السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أحب موقعكم كثيرًا ففيه يتعلم الفرد عن الله تعالى والرسول صلى الله عليه وسلم حق المعرفة الصادقة ويتقرب لله سبحانه. تراودني وساوس لا أستطيع التخلص منها حول ثوب الصلاة خاصتي، أصلي به منذ عدة سنين لكنني بالصدفة رأيته شفافًا حين أوجهه ناحية الضوء، قرأت الكثير من المقالات لكنني لا زلت لم أقتنع، البعض يقول إن كان يظهر حد العورة وليس لونها فإن الصلاة جائزة، وأنني لا أعرف صحة هذا الكلام وفي نفس الوقت يشق علي حين كل صلاة أن البس العديد من الطبقات، فماذا أفعل حيال هذا الأمر، وهل صلاتي جائزة أم لا؟ شكرًا جزيلًا لكم.
الجواب:
وعليكم سلام الله ورحمته وبركاته، أحبَّكم الله تعالى وجعلنا وإياكم ممن ﴿يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾.
إن السؤال ينم عن تقوى صاحبته، لكنه في الوقت نفسه يكشف جانبًا في شخصيتها ينبغي عليها عدم الاستسلام له ألا وهو الوسواس وذلك بكثرة الاستعاذة ﴿مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ﴾ النّاس (4).
أما بالنسبة لثوب الصلاة الشفاف فإن السائلة الكريمة تقول أن هذا اللباس لديها منذ سنوات لكنها عن طريق الصدفة رأته شفافًا! فمن أي أنواع القماش صُنع لباس الصلاة؟ أمن الشيفون أم الدانتيل أم الفوال؟! ففي العادة تُصنع وتخاتط ملابس الصلاة النسائية من أقمشة لا تنتمي لهذه الأنواع.
ولو كان الحكم على شفافية القماش عن طريق تقريبه من الضوء لحكمنا على 90% من الأقمشة بأنها شفافة، فالقماش الشفاف لا يحتاج لمواجهته الضوء للتأكد من شفافيته وإنما تظهر شفافيته بشكل واضح بمجرد رؤيته أو لمسه، وهنا نستطيع القول بعدم صلاحيته للصلاة أو ارتدائه خارج البيت لأنه يظهر ما تحته.
ولا تكلف المرأة بأن تلبس للصلاة ما تلبسه عند خروجها من بيتها لأن ذلك فيه حرج وتكلف، وهو غير لازم لأنها لا تواجه الرجال الأجانب في بيتها. وقد نبأنا العزيز الحكيم أنه ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا…﴾ البقرة (286) وأن دينه تعالى دين اليسر وليس العسر والمشقة، والمرأة في بيتها تتخفف من لباسها عادة، وعند الصلاة ترتدي فوقه ما يسترها بدون تشدد أو تكلف فلا تثقل على نفسها بكثرة الملابس حتى لا تنشغل بما ترتديه أو يشعرها بالحر والضيق فيصرفها عن الهدف الأسمى من الصلاة وهو التقرب والتطهر أمام أرحم الراحمين القائل:
﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَٰكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ المائدة (6)
فالقبول منه سبحانه وتعالى لا يقف عند شكل اللباس ما دام طاهرًا وإنما ﴿يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾.
الباحثة: شيماء أبو زيد
هل لابد من لبس الجورب او إخفاء القدمين ؟ فهناك من يقول انه شرط ومنهم من يقول بها خلاف؟
الجواب:
سؤالك يتعلق بعورة المرأة أمام الأجانب، وتحديدًا: هل يجب على المرأة تغطية القدمين بالجوارب أو بلباس طويل أمام غير المحارم؟
أولًا: محل الخلاف
العلماء اختلفوا في حكم تغطية قدمَي المرأة أمام الرجال الأجانب:
ذهب الجمهور (المالكية والشافعية والحنابلة) إلى أنه يجب تغطية القدمين، لأنهما من العورة.
أما الحنفية فقالوا: القدم ليست من العورة، فلا يجب تغطيتها في الصلاة ولا أمام الأجانب (مع الكراهة في بعض الحالات)
إذن، القدم محل خلاف بين العلماء: هل هي عورة أم لا؟
ثانيا: الأدلة التي استند إليها الجمهور:
﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا … وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ﴾ [النور: 31]
تفيد الآية أن القدم مما يُخفى، وبالتالي هو من الزينة التي يجب سترها. حيث يقتصر الاستثناء في قوله تعالى (إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) على الوجه والكفين للحاجة لإظهارهما ولدلالة حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، أن النبي ﷺ قال لها:
“يا أسماءُ، إن المرأة إذا بلغت المحيض، لم يَصلح أن يُرى منها إلا هذا وهذا”، وأشار إلى وجهه وكفيه.
فالأصل في جسد المرأة أنه يستر كله، إلا ما استُثني بدليل.
ثالثا: دليل الحنفية في أن قدمي المرأة ليستا بعورة:
1_القياس على الوجه والكفين: فقالوا: كما أُبيح للمرأة كشف الوجه والكفين للحاجة (كالبيع والشراء ونحو ذلك)، فالقدم أيضًا تُكشف لحاجات المشي والحركة. والعمل خاصة في الزراعة وبعض الأعمال التي تطلب كشف القدمين.
فالحاجة في كشف القدم قائمة؛ لأن المرأة تحتاج للمشي في الطرقات والأسواق، وقد لا تَسْهُل تغطيتها دائمًا.
2_ لا يوجد نهي صريح عن كشف القدم، فالأصل الإباحة.
3_ قالوا أنه اشتهر في العصور الأولى _من غير إنكار_ أن النساء كنّ يمشين حافيات أو مكشوفات القدمين أحيانًا، ولم يُعرف إنكار شديد على ذلك.
ملاحظة مهمة: رغم أن الحنفية لا يقولون بوجوب ستر القدمين أمام الأجانب، إلا أنهم يستحبّون تغطيتهما. حتى قال بعضهم إن كشفها أمام الرجال الأجانب يُكره، لا سيما إن وُجد فتنة.
الخلاصة:
استند الحنفية إلى توسيع الاستثناء الوارد في الآية {إلا ما ظهر منها} ليشمل الوجه والكفين والقدمين، خاصة أنه لا يوجد نهي صريح عن كشفهما، بينما قصر الجمهور الاستثناء على الوجه والكفين. فرأي الجمهور أحوط بينما رأي الحنفية فيه أيسر.
شكرا على التوضيح الله يعطيك العافية