حبل الله
كيف ينبغي أن تكون علاقة الفتاة مع الشباب؟

كيف ينبغي أن تكون علاقة الفتاة مع الشباب؟

السؤال: كيف ينبغي أن تكون علاقة الفتاة مع الشباب؟ هل يمكنها أن تحادثهم وتتَّخذهم أصدقاء؟

الجواب: تواجد الرِّجال والنِّساء في مكان واحد كالمسجد والسوق والجامعة هو أمرٌ طبيعيٌّ، لذا لم نجد أمرا واحدا في القرآن الكريم ولا في أحاديث النَّبيِّ _صلى الله عليه وسلم_ بالفصل بين الرِّجال والنِّساء، بل كانت النِّساء زمن النَّبيِّ يحضرن الصَّلوات في مسجده، ويستمعن دروس العلم، ويشاركن في الغزو. فالفصل بين الرِّجال والنِّساء في أماكن العمل والدِّراسة والتَّسوق وغير ذلك، غير مطلوب شرعا، وهو تكلُّف مذموم ينتج عنه مشاكل اجتماعيَّة ونفسيَّة كثيرة. وهذا لا يعني أنَّه لا ضوابط في التَّعامل بين الفتاة والشَّاب الأجنبيِّ عنها.

وما يُفهم من مجموع الآيات المتعلِّقة بهذا الموضوع أنَّه كلَّما كانت المرأةُ ملتزمة بآداب الإسلام كانت أكثر احتراما في نظر الرِّجال، وكذلك الحال بالنِّسبة للرَّجل في نظر النِّساء. ولا ينبغي للمسلمة وكذا المسلم الإنصات إلى الدّعوات المشبوهة التي تنادي بتعزيز الصَّداقات بين الجنسين وبإلغاء الحواجز بينهما بزعم أنَّ ذلك يزيد من ثقافة كلِّ جنسٍ بالجنس الآخر، وأنَّه يمنع العُقَد النَّفسيَّة ويزيد الثَّقة بالنَّفس، وما إلى ذلك من عبارات تبدو جذَّابة لكنَّ حقيقتها مرَّة، إذ إنَّ المقصد الحقيقي لتلك الدَّعوات هو الوصول بالعلاقات نحو الانحلال ليصبح الزَّواج بعدئذ لا ضرورة له، فتنشأ الفوضى وتضمحلُّ الأُسر ويكثر أبناء الزِّنا.

الضَّحيَّةُ الأولى للعلاقات المنفلتة هي المرأة، لأنَّها ستخسر أن تكون ربةَ أسرة لها زوجٌ يهتمُّ بأمرها وأبناءٌ يكرِّمونها، بل ستكون عرضة للاستغلال في شبابها وللإهمال في كِبَرِها.

إذن التَّعامل بين الجنسين لا بدَّ أن يكون في الإطار الرسمي[1]، ولا ينبغي أن تخرج العلاقة عن ذلك، لأنَّ إزالة الضَّوابط بينهما قد يؤدِّي بهما إلى الحرام. ومن الضوابط التي ينبغي مراعاتها في التَّعامل بين الجنسين ما يلي:

1_ تجنُّب الخلوة، وهي أن يكونا في مكان لا يراهما فيه أحدٌ من النَّاس، لأنَّ ذلك يفتح طريقا للشَّيطان. قال الله تعالى {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} (الإسراء، 32) والآية لم تنه عن الزِّنا فقط، بل نهت عن الاقتراب منه، والخلوةُ أكثرُ ما يقرِّبُ إليه، وعلى ضوء هذه الآية ورد تحذير النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلم من الخلوة بقوله: (لا يخلون أحدُكم بامرأة، فإنَّ الشَّيطان ثالثُهما)[2]

2_ غضُّ البصر، لقوله تعالى {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ. وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} (النور 30_31) وقوله تعالى {يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} دليل على أن المطلوب غضُّ بعض البصر وليس كلَّه؛ والبعضُ المقصود هو النَّظر بشهوة، بدلالة الاقتران في قوله تعالى مباشرة {ويحفظوا فروجهم}. وقد ربطت الآية بين غضِّ البصر وبين حفظ الفرج، لأنّ العين سفير القلب، والقلبُ صاحب القرار، فإن امتلأ بإشارات العين دفع بصاحبه للمحظور، لذلك أمرت الآية بغضِّ البصر لتنقطع الإشارة عن القلب فيبقى الإنسان حينها تحت سيطرة العقل.

3_ التزام الفتاة بزيِّها الشَّرعي أمام الأجانب من الرِّجال، والأجنبيُّ هو كلُّ رجل لا مانع شرعا من الزَّواج منه، وذلك لقوله تعالى {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} (النور،31) وقد وصفت الآية المرأة بأنَّها زينةٌ لا يصحُّ أن يظهر منها على الأجانب إلا ما تدعو الحاجةُ إليه، كالوجه والكفَّين؛ لأنَّ الوجه مظنَّة التَّعارف، وإلزام المرأة بتغطيته فيه تعتيمٌ على هويَّتها وتشويشٌ على بصرها. أمَّا الكفَّان فللزومهما في كلِّ وقت. ويؤيد هذا المعنى قوله تعالى {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (الأحزاب، 59)

4_ تجنُّب الحركات المثيرة للشَّهوة، لقوله تعالى {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} (النور،31)، والضَّربُ بالرِّجل يُقصد به المشْيُ المتكسِّر، وكلُّ ما يشبهه من حركات وتصرُّفات تقصد المرأةُ من خلالها الإنباء عمَّا تخفيه من زينة جسدها، فتثير غرائز من يراها من الرِّجال.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]  المقصود بالإطار الرسمي، ما تدعو الحاجة إليه من اللقاء والحديث، ومثال ذلك الحديث في مجال العمل إن كانوا زملاء في الوظيفة، أو مناقشة قضية علمية في الجامعة أو المدرسة، أو ما يقتضيه الحال في التعاملات التجارية وغير ذلك مما يلزم.

[2]  مسند أحمد، مسند عمر، رقم الحديث 114، ورواه ابن حبان في صحيحه (7254) ، والبيهقي 7 / 91، والترمذي (2165) ، وابن أبي عاصم في ” السنة ” (88) و (897) ، والبزار (166) ، والنسائي في ” الكبرى ” (9225) والحاكم 1 / 113 وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.

أضف تعليقا

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.