حبل الله
الاطلاع على أسئلة الامتحانات المسربة وأجوبتها

الاطلاع على أسئلة الامتحانات المسربة وأجوبتها

السؤال:

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته، أنا طالبة أذاكر وأعتمد على الله تعالى، لكن يوجد تسريبات للامتحانات والإجابات، لا أعتمد عليها، لكن عندما أعلم بتسريبها أنظر إليها، لكن ذات مرة سمعت أن النظر إليها من الكبائر وأنه لا يجوز وحرام. فشعرت بالخوف الشديد مما فعلته وسألت نفسي، هل أذنبت ذنبا حتى يصل لكبائر الذنوب؟!

شعرت أنني فتاة غير صالحة وأن الله تعالى لن يكرمني، مع العلم أنني أصلي وأدعو.

فما حكم ما فعلته رغم عدم اعتمادي على التسريبات؟

كدت أن أبكي بسبب ما سمعته وشعرت أني فعلت شيئا خطيرًا سيعاقبني الله عليه في يومًا ما.

وشعرت بقشعريرة في بدني وأنا بطبعي أخاف من أقل شيء وثقتي مهزوزة، وبمجرد أن سمعت ذلك الحديث كدت أن أنهار. أفيدوني بارك الله فيكم.

الجواب:

على السائلة الكريمة أن تهدأ من روعها وتسكن قلبها بذكره تعالى:

﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ الرعد (28)

وإن كانت ثقتها في نفسها مهزوزة– على حد قولها – فينبغي أن تكون واثقة برحمة كتبها سبحانه على نفسه وفتح باب التوبة لكل مذنب:

﴿وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ، أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ الأنعام (54).

فما فعلته وإن كان حرامًا أو مذمومًا لكنه لا يندرج تحت الكبائر، ولا نقول ذلك كي نخفف عنها الشعور بالذنب أو نبرئها منه: ﴿إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ يوسف (53) إذ أنها لو اجتهدت فإن اطلاعها على الأسئلة ربما رفع من درجاتها العلمية، ولكن السائلة الكريمة تقول أنها كانت تتوكل على الله تعالى وتدرس وتبذل جهدها ولكنها من باب الفضول كانت تطلع على الامتحانات المسربة، فليست كغيرها من الكسالى والمتواكلين الذي يعتمدون في نجاحهم على الغش والتدليس وسرقة مجهودات الآخرين.

وحرمة هذا الفعل تعود إلى أسباب أهمها الحصول على درجات أو شهادات ليس من حق الشخص الحصول عليها؛ إذ أنه لم يبذل الجهد المطلوب فيها، مما يترتب على ذلك ظلم للدارسين والمجتهدين ومساواتهم في الدرجات العلمية بغيرهم من الكسالى والمتواكلين، أولئك الذين ينسبون الفضل لأنفسهم رغم علمهم بغشهم كمن قيل فيهم:

﴿لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ آل عمران (188)

وفي كل الحالات وسواء أكان اطلاعها فضولًا أو تكاسلًا عن الدراسة فلا ينبغي القنوط من رحمته تعالى امتثالًا لأمره ووعده:

﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ الزمر (53)

وهذه الذنوب يدخل فيها حتى كبائر الإثم ما دام لم يُصر المؤمن على فعلها مصداقًا لقوله جَلَّ وعلا:

﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ آل عمران (135)

كما ينبغي الوثوق بعدله تعالى وأنه لا يظلم الناس شيئًا لأنه حتى لو تساوت درجات من اجتهد ومن غش في الأوراق والشهادات فلا تتساوى عنده جل وعلا، وسوف يعوض هؤلاء المجتهدين عاجلًا أم آجلًا مصداقًا لقوله تعالى:

﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ، إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ الزمر (9).

وختامًا:

إن أرادت السائلة الكريمة أن تتخلص من ذلك الشعور فعليها الاسترشاد بكتابه تعالى في كيفية الخلاص من الذنوب وتكفيرها بأفعال لخصت في نقاط ثلاث متتالية:

-الاعتراف بالذنب، مصداقًا لقوله تعالى:

﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ التوبة (102) .

-الإكثار من الصدقة والاستغفار فقَالَ اللَّهُ جَلَّ وعَلَا عقب الاعتراف بالذنب:

﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ التوبة (104)

-العمل الصالح فيما هو آت:

﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ التوبة (105).

*وللمزيد حول الموضوع ننصح بالاطلاع على الفتوى ذات الصلة: تزوير شهادات التدريب

الباحثة: شيماء أبو زيد

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.