حتى لا يقع المسلمون فريسة العجر توسلوا إلى الله تعالى وطلبوا منه المساعدة. وقد أمدَّهم الله بالقوَّة والجرأة، كما غشَّاهم النُّعاسَ فناموا ليستيقظوا صباحا وقد شُحنت عزائمهم، وفي ذلك يقول الله تعالى:
﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ (يوم بدر) فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ. وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ[1] إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾
﴿إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ، وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ. إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا، سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴿الرُّعْبَ، فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ[2]. ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ. ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ﴾ (الأنفال 8/ 9- 14)
بالرُّغم من كلِّ هذا الدَّعم والتَّأييد إلا أنَّ الخوف من دخول الحرب بقي متلبِّسا قلوب المسلمين، لذا أنزل الله تعالى 3000 ملك بدلا من 1000، نتعلَّم هذا من الآية التَّالية:
﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ، فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ. بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ. وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ، وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ. لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ﴾ (آل عمران 3/ 123- 127)
وقوله تعالى (بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا) يدلُّ على أنَّ نصر الله للمسلمين مرتبطٌ بمدى صبرهم وثباتهم في أرض المعركة وتصرِّفهم السَّليم في الميدان. أمَّا الملائكة فوظيفتهم رفع الرُّوح المعنويَّة للمجاهدين. إنَّ كلَّ ما حصل في معركة بدر من الأحداث وتسلسلها المنطقيّ يدلُّ على أنَّها لم تكن معلومة منذ الأزل.
*ما سبق جزء من مقالة أ.د عبد العزيز بايندر ( معركة بدر والقدر ) ولقراءة المقالة كاملة يرجى الضغط على العنوان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] النصر لا يحصل بمعونة الملائكة، وإنما يحصل عليه العاملون له. (انظر آل عمران 13) وكل شيء يحصل وفقا للمقادير/ المقاييس التي وضعها له.
[2] بحسب الآية 10 من سورة الأنفال فإن الله تعالى لم يبعث الملائكة لقتال الكافرين، وإنما لتبشير المؤمنين بالنصر وتثبيت قلوبهم. كان عدد المشركين في بدر أقل من 1000، ولو تدخل الألف ملك لضرب رقاب المشركين وقطع بنانهم لما بقي منهم عين تطرف. لذلك كان الأمر (فاضربوا فوق الأعناق…) موجها للمسلمين وليس إلى الملائكة.