حبل الله
هل النساء أكثر أهل النار؟

هل النساء أكثر أهل النار؟

السؤال: أريد أن أعرف رأيكم في النساء، هل هن أكثر أهل النار وأنهن حطب جهنم؟

الجواب:

المتتبع لنصوص القرآن الكريم لا يرى فرقا بين تكليف الرجال والنساء من حيث المبدأ، كما لا يجد فرقا في الجزاء أيضا، قال الله تعالى:

{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}  (النحل، 97)

وقد وعد الله تعالى المؤمنين والمؤمنات بالجنة دون تفريق على أساس الجنس بقوله تعالى:

{وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (التوبة، 72)

ويخبرنا الله تعالى بحال المؤمنين والمؤمنات في الجنة بقوله سبحانه:

{يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (الحديد، 12)

أما القول بأن النساء هنَّ أكثر أهل النار فقد استدل عليه البعض بالرواية التالية:

“عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَضْحَى أَوْ فِطْرٍ إِلَى المُصَلَّى، فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ» فَقُلْنَ: وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ العَشِيرَ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ»[1]…”

الرواية السابقة رواها البخاري وغيره، ومن وجهة نظر علماء الحديث هي صحيحة السند، ولكن عند النظر في متنها فلا يمكن أن نقبل نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم للأسباب التالية:

1_ الرواية متناقضة مع دلالة الآيات التي ذكرناها آنفا والتي تساوي بين الرجال وبين النساء في التكليف، ومن ثم في الجزاء يوم القيامة، فلا يمكن أن نقبل بالرواية الذي تخالف صريح القرآن الكريم.

2_ إن في الحديث إخبارا بالغيب، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم من الغيب إلا ما أوحى الله تعالى إليه في كتابه، قال الله تعالى آمرا نبيه:

{قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ} (الأنعام، 50)

وما أُوحي إلى نبينا هو القرآن الكريم:

{وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} (الأنعام، 19)

{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} (الشورى، 7)

{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (الشورى، 52)

وليس في القرآن الذي أُوحي إلى نبينا ما يفيد بأن النساء هنّ أكثر أهل النار، بل إن الآيات ناطقة بأن الجنة أعدَّها الله تعالى للمؤمنين والمؤمنات على حد سواء وليس هناك مفاضلة لجنس على آخر في الجزاء.

والغريب أن من يحتج بحديث النساء أكثر أهل النار يحتج أيضا بأن الجنة تحت أقدام الأمهات، وهذا قمة التناقض.

والسبب الذي دفع البعض لقبول الحديث المزعوم نسبته الى نبينا هو الأصول الخاطئة المعتمدة في الاحتجاج بالأحاديث، حيث يأخذون الحديث مجردا عن القرآن الكريم ويعتبرونه مصدرا مستقلا في التشريع، علما أنهم يعترفون بكون الأحاديث قد ثبتت بالظن وليس باليقين، ويعلمون أيضا أن الله تعالى نهى عن اتباع الظن في أكثر من آية في كتابه، إلا أن الإصرار على الخطأ المتوارث هو المسيطر على عقول البعض في زماننا هذا.

والأصل أن يؤخذ بالسنة مع القرآن على اعتبارهما مصدرا واحدا لفهم أمور الدين، مع الأخذ بعين الاعتبار هيمنة القرآن على الروايات، فالقرآن هو الكلمة الفصل الذي يرجع إليه في كل مسألة. وبناء عليه إذا وافقت الرواية ما جاء في الآيات المتعلقة بالموضوع أو وافقت مقاصد القرآن العامة فإنه يؤخذ بها، أما عند المخالفة فينبغي التوقف عن اعتبارها حديثا قاله النبي صلى الله عليه وسلم.

 


[1]  البخاري، باب الزكاة على الأقارب، 1462

التعليقات

  • جزاك الله خيرا .
    اريد ان اسال من صحح هذا الحديث ولو كان البخاري ..هل في بمناسبة العيد السعيد يبشر النبي صلى الله عليه وآله النساء بالنار ???

    وهل هذا الاتهام للنساء بنقصان الدين والعقل يتفق مع يوم الفطر او الاضحى ..مع ان شهادة المرأة نصف شهادة الراجل فقط عند اتفاق البيع والشراء كما في القران..اما راقي المواقف فشهادتها تعدل الراجل .

    واما عن نقصان الدين,,
    شئ كتبه الله تعالى على للنساء بالحيض فما ذنبهن في هذا النقصان ?????

    كلام لا اصدق انه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

    شكرا لكم.

  • اهلا سيد جمال أريد التأكد من صحة هذا الحديث ((قال ﷺ
    “ لعن الله من خبب إمرأة على زوجها .. و لعن الله من خبب رجل على إمرأته “))
    وبالنسبة لهذا الحديث الذى يقول
    ((ليس منَّا من خبب امرأة على زوجها أو عبدًا على سيده)) هل معني هذا ان الزوجة مثل العبد لزوجها لانها ذكرت مع العبد ارجو الرد والتوضيح سيد جمال وجزاك الله كل الخير

    • أهلا بكم
      الحديث الثاني أخرجه أبو داود (2175) واللفظ له، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (9214)، وأحمد (9157) مطولاً بنحوه. وهو لا بأس به من جهة السند
      أما ذكر اللعن في الحديث الأولى فلا بد أن يكون من تصرف الرواة، لأن رسولنا الكريم لم يكن لعانا ولا فاحش القول، ولأن اللعن في القرآن لا يرد إلا شياطين الجن والإنس.
      وفي الحديثِ: التَّحذِيرُ مِن إيقَاعِ العَدَاوةِ بين النَّاسِ، وقد ذكر مثالين على ذلك، ولا يلزم ذكر المثالين معا أن يكون الممثل لهما نفس الشيء.

  • السلام عليكم ورحمة الله
    الآية الكريمة المذكورة لا شيء فيها يدل على تساوي عدد الرجال بعدد النساء وإنما تدل على التساوي في المحاسبة وهذا صحيح،و إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم بأن النساء أكثر أهل النار لا يعارض الآية في شيء وإنما يدل على أن عدد النساء الآتي يرتكبن ما يقتضي دخول النار أكثر من عدد الرجال الذين يرتكبون ما يقتضي دخول النار، فمن ناحية عرض السنة على القرآن فلا تعارض مطلقا ، فالحديث كما ذكرت اخي الكريم سنده صحيح واظن بما ذكرتُ أن متنه صحيح

    اما النقطه الثانيه فأخي الكريم رسولنا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أخبر بكثير من الأمور الغيبيه التي لم تذكر في القرآن والقاعدة التي ذكرتها تهدم أصولا أجمع عليها المسلمون علي مر الزمان، فمقالة “النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم من الغيب إلا ما اوحى إليه في كتابه” وأن ننفي صحة الحديث على إثرها يستلزم إبطال قول من قال بأن من علامات الساعة طلوع الشمس من مغربها وهو مما أجمع عليه المسلمون على مر العصور ومثله عذاب القبر ومثله تفاصيل اليوم الآخر كالصراط والسرعة الذين يداهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله والحوض جمعنا الله وإياكم عليه وغيرها الكثير من الأشياء المجمع عليها

    فأتمنى اخي الكريم أن تتأمل هذه الكلمه وتعيد قرائتها بدون تأثير ممن غلو في ديننا الحنيف وشددوا في اشياء ما نزل الله بها من سلطان ولا المفرطين الذين يستحلون ما حرم الله عن هوى

    • ان كل ما جاء في القرآن صحيح و كل ما ذكر في كتب غيره و كان معارضا له او منسبا لرسول الله فهو خاطئ. لأن الله عز و جل حفض القرآن من التحريف و قال ان له لحافضون، لكن لم يحفض كتب غيره قد كتبت من طرف اناس غير معصومين من الخطأ بعد وفاة الرسول في زمن كان فيه اعداء الله بكثرة وما كان من حروب و قتل بين المسلمين لولاية الخلافة …… و لو شاء الله لأمر في كتابه بكتابة كتب اخرى لتباع فيها الرسول من افعال و من امور الغيب مع العلم ان الرسول لا يعلم من الغيب إلا ما اوحي اليه .
      و الله امرنا ان نتبعه في ما اوحي اليه وما جاء به من كلام من عند الله المنزل عليه لا ما جاء في كتب كتبت عنه بعد وفاته .

      المسلم الحقيقي لا يقول يجب ان نتبع ما اجمع عليه المسلمين منذ فترة بل يقول بواجب اليمان بما جاء به الرسول في كتاب الله و فقط . و لو كانت هذه الكتب صحيحة لما تفرق المسلمين بين شيعة و سنة و ما غير ذلك من مجموعات يدافعون و يستدلون بكتب كتبوها بأنفسهم اكثر من كتاب الله، حتى بتنا نسمع قيل عن فلان و فلان و فلان وفلان انه سمع او رأى الرسول …. اكثر من قال الله في كتابه الكريم. كيف يمكن الجزم بصحة كلام معنعن من طرف عباد ليسو معصومين من الخطأ .

      كتب منزلة من الله مثل الثورات و الانجيل حرفت كيف لا تحرف كتب جاء بها بشر فوق الارض . يجب عليك مراجعة افكارك و اتباع بما جاء به الرسول من عند الله لا بما جاء به الناس من كلام بعد وفاة الرسول و ينسبونه له بعد مماته حتى يحللون و يحرمون و يغيرون في الدين كما يشاؤون . نعم فهم اعداء الله فوق الارض و لو كانت هذه الكتب صحيحة لما تفرق المسلمين وقتلوا بعضهم بعض …

      اما بالنسبة لعدم ذكر من هم اكثر اهل النار في القرآن لا يعني انه من الضروري الاخذ بهذه الرواية . بل حتى الطريقة التي ذكر كيف ان الرسول تكلم فيها مع النساء ليخبرهم انهم اكثر اهل النار مشمئزة و الرسول لا يتمثل بهذه الصفات. و لو كان هذا الكلام صحيح لصرح به الرسول لعامة الناس موعضا به و مكررا اياه خشية من دخول اهله النار لا ان يتكلم مع مجموعة من النساء فقط و صادفهم في الطريق كأنه يخبرهم قصة، ويسمعه رجل صدفة ركز جيدا الرجل سمع صدفة لم يكن معم في المجمع حتى و ينقل لنا هذا الكلام بعد و فاة الرسول و نحن يجب علينا الايمان به و نسب نساءنا بأنهم اهل النار فقط لأن رجل انسبها الى الرسول. ما هذا العبث في الدين لا بل و ملزم علينا الايمان به او نعتبر كافرين ان قلنا هو كلام غير صحيح.

      الآيات صريحة من فعل فعل يجزى عليه من ذكر و انثى و الله لم يقول عن النساء ما قيل عنهم بل العكس قال ان الجنة تحت اقدام الامهات اذن اذا اردنا التمعن في كلام الله نجد ان النساء اكثر اهل الجنة لأن تحت اقدامها توجد . و هذامذكور في كتابه الكريم لكن كما العادة يأتي ضلم المشركين ولا يرضون بكلام الله ليقولو ان الرسول قال النساء اهل النار ضربا بالحائط ما يبرهن ان الجنة تحت اقدامها لأن اغلبية النساء هم أمهات فكيف ان الجنة تحت اقدامهم و في نفس الوقت هم اكثر اهل النار. اذن هذه المقولة هي خاطئة لأنها تعارض كلام الله. و جيئت لتضليل المسلمين و عدم الرضا بكلام الله و ضلما للمرأة .
      فراجع نفسك يا اخي و راجع دينك و من تقول عنها انها اكثر اهل النار تكون اختك بنتك زوجتك امك التي تتمنى الجنة برضاها و في الأخير تقول عنها هي اكثر اهل النار فقط لأن شخص ما اراد قول ذلك و انسبه لرسول بعد و فاته تمعنها جيدا بعد وفاااااااته.

      و شكرا .

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.