حبل الله
تفسير الآية 11 من سورة النور

تفسير الآية 11 من سورة النور

السؤال:

قال الله تعالى:  ﴿‌إِنَّ ‌الَّذِينَ ‌جَاءُوا ‌بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [النور: 11] 

أريد تفسير هذه الآية رجاء وعن ماذا تتحدث؟

الجواب:

هذه الآية 11 من سورة النور، و تتحدث عن حادثة الإفك، وهي حادثة مؤلمة في تاريخ الإسلام، وتتعلق بالافتراء على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.

نص الآية:

﴿‌إِنَّ ‌الَّذِينَ ‌جَاءُوا ‌بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ، لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ، بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ، وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [النور: 11] 

شرح المفردات:

الإفك: الكذب الشنيع، ويُراد به هنا: البهتان العظيم الذي رُميَت به عائشة رضي الله عنها.

عُصبة: جماعة، والعُصبَة من الرجال: ما بين العشرة إلى الأربعين[1].

لا تحسبوه شرًّا لكم: لا تظنوا أن هذه الحادثة شرٌّ محض لكم. بل فيها خير لكم؛ لأن الله برّأ أم المؤمنين، وأظهر الطيب من الخبيث، ورفع مقام أهل الإيمان.

لكل امرئٍ منهم ما اكتسب من الإثم: كل من شارك في الإفك له نصيبه من الذنب.

الذي تولّى كِبره: الذي تحمّل الجزء الأكبر من نشره وقيادته، وهو عبد الله بن أبيّ بن سلول رأس المنفاقين.

مناسبة الآية: (سبب النزول)

بحسب ما أوردته كتب التفسير فإن هذه الآية نزلت في حادثة الإفك، عندما اتهم المنافقون أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها زورًا بأنها ارتكبت فاحشة، وذلك أثناء عودتها من غزوة بني المصطلق، وكانت قد تأخرت عن القافلة، فعاد بها رجل اسمه صفوان بن المعطل إلى المدينة، واغتنم المنافقون الفرصة لإثارة الشكوك.

فأثار ذلك ألماً شديداً في نفس النبي ﷺ وأهل بيته، واستمر الأمر نحو شهر حتى نزل الوحي بتبرئة عائشة رضي الله عنها في هذه الآيات من سورة النور.

الدروس والعبر من الآية:

1_ قد يُخرجُ اللهُ من الشدائد خيرًا: ﴿لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ [النور: 11]

2_ التحذير من الكذب ونشر الشائعات: ﴿وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ﴾ [النور: 16] .

3_ على المؤمن أن يظن الخير بأخيه المؤمن: ﴿لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ﴾ [النور: 12] 

4_ تبرئة الله لعائشة دليل على طهارتها ومكانتها: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ ‌لِيُذْهِبَ ‌عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ [الأحزاب: 33] 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية 1/ 182

التعليقات

    • الجواب:
      حمنة بنت جحش هي أخت زينب بنت جحش (أم المؤمنين)، وقد ورد اسمها في قصة حادثة الإفك، حيث اتُّهمت السيدة عائشة رضي الله عنها ظلمًا.
      جاء في بعض الروايات أن حمنة بنت جحش تأثرت بكلام أهل الإفك، وربما شاركت بقولٍ فيه إيذاء للسيدة عائشة، وهذا بسبب غيرتها لأختها (زينب بنت جحش، زوجة النبي).
      نص الرواية:
      “جلَد النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حسّانَ بنَ ثابتٍ وعبدَ اللهِ بنَ أُبيٍّ ومِسطحًا وحَمنةَ بنتَ جحشٍ كلَّ واحدٍ ثمانين جلدةً، ثم تابوا غيرَ عبدِ اللهِ بنِ أُبيٍّ فإنه مات على نِفاقِه” (رواه الترمذي وغيره)
      والراجح ضعف هذه الرواية عند أهل الاختصاص. يقول ابن القيم في “زاد المعاد” : أنها لم تُجلد، لأن النبي ﷺ لم يكن ليقيم الحد على أحد إلا بعد شهادة أربعة شهود أو اعتراف، وهو لم يحصل في حالة حمنة.

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.