حبل الله
بيع السلعة بنظام الدفع الآجل

بيع السلعة بنظام الدفع الآجل

السؤال:

نحن تجّار نقوم ببيع السلع بنظام الدفع الآجل (الحساب المفتوح). عند البيع ندوّن سعر الوحدة على الفواتير، ولكن أحيانًا يتأخر سداد المبلغ لمدة سنة، وخلال هذه المدة قد ترتفع أسعار السلع، وأحيانًا يصبح سعر شرائنا لها أعلى من السعر الذي كتبناه للمشتري. فهل يجوز لنا تعديل الأسعار المسجّلة في الفواتير السابقة بالاتفاق مع المشتري بعد مرور الوقت؟

الجواب:

إذا تم الاتفاق عند البيع على سعر محدد وتوثيقه في الفواتير أو السجلات، فلا يجوز بعد ذلك تعديل هذا السعر يوم السداد أو في أي وقت لاحق، سواء بالزيادة أو النقصان، لأن العقد قد تم على أساسه. أما إذا تناقصت قيمة العملة حتى وقت السداد بشكل لافت فيمكن احتساب قيمة التضخم وإضافتها للمبلغ المتفق عليه، فمثلا لو تضخمت العملة بمقدار 3% فيمكن إضافة هذه النسبة إلى المبلغ المتفق عليه لتعويض البائع، وهذا من العدل التي تقره الشريعة.

ويمكن الاستدلال على هذا بالآيتين التاليتين:

  • قال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ‌آمَنُوا ‌لَا ‌تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ﴾ [النساء: 29]  فالمدين الذي يقضى دينه دون اعتبار الانخفاض في القدرة الشرائية للعملة يكون قد أكل مال الدائن بالباطل بقدر ما انخفض من قيمة تلك العلمة وظلم دائنه .
  • وبقوله تعالى ﴿وَإِنْ ‌تُبْتُمْ ‌فَلَكُمْ ‌رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 279]  لا تظلمون (بأخذ الزيادة) ولا تظلمون (بالنقصان). إن الطريق الوحيد لقضاء الديون الثابتة بالعملات الورقية دون زيادة أو نقصان هو النظر إلى قيمة العملة الورقية.

أما إذا كان التوثيق قد جرى بذكر السلعة وكميتها فقط دون تحديد السعر، وكان الاتفاق أن يُحتسب الثمن عند السداد بسعر السوق أو سعر الرف في ذلك اليوم، فلا حرج في احتساب المبلغ وفق السعر الجديد وقت الدفع.

وينبغي التنبه إلى أن هذا الحكم خاص بالمعاملات التجارية المعتادة، ولا يدخل في المعاملات الربوية أو ما يشابهها.

والتمييز بين الحالتين يقوم على وجود اتفاق محدد على السعر عند البيع أو عدم وجوده كما يلي:

  1. إذا تم تحديد السعر مسبقًا: فالعقد صار ثابتًا والسعر جزء من العقد، فلا يجوز تغييره لاحقًا؛ لأن الالتزام بما اتفق عليه هو أساس صحة المعاملة، وأي تعديل بعد ذلك بدون رضا مسبق للطرفين يُعد تعديًا على الحق المتفق عليه. أما زيادة نسبة التضخم فلا تعد زيادة حقيقة، وإنما هي تعديل على السعر ليساوي قيمته عند العقد.
  2. إذا لم يتم تحديد السعر، وسُجلت السلعة وكميتها فقط: هنا العقد قائم على البضاعة نفسها وليس على السعر، لذا يجوز احتساب السعر بحسب السوق وقت السداد، لأن العقد لم يربط الالتزام بمبلغ معين مسبقًا.

مثال عملي:

  1. الحالة الأولى – السعر محدد مسبقًا:
  • بائع يبيع 10 كجم سكر للمشتري بسعر 100 ليرة للكغم، ويكتب ذلك على الفاتورة.
  • بعد سنة، ارتفع سعر السوق إلى 120 ليرة للكغم.
  • في هذه الحالة، لا يجوز للبائع مطالبة المشتري بسعر أعلى، لأنه تم الاتفاق على 100 ليرة لكل كجم، والسعر جزء من العقد.
  1. الحالة الثانية – السعر غير محدد، لكن السلعة والكميّة مسجّلة:
  • بائع يبيع 10 كغم سكر للمشتري دون تحديد السعر في الفاتورة، مكتفياً بتسجيل السلعة والكمية.
  • بعد سنة، ارتفع سعر السوق إلى 120 ليرة للكغم.
  • هنا يجوز للبائع احتساب المبلغ على أساس السعر الجديد عند السداد، لأنه لم يتم الاتفاق على مبلغ محدد مسبقًا.

الخلاصة:

التقيّد بالسعر المتفق عليه يحفظ الحقوق ويجنب الوقوع في النزاعات، أما إذا لم يُحدد السعر، فالاعتماد على سعر السوق وقت السداد جائز شرعًا ولا يعتبر ربا أو ظلمًا.

أضف تعليقا

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.