حبل الله
الربا في صورة البيع والشراء

الربا في صورة البيع والشراء

الربا في صورة البيع والشراء

 وقد «أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا» فالبيع والشراء شيء والربا شيء آخر. والذي يبيع سلعة ثمنها الحالي 100 ليرة بـ 101 ليرة مؤجلا لمدة شهر، لا يجوز له أن يطلب تلك السلعة المباعة بعد مضي شهر، ولكن من حقه أن يطلب 101 ليرة فقط. فـ 101 ليرة ثمن السلعة؛ ولا يهم الطرفين ارتفاع ثمن تلك السلعة بعد شهر أو انخفاضها. ولو استطاع البائع أن يبتاع نفس السلعة بعد شهر بأقل من 101 ليرة نقول إنه قد ربح. ولكن لو يبتاع منها بـ 101 أو أكثر فلا يمكن القول بأنه قد ربح. وقوله تعالى: «الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا»[1] يلفت النظر إلى هذا الفرق بين البيع والربا.

واختلاف البيع عن الربا شيء طبيعي؛ البنوك الربوية لا تتاجر؛ وهي تقرض فقط. لو لم يكن الخلاف بينهما لجاز للبنوك الربوية القيام بالتجارة. وهذا الفرق الوحيد بين البنوك الربوية والبنوك اللاربوية التي تتعامل وفق الأسس الخاصة لها. فتربح الأولى بالإقراض والثانية بالتجارة.

وقد رأينا في الأحاديث السابقة أن النبي صلى الله عليه وسلم عد بعض أشكال البيع في المواد الستة من الربا، وحرمها. ونذكر حديثا من تلك الأحاديث: ” عن أبي الأشعث الصنعاني عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الذهب بالذهب تبرها وعينها والفضة بالفضة تبرها وعينها والبر بالبر مدي بمدي والشعير بالشعير مدي بمدي والتمر بالتمر مدي بمدي والملح بالملح مدي بمدي فمن زاد أو ازداد فقد أربى ولا بأس ببيع الذهب بالفضة والفضة أكثرهما يدا بيد وأما نسيئة فلا ولا بأس ببيع البر بالشعير والشعير أكثرهما يدا بيد وأما نسيئة فلا”.[2]

من يعد التحريم محدود بالأحاديث

وقد انقسمت المذاهب في فهم تلك الأحاديث إلى فريقين. فريق يرى أن التحريم محدود بالمواد الستة. وفريق حددوا علة الربا، ولم يبقوا مرتبطين بالمواد الستة، بل ووسعوا مجال الربا بالقياس. والأحاديث المتعلقة بالمواد الستة تحرم ربا الدين الذي كان في صورة البيع. كما بيناه سابقا. وسنقف على هذا الموضوع مرة ثانية.

 عثمان البتي

عثمان البتي[3] يقول بعدم جواز القياس في  موضوع الربا بالرغم من قبوله دليلا في غيره. وهو يقول: بأن القياس حجة ولكن لا يجوز القياس على الأصول إلا أن يقوم دليل في كل أصل على جواز القياس عليه، ولم يقم ذلك الدليل هنا (أي في موضوع الربا).[4] كما أن القياس في الربا يجعل التحديد بالمواد الستة بلا معنى. لو عمل بالقياس لزاد العدد عن الستة. وقد أيد هذا الرأي كل من قتادة (المتوفي: 117/ 705) وابن عقيل (المتوفى: 119/ 513) من علماء الأحناف. وعلى رأي عثمان البتي أنه لا ربا إلا في الدين وفي بعض أشكال بيع المواد الستة.

المذهب الظاهري

ولم يخرج المذهب الظاهري عما حددته الآية القرآنية والأحاديث النبوية في موضوع الربا. لأنهم لا يقبلون القياس دليلا. يقول ابن حزم: والربا لا يكون إلا في بيع، أو قرض، أو سلم. وهذا ما لا خلاف فيه، لأنه لم تأت النصوص الا بذلك ولا حرام إلا ما فصل تحريمه قال الله تعالى: «خلق لكم ما في الارض جميعا» (البقرة، 2/ 29). وقال تعالى: «وأحل الله البيع وحرم الربا» (البقرة، 2/ 275). وقال تعالى: «وقد فصل لكم ما حرم عليكم» (الأنعام، 6/ 119). [5]

والربا لا يكون في البيع، والسلم الا فى ستة أشياء فقط؛ في التمر، والقمح، والشعير، والملح، والذهب، والفضة. وهو في القرض في كل شئ فلا يحل إقراض شيء ليرد إليك أقل ولا أكثر ولا من نوع آخر أصلا لكن مثل ما أقرضت في نوعه ومقداره، على ما ذكرنا في كتاب القرض من كتابنا هذا فأغنى عن إعادته، وهذا إجماع مقطوع به. [6]

فإذا أحل الله تعالى البيع وحرم الربا فواجب طلب معرفته ليجتنب، وقال تعالى: «وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه» فصح أن ما فصل لنا بيانه على لسان رسوله عليه السلام من الربا أو من الحرام فهو ربا وحرام، وما لم يفصل لنا تحريمه فهو حلال، لأنه لو جاز أن يكون في الشريعة شيء حرمه الله تعالى ثم لم يفصله لنا ولم يبينه رسوله عليه السلام لكان ذلك مناقضا لقوله تعالى: «وقد فصل لكم ما حرم عليكم» والقول بهذا كفر صريح.[7]

القائلون بأن التحريم ليس محدودا بالمواد الستة المذكورة في الأحاديث

يذهب كل من المذهب الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي إلى أن التحريم ليس محدودا بالمواد الستة المذكورة في الأحاديث.

إن حكم الربا ليس مقصورا على هذه الأشياء الستة؛ لأنه يجوز قياس غير المنصوص على المنصوص لإثبات الحكم. وعند فقهاء الأمصار رحمهم الله يجوز القياس على الأصول إلا أن يقوم دليل يمنع القياس على كل أصل، ثم قد قام الدليل هنا على جواز القياس. فإن مالك بن أنس وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي رحمهما الله رويا هذا الحديث وذكر في آخره كذلك كل ما يكال ويوزن، فهو تنصيص على تعدية الحكم إلى سائر الأموال. وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا تبيعوا الدرهم بالدرهمين، ولا الصاع بالصاعين؛ فإني أخشى عليكم الربا”.[8] ولم يرد به عين الصاع، وإنما أراد به ما يدخل تحت الصاع؛ كما يقال خذ هذا الصاع أي: ما فيه ووهبت لفلان صاعا أي: من الطعام .

وفي حديث عامل خيبر رضي الله تعالى عنه أنه أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تمرا جنيبا فقال صلى الله عليه وسلم: أوكل تمر خيبر هكذا؟ فقال : لا ، ولكني دفعت صاعين من عجوة بصاع من هذا. فقال صلى الله عليه وسلم : أربيت هلا بعت تمرك بسلعة ، ثم اشتريت بسلعتك تمرا ، ثم قال صلى الله عليه وسلم : وكذلك الميزان.[9] يعني: ما يوزن بالميزان.

فتبين بهذه الآثار قيام الدليل على تعدية الحكم من الأشياء الستة إلى غيرها. وهذا بخلاف قوله صلى الله عليه وسلم: “خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم”. ثم لم يجز قياس ما سوى هذه الخمس على الخمس، لأن التعليل لتعدية حكم النص إلى غير المنصوص ، لإبطال المنصوص. وقد نص في ذلك الحديث على أن الفواسق خمس ، فلو اشتغلنا بالتعليل كان أكثر من خمس ، فيكون إبطالا للمنصوص. وهنا ليس معنى الحديث أن مال الربا: ستة أشياء، ولكن ذكر حكم الربا في الأشياء الستة. فالإشتغال بالتعليل لا يؤدي إلى إبطال المنصوص عليه. فلهذا جوزنا ذلك. وفائدة تخصيص هذه الأشياء بالذكر أن عامة المعاملات يومئذ كان بها على ما جاء في الحديث: كنا نتبايع في الأسواق بالأوساق ، والمراد به ما يدخل تحت الوسق مما يكثر الحاجة إليه وهي الأشياء المذكورة.[10]

وما استدل به السرخسي لا يستقيم دليلا في الموضوع. وما روي عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي: ” وكذلك كل ما يكال ويوزن” لا يوجد في كتب المتون. وقال مالك بن أنس أنه كلام سعيد بن المسيب وليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.

ويقول الدار قطني: هذا مرسل ووهم المبارك على مالك برفعه إلى النبى -صلى الله عليه وسلم- وإنما هو من قول سعيد بن المسيب مرسل.[11]

ويقول البيهقي: “وكذلك الميزان” رواه مسلم في الصحيح عن القعنبى ورواه البخاري عن اسمعيل بن أبى اويس عن اخيه عن سليمان وكذلك رواه عبد العزيز الدراوردى عن عبد المجيد وأخرجاه من حديث مالك عن عبد المجيد دون قوله “وكذلك الميزان” (ورواه) قتادة عن سعيد بن أبى سعيد دون هذه اللفظة.[12] حتى ولو قلنا أن ” وكذلك الميزان” هو من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، لا يفهم منه ما يوزن بالميزان. كما زعم السرخسي.[13] لأن الميزان هو اسم لآلة يوزن به الأشياء. ويأتي الميزان بمعنى: القسط والعدل وموضع الصدر والمساواة.[14]

ويكون معنى “وكذلك الميزان” أي إقامة التوازن. لأن الكلام في حديث عامل خيبر رضي الله تعالى عنه عما يكال من التمر. ولا يمكن حمل كلمة طعام في قول سرخسي ” وهبت لفلان صاعا أي : من الطعام”،[15]  على كل الأطعمة. لأن أهل الحجاز يفهم من الطعام القمح.[16] لذا فمعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا تبيعوا الصاع بالصاعين” أي لا تبيعوا صاعا من البر بصاعين منه. في حديث آخر: ” وَكَانَ طَعَامُنَا يَوْمَئِذٍ الشَّعِيرَ”،[17] يدل على أن الطعام يقصد به الشعير. ومن المعلوم أن البر والشعير من ضمن المواد الستة.

وبسبب اختلاف فهم المذاهب للمواد الستة المتعلقة بالربا، اختلفت عندهم علة الربا.

المذهب الحنفي

وقد بين الحنفية مذهبهم في الربا على أساس الأحاديث المتعلقة بالمواد الستة. واستنبطوا منها العلل التي يتحقق بها الربا، وقاسوا عليها قياسا.

وتعريف الربا عند المذاهب هو الفضل المستحق لأحد المتعاقدين في المعاوضة الخالي عن عوض شرط فيه.[18]

وفي هذا التعريف مادتان أساسيتان؛ إحداهما: العقد في المعاوضة. وثانيهما: الفضل الخالي عن عوض.

المعاوضة، هي تبديل شيء بشيء آخر. مثل شراء الخبز بالنقود، والدقيق بالبر، والذهب بالذهب. والعقد، لغة: هو الربط أو هو جعل عقدة في الشيء[19]  يقال عقد البيع وعقّد اليمين وفي قوله  تعالى: «لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقّدتم الأيمان». وعقد الزهر أي تضامت أجزاؤه فصار ثمراً.[20] واصطلاحاً: اتفاق بين طرفين يلتزم كل منهما بتنفيذ ما اتفقا عليه كعقد البيع.

عقد المعاوضة، هو العقد الذي يأخذ فيه كل من المتعاقدين مقابل ما يعطيه. فكل منهما يبحث عن مصلحة معينة يسعى للحصول عليها بإبرامه للعقد. ويرى الحنفية أن موضوع الربا جزء من موضوع البيع. كما يقولون “كتاب البيوع – باب الربا”. واستعمل في التعريف لفظ المعاوضة ولم يستعمل لفظ البيع، وذلك لإدراج الربح الحاصل من الدين في الربا.

والمادة الثانية في تعريف الربا هو الفضل الخالي عن العوض. وهو لا يكون إلا بين الأشياء التي يمكن فيها التسوية، بحيث تكون فيها أجزاء المبيع مقابلة كلها بكل أجزاء الثمن. ولا يمكن تسوية البيض مثلا بالليمون، ولا التفاح بالكمثرى. ولكن يمكن تسوية البر بالبر والشعير بالشعير والذهب بالذهب، والنقود بالنقود. والفضل الخالي عن العوض يفسد تلك التسوية. فلو بيع 100 دينار ذهبا بـ 101 مؤجلا لمدة شهر، فالواحد يكون  فضلا خاليا عن العوض، فهو ربا.

علل الربا في المذهب الحنفي

وقد استنبط الأحناف من الأحاديث التي تتحدث عن المواد الستة علتين للربا، وأوسعوا دائرة التحريم المتعلقة بالربا. لأنهم يرون أن التحريم لا يمكن أن يكون منحصرا على بعض أشكال بيع المواد الستة؛ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرِّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحِ بِالْمِلْحِ.[21] والعلتان هما الجنس والقدر.

الجنس، أن يكون المالان المتعاوضان من جنس واحد. والقدر، أن يكونا متساويين في الأقدار. وقد فهم الأحناف هذا من ألفاظ ذكرت في الأحاديث؛ مثل: والوزن لما يوزن، والكيل لما يكال. لذا يشترط عند الأحناف أن يكون مثلا بمثل ويدا بيد وأن يكون متساويا كيلا ووزنا في معاوضة الأموال المتجانسة، وإلا تحقق الربا.

و علة الجنس استنبطت من اللفظ المذكور في الحديث: “الذهب بالذهب، والبر بالبر…”. كما استنبطت من لفظ “مثلا بمثل…”.  علة القدر. ويقصد من “الوزن والكيل” القدر، بدليل الألفاظ المذكورة في الأحاديث المتعلقة بالموضوع؛ مثل: كيلا بكيل، ومديا بمدي، ووزنا بوزن.

والقدر، هو كيل فيما يكال، ووزن فيما يوزن.[22] وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:  بيع الحنطة بالحنطة؛ والبيع لا يجري باسم الحنطة ؛ فالإسم يتناول الحبة الواحدة ولا يبيعها أحد، ولا تعرف ماليتها ولو باعها لم يجز؛ لأنها ليست بمال متقوم فعلم ضرورة أن المراد: الحنطة التي هي مال متقوم، ولا يعلم ماليتها إلا بالكيل فصارت صفة. وكذلك قول الرسول الله صلى الله عليه وسلم: “الذهب بالذهب”. فاسم الذهب قائم بالذرة ولا يبيعها أحد، وإنما تعرف ماليتها بالوزن كالشعيرة ونحو ذلك فصارت صفة الوزن ثابتة بمقتضى النص. فكأنه قال: الذهب الموزون بالذهب الموزون، والحنطة المكيلة بالحنطة المكيلة.[23]

ويشترط المثلية في الوصف والمقدار لمعرفة الفضل بين المالين المتبادلين. مثلا، لو كان هنا، 15 بيضة و10 حبات من الليمون، لا يسأل أي منهما فيه فضل. رغم أن 15 بيضة فيها فضل عن 14 بيضة من نفس الجنس وفي نفس الوصف. والفضلية تثبت بالوزن أو بالكيل. وعند الأحناف أن العدد ليس معيارا في الربا. الكيل و الوزن هما معياران في الربا. كما يدل عليه الأحاديث المتعلقة بالموضوع. وعلى رأيهم أن معنى الحديث كالتالي: تثبت التسوية بين المالين المتبادلين المتجانسين بالكيل فيما يكال وبالوزن فيما يوزن.[24]

وكل شيء نص رسول الله صلى الله عليه وسلم على تحريم التفاضل فيه كيلا فهو مكيل أبدا، وإن ترك الناس الكيل فيه مثل الحنطة والشعير والتمر والملح وكل ما نص على تحريم التفاضل فيه وزنا فهو موزون أبدا. وإن ترك الناس الوزن فيه مثل الذهب والفضة. لأن النص أقوى من العرف والأقوى لا يترك بالأدنى. وما لم ينص عليه فهو محمول على عادات الناس. لأنها دلالة.[25]

وذلك حين تبادل هذه الأموال على شكل يؤدي إلى الربا. مثلا أصبح الناس في يومنا هذا، يتبايعون بالتمر بالوزن. وعند الأحناف لا يجوز شراء 100 كغم من التمر بـ 100 كغم من نفس التمر. ولو حدث هذا التبادل وجب أن يكون الصنفان من التمر متساويين كيلا وليس وزنا. لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نص على ذلك. وكذلك حين يبادل السواران من الذهب يشترط المساوة بينهما وزنا. لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اشترط في بيع الذهب المثلية وزنا. وعند اختلاف الجنس في المبادلة لا يشترط هذا المعيار. مثلا يجوز شراء ما يكال أو ما يوزن بالأوراق النقدية.

وانعدام المثلية في بيع المال المتجانس يدا بيد  يؤدي إلى ربا الفضل. لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ” لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا منها غائبا بناجز”.[26]

و بيع المال المتجانس والمتساوي بالقدر مؤجلا يؤدي إلى ربا النسيئة؛ فلا يجوز. بيع الفضة بالفضة والذهب بالذهب، يعد تبادلا في الأموال المتجانسة والمتساوية بالقدر. لأن كل واحد منها يباع وزنا. لذا يشترط أن يكون مثلا بمثل ويدا بيد. وإلا كان ربا.

ولا يشترط التساوي في القدر في الأموال مختلفة الأجناس إذا بيع يدا بيد. مثلا: يجوز بيع كغم من القمح بـ 2 كغم من الشعير.أما إذا اختلف الجنس واتحد القدر فالبيع المؤجل فيها يؤدي إلى ربا النسيئة. وقد جاء في حديث رواه عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن عد المواد الستة: ” فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد”.

يقول عبادة بن الصامت رضي الله عنه:  أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نبيع الذهب بالفضة والفضة بالذهب والبر بالشعير والشعير بالبر يدا بيد كيف شئنا.[27]

وفي المذهب الحنفي لا عبرة للوصف في الأموال المعاوضة. لأنه لا يعد تفاوتا عرفا. أو لأن في اعتباره سد باب البياعات.[28]

والحصول على السلعة الموضوعة للربا بدفع الجيدة مقابل السيئة، لا يجوز إلا أن يكون مثلا بمثل. على سبيل المثال، لا يجوز معاوضة الأرز الجيد بالأرز الرديء إلا مثلا بمثل.

ويجوز معاوضة لتر البنزين العادي، بلتر البنزين الممتاز بشرط أن يكون يدا بيد. لأن هذه البضائع تباع وتشترى بالوزن وبالكيل ومن نفس النوع.

ويجوز بيع لتر البنزين بلترين من الحليب بشرط أن يكون البيع يدا بيد، وأن يكون البيع بالكيل. ولا يجوز بيع الحنطة بالدقيق ولا بالسويق، لأن المجانسة باقية من وجه لأنهما من أجزاء الحنطة والمعيار فيهما الكيل، لكن الكيل غير مسو بينهما وبين الحنطة لاكتنازهما فيه وتخلخل حبات الحنطة فلا يجوز وإن كان كيلا بكيل، ويجوز بيع الدقيق بالدقيق متساويا كيلا لتحقق الشرط.[29]

ولا يجوز بيع الزيتون بالزيت والسمسم بالسيرج حتى يكون الزيت والسيرج أكثر مما في الزيتون والسمسم فيكون الدهن بمثله والزيادة بالثجير، لأنه عند ذلك يعرى عن الربا إذ ما فيه من الدهن موزون، وهذا لأن ما فيه لو كان أكثر أو مساويا له، فالثجير وبعض الدهن أو الثجير وحده فضل، ولو لم يعلم مقدار ما فيه لا يجوز لاحتمال الربا، والشبهة فيه كالحقيقة، والجوز بدهنه واللبن بسمنه والعنب بعصيره والتمر بدبسه على هذا الإعتبار.[30]

والمعايير غير الكيل والوزن ليس لها التأثير المؤدي إلى الربا. وكمثال على ذلك، يجوز بيع 10 بيضات ريفية بـ 20 بيضات مزارعية. بشرط أن يكون يدا بيدا لأنها من جنس واحد. كما يجوز بيع فلس بفلسين. ومبايعة هذه البضائع على هذا الشكل لا يدخل تحت الربا بالرغم من كونها من جنس واحد، ولكنها تباع بالعدد. والعدد ليس علة في الربا.

والبضائع التي لا توجد بينها علة مشتركة من علل الربا يجوز مبادلة بعضها ببعض بلا حرج.

ويباع الذهب والفضة بالوزن، ولا يجوز بيعهما على مبدأ المذهب الحنفي بالبضائع الأخرى الموزونة مؤجلا. ولكن الحنفية يجيزون بيع الذهب والفضة بالبضائع الأخرى التي تباع بالوزن.  أي أننا نرى في المذهب الحنفي عدم التناسق بين المبدأ والتطبيق. مثلا يجوز شراء 500 كغم من الحديد بـ 10 غم من الذهب مؤجلا. وكلاهما مما يباع بالوزن. ولكن الوزن ليس فيهما بنفس الميزة. فالذهب توزن بميزان دقيق وحساس، أما الحديد فيوزن بالكيلو.[31] لهذا السبب تجاهل الأحناف وحدة المعيار بينهما. وهذا النهج من الأحناف قد جعل الربا غموضا لا يُفهم وهو من أشد ما حرم الله تعالى في القرآن الكريم. وستعالج هذه المسألة مرة أخرى لاحقا إن شاء الله.

أنواع الربا في المذهب الحنفي

لا يشمل تعربف الربا عند الأحناف على الدَّين والنسيئة. لذا يصعب فهم مبادئهم فيه. والعلة الأساسية عندهم؛ هي الفضل في المقدار أو الأجل. الأول يسمى بـ “ربا الفضل” والثاني بـ “ربا النسيئة”.

ربا الفضل

يرى الحنفية أن معاوضة 101 غرام من الذهب بـ 100 غرام من الذهب يعتبر ربا، سواء كان معجلا أو مؤجلا. لأن 100 يقابل 100، والغرام الواحد الزائد خال عن العوض. وكذلك شراء 101 كغم من القمح بـ 100 كغم من القمح. وكون هذه المعاوضة على شكل البيع أو الدين لا يغير النتيجة. فهي تدخل تحت ربا الفضل. واستدلوا على رأيهم هذا بالأحاديث التالية:

عن عبادة بن الصامت قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح إلا سواء بسواء عينا بعين فمن زاد أو ازداد فقد أربى.[32]

عن فضالة بن عبيد الأنصاري قال: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بخيبر بقلادة فيها خرز وذهب وهي من المغانم تباع، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذهب الذي في القلادة فنزعه وحده ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذهب بالذهب وزنا بوزن.[33]

لأنه كان يباع القلادة بالدينار، و عن فضالة بن عبيد قال: اشتريت يوم خيبر قلادة باثني عشر دينارا فيها ذهب وخرز ففصلتها فوجدت فيها أكثر من اثني عشر دينارا فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال لا تباع حتى تفصل.[34]

لأن وزن الذهب كان أكثر عند الفصل فازداد السعر بزيادة وزن الذهب.

ربا النسيئة

وبيع 10 غرام من الذهب بـ 9.10 أو 11 غراما من الذهب مؤجلا يكون ربا. وكذلك بيع الذهب بالفضة والبر بالشعير والتمر بالملح مؤجلا يكون ربا. ويقال عنه ربا النسيئة. ولا حرج في حال بيع هذه الأشياء بعضها ببعض يدا بيد. واستدلوا عليه بالأحاديث التالية:

عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد.[35]

عن عبادة بن الصامت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الذهب بالذهب تبرها وعينها والفضة بالفضة تبرها وعينها والبر بالبر مدي بمدي والشعير بالشعير مدي بمدي والتمر بالتمر مدي بمدي والملح بالملح مدي بمدي فمن زاد أو ازداد فقد أربى ولا بأس ببيع الذهب بالفضة والفضة أكثرهما يدا بيد، وأما نسيئة فلا، ولا بأس ببيع البر بالشعير والشعير أكثرهما يدا بيد، وأما نسيئة فلا، قال أبو داود: روى هذا الحديث سعيد بن أبي عروبة وهشام الدستوائي عن قتادة عن مسلم بن يسار بإسناده حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن خالد عن أبي قلابة عن أبي الأشعث الصنعاني عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الخبر يزيد وينقص، وزاد قال: فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد.[36]

ويقول الحنفية: لا بد من أن يكون القرض بدون ربا. لأن الدين، هو مبادلة مالين من جنس واحد إلى أجل معين. ولا يدخل القرض اللاربوي تحت الربا. لأن القرآن الكريم وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم يحث على هذا القرض. وقد حاول الحنفية اظهار النظام القرضي أنه ليس بربا. لأنهم لا يعدون القرض من الربا. وسنقف على هذا الموضوع إن شاء الله.

نقد آراء الحنفية

الآراء السابقة للأحناف تتعارض مع نفسها ومع القرآن الكريم. وقد جعلوا موضوع الربا من ضمن البيع مع أن القرآن الكريم فصل بينهما. لذا جاؤوا بعلل ليتحقق الربا، واخترعوا أنواعا جديدة من الربا.  وسنسلط الضوء هنا على تناقض أفكارهم مع نفسها…

ويمكن النظر لآرائهم من زاويا أربع:

على رأي الحنفية؛ يشترط التقديم والمثلية في المبادلة إذا كانت السلعة المبادلة تبادل بالوزن أو بالكيل. وإلا يتحقق فيه ربا الفضل. ونذكر حديثا من الأحاديث التي استدلوا بها على رأيهم في هذا الموضوع:

عن أبي نضرة قال: سألت ابن عمر وابن عباس عن الصرف فلم يريا به بأسا فإني لقاعد عند أبي سعيد الخدري فسألته عن الصرف فقال ما زاد فهو ربا فأنكرت ذلك لقولهما فقال: لا أحدثك إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، جاءه صاحب نخله بصاع من تمر طيب، وكان تمر النبي صلى الله عليه وسلم هذا اللون، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أنى لك هذا؟ قال: انطلقت بصاعين فاشتريت به هذا الصاع فإن سعر هذا في السوق كذا وسعر هذا كذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويلك أربيت، إذا أردت ذلك فبع تمرك بسلعة ثم اشتر بسلعتك أي تمر شئت.[37]

وقد روي خلاف ذلك: عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص بعد ذلك في بيع العرية بالرطب أو بالتمر ولم يرخص في غيره.[38] ولم يشترط النبي صلى الله عليه وسلم فيها التقديم ولا المثلية. وبيع العرايا كان من اللازم أن يكون ربا في المذهب الحنفي وفي المذاهب  الثلاثة الأخرى. وكان عليهم أن يفهموا أنه يوجد خطأ في مبادئهم في موضوع الربا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في بيع العرايا.

ولو أنهم نظروا لهذه المسألة تحت موضوع القرض الربوي، لعرفوا أن التحريم المتعلق بـ “تمر خيبر” هو قرض في صورة البيع. لذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها. ولا يخفى أن الأحاديث التي تتحدث عن الربا تلفت النظر إلى هذا النقطة. ولا يتصور الربا في بيع العرايا، لذا رخص النبي صلى الله عليه وسلم فيه فقط. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تبيعوا الدينار بالدينارين ولا الدرهم بالدرهمين ولا الصاع بالصاعين فإني أخاف عليكم الرماء والرماء هو الربا فقام إليه رجل فقال يا رسول الله أرأيت الرجل يبيع الفرس بالأفراس والنجيبة بالإبل قال لا بأس إذا كان يدا بيد.[39]

  وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ” فإني أخاف عليكم الرماء” مهم للغاية؛ ذلك أن بيع الذهب بالذهب، هو بيع حقيقي ولكن لا يمكن فيه الإحتراز من الربا. وكذلك بيع التمر بالتمر. ولو أمكن التحرز من الربا لم يكن ذاك البيع حراما، كما في بيع العرايا.

ويرى الأحناف أنه لا يجوز مبادلة السلعتين من جنس واحد إلا أن يكون يدا بيد سواء كان موزونا أم مكيلا. فإقراض 100 ليرة على شرط إعادتها  100 ليرة بعد شهر يكون ربا؛ لأنها مبادلة مالين من جنس واحد مؤجلا. وكذلك أخذ 10 بيضات مقابل 10 بيضات بعد شهر. وبهذا لم يبق هناك قرض بلا ربا. ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم شجع الصحابة إلى الإقراض بدون قصد جلب المنفعة؛ قائلا: «كل قرض صدقة ».[40]

وقال أيضا: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة.[41]

وقد ألغى الأحناف القرض المؤجل، للخروج من المأزق الذي نشأ من رأيهم في القرض. ومن المعروف أن القرض لا يكون إلا مؤجلا. وقد نرى هنا واضحا تناقض الأحناف مع أنفسهم. وهم قالوا:

ولو شرط الأجل في ابتداء القرض صح القرض وبطل الأجل، لأنه إعارة وصلة في الإبتداء حتى يصح بلفظة الإعارة، فعلى اعتبار الإبتداء لا يلزم التأجيل فيه كما في الإعارة، وعلى اعتبار الإنتهاء لا يصح؛ لأنه يصير بيع الدراهم بالدراهم نسيئة وهو ربا.[42]

الإعارة: هي عبارة عن تمليك المنافع بغير عوض. كاستعارة البيت للسكن، والمركب للركوب، والحقول للزراعة، والكتاب للقراءة. ولصاحب المال إعادته حين يريد. والإعارة كالقرض من جهة،  ولكن لا يقال  للقرض إعارة من أجل الخلاف بينهما من جهات.[43] لأن  المقترض يستهلك  أما المستعير يعيد عين المستعار أو مثله. كالذي استعار كتابا ليقرأ، فهو يعيد ذاك الكتاب بعينه. وهذا من كلام الأحناف:

وعارية الدراهم والدنانير والمكيل والموزون والمعدود قرض؛ لأن الإعارة تمليك المنافع، ولا يمكن الإنتفاع بها إلا باستهلاك عينها فاقتضى تمليك العين ضرورة وذلك بالهبة أو بالقرض والقرض أدناهما فيثبت؛ أو لأن من قضية الإعارة الإنتفاع ورد العين فأقيم رد المثل مقامه. [44] أي أنه لا يجوز الإعارة في الأموال المستهلكة.

وهذا تناقض من الأحناف مع أنفسهم. أي قولهم بأن القرض ليس بإعارة بعد أن قالوا بعدم جواز الإعارة في الأموال المستهلكة. وقال ابن الهمام منبها إلى هذا التناقض:

يرى هذا التعليل خاليا عن التحصيل؛ لأن حقيقة الإعارة منتفية في عارية الدراهم والدنانير والمكيل والموزون والمعدود، إذ قد صرحوا في صدر كتاب العارية بأن من شرطها كون المستعار قابلا للإنتفاع به مع بقاء عينه، وأن الأشياء المذكورة لا يمكن الإنتفاع بها مع بقاء عينها فتعذر حقيقة الإعارة فيها فجعلناها كناية عن القرض، وكذا حكم الإعارة منتف في عارية الأشياء المذكورة، إذ قد صرحوا بأنها مضمونة بالهلاك من غير تعد من القابض، فإذا لم تتحقق حقيقة الإعارة ولا حكمها في عارية هذه الأشياء فلا تأثير فيها أصلا؛ لأن حقيقة الإعارة الإنتفاع ورد العين، لا إقامة رد المثل مقام رد العين.[45]

ونتيجة لذلك عد الأحناف القرض اللاربوي ربا بسبب تناقض مبادئ الربا عندهم. فعليهم أن يروا هذا التناقض وليعرفوا خطأهم في إقامة نظام الربا.

ج. وعلى رأي الأحناف؛ يشترط التقديم فقط في مبادلة السلعتين المتحدتين في الجنس إذا كانت السلعة المبادلة ليست مكيلة أو موزونة.  وإلا يتحقق فيه ربا النسيئة. ولا يشترط فيها المثلية.

وعلى هذا، يجوز مبادلة فلس بفلسين. وهما من جنس واحد ولكنهما ليستا مما يباع موزونا أو مكيلا بل هما مما يباع معدودا. وليس العدد من علل الربا. كذلك يجوز بيع 10000 ليرة بـ 15000 ليرة بشرط أن يكون يدا بيد.

ولا يخفى على أحد أن هذا خطأ كبير. لأن قصد المرابي من تلك المعاملة هو الحصول 11 ليرة مقابل 10 ليرات مع الخلو عن العوض. وقد يعرضها كمعاملة قرضية ليصبح مشروعا. بحيث يقرض أولا 11 ليرة، ثم يبتاعها بـ 10 ليرات معجلا. قبول قول الأحناف هذا، هو تسهيل للبنوك لتتعامل بالربا. وعلى سبيل المثال يُخَصص في البنوك قسمين- شباكين؛ قسم- شباك للقرض وقسم- شباك لبيع القرض. والذي يريد القرض، يقترض من شباك القرض 11 ليرة ثم يبيعها إلى شباك بيع القرض بـ 10 ليرات معجلا. وفي نهاية المطاف فهو يخرج من البنك بـ 10 ليرات وعليه 11 ليرة. فلم يبق هناك معنى لتحريم الربا. وقد بينا سابقا أن الأحاديث المتعلقة بتحريم بيع المواد الستة إلا يدا بيد ومثلا بمثل يُقصد بها هذه المعاملة الربوية في صورة البيع.

د. وعلى رأي الأحناف؛ يشترط التقديم فقط ويمكن الإختلاف في القدر في مبادلة السلعتين المختلفتين في الجنس إذا كانت السلعة المبادلة مكيلة أو موزونة.  وإلا يتحقق فيه ربا النسيئة.

وبيع الذهب والفضة مؤجلا ببضائعة أخرى موزونة يكون ربا، لأن الذهب والفضة مال موزون. وكان الناس يضطرون إلى مبادلة الأموال الأخرى بالذهب والفضة، لأن النقود كانت تضرب منهما. لذا عد مبادلة الأموال الموزونة الأخرى بهما (أي بالذهب والفضة) مؤجلا ربا. وعلى سبيل المثال؛ بيع الحديد بالذهب مؤجلا  ربا. ولكن  بيع الذهب بالنحاس ليس ربا.[46]

وقد بين كمال الدين بن الهمام أسباب ذلك كالتالي:

يوجد فرق في مبادلة الأموال الموزونة بالدراهم والدنانير المضروبة من الذهب والفضة في الصورة. لأن الذهب والفضة توزن بالصنجد، أما الأموال الأخرى يوزن بالمن.

وكذلك يوجد بينهما فرق معنى. فالدينار والدرهم لا تتعين بالتعيين. أما الأموال الأخرى فتتيعن بالتعين.

وكذلك يوجد فرق بينهما حكما. وحين يُبتاع 60 كغم من الحديد بدينار واحد، ووزن الحديد البائع ووزن الدينار المشتري في مكان لا يرى الواحد الثاني، فيمكن بيع الدينار بدون أن توزن مرة أخرى، أما الحديد يلزم وزنه من جديد كلما تجدد البيع.

وولا يوجد أي نقطة مشاركة من أي وجه من الوجوه بين النقود المضروبة من الذهب والفضة وبين الأموال الموزونة الأخرى صورة وحكما ومعنى.[47]

ويمكننا أن نطرح على الأحناف سؤالا وهو: لماذا جعلتم الوزن علة للربا استنادا على أن الذهب والفضة تباع بالوزن، بالرغم من وجود هذه الفروق؟ ويكفي هذا التناقض لهدم النظام الربوي عند الأحناف.

ونرد الآن على ما قدمه الأحناف من الأسباب السابقة:

لو قلتم، يوزن الدينار والدرهم بالصنجة والأموال الأخرى توزن بالمن. وكذلك الذهب والفضة غير المضروبة. فمعنى ذلك أنكم قبلتم بأن علة الوزن والتي هي وحدة قياسية للذهب والفضة علة لازمة، أي أنها علة لا يمكن وجودها في الأموال الموزونة الأخرى. فلماذا تعدون إذن الأموال الأخرى الموزنة من الأموال الربوية؟ أنتم تخرجون بهذا، علة الوزن من الذهب والفضة، في نفس الوقت تستثنون الذهب والفضة من هذا الحكم. ولا يمكن قبول هذا الرأي.

أنتم تقولون؛ إن الذهب والفضة يتعينان بالتعين، أما الأموال الأخرى ليس كذلك… ويتعين الدينار والدرهم بالتعيين. فلماذا لا تيمزون بين الذهب والفضة وبين الدينار والدرهم المضروبان من الذهب والفضة؟

وتقولون؛ يمكن بيع الدينار بعد الإستلام بدون أن يوزن، ولكن في بيع الحديد يلزم المشتري أن يزنه من جديد. وهذا خاص بالذهب المضروب والفضة المضروبة نقودا. لا حاجة أن يوزن الدينار والدرهم لأنهما معروفان.  أما الذهب والفضة غير المضروبين نقودا يلزم إعادة وزنهما عند كل بيع. فما معنى قولكم هذا؟

وكان على الأحناف أن لا يعدوا الوزن علة وأن يقولوا: ولا يكون الوزن علة في بيع الذهب والفضة بأموال أخرى موزنة، بالرغم من كون الذهب والفضة يباعان بالوزن، لأنه يوجد بينها فرق حكما وصورة ومعنى. وحين لا يكون الوزن علة فكذلك الكيل لا يكون علة. وبهذا تنهار النظم التي تقوم عليها التجارة عند الأحناف تماما.

النظم الحنفية المتعلقة بالربا، ليست متناسقة بأي حال من الأحوال. وسبب ذلك كما في الموضوعات الأخرى هو عدم أخذ القرآن الكريم مرجعا أساسيا، وتأويلهم الأحاديث النبوية الشريفة حسب هواهم. فلا يمكن الوصول إلى هدف صحيح بطريق خطأ.

المذهب الشافعي

وقد عرف الروياني[48] الربا وهو من علماء الشافعية كالتالي:

الربا، هو عقد على عوض مخصوص غير معلوم التماثل في معيار الشرع حالة العقد أو مع تأخير في البدلين أو أحدهما.[49]

والمراد بعوض مخصوص هو بدل وجد فيه علة الربا. وهو من الأموال الربوية. و معيار الشرع هو الوزن والكيل كما في المذهب الحنفي. والعبارات الأخرى في التعريف تختص بالمذهب الشافعي في البيع الربوي.

علل الربا في المذهب الشافعي

الربا في المذهب الشافعي، لا يكون إلا في المشروبات والمأكولات وفي الذهب والفضة. وشرط كون “مثلا بمثل ويدا بيد” في حديث يتحدث في بيع الذهب والفضة والشعير والقمح والتمر والملح؛ يدل على ما في هذه الأموال من قيمة؛ وعلى خطر الوقوع في الربا في معاوضة تلك الأموال. كشرط الإشهاد في الطلاق، فلا بد إذن أن تكون العلة متناسقة مع قيمة تلك الأموال ومع ذلك الخطر.

الشعير والقمح والتمر والملح، كانت من الأموال الربوية لكونها طعاما للناس. ولأن حياة الإنسان مرتبطة بالطعام. لذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الطعام بالطعام مثلا بمثل”.[50]

وتعليق الحكم بمشتق، إذ الطعام بمعنى المطعوم يدل على تعلقه بما منه الإشتقاق.[51]  وأصل الكلمة طعم، لذا توجد علة الربا في كل ما يوجد فيه علة الطعم.

أما الذهب والفضة كانا من الأموال الربوية لثمنيتهما. لضرورة الثمن في تأمين الأموال التي يحتاجها الناس في حياتهم اليومية.

وخلاصة القول؛ أنه إذا وجد في المال وصف الطعم والثمنية كان من الأموال الربوية. ونقف الآن على هذه العلل:

الطعم

الطعم؛  من الطعام وهو كل ما يؤكل، ومن أهم خصائص الطعم كونه يشتمل على الغذاء المشترك للإنسان والحيوان. وكل ما يبقى منه ويدخر وما لا يبقى ولا يدخر سواء لا يختلف.[52]

 ويتخذ الطعام للإقتيات أو للتفكه أو للتداوي. الإقتيات وهو ما يدخر ليكون قوتا، كالبر والحمص والماء العذب.

التفكه؛ هو ما يتخذ من الأغذية بقصد التفكه أو التأدم أوالحلوى، أوالسلطة، أوغير ذلك مما يدخل تحت اسم الفاكهة مثل العنب، والتمر، والتين؛ والحلويات، والحمضيات، وكذلك الخضراوات مثل الخردل والنعناع.

ويتخذ الغذاء لتلقي العلاج. ويشمل على الملح والأعشاب الجافة المطحونة التي تضم للتلذذ مثل التوابل والزعفران، والأرمن والسقمونيا. والأدوية مثل الطين المختوم، والفربيون، والورود ومائه، زيت الحنظل وبذوره.

وقد ذكر في الأحاديث المتعلقة مثلا بالأغذية الملح وهو يستعمل لجعل الطعام لذيذا. ولا فرق بينه وبين ما يستعمل في تحسين البدن والمحافظة عليه. لأن الغذاء يستعمل لحفظ الصحة؛ كما أن العلاج يستعمل لإعادة الصحة بعد المرض.

كما أن ما يتخذ للأكل يقال له طعام؛ فما يكون طعاما للحيوان غالبا لا يدخل تحت الطعام مثل الفربيزن، والورود ومائه، ودهن الكتان والسمك وحب الكتان والزنجبيل وماء الورد والعود وزيت السمك، وما يتناوله الجن مثل العظام.

الثمنية

ومعنى الثمنية كونها نقدا. يقول الإمام الشافعي: ” والذهب والورق مباينان لكل شئ لأنهما أثمان كل شئ ولا يقاس عليهما شيء من الطعام ولا من غيره”.[53]

 والذهب والفضة نقد ولو غير مضروبين. وتخصيصه بالمضروب مهجور في عرف الفقهاء وعلة الربا فيه جوهرية الثمن، فلا ربا في الفلوس وإن راجت بالنقد كطعام بطعام. والفلس هو عملة معدنية من غير الذهب والفضة.[54]

وفي الموزون، كنقد وعسل ودهن جامد وما يتجافى في المكيال وزنا ولو بقبان للنص على ذلك في الخبر الصحيح، فلا يجوز بيع بعض موزون ببعضه كيلا وهو ظاهر ولا يجوز عكسه. والمعتبر في كون الشيء مكيلا أو موزونا غالب عادة أهل الحجاز في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لظهور أنه اطلع عليه وأقره فلا عبرة بما أحدث بعده. وما جهل كونه مكيلا أو موزونا أو كون الغالب فيه أحدهما في عهده صلى الله عليه وسلم أو وجوده فيه بالحجاز أو علم وجوده بغيره أو حدوثه بعده أو عدم استعمالهما فيه أو الغالب فيه ولم يتعين أو نسي يعتبر فيه عرف الحجاز حالة البيع. فإن لم يكن لهم عرف فيه فإن كان أكبر جرما من التمر المعتدل فموزون جزما إذ لم يعلم في ذلك العهد الكيل في ذلك وإلا فإن كان مثله كاللوز أو دونه فأمره محتمل لكن قاعدة أن ما لم يحد شرعا يحكم فيه العرف قضت بأنه يراعى فيه عادة بلد البيع وحالة البيع، فإن اختلفت فالذي يظهر اعتبار الأغلب فيه فإن فقد الأغلب ألحق بالأكثر شبها فإن لم يوجد جاز فيه الكيل والوزن ويظهر في متبايعين بطرفي بلدين مختلفي العادة التخيير أيضا.[55] يقول الإمام الشافعي:

وفي الأحاديث المشار إليها قد وجدت الأغذية تقاس بالكيل. ولا يختلف المعنى في قياس الأغذية بالوزن. لأنها لا تختلف باختلاف ما تقاس به. أي أن الأغذية في كلتا الحالتين تبقيان على أنها أغذية. ولأن الوزن والكيل لمعرفة ثمن البضائع. مع أن الوزن أدق من الكيل.

ولأن المذاهب قد اتفقوا على جواز معاوضة المأكولات والمشروبات كيلا ووزنا.  فلا فرق بين الذهب والفضة وبين المأكولات والمشروبات في الغرض. وأن حكمهما حكم الذهب والفضة. ولأن الذهب والفضة والقمح والشعير والتمر مع البذور، (والتمر بدون البذور يفسد)، والملح لا يختلف مصدره في كونه حلالا أو حراما. أي أننا نعرف من مصر واحد أنها حلال أو حرام. وبالقياس عليها نحكم بنفس الحكم على كل أنواع المشروبات والمأكولات التي توزن وتكال لأنها تحمل نفس العلل.

ونحن نرى أن ما يباع من المأكولات بالعدد يدخل تحت هذا الحكم. لأننا نرى أنها توزن في مكان ولا توزن في مكان آخر.  جميع الرطب كانت تباع في مكة المكرمة بالسلات وبالتخمين دون أن يكيلوا أو يزنوا؛ وكذلك اللحوم. وكان الأعراب يبيعون اللبن، واللحم، والعسل والزيت والزبد وغيرها بالتخمين.  مع أن هذه الأشياء كانت عند غيرهم من الأشياء الموزونة. والذي يقبل التخمين لا يتجنب الوزن أو الكيل. والأغذية التي تباع بالوزن أو بالعد تشبه عندنا بما يباع بالوزن أو الكيل.[56]

وأصل الحنطة الكيل. وكل ما كان أصله كيلا لم يجز أن يباع بمثله وزنا بوزن ولا وزنا بكيل.[57]



[1]  وتمام الآية: «الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا» (البقرة، 2/ 275).

[2]  سنن أبي داود، كتاب البيوع 12 رقم الحديث 3349.

[3]  عثمان البتي، الفقيه البصري. بياع البتوت. توفي في حدود المائة والأربعين. وروى له الأربعة. (أنظر: الوافي بالوفيات جـ 6 /  صـ 335)

[4]  المبسوط، جـ 12/  صـ 112.

[5]  المحلى، جـ 7/  صـ 401-403.

[6]  المحلى، جـ 7/  صـ 401-403.

[7]  المحلى، جـ 7/  صـ 401-403.

[8]  صحيح مسلم، باب الربا، رقم الحديث 2967.

[9]  وروى البخاري هذا الحديث عن أبي سعيد الخدري وعن أبي هريرة أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى خَيْبَرَ فَجَاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا فَقَالَ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلَاثَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا تَفْعَلْ بِعْ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا. (صحيح البخاري، باب بيع الطعام مثلا بمثل).

 

[10] المبسوط ، جـ 12 /  صـ 112-113.

[11] سنن الدارقطني، كتاب البيوع 39.  جـ  3 /  صـ 14.

[12] السنن الكبرى للبيهقي، جـ 5 /  صـ 285.

[13] المبسوط ، جـ 12 /  صـ 112-113.

[14] أنظر: لسان العرب، مادة: وزن.

[15] المبسوط ، جـ 12 /  صـ 112-113.

[16] جاء في تاج العروس: ( الطعام ) إذا أطلقه أهل الحجاز عنوا به ( البر ) خاصة، وبه فُسر حديث أبى سعيد في صدقه الفطر صاعا من طعام أو صا عا من شعير. تاج العروس مادة: الطعام.

[17] صحيح مسلم، مساقات 93.

[18] العناية شرح الهداية ، باب الربا، جـ 9 /  صـ 290.

[19] المعجم الوسيط ص. 736

[20]  المرجع نفسه

[21]  صحيح مسلم، المساقاة 82 (1584).

[22]  المبسوط، جـ 7/  صـ 113.

[23]  المبسوط، جـ 7/  صـ 116.

[24]  المبسوط، جـ 7/  صـ 113.

[25] العناية شرح الهداية ، باب الربا، جـ 7 /  صـ 9-10.

[26] البخاري كتاب البيوع 79. المسلم، المساقاة 75 رقم الحديث 1584. النسائي كتاب البيوع 74.

[27] سنن النسائي كتاب البيوع 43.

[28] شرح بداية المبتدي، جـ 7/  صـ 8.

[29] شرح بداية المبتدي، جـ 7/  صـ 23.

[30] شرح بداية المبتدي، جـ 7/  صـ 32.

[31]  الهداية، جـ 7 /  صـ 12-13. بالتصرف حسب المعنى.

[32]  صحيح مسلم، كتاب المساقاة 82 رقم الحديث  1584.

[33]  صحيح مسلم، كتاب المساقاة 89 رقم الحديث  1591.

[34]  صحيح مسلم، كتاب المساقاة 90 رقم الحديث  1591.

[35]  صحيح مسلم، كتاب المساقاة 81 رقم الحديث  1583.

[36]  سنن أبي داود، كتاب البيوع 12 رقم الحديث 3349.

[37]  صحيح مسلم، كتاب البيوع 100 رقم الحديث 1595.

[38]  صحيح البخاري، كتاب البيوع 82 رقم الحديث 2184.

[39]  سنن أحمد بن حنبل، جـ 2/  صـ 109.

[40]  الترغيب والترهيب، جـ 2/  صـ 163.

[41]  صحيح مسلم، الذكر، 38؛ أبو داوود، كتاب الآداب 60؛ الترمذي، كتاب البر 19.

[42]  الهداية، جـ 6/  صـ 523.

[43]  الهداية،جـ 9/  صـ 4-7 العارية.

[44]  الهداية وشرح فتح القدير، جـ 9/  صـ 13.

[45]  فتح القدير، جـ 9/  صـ 14.

[46]  انظر، الهداية جـ 7/  صـ 12-13.

[47]  فنح القدير مع شرح الهداية، جـ 5/  صـ  274.

[48] عبد الواحد بن اسماعيل الروياني (المتوفى، 502/ 1108) كان قاضيا في بلاد طبرستان و رويان وقد ألف كتابا باسم البحر.

(Hayrettin KARAMAN, Başlangıçtan Zamanımıza Kadar İslam Hukuk Tarihi, İst. 1975, s. 139.)

[49]  تحفة المحتاج في شرح المنهاج، جـ 4 /  صـ 272.

[50]  صحيح مسلم، كتاب المساقاة، 93 (1592).

[51]  تحفة المحتاج في شرح المنهاج، جـ 4 /  صـ 276.

[52]  الأم، جـ 3، صـ 25.

[53]  الأم، جـ 3/ صـ 25.

[54]  تحفة المنهاج، جـ 4/  صـ 279.

[55]  تحفة المنهاج، جـ 4/  صـ 278.

[56]  الأم، جـ 3/  صـ 25.

[57]  الأم، جـ 3/  صـ 27.

التعليقات

  • الأخوة الأفاضل فى موقع وقف السليمانية
    السلام عليكم ورحمة الله
    أراسلكم راجيا مساعدتى قدر الإمكان وأنتم لكم الخبرة فى مجال الدعوة والإحتكاك والإختلاط مع أهل الصلاح والدين والدعوة
    فأنا (عبدالله عبدالقادر) كويتى الجنسية من أصل تركى وجدى هو العالم والمعلم الجليل (عبدالقادر السمرقندى) – رحمه الله- المولود فى اسطنبول عام (1874م) وقد عمل مبعوثا خاصا للسلطان عبدالحميد الثانى -رحمه الله- لنشر وتعليم مبادى الشريعة الإسلامية فى الولايات العثمانية وكان من المقربين جدا للسلطان حيث كان يلقبه (بعبدالقادر السجادى) لكثرة سجوده وورعه وزهده . ولكنه تعرض هو وجميع العلماء والمعلمين وأصحاب التكايا والزوايا وشيوخ الطرق إلى المضايقات والتعذيب والتشريد بعد خلع السلطان من العرش …وأنتم تعلمون التاريخ أكثر منى .
    منذ وفاة والدى -رحمه الله- منذ (25عاما) وأنا أبحث عن أقاربى الذين لاأعلم عنهم شىء ، ولكن فى الاونة الأخيرة علمت أنهم متواجدين فى اسطنبول وبورصة وهم (عائلة السمرقندى) وهم عائلة دينية علمية وسمعت أنهم من كبار العوائل وأعرقها فى تركيا .
    فهل سمعتم بعائلة السمرقندى فى اسطنبول وتحمل هذا اللقب فى الهوية الرسمية ؟
    فأرجوك كل الرجاء وأنت الكريم ألا تردوا السائل من بابكم ،،،،،،،
    وتقبل تحياتى ودعائى

  • ثواب الصدقة وخطر الربا
    الإسلام دين الرحمة والعطف والتعاون، أوجب على الناس أن يتآزروا في وقت الشدة والضيق، وأن يتراحموا في وقت العسر والمشقة، فإذا احتاج الواحد إلى مبلغ من المال، فعلى الآخرين مساعدته بالصدقة أو غيرها من ألوان المساعدة، ولا يرهقه بإقراضه مبلغا من المال مع زيادة معينة أو نسبية تتزايد مع مرور الزمان، لأن الله تعالى يبارك للغني فيما يتصدق به ويعوضه خيرا عما أنفق، وينمي له ماله بوسائل مختلفة، ويكون المتصدق محبوبا عند الله والناس أجمعين، فلا حسد ولا بغضاء، ولا غش ولا احتيال، ولا سرقة ولا اغتصاب، ولا تآمر ولا إيذاء، وهذا كله مما يساعد على نمو المال وزيادته، قال الله تعالى: «يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا، وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ، وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ» (البقرة: 2/ 276) . وآيات الربا هي: «الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ، يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ، إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ، يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ، وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ، وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ» (سورة البقرة، 2 / 275 / 281).

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.