حبل الله
التنبؤ بأحوال الطقس مشروعٌ أم هو ادعاءٌ بمعرفة الغيب ؟

التنبؤ بأحوال الطقس مشروعٌ أم هو ادعاءٌ بمعرفة الغيب ؟

السؤال : أدرسُ في السنة الأخيرة من المرحلة الثانوية، وأريدُ إكمال دراستي الجامعيَّة في مجال علوم الأرصاد الجوية، لكنني أسمع من بعض معارفي أنَّ الدراسة في علم الرصد الجوي غير جائزة لأنها تقوم على ادعاء معرفة حال الطقس وهو ما يدخل في علم الغيب الذي لا يعلمه سوى الله. ما هو قولُكم في هذه المسألة ؟

الجواب :يشجع الإسلامُ عموماً على القيام بالأعمال التي تستند إلى مقاييس علميَّة ويدعو النَّاسَ إلى مراقبة الظواهر والقوانين التي أودعها الله تعالى في الكون، فمعرفة سنن الله في الخلق تزيدُ الإنسان إيماناً بالخالق.

يقول تعالى في هذا :

{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} البقرة 164

إنَّ المسلم مدعوٌّ إلى التفكُّر والتأمُّل في ظواهر الطبيعة :

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ ۖ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ} النور 43

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا، إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} الزمر 21

إنَّ علماء الأرصاد الجوية يحاولون فهم قوانين الله في الظواهر الطبيعية، فهم يراقبون حركة الرياح وسرعتها واتجاهها، كما يفحصون نسبة الرطوبة فيها ويقيسون الضغط الجوي ويحاولون الربط بين مقدمات ونتائج تلك الظواهر، يقول الله تعالى:

{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} الروم 46

فقد جعل الله تعالى الرياح مبشرات بنزول المطر لأنَّها علامةٌ عليه، وما يقوم به علماء الرصد الجوي هو ملاحظة العلامات التي تدل على تغير الحالة الجوية.

وهم لا يدَّعون الوصول إلى معلومة يقينيَّة عما سيصير عليه حال الطقس مستقبلاً، بل يتنبؤون بذلك وفقا لما وقع لديهم من دلالات وإشارات، وقد يخرج حال الطقس عن تنبؤاتهم، لأنهم بشر يصيبون ويخطئون، لكنه لا رابط بين ما يقومون به من عمل وبين علم الغيب الذي لا يعلمه سوى الله.

{اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ، فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} الروم 48

إنَّ عمل الأرصاد الجوية يكون مفيداً لكثير من الناس، لأنه يساعدهم في مواجهة بعض المشكلات التي قد تواجههم حين يفاجؤون بظاهرة طبيعية غير منتظرة، فيساعدهم التنبؤ المسبق بأحوال الطقس على اتخاذ تدابير ضرورية لحمايتهم أثناء تنقلهم أو عملهم مثلاً.

لا مشكلة أبداً في دراستكم في مجال الرصد الجوي استناداً على ما ذكرناه.

أضف تعليقا

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.