حبل الله
التقويم القمري والأشهر الحُرُمُ

التقويم القمري والأشهر الحُرُمُ

التقويم القمري والأشهر الحُرُمُ

أسّس الله تعالى نظام الخلق وفقاً للتقويم القمريِّ، حيث قال: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} (التوبة 9/ 36) وهذه هي الشهور القمرية :

 جُمَادَى الآخِرَةُ

 جُمَادَى الأُولى

 رَبِيْع الآخر

 رَبِيْع الأَوَّلُّ

 صَفَر

 مُحَرَمْ

 ذُو الحِجَّةِ

 ذُو القِعْدَةِ

 شَوَّال

 رَمَضَان

 شَعْبَان

 رَجَب

وفي هذا الموضوع قال نبيّنا: (السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاَثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو القَعْدَةِ، وَذُو الحِجَّةِ، وَالمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ، مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى، وَشَعْبَانَ)[1]، قال الله تعالى فيما يتعلّق بمعايير الحساب التي يستخدم فيها التقويم القمري: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَٰلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (يونس، 10/5) الضياء شعاع للشَّمس، ونحن لا نستطيع أن نرى الشَّمس بل نرى الأشعّة التي تأتي منها. يقال للضِّياء الذي ينتشر ويساعد في الرؤيا النُّورُ[2] ولا يمكننا أيضاً أن نرى القمر إلّا بمقدار انعكاس نوره أي ضوئه علينا.

كلمة “المنازل” التي وردت في الآية تأتي بمعنى زمن النُّزول ومكان النُّزول والنُّزول. والضَّمير الذي في “وقدّره” يعود إلى النُّور والضِّياء معاً، وهكذا قد أخبر الله تعالى بأنّه نظّم زوايا قدوم شعاع الشمس وضوء القمر وفقاً للمعايير المعلومة. القمر يستمدُّ ضوءه من الشَّمس بالرغم من دورانه في مدار الأرض، وهذا يتطلّب أن تكون صورة القمر مختلفةً كلّ يومٍ. هذا التنوّع يعطينا إمكانيّة عمل الحساب التَّقويميِّ. يقول الله تعالى: {الشَّمسُ والقمرُ بِحُسبانٍ} (الرحمن، 59/5)

الأشهر الحُرُمُ

كما مرَّ سابقاً فإنّ الأشهر الحرم هي ذو القعدة وذو الحجّة ومحرّم ورجب. الثَّلاثة الأولى تأتي متواليات، وشهر رجب هو الشَّهر السَّادس الذي يأتي بعد محرّم. وبعده بشهرٍ يأتي رمضانُ، وبعده بثلاثة أشهرٍ يأتي ذو القعدة الذي هو من الأشهر الحرم. لنقرأ الآية المتعلّقة بها مرَّة أخرى : {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} (التوبة 9/ 36) ويحرم القتال في هذا الشهر. قال الله تعالى: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} (البقرة 2/217)

قديماً كان العرب يتجنّبون القتال وكلّ نوع من الاعتداء عندما تدخل الأشهر الحرم، حتّى ولو رأى واحدٌ قاتل أبيه أو أخيه كان لا يهاجمه ولا يقول له قولاً سيّئاً.[3] ولتحقيق السَّعادة في الشهر الحرام كان ينبغي لكلّ شخصٍ امتثال الحظر المفروض، قال الله تعالى: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} (البقرة، 2/ 194)  الطرف المقابل إن لم يحترم الشَّهر الحرام واعتدى فيُعامل بالمثل، وهذا الحكم موجود في الآية الأساسية المتعلّقة بالموضوع، وهي: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} (التوبة، 9/ 36)

عدّت الآية الذين لا يعترفون بالحظر المفروض في الأشهر الحُرُم من المشركين. لأنّهم قد تجاهلوا حكم الله في هذا الموضوع. الآية المتعلّقة بالقتال في الشهر الحرام هي: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ[4] أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (البقرة 2/ 217)

للمزيد حول الموضوع اُنظر مقالة أ.د عبد العزيز بايندر (الأشهر الحُرُم والكعبة والحجّ والأضحية) على الرابط التالي: http://www.hablullah.com/?p=2910



[1] البخاري، التفسير ،سورة التوبة، الباب الثامن.

[2] راغب الأصفهاني، المفردات، (تحقيق: صفوان عدنان داوودي)، دمشق و بيروت، 1412/1992.

[3] الموسوعة الفقهيّة الكويتيّة ج، 5،س 51. كويت، بين 1404-1427هجري.

[4] إلقاء شيءٍ ما في النار ( لسان العرب ). وإن كانت لمعرفة حقيقة المادّة التي وضعت في النار فتأتي بمعنى الاختبار (الأعراف 7/155) وإن كانت مثل المعدن المطليّ بالذهب فتأتي بمعنى الخدعة ( الأعراف 7/27 )، وإن كانت مثل إلقاء المجتمع في النار فتأتي بمعنى القتال (البقرة 2/191)، وإن كانت للعقاب بالنار فتأتي بمعنى عذاب جهنّم (الذاريات 51/10-14 ).

أضف تعليقا

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.