخطاب لآدم وزوجه عند سكنى الجنة وفي التكليف بأمر الأكل والنهي عن الشجرة حين قال تعالى لهما: ﴿وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ الأعراف (19)
- ألم تزل قدم الأنثى كما زلت قدم الذكر؟ ﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ﴾ البقرة (36)
- ألم تصدر المعصية من زوجه كما صدرت منه؟ ﴿فَدَلَّاهُمَا بِغُرُور فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ الأعراف (22)
فلماذا قد نسب الله تعالى النسيان لآدم وحده وألقى عليه باللوم ووصفه وحده بالمعصية والغواية؟! إن الجواب يتبين عند النظر في القصة من جميع الزوايا وليس من زاوية واحدة.
- فحين وجه تعالى الخطاب لآدم وجهه كمسؤول عن زوجه: ﴿فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ﴾ طه (117) وقد حذره من الانسياق للشيطان الذي يترتب عليه إلقاء عاتق المسؤولية وعاقبة هذا الخروج عليه وحده فقال له دونها: ﴿فَتَشْقَىٰ﴾ فإن خرجا معًا ولكنه هو المسؤول الأول عن كيان هذه الأسرة وعن توفير المأكل والملبس والمشرب والرعاية الكاملة لها التي كانت متاحة له في الجنة بغير تعب ولا نصب: ﴿إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ﴾ طه (119)
وعلى الرغم من اشتراك الزوجة في الأكل من الشجرة معه: ﴿فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ﴾ طه (121) إلا أن اللوم ألقي عليه وحده لأنه كان مكلفًا بحماية زوجه والحفاظ عليها من أن تنساق هي الأخرى، وعندما قصر في هذا التكليف استحق أن تشير أصابع الاتهام إليه وحده: ﴿وَعَصَىٰ.. فَغَوَىٰ﴾ ﴿فَتَشْقَىٰ﴾
وهذا ما ذكرناه في تقدير الخلق وترتيب الأولويات وتحديد المسؤوليات، والله سبحانه وتعالى عندما بدأ الخلق وضع له كتابًا: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ التوبة (36) وكما كُتب فيه عدة الشهور والأيام والساعات من السنن الكونية، كُتب فيه القوانين والسنن الإنسانية المتمثلة في الهدي الذي إن سار عليه الإنسان في حياته لن يضل أو يشقى: ﴿قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ﴾ طه (123)
وهذا الكتاب أنزله تعالى متفرقًا على رسله في صحف ومزامير وتوراة وإنجيل وقرآن: ﴿رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً﴾ البينة (2) اشتملت هذه الصحف على عدة كتب قيمة لصلاح البشرية: ﴿فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ﴾ البينة (3) وذلك ككتاب الحياة والموت: ﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا﴾ آل عمران (145) وكتاب الصلاة: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ النساء (103) وكتاب الصوم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَام﴾ البقرة (183) والقصاص: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ﴾ البقرة (178) والميراث: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ﴾ البقرة (180) والقتال: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ﴾ البقرة (216)
وموطن الشاهد والسؤال هنا هو كتاب النكاح: ﴿كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ﴾ النساء (24) ﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ… وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ البقرة (187) الذي أرسى فيه قوانين الأسرة وبيَّنها منذ الخلق الأول (الخليفة آدم وزوجه عليهما الصلاة والسلام) حين حمَّل الزوج كامل المسؤولية التي تتمثل في القوامة المعنوية قبل المادية.
فالعلاقة الأسرية سواء أكانت أبوية أم زوجية أم أخوية، فإن الرجل عليه التكليف والعبء الأكبر روحيًا ومعنويًا في هداية الأسرة والأخذ على يديها والتحلي باللين والصبر: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ﴾ طه (132) وماديًا بالإنفاق وتحمل كافة الأعباء الحياتية: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ النساء (34) وجعل على ذلك الميثاق الذي تأخذه المرأة منه الذي سماه تعالى: ﴿مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾ النساء (21) وتغليظ الميثاق أمر لا يستهان به كميثاق النبيين: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾ الأحزاب (7)
وحتى لا يظن الرجل أنه الأعلى مرتبة أو الأفضل درجة بهذه المسؤولية فيتجبر أو يظلم، فقد وضع له حدودًا لا ينبغي له أن يتعداها في هذه العلاقة وتوعد من انتهكها بالعذاب الأليم، ولبيان ذلك فعلينا مراجعة كلمة الحدود التي جاء أكثرها متعلقًا بالتقصير في حقوق النساء وخاصة المتعلقة بالطلاق والميراث حيث تُحضر الأنفس الشح فيها ونجدها في الآيات (229: 230) من سورة البقرة، والآية (13) من سورة النساء، والآية (4) من سورة المجادلة، والآية (1) من سورة الطلاق.
فأصبح الرجل من وقتها مكلفًا بدرجة أكبر من الأنثى على إصلاح هذا الكيان وبذل الجهد للحفاظ عليه، وبالطبع هناك مسؤولية تقع على المرأة ولكنها أقل درجة من المسؤولية التي تقع على كاهل الرجل؛ ولذلك كان عليه العبء الأكبر في التمسك بالزوجة حال الطلاق والعمل على تثبيتها وعدم إخراجها من بيتها حتى لو تم الطلاق وتبين حمل الزوجة فإن المسؤولية أصبحت بدرجة أكبر من ذي قبل وتوجب عليه بذل مزيد من الجهد للرجوع إلى لحياة الزوجية: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ البقرة (228)
هذه هي القوامة التي عليها قيام الأسرة، وتلك هي درجة التحمل والصبر والجلد التي ترجوها كل أنثى من زوجها، أما من حرف الكلم عن مواضعه وجعل من تلك الدرجة رفعة فتعالى على المرأة، ومن القوامة عزة فأذلها هي ومن يعولهم فقد افترى على الله تعالى وعلى رسوله الكذب: ﴿قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ﴾ يونس (69) وإن فرط في تلك المسؤوليات وقصر في حق من يعولهم وضيعهم فإنه يحمل يوم القيامة وزرًا وساء له حملًا: ﴿وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ العنكبوت (13).
نعيم الجنات الخاص بالذكور أو الرجال دون النساء
كان ينبغي على السائلة الكريمة أن تصدق تأملاتها التي رأت أن الذكور هم الأكثر إجرامًا وإرهابًا – وهم بالفعل كذلك – وهم أكثر يشعل حروب الظلم والتخريب والدمار وسفك الدماء. وعليها أن تسأل نفسها: كيف يتفق هذا التأمل الحق النابع من الفطرة القويمة مع تصديقها أن الله سبحانه يظلم النساء وخاصة أن أكثرهن يتعرضن للظلم أو الجبر والعنف وأنه تعالى ينحاز لمن ظلمها وتجبر عليها؟ وهو الذي توعد الظالمين: ﴿يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ الإنسان (31) وعليها أن تجيب عن سؤال أرحم الراحمين: ﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ﴾ النساء (147)؟!
وأما عن قولها أنها تصبر نفسها وأننا في دار ابتلاء، فقد صدقت في ذلك ولكنها نسيت أن هذه الدار يعيش فيها الذكر والأنثى وكلاهما مبتلى: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾ الملك (2) وأن البلاء لم ينزل خاصةً للنساء: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾ البقرة (155) وإنما للإنسان: ﴿فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ…﴾ الفجر (15) فالابتلاء والبلاء يقع على الجميع دون تفرقة وقد ابتلي الرسل مع أتباعهم : ﴿هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا﴾ الأحزاب (11)
وأما عن النعيم فقد تحدثنا فيه من قبل وذكرنا أنه لا توجد آية واحدة في كتاب الله تعالى تخص الذكور بالنعيم أو حتى تجعل لهم نصيبًا أكبر أو شيئًا مميزًا عن النساء، وبينَّا من كتاب الله تعالى أن كل ما يدور حول الحور والعلاقة الجنسية ليس له أساس من الصحة وما هو إلا إفك مفترى، وأن نعيم الجنة للمؤمنين وللمتقين مصداقًا لكل آيات النعيم كقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا﴾ النساء (124) وقوله ﴿مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ غافر (40) *وللمزيد حول هذا الموضوع يرجى الاطلاع على العنوانين التاليين:
الشك في عدل الله بأن ميَّز الرجال على النساء في التكليف والجزاء
وختامًا:
إن المتدبر لتعاليم كتاب الله تعالى – بعيدًا عن التصورات المذهبية المسبقة – سوف يدرك أن هناك إنصافا للمرأة! إذ جعل لها من الحقوق وأعفاها من كثير من الواجبات التي يترتب عليها زيادة العبء وألقاها على عاتق الرجل الذي أُمر بالإنفاق والرعاية الأسرية من الناحية الدينية والتربوية وإن قصر فعليه وزرهم، وقد جعل لها نصيبًا من المال خالصًا لها لا يجرؤ أحد على مطالبتها بالإنفاق منه، فمال الرجل له ولها، ومالها لها وليس لأحد غيرها.
وقد خلق الله تعالى كلا الذكر والأنثى بشكل يتناسب مع المهام المكلف بها وجعل لكليهما مسارًا ينبغي أن يسعيا إليه، وما نراه من تجاوزات وانتهاكات للحقوق حدث نتيجة ترك التعاليم الربانية واستبدالها بالافتراءات: ﴿وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَٰكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ النحل (33) أو انحراف كلا من الذكر والأنثى عن مساره وتمني كلاهما ما فُضل به بعضهما على بعض وعدم الامتثال لنهيه تعالى: ﴿وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ النساء (32)
الباحثة: شيماء أبو زيد


شكرا جزيلا للشرح الوافي ولللفتات التي لم نكن ننتبه اليها .جزاكم الله عنا كل خير فالمتابع لموقعكم الرائع يزداد بفضل الله ثم قضلكم علما وراحة نفسية
اللهم اشرح قلب السائله واهدنا وبارك الله في الاستاذه شيماء