السؤال:
سمعت في بعض البرامج الدينية أن تحية الكعبة حين الدخول إلى صحن الكعبة هي الطواف سبعا حتى لو لم يكن الشخص محرما أي أنه إذا دخل ليصلي أحد الفروض الخمسة فعليه أن يطوف سبعه أشواط تحية للمسجد الحرام أم تحية الكعبة.
أشعر أن الأمر غير منطقي فهل هذا الكلام صحيح؟ وهل منطقي أصلا أنه كلما أراد أحد أن يصلي في صحن الطواف أو بالقرب من الكعبة لا بد أن يطوف حولها !! وهل هذا قبل الأذان أم بعده!! ثم ما هي أصلا حدود صحن الطواف حيث خضع الحرم المكي للتوسعة والتغير مئات المرات؟ برجاء التوضيح وشكرا مقدما.
الجواب:
شكرا لسؤالك القيم، وسأوضح لك الأمر إن شاء الله باختصار.
أولًا: ما المقصود بتحية الكعبة؟ وهل الطواف هو تحية المسجد الحرام؟
تحية المساجد عمومًا هي ركعتان يصليهما الداخل للمسجد، كما ثبت عن النبي ﷺ:
«إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين» (رواه البخاري ومسلم).
لكن المسجد الحرام له خصوصية زائدة عن سائر المساجد، ولذلك كان للفقهاء في المسألة رأيان كما يلي:
- بعض العلماء قالوا: تحية المسجد الحرام هي الطواف، أي: من دخل الحرم فإنه إن أراد التحية فليبدأ بالطواف سبعة أشواط.
- والأكثرون (وهو الراجح) قالوا: الطواف مستحب لمن نواه، لكنه ليس واجبًا على كل من دخل المسجد الحرام، وإنما تحية المسجد الحرام كغيره بركعتين.
فالقول الراجح – وهو الذي عليه أكثر المحققين أن تحية المسجد الحرام هي ركعتان كسائر المساجد، إلا لمن أراد الطواف مسبقا فيكون طوافه تحية المسجد، لأن سبب قدومه هو زيارة الكعبة وليس مجرد صلاة الفرض فتكون تحيتها الطواف.
أما من دخل لصلاة فرض ولم ينو الطواف مسبقا، فليس عليه أن يطوف، بل يصلي كما يصلي في أي مسجد.
ثانيًا: هل من المنطقي أن يطوف كل من دخل للصلاة ؟
سؤالك وجيه جدًا، والإجابة عنه كما يلي:
الطواف عند كل دخول غير عملي ولا يُؤمر به الناس، لأن الطواف عبادة تحتاج إلى طهارة كاملة، ووضوء، واستحضار نية. وقد يكون وقت الصلاة قريبًا أو قد يكون الإنسان متعبًا. والطواف في أوقات الزحام قد لا يتيسر للناس جميعًا.
لذلك لم يُؤمر الصحابة بالطواف عند كل دخول للمسجد الحرام، ولم يفعله التابعون ولا عامة المسلمين عبر التاريخ، فهذا ليس من السنة ولا من العمل المستمر في عهد النبي ﷺ أو الصحابة.
ثالثًا: متى يُشرع الطواف؟ قبل الأذان أم بعده؟
الطواف عبادة مستقلة، ويشرع في أي وقت من اليوم والليلة، سواء كان هناك أذان للصلاة أم لا. ولا يشترط أن يكون قبل الأذان أو بعده.
لكن إن كنت دخلت قبل الصلاة بوقت كافٍ وأردت أن تطوف تطوعًا، فذلك خير، بشرط أن تتم الطواف قبل الإقامة، وإلا فاتتك الجماعة.
ولك أن تقطع الطواف عند إقامة الصلاة لتصلي مع الجماعة، ثم تكمل الطواف بعد انقضاء الصلاة من حيث انتهيت، ولا بأس في ذلك إن شاء الله.
رابعًا: ما حدود صحن الطواف؟
“صحن الطواف” هو المساحة المحيطة بالكعبة التي يُسمح فيها بالطواف، وهي تشمل: الدور الأرضي حول الكعبة مباشرة (الصحن)، والمطاف المسقوف في التوسعة الحديثة، والسطح (الطابق العلوي) – ويصح الطواف فيه عند الحاجة.
لكن إن كنت تقصد من سؤالك: هل يُشترط إذا صليت في الصحن أن أكون قد طُفت قبله؟
فالجواب: لا، ليس شرطًا. صلاتك صحيحة تمامًا سواء طفت أم لا.
الخلاصة:
- الطواف ليس تحية واجبة للمسجد الحرام، بل هو عبادة مستقلة يُستحب فعلها لمن أراد.
- تحية المسجد الحرام –الراجح عند جمهور العلماء – هي ركعتان كأي مسجد.
- لا يجب الطواف على من دخل لصلاة فرض.
- لا علاقة بين الطواف والأذان أو صحن الطواف من حيث الوجوب.
- صلاتك في صحن الطواف صحيحة بلا طواف، ولا دليل يُوجب خلاف ذلك.