حبل الله
اجتناب الكبائر إلا اللمم

اجتناب الكبائر إلا اللمم

السؤال:

إذا كان شخص يفعل ذنبا ما _أيا كان هذا الذنب_ لكنه ليس من كبائر الإثم، وهذا الشخص صالح في أشياء كثيره، فمثلا يتمنى الخير لغيره و لديه رحمة في قلبه و يصلي و يصوم، فهل سيرحمه الله تعالى؟ و هل تلك الصالحات ستشفع له وسيكرمه الله في حياته و يرزقه؟ وهل له الحق في الدعاء بما يريد حتى وإن كان مذنبا؟ من فضلكم أعطوني إجابة تفصيلية و شكرا لكم.

الجواب:

هذا السؤال يسلط الضوء على الفرق بين كبائر الذنوب وصغائرها، وسأجيب على السؤال بشيء من التفصيل في النقاط التالية:

  1. اجتناب الكبائر

لا شك أن الإنسان إذا غلب خيرُه شرَّه فهو من الفائزين، وهذا دافع له لمواصلة درب الأوابين الذين يحاولون الوصول إلى أعلى درجات الإيمان والعمل الصالح في مقابل البعد عن كل عمل سيء مهما صغر. قال الله تعالى:

﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا ‌كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا﴾ [النساء: 31] 

﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ ‌كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ﴾ [النجم: 32] 

يفهم من الآيتين أن اجتناب الكبائر دليل على صدق المؤمن وأن اللمم (صغائر الإثم) تمحى بالأعمال الصالحة.

  1. رحمة الله أسبق من عقابه

القرآن يذكر رحمة الله مرارًا، وأنها عامة في كل شيء:

﴿‌وَرَحْمَتِي ‌وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ، فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف: 156] 

والخلق كلهم تحت رحمة الله وفضله. فلا ينبغي لمؤمن أن يفقد الرجاء؛ فالله تعالى أرحم بالمؤمنين من آبائهم وأمهاتهم وحتى أنفسهم.

  1. الصالحات تكفّر السيئات وتخفف من أثر الذنوب

قال الله تعالى:

﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ ‌الْحَسَنَاتِ ‌يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾ [هود: 114] 

أي أن فعل الخيرات يزيل آثار السيئات. كما أن الأعمال الصالحة سبب لرفع الدرجات وباب للرحمة.

  1. التوبة واجبة وتُجدد الأمل

شرط الرحمة والقبول أن يكون في القلب توبة، وعلاماتها: الندم، والإقلاع عن الذنب، والعزم على عدم الرجوع. ورد الحقوق إلى أهلها إن كان ثمة حقوق.

﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ ‌التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ [البقرة: 222] 

التوبة تجعل الإنسان قريبًا من المغفرة، ولو تكرر الذنب فعلى الإنسان المداومة على التوبة والدوام على الأعمال الصالحة.

  1. الأعمال الصالحة قد تكون شفيعًا ومصدر رحمة

الأعمال الصالحة “تشفع” للحصول على رحمة الله، فهي أسباب تُقرِّب العبد من الله وتزيد من فضله ورضاه. قال الله تعالى:

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ ‌الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [المائدة: 35] 

والوسيلة إلى الفلاح هي التقوى والعمل الصالح من عبادات ومعاملات وأخلاق

  1. الحق في الدعاء دائمًا

لأي إنسان الحق أن يدعو الله بما يريد، حتى وإن كان مذنبا، لأن الدعاء باب رحمة، وفيه يستعين العبد على التغلب على المصاعب ومنها الذنوب. قال تعالى:

﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ ‌أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ﴾ [الزمر: 53-54] 

العبد لا يُمنع الدعاء لأي ذنب. بل الدعاء وطلب المغفرة جزء من التوبة.

 

تعليق واحد

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.