تقديس العلماء لا سيما الذين تدور عليهم الطائفة أو المذهب، له دور كبير في تعزيز التمايز الطائفي وتعزيز الاختلاف، وهنا برز الشيعة أكثر من غيرهم لما زعموا العصمة لأئمتهم وأنهم يملكون من الصفات ما يفوق صفات الأنبياء، حيث زعموا أنه لم يذهب واحدٌ منهم إلى معلم، ولم يتتلمذ أحدهم على أستاذ، ولا إلى مدرسة ليدرس فيها، ومع ذلك إذا وُجّه إلى أحدهم سؤال أجاب فورا بإجابة صحيحة، ولم يحدث أن تأخر أحدهم بإجابة سؤال أو تمهل فيه، كما أنه لم يصدر منهم أبدا كلمة “لا أدري”[1].
كما زعموا “أنَّ الإمامَ كالنَّبيِّ يجب أن يكون معصوماً من جميع الرَّذائل والفواحش ما ظهر منها وما بطن، من سنِّ الطُّفولة إلى الموت، عمداً وسهواً كما يجب أن يكون معصوماً من السَّهو والخطأ والنِّسيان، لأنَّ الأئمَّة حفظةُ الشَّرع والقوَّامين عليه، حالُهم في ذلك حالُ النَّبيِّ، والدَّليل الذي اقتضى الاعتقاد بعصمة الأنبياء هو نفسه يقتضي الاعتقاد بعصمة الأئمَّة، بلا فرق”[2].
ما ادعاه هؤلاء لا يقبله عاقل، فوصف إنسان أنه صاحب علم مطلق، وأنّه يعلم دون أن يتعلم إنّما هو قفز على حقائق الأشياء، إن هذه الخصوصية لم تكن لأحد من الأنبياء. يقول الله تعالى مخاطبا خاتم أنبيائه:
﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ، فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ (الكهف: 110).
﴿قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا. قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا. إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ، وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ (الجن: 21 – 23).
القرآن يتحدث أن النبي ينسى:
﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ﴾ (الكهف: 24)
وأنه يخطئ:
﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ﴾ (التوبة: 43)
﴿لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ (الأنفال: 68)
وبالرغم من الآيات التي تبين الخطأ والنسيان في حق الأنبياء إلا أن الشيعة ينفون هذا عن أئمتهم.
*ما ورد أعلاه هو جزء من مقالة الشيعة في ميزان القرآن ولقراءة المقالة كاملة يرجى الضغط على العنوان المرفق؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] محمد رضا المظفر، العقائد الإمامية، ص 253
[2] المصدر السابق، ص 65