حبل الله
إنكار السنة

إنكار السنة

السؤال: ما رأيكم بمن ينكر السنة بالكلٍّية، ويقول إن القرآن يكفى وأن المقصود بآيه (وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى) هو القرآن فقط وليس السنة ؟

الجواب: قوله تعالى {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى. عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} (النجم، 3_5) هذه الآيات تبين أن ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن هو وحي من الله تعالى إليه بواسطة أمين الوحي جبريل الموصوف بالآية بـ (شديد القوى).

فالآية لا تتحدث عما يُنسب إلى النبي من أقوال وأفعال وإنما تتحدث عما أوحي إليه من القرآن الكريم.

وقول البعض بكفاية القرآن الكريم هو كلام حق لكن يراد به الباطل، فهو حق من جهة كون القرآن رسالة الله الخالدة التي سيحاسب العباد بناء عليها أمام الله تعالى. لكن هذا الكتاب وصل إلينا عبر الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد أمره الله تعالى أن يعلم الكتاب والحكمة وأن يكون قدوة وأسوة في تطبيقه، فيكف يجوز بعدئذ قطع الصلة بين القرآن وبين مَن بلَّغه؟!

لا يصح أن يقال إن مهمة النبي تنتهي بتبليغ القرآن، ثم يُترك أمر فهمه إلى الناس كلٌ بحسب هواه. فالقرآن والسنة التي هي الحكمة _في الحقيقة_ شيء واحد لا يصحُّ الفصل بينهما بحال من الأحوال، ومن أنكر السنة فقد أنكر الحكمة.

أمر الله تعالى نبيه أن يحكم بين الناس بالكتاب وفق المنهج الذي أراه الله إياه بقوله {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ …} (النساء، 105) ،كما عُهد إليه بتطبيقه بين الناس، فكان الأسوة الحسنة في ذلك.

قال الله تعالى {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (الأحزاب، 21).  فلا يصحُّ بعد هذا أن يأتي من يقول أن لا حاجة لنا بما روي عنه صلى الله عليه وسلم من أقوال وأفعال. والغريب أن من يُجرد النبي من وظيفة بيان الأحكام يدَّعي هذا الحقَّ لنفسه وكأنه أحقُّ من النبي في ذلك.

إن حكم النبي هو الحكمة التي أُنزلت مع الكتاب. قال الله تعالى {وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ} (النساء، 113) والحكمة هي المشار إليها بقول النبي صلى الله عليه وسلم: “ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه”[1] فالمِثْلُ هو الحكمة.

إنّ تعليم النبي الكتاب والحكمة هو تطبيق الكتاب بنصه وأحكامه بين الناس ليكون سببَ التزكية والفلاح للمؤمنين في الدنيا والآخرة. قال الله تعالى {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} (الجمعة، 2)

وبعض الأحكام التي كان يستنبطها النبي لم توجد في نص الكتاب صراحة، وإنّما هي كالمعادن في التراب لا يراها إلا الراسخون في العلم، وكما أن هذه المعادن مخلوقة مع الأرض فكذلك الحكمة منزلة مع الكتاب.

ونضرب لذلك مثلا بقوله تعالى {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ}(النساء، 103) فقوله تعالى {وَعَلَى جُنُوبِكُمْ} أي اذكروا الله في ركوعكم وسجودكم. والجنوب جمع جنب وهو الناحية من الإنسان[2] وحسب الآية لا بد أن يكون المعنى أطراف الإنسان التي يعتمد عليها في ركوعه وسجوده. والسنة القولية والعملية تؤكد ذلك فعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أسجد على سبعة أعظم على الجبهة، وأشار بيده على أنفه واليدين والركبتين، وأطراف القدمين» [3]

وعَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا سَجَدْتَ، فَضَعْ كَفَّيْكَ وَارْفَعْ مِرْفَقَيْكَ»[4] وقد روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ما يدل على انتصاب القدمين عند السجود وملامسة أطراف أصابع القدمين الأرض[5] .

وقد تناقل المسلمون تلك التطبيقات جيلا بعد جيل، كنقلهم هيئات الصلاة وطريقة أداء النبي لمناسك الحج؛ فقد صلى المسلمون مع رسول الله وحفظوا ذلك منه، ولأن النبي مناط به تعليم الناس كيف يصلون أرشد إلى ذلك بقوله “وصلوا كما رأيتموني”[6]  وفي الحج قال “يا أيها الناس خذوا عنى مناسككم فإنى لا أدرى لعلى لا أحج بعد عامي هذا”[7]

وتبقى هناك مسألة في غاية الأهمية، ألا وهي كيفية الأخذ بالسنة. هل كل ما زعم صحة نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم يعتبر حجة؟

القرآن الكريم نُقل إلينا بالتواتر، وثوبته قطعي لا يتسرب إلى النفس شك في صحة نسبته إلى منزله، وهو المعجزة الخالدة الدالة على صدق النبي.

بينما نقلت أقوال النبي صلى الله عليه وسلم بطريق الآحاد، ولذلك كان ثبوت الحديث الصحيح بالظن لا باليقين.

لذا ينبغي ضبط الرواية بميزان الكتاب على اعتبار أن السنة هي الحكمة المستقاة منه، وعليه فإن ظنية الرواية إذا شُفعت بأصلها في القرآن الكريم فإنها تكتسب اليقين. ويعزز الرواية انتقال التطبيق العملي من جيل الى آخر.

الظن إذا شُفع باليقين ووافقه ارتقى ليكون يقينا أو شبيها به، أما اعتماد الظن دون شفعه باليقين، فهو الخرص المنهي عنه.

قال الله تعالى {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ} (يونس، 36) وبعد تقرير الله تعالى أن الظن لا يغني من الحق شيئا ذكر في الآية التي تليها قطعية ثبوت القرآن واستحالة أن يفترى من دون الله تعالى {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (يونس، 37)

وعن أبي موسى الغافقي، قال: آخر ما عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «عليكم بكتاب الله، وسترجعون إلى قوم يحبون الحديث عني – أو كلمة تشبهها – فمن حفظ شيئا فليحدث به، ومن قال عليَّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار»[8].

انضباط الرواية بكتاب الله هو السبيل الامثل لاجتناب ما افتري على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا بالطبع لا يقلل من جهود علماء السنة الذين قاموا بجمعها وتحري صحيحها من سقيمها. فقبل أن نعرض الرواية على الكتاب ينبغي التأكد من صحة سندها أولا، وهنا يظهر تكامل دور من قاموا بالجمع والتحري ودور القائمين بالتحقيق إن كانت الرواية موافقة للكتاب أو مخالفة له.

 


[1] سنن أبي داوود، باب لزوم الجماعة، حديث رقم (3988)

[2]الجَنْبُ والجَنَبةُ والجانِبُ: شِقُّ الإِنْسانِ وَغَيْرِهِ. تَقُولُ: قعَدْتُ إِلَى جَنْب فُلَانٍ وَإِلَى جانِبه، بِمَعْنًى، وَالْجَمْعُ جُنُوبٌ وجَوانِبُ وجَنائبُ، الأَخيرة نَادِرَةٌ. (لسان العرب، مادة جنب). ولو كان القصد من قوله تعالى {وعلى جنوبكم} ما ذكره صاحب لسان العرب لوجب أن تكون كملة {جنوبكم} بالتثنية لا بالجمع. وعليه لا بد أن تكون كلمة الجنوب تعني أعضاء السجود.  لأنه لا يمكن أن يكون المعنى وجوب السجود على شقي الإنسان الأيمن والأيسر.

[3]صحيح البخاري، باب السجود على سبعة أعظم، (812)

[4]صحيح مسلم، باب الاعتدال في السجود،234 – (494)

[5]عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: فَقَدْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً مِنَ الْفِرَاشِ فَالْتَمَسْتُهُ فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ وَهُوَ يَقُولُ: «اللهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ. صحيح مسلم، باب ما يقول في الركوع، 222_(486)

[6]رواه البخاري”  في الأدب، (6008) (628)  و أبو داود (589) وأخرجه أحمد 3/436، ومسلم (674) والنسائي 2/9 والدارقطني 1/272-273، والبيهقي 2/17 و3/54، وابن خزيمة (398) .  ، والدارمي 1/286 والبغوي (432)

[7]أخرجه النسائى (3062) وأخرجه الطبرانى فى الكبير كما فى مجمع الزوائد (3/269) وصححه الألباني، انظر حديث رقم: 7882 في صحيح الجامع

[8]أخرجه الحاكم في المستدرك 1/113 وصححه وتابعه الذهبي في التلخيص. والبخاري في “التاريخ الكبير” 7/302، والطبراني في “الكبير” 19/ (657) والدولابي في “الكنى” 1/57، والطحاوي في “شرح مشكل الآثار” (412) وابن عدي في “الكامل” 1/26 وأخرجه ابن أبي عاصم في “الآحاد والمثاني” (2626) ، وابن الأثير في “أسد الغابة” 5/30

التعليقات

  • هل يعتبر الرسول مشرع ام مشرع له ؟؟؟ وهل لفظ وما ينطق عن الهوى ان هو الاوحى يوحى يراد بها القران والسنة لان اللفظ على العموم وهو ان السنة وحى مثل القران وهل حديث (ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه”) لان القران ليس كمثله شىء وليس هناك كتاب مثل القران فالقران محفوظ من الله ولم يتكفل الله بحفظ السنة وهى دونت بعد وفاة الرسول بمئات السنين وفيها الضعيف والموضوع وغيرها وان القران فقط بس ولان الله ليس كمثله شىء لافى ذاته ولافى صفات ولافى افعاله والقران صفة من صفات الله وهى الكلام فليس هناك مثل كتاب الله وان هذا الحديث يعارض القران ويعترضون بايه (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6)) وهل اذا كان السند صحيح لكن المتن يتعارض مع القران ما الحل ؟؟؟؟

    • الرسول ليس مشرعا بل مشرع له ومأمور باتباع الوحي، وقد ذكرنا في الاجابة أن السنة هي الحكمة المنزلة مع الكتاب، فالحكمة ليست كتابا مستقلا وانما تعني فهم الكتاب وتطبيقه، وقد اجتهد الناس بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في نقل افعاله وأقواله. ولا شك أن احتمالية حدوث اخطاء في النقل واردة كما أنه من الممكن أن يُكذب على رسول الله ما لم يقل.
      وظيفتنا اليوم فهم القرآن الكريم وفق المنهج المبين فيه وقد سلك النبي صلى الله عليه وسلم منهج القرآن في بيانه وتطبيقه، فعندما نتوصل الى الحكم في المسألة فلا بد أن نقارن فهمنا بما فهمه النبي صلى الله عليه وسلم وأن نبحث في الروايات عما يتوافق مع الكتاب.
      كل رواية تخالف كتاب الله تعالى يجب التوقف عن الاخذ بها حتى لو كان سندها صحيحا.
      ولا ينبغي الفصل بين الكتاب والسنة.
      إن اعتبار السنة مصدرا مستقلا عن القرآن في التشريع قد اوقع المسلمين في تعقيدات ومشاكل لا تنتهي.

  • وهل السنة قاضية وحاكم على القران وتنسخ القران وتفصله وتبينه وتشرحكه مع ان القران قال فى ايات انه مهيمن على الكتب فهل السنة مهيمنة على الكتب وليست مهيمنه على السنة والقران وصف نفسه بانه مبين مفصل محكم فهل يحتاج الى السنة انها تبينه وتفصله مع انه مبين ومفصل ولماذا الله لم يذكر الصلاة وفصلها وعدد ركعاتها وعدد سجداتها فى القران وفصل الوضوء والحج لماذا مع ان الصلاة من اهم العبادات لله ؟؟؟؟؟؟

    • القرآن ليس مبهما حتى تبينه السنة، الكتاب مبين بنفسه ويفصل بعضه بعضا وقد ذكرنا أن السنة هي الحكمة أي الحكم الصحيح المستخرج من الكتاب كما أنها تطبيق الكتاب بنصه وأحكامه بين الناس، فيصح أن يقال أن النبي صلى الله عليه وسلم قد كان مثالا لآلية تطبيق القرآن الكريم.

      أما لماذا لم يبين القرآن أحكام الصلاة فهذا الادعاء غير مسلم به، حيث بينت كثير من الايات أحكام الصلاة من قيام وركوع وسجود وتكبير وقراءة وتسبيح، ولو وقفت على مجموع الايات المتعلقة بهذا الخصوص لوجدتها متطابقة مع ما روي عنه صلى الله عليه وسلم من هيئات الصلاة،

      ويمكنك الاطلاع على مقالتنا الصلاة والذكر على هذا الرابط http://www.hablullah.com/?p=1918

      فالصلاة واحكامها أخذتا حيزا مهما في القرآن الكريم عدا عن كونها من جملة ما شرع للأمم السابقة فهي معهودة معروفة حتى قبل بعثة النبي صلى الله وسلم. لذلك كان اليهود في المدينة يصلون خلف النبي صلى الله عليه وسلم حتى تحولت القبلة، فامتنعوا عن الصلاة بعد ذلك
      ونفس الشيء يقال عن الحج والزكاة وغير ذلك من العبادات

  • السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اخي جمال المحترم

    ١-هل يمكن القول انه يجب الاخذ بما جاء في القرآن الكريم بفهم صحيح وكذلك الاخذ بما صح من سنته قولا وعملا بعد التأكد من صحة السند والمتن مع مراعاة انه لا يمكن أن تخالف سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم فإنهما يصدران من مشكاة واحدة .

    ٢-هل تقرير نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على قول او فعل لاي صحابي يعتبر اثبات لصحة الفعل والقول ام ليس بالضرورة ذلك وإن لم يكن بالضرورة تأييدا لذلك القول او الفعل فكيف سنتأكد ؟

    ٣-فيما يخص موضوع الصلاة هل القرآن الكريم بين اوقاتها وعدد ركعاتها بشكل مفصل ام لا وهل يمكن القول أن الله تعالى في القرآن الكريم قد ذكر الصلاة واوقاتها وعدد ركعاتها بشكل عام وأن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قد وضح عدد ركعاتها واوقاتها بالتفصيل من خلال التطبيق العملي وكما أخذها عنه الصحابة الى ان وصلتنا .

    وما معنى الآية ( وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا) هل تعني أن القرآن فيه تفصيل كل شيء ام ان الدين كله من قرآن وسنة فيه تفصيل كل شيء ؟

    ٤-هل عبارة قرآن وسنة بفهم سلف الامة صحيحة ام لا ؟

    افيدونا جزاكم الله خيرا

    • وعليكم السلام ورحمة الله
      شكرا جزيلا أخي قادر

      1_ عبارتك صحيحة مستقيمة ذلك أن أقوال النبي وأفعاله لا بد أن تكون انعكاسا للقرآن وشاهدا عليه، لذلك لا ينبغي القول أن السنة شيء مختلف عن القرآن، بل هي الصورة العملية له.. لذا لا يصح أن ينظر الى الروايات إلا بعرضها عليه.

      2_ هناك فرق بين تعليم الحكمة وبين الحكم بمقتضاها، فبينما يُعلِّم الرسول الحكمة كما يعلم الكتاب، إلا أن التطبيق يقع منه عليه الصلاة والسلام بصفته البشرية، لذا يمكن تصور صدور الخطأ منه، كأخذه الأسرى يوم بدر وإعراضه عن الأعمى وغيرهما من المواقف، وللتأكيد على هذا المبدأ قيدت طاعة النبي بالمعروف، بينما كانت الطاعة للرسول مطلقة.

      فالرواية التي فيها إقرار منه عليه الصلاة والسلام بفعل صحابي معين يجب أن يقترن هذا الإقرار بمقتضى الآيات ثم ينظر هل يوافق الإقرار مقتضى الآيات أم لا يوافق، وبناء عليها تقبل الرواية أو ترد.

      3_ بالتأكيد نستطيع أن نتعرف على أوقات الصلاة وأركانها من خلال القرآن الكريم، ومن ينظر في الآيات ذات الصلة يرى أن الصلاة قد فصلت بما يوافق ما نؤديه من صلوات كل يوم.. أريد أن أنوه أن الصلاة التي نصليها قد نقلت عن النبي عمليا بشكل متواتر، وليس مصدر معرفتنا إياها الروايات كما يظن البعض، إنما تناقلها المسلمون جيلا بعد جيل.

      لمزيد معلومات حول الموضوع يمكن قراءة مقالة (الصلاة والذكر) على الرابط التالي http://www.hablullah.com/?p=1918

      أما قوله تعالى {وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا} لو قرأناها مع قوله تعالى {وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا} نفهم أن التفصيل الوارد في الآية الأولى هو تفصيل الكتاب، بمعنى أن كل شيء موجود في الكتاب جاء مفصلا، وهو يشير إلى علاقة المحكم بالمتشابه والمفصَّل بالمفصٍّل
      4_ عبارة “قرآن وسنة بفهم سلف الامة” محملة بمضامين ومعاني تهدف لتعزيز مذهب بعينه، هذا المذهب جعل من القرآن رهنا لروايات منسوبة إلى سلف الأمة غالبها مكذوب ومفترى، وكانت النتيجة هذا الجهل المزمن الذي نعيش آثاره ونكتوي بناره..تُشطب آيات عظيمة بمجرد وجود رواية عن فلان أو علان يُزعم أنها فهم سلف الأمة للآية. وسلف الأمة بريء من هذا الافتراء، بل إنه ضحية لهذا التزوير كما أن المسلمين ضحية لنتائجه اليوم.

  • اخي جمال المحترم

    ملاحظة:
    ~~~~~
    لو كانت أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وحيا لكتبها كتبة الوحي الذين كانوا يكتبون الوحي في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وعندما جمع القرآن في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه لماذا لم يجمعوا أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم أيضا !!!
    أليس كذلك .

    وعندي سؤال : ما معنى بما أراك الله ؟
    هل كان النبي يفسر القرآن الكريم حسب فهمه ام ماذا ؟
    قد قلتم ان الله انزل الكتاب والحكمة على النبي صلى الله عليه وسلم فإذا كان الكتاب والحكمة منزلة على النبي صلى الله عليه وسلم فيجب أن تنزل عليه بوحي من الله فأرجوا توضيح ذلك .

    وجزاكم الله خيرا

    • أحسن الله إليك أخي قادر

      لو قرأنا الآيات المتعلقة بالوحي إلى خاتم النَّبيِّين (الذي بمعنى إنزال الرسالة) نجد أنَّه مخصوصٌ بالقرآن دون غيره، كقوله تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} (الأنعام، 19) {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} (يوسف، 3) {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} (الشورى، 7)، لذلك لا يصحُّ أن يُطلق الوحي _بهذا المعنى_ على غير القرآن الكريم.

      أما أقوال النَّبي وأفعاله فهي التَّطبيق العمليُّ للقرآن الكريم، وهي الحكمة المستقاة منه، وقد تعلَّم نبيُّنا الحكمةَ المركوزةَ في الكتاب أي الأحكام والمواعظ والعبر التي يتوصل إليها من خلال الربط بين الآيات وإيجاد المناسبات فيما بينها، وفق المنهج الذي علَّمه الله إياه والمشار إليه بقوله تعالى: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} (هود، 1) وقد علَّم جبريلُ نبينَا الحكمةَ كما أورده تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى. عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى}(النجم، 4-5) . وفي استنباط الأحكام من القرآن الكريم قال الله تعالى مخاطبا رسوله صلى الله عليه وسلم: {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا} (النساء، 105). فقوله {بما أراك الله} يشير إلى منهج تفصيل الكتاب.

      فجميع أقواله وتطبيقاته وتقريراته المتعلِّقة بتليغ الرِّسالة حكمةٌ مستنبطةٌ من القرآن الكريم. روي عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: “ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه” رواه ابو داود ، فالمثل هو الحكمة التي تعلَّمها وبلَّغها وظهرت بأقواله وأفعاله. فالحكمة نزلت متلبسة بالكتاب لا منفصلة عنه، لذا لا نقبل بالرواية التي تخالف القرآن لأنَّ احتمال صحة نسبتها للنبي تساوي صفر.

      وفي الختام نستطيع القول أنَّ أقوال النَّبي وأفعاله ليست وحيا كالقرآن، بل هي ما تعلَّمه نبيُّنا من القرآن. وهذا يقتضي بالضرورة عدم استقلالية السنَّة عن القرآن، بل ينبغي أخذها إلى جانب القرآن وعلى ضوئه؛ حتى يمكننا تمييز الصَّحيح من الضعيف نظرا لتناقلها بالآحاد حيث لا يُدرى على وجه القطع من أصاب في النَّقل ومن أخطأ. والله تعالى أعلم

      يمكن الإطلاع على الفتوى ذات الصلة على هذا الرابط http://www.hablullah.com/?p=3032

  • السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    اخي جمال المحترم
    أنا اتفق معك ان الآيات التي ذكرتها كقوله تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} (الأنعام، 19) {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} (يوسف، 3) {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} (الشورى، 7) تشير إلى أن القرآن وحي من الله تعالى وأن أقوال وأفعال وتطبيق وتقرير النبي صلى الله عليه وسلم هي ما تعلمه من جبريل عليه السلام .

    لكن الآية لم تجزم ان القرآن فقط هو الوحي بل قالت ان القرآن وحي .

    وفي الآية { {3} وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى . إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى. عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} فلعل سائل يسأل ان الآية تقول ان النبي لا ينطق عن هوى أن هو إلا وحي يوحى من الله .
    يعني ان الكلام الذي ينطقه النبي صلى الله عليه وسلم وحي

    فما توضيحكم جزاكم الله خيرا

    • وعليكم الورحمة الله
      أخي العزيز قادر :
      لو كان كلام النبي وحيا للزم ذكره في بيان ما أنزل إليه وحيا كما نص عليه في الآيات التي ذكرتها.. وكيف يمكن تفسير كلامه الدنيوي المحض؟ أهو وحي كذلك! …
      أما قوله تعالى {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى . إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى. عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} نزلت هذه الآيات لما اتهم أهل مكة نبينا بأنه ضلّ وبدأ يأتي بكلام لا يعرفونه. فكانت هذه الآيات ردا عليهم بأن ما أتاكم به النبي من القرآن ليس بمنطق يصدر عن هواه ورأيه، وإنما هو وحي من عند الله يوحى إليه. فالضمير (هو) الوارد في قوله تعالى {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} يعود على القرآن.. وأستغربُ ممن يقول بأن الضمير عائد إلى النبي.. فيكف يكون النبي وحيا يوحى؟!

  • اخي جمال بقي عندي سؤال وانا لا اسألك من باب المراء ولكن للاطمئنان ولكي اصل الى الفهم الكامل للمسألة .
    قد يسأل سائل ويقول الضمير (هو) من المحتمل أن يعود أيضا على ما ينطقه النبي صلى الله عليه وسلم ومن ضمنه غير القرآن في الأمور التي تخص الدين وليس الدنيا ويقول لك لماذا حصرته على القرآن الكريم ولم يشمل أقواله التي تخص الأوامر والنواهي وغيرها من الأمور التي تخص الدين .

    وجزاك الله خيرا واعلم آني اطلت معك ولكن لأستيقن من المسألة لأنه موضوع مهم جدا .

    • لا عليك أخي قادر..
      لو كان كلام النبي وحيا للزم حفظه كما حفظ القرآن، وأن ينقل إلينا متواترا كما القرآن.
      لكن الحقيقة غير ذلك، فقد كان نبينا ينهى عن تدوين شيء غير القرآن. وقد امتنع كبار الصحابة عن الاكثار من الرواية فضلا عن تدوينها.
      حركة تدوين الحديث بدأت بعد 100 سنة من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بناء على اجتهادات شخصية، وشاع تدوين الحديث في القرن الهجري الثالث والرابع. فهل يمكن القول بأن نبينا قصر في حفظ النوع “الثاني من الوحي” أم أن كبار الصحابة تعمدوا عدم تدوينه؟ هذا مستحيل طبعا
      فكيف يمكن بعدئذ أن يقال أن أقوال النبي وحي؟

  • ما قدمته معقول جدا لكن فقط أريدك أن تجيببني على هذه الجزئية لكي تتم الفائدة بارك الله فيك وهي:
    انه قد يسأل سائل ويقول الضمير (هو) من المحتمل أن يعود أيضا على ما ينطقه النبي صلى الله عليه وسلم ومن ضمنه غير القرآن في الأمور التي تخص الدين وليس الدنيا ويقول لك لماذا حصرته على القرآن الكريم ولم يشمل أقواله التي تخص الأوامر والنواهي وغيرها من الأمور التي تخص الدين .

    • سياق الآيات يبين أن المقصود هو القرآن لا غيره، لأن احتجاج أهل مكة كان على القرآن وليس على كلام النبي، لأن كلامه معهود من قبل وهو ككلامهم، ثم إن قوله تعالى {علمه شديد القوى} ينفي أن يكون شيئا غير القرآن.
      الذي جاء به جبريل هو القرآن: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ (أي القرآن) عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} (البقرة، 97)

  • اخي العزيز جمال
    قد يسأل سائل ويقول ان الله تعالى يقول
    {وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ}
    أن(اي القرآن الكريم) والحكمة (اي السنة كما بينتم في مقالكم) انزلها الله على نبيه صلى الله عليه وسلم وذلك عن طريق أمين الوحي جبريل عليه السلام فتكون بذلك القرآن والحكمة وحي من الله اوحاه الى النبي صلى الله عليه وسلم عن طريق جبريل عليه السلام اي ان القرآن الكريم وما علمه جبريل لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم من الحكمة وهي التطبيق العملي لهذا القرآن هو وحي من الله تعالى .
    وقال تعالى
    {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}

    يعني ان النبي صلى الله عليه وسلم مكلف بالليل لما انزل إليه من الوحي وهو القرآن الكريم والحكمة (والتي هي التطبيق العملي لهذا القرآن) وهذا كله فيما يخص الدين وليس الكلام الدنيوي حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم في أمور الدنيا (انتم اعلم بأمور دنياكم) .

    ويمكن أن تحمل كلمة (ينطق) قول الله تعالى ( وما ينطق عن الهوى) على القرآن وما ينطقه النبي صلى الله عليه وسلم من كلام يخص الدين ولان المشركين عندما بعث النبي صلى الله عليه وسلم أنكروا عليه هذا الأمر اي ما كان ينطق به من كلام يخص الدين الجديد الذي جائهم به وهذا يشمل الآيات التي جائهم بها او اي كلام يخص هذا الدين فلا يوجد دليل يستثني القرآن الكريم من غيره من كلام النبي صلى الله عليه وسلم الذي انكروه عليه مشركي قريش .
    ومثال ذلك عندما طلب صلى الله عليه وسلم (قولوا لا اله الا الله تفلحوا) وهذا ليس قرآنا وقد انكروه عليه لأنه يخالف ما اعتادوا عليه .

    • الأخ العزيز قادر:
      في هذه الحالة يجب أن نتوجه بالأسئلة التالية؟
      إذا كان كلام النبي وحيا مستقلا عن القرآن فلماذا لم يصل إلينا كما وصل القرآن متواترا؟
      ولماذا كان ينهى النبي عن كتابة كلامه؟ وهل هو نوع من كتمان الحقّ؟
      لماذا لم يهتم كبار الصحابة بجمع الحديث أو تدوينه؟
      وماذا لو لم يجمع أصحاب الصحاح والسنن الروايات في كتب؟ هل كانوا سيأثمون؟ إن كان الجواب بنعم، فهل يعني ذلك أن النبي وصحابته قد أثموا لأنهم لم يجمعوه؟

  • السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اخي جمال المحترم قد يرد عليك معترض بما يأتي :

    ○ عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: “كُنْتُ أَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ أَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيدُ حِفْظَهُ ، فَنَهَتْنِي قُرَيْشٌ ، وَقَالُوا : أَتَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ تَسْمَعُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَشَرٌ يَتَكَلَّمُ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا ، فَأَمْسَكْتُ عَنْ الْكِتَابِ ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَوْمَأَ بِأُصْبُعِهِ إِلَى فِيهِ فَقَالَ : اكْتُبْ ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ إِلَّا حَقٌّ” . رواه أبو داود (3646) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .

    ○ فانظر كيف أن عبد الله بن عمرو بن العاص كان يكتب كل شيء يسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى جمع من الأحاديث كتابا كبيرا كان يسمى ” الصحيفة الصادقة “، وهي من أشهر الصحف الحديثية المكتوبة في العصر النبوي .

    ○ وقول الله تعالى:{قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاء إِذَا مَا يُنذَرُونَ} (الأنبياء/45) .

    فأخبر تعالى أن كلام نبيه صلى الله عليه وسلم كله وحي من الله تعالى وهذا طبعا ما يخص أمور الدين لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا ينذر الناس في أمور الدنيا .

    ■فقد أخرج مسلم عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقوم يلقحون النخل فقال: لو لم تفعلوا لصلح، قال: فخرج شيصا ” تمرا رديئا” فمر بهم فقال: ما لنخلكم؟ قالوا: قلت كذا وكذا.. قال: أنتم أعلم بأمور دنياكم . 

    ملاحظة :
    ~~~~~
    وإذا ثبت أن السنة من الوحي الإلهي ، لا بد من التنبه إلى أن الفرق بينها وبين القرآن يكمن في أمر واحد فقط ، وهو أن القرآن كلام الله تعالى ، نزل بلفظه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، أما السنة فقد تكون وحيا بلفظ من الله تعالى بلغه جبريل عليه السلام بنصه دون شرح الى النبي صلى الله عليه وسلم أو وحي عن طريق جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم ليشرح له أمرا معينا .

    ○ ومِن فَهْمِ هذا الفرق ، يظهر أن العبرة في نقل السنة هو المعنى والمضمون ، وليس ذات الألفاظ التي نطق بها النبي صلى الله عليه وسلم ، والشريعة الإسلامية إنما حُفظت بحفظ الله تعالى للقرآن الكريم كاملا ، وبحفظه سبحانه للسنة النبوية في مُجمَلِها ، ومعناها ، وما بيَّنَتهُ من كتاب الله ، وليس في ألفاظها وحروفها .

    ومع ذلك فإن علماء هذه الأمة على مدى القرون السالفة ، قد قاموا بحفظ الشريعة والسنة ، ونقلوا لنا ألفاظ النبي صلى الله عليه وسلم كما قالها ، وميزوا ما فيها من الصواب والخطأ ، والحق والباطل .

    أما بخصوص تدوين القرآن والسنة :
    ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
    ○ فقد استعمل النبي – صلى الله عليه وسلم – الكتابة في تدوين ما ينزل من القرآن ، واتخذ لذلك كتاباً من الصحابة ، فكان القرآن يكتب كله بين يدي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على الرِّقاع والأضلاع والحجارة والسعف ( أغصان النخيل ) ، وكانت الآية من القرآن تنزل على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فيأمر كاتب الوحي بكتابتها في موضع كذا من سورة كذا ، واستمر الأمر على هذه الحال حتى وفاة النبي – صلى الله عليه وسلم – فلم يقبض رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلا والقرآن محفوظ مكتوب لا ينقصه إلا الجمع في مصحف واحد .

    ○ أما السنة فلم يكن شأنها كذلك حيث إنها لم تدون جميعها تدوينًا رسميًا في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – كما دُون القرآن ، ولم يأمر النبي – صلى الله عليه وسلم – أصحابه بذلك.

    ○ كما ثبت أن بعض الصحابة كانت لهم صحف خاصة يدونون فيها بعض ما سمعوه من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كصحيفة عبد الله بن عمرو بن العاص التي كان يسميها بالصادقة ، وكانت عند علي رضي الله عنه صحيفة فيها أحكام الدية وفكاك الأسير ، كما ثبت أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كتب لبعض أمرائه وعمَّاله كتبًا حددَّ لهم فيها الأنصبة ومقادير الزكاة والجزية والديات ، إلى غير ذلك من القضايا المتعددة التي تدل على وقوع الكتابة في عهده عليه الصلاة والسلام . 
    إذاً فقد توفي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ولم تدون السنة تدويناً كاملاً كما دون القرآن . 

    ○ ثم جاء عهد الخلفاء الراشدين ، فلم يدونوا الحديث في الصحف كراهة أن يتخذها الناس مصاحف يضاهون بها صحف القرآن ، وأحجموا عن كتابة السنة وتدوينها مدة خلافتهم ، حتى إن عمر رضي الله عنه فكر في أول الأمر في جمع السنة فاستفتى أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – في ذلك فأشاروا عليه بأن يكتبها ، فطفق عمر يستخير الله فيها شهراً ثم أصبح يوماً وقد عزم الله له فقال : ” إني كنت أريد أن أكتب السنن ، وإني ذكرت قوماً كانوا قبلكم كتبوا كتباً ، فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله ، وإني – والله – لا ألبس كتاب الله بشيء أبداً ” ، وكان هذا الرأي من عمر متناسباً مع حالة الناس في ذلك الوقت ، فإن عهدهم بالقرآن لا يزال حديثاً ، وخصوصاً من دخل في الإسلام من أهل الآفاق ، ولو أن السنة دونت ووزعت على الأمصار وتناولها الناس بالحفظ والدراسة لزاحمت القرآن ، ولم يؤمن أن تلتبس به على كثير منهم ، ولم يكن في هذا الرأي تضييع للأحاديث فقد كان الناس لا يزالون بخير ، ولا تزال ملكاتهم قوية وحوافظهم قادرة على حفظ السنن وأدائها أداءً أميناً ، وقد تتابع الخلفاء على سنة عمر رضي الله عنه ، فلم يعرف عنهم أنهم دونوا السنن أو أمروا الناس بذلك .

    ○ وهكذا انقضى عصر الصحابة ولم يُدَوَّن من السنة إلا القليل ، حتى جاء الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز فأمر بجمع الحديث لدواع اقتضت ذلك ، بعد حفظ الأمة لكتاب ربها ، وأمنها عليه أن يشتبه بغيره من السنن .

    ■ ومن كل هذا يتبين والله أعلم ان القرآن الكريم والسنة هما وحي من الله تعالى مع الفارق بينهما وهو أن القرآن كلام الله تعالى ، نزل بلفظه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، أما السنة فقد تكون وحيا بلفظ من الله تعالى بلغه جبريل عليه السلام بنصه دون شرح الى النبي صلى الله عليه وسلم أو وحي عن طريق جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم ليشرح له أمرا معينا .

    مع الاخذ بعين الاعتبار أن اي رواية لا يؤخذ بها إلا بعد ثبوت صحتها سندا ومتنا وفق ضوابط معينة كما هو معروف في علم الحديث التي تبين ثبوت صحة الحديث من عدمه وبعد ذلك كله يجب عدم مخالفتها للقرآن الكريم مخالفة واضحة لا لبس ولا شك فيها فإن ثبت مخالفة الرواية للقرآن الكريم ترك العمل بها .

    هذا وأسأل الله ان يوفقني الله وإياك اخي جمال نجم والعاملين معك في مركز بحوث الدين والفطرة للحق وأن يحببنا فيه ويرزقنا اتباعه ….آمين

  • ملاحظة أخرى
    الصحابة لم يأثموا لانهم قد دونوا القرآن الكريم وقسم من السنة والتي دونت بقيتها فيما بعد وقد قد كانوا يحفظونها في صدورهم وقد كان بعضهم يحتج على بعض بالقرآن الكريم والسنة .

    أما من كل بعد الصالة ان لم يدونوا السنة فهم آثمون بالتأكيد لأنه ال

  • ملاحظة أخرى
    الصحابة لم يأثموا لانهم قد دونوا القرآن الكريم وقسم من السنة والتي دونت بقيتها فيما بعد وقد قد كانوا يحفظونها في صدورهم وقد كان بعضهم يحتج على بعض بالقرآن الكريم والسنة .
    أما من كل بعد الصحابة ان لم يدونوا السنة فهم آثمون بالتأكيد لأنه الله تعالى أمر نبيه ان يبلغ رسالته .
    قال تعالى (تعليقك في انتظار المراجعة.
    28/12/2017 الساعة 16:34
    ملاحظة أخرى
    الصحابة لم يأثموا لانهم قد دونوا القرآن الكريم وقسم من السنة والتي دونت بقيتها فيما بعد وقد قد كانوا يحفظونها في صدورهم وقد كان بعضهم يحتج على بعض بالقرآن الكريم والسنة .
    أما إذا الصحابة ومن بعدهم لم يدونوا السنة من بعد النبي فهم بالتأكيد آثمون لان الله أمر نبيه ان يبلغ رسالته .
    قال تعالى (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ )

    والصحابة ومن بعدهم مكلفون من بعده صلى الله عليه وسلم بإبلاغ ما انزل الله من رسالة الاسلام لمن يستطيعوا أن يبلغوها له .

  • وهناك أمر آخر اخي جمال المحترم :
    الصلاة التي نصليها الآن وعدد ركعاتها وتفاصيلها صحيح انها نقلت إلينا جيلا بعد جيل ابتداء من النبي صلى الله عليه وسلم حيث صلى المسلمون خلف النبي صلى الله عليه وسلم وتعلموا منه كيفية الصلاة وعلموها لمن بعدهم وهكذا اخذها جيل بعد جيل الى ان وصلت الينا والنبي صلى الله عليه وسلم قال (صلوا كما رأيتموني اصلي) وايضا عن طريق الأحاديث التي وردت فيها بيان عدد ركعات الصلاة واوقاتها وتفاصيلها وعموما في كلا الحالتين فالنبي لا يمكن أن يكون قد تعلم الصلاة إلا عن طريق الوحي الذي يأتيه به جبريل عليه السلام من الله عز وجل وجبريل عليه السلام ليس مشرع وإنما المشرع هو الله تعالى اي ان جبريل عليه السلام قد بين للنبي صلى الله عليه وسلم تفاصيل الصلاة أخبارا عن الله عز وجل عن طريق الوحي .
    قال الله تعالى : {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} .
    والنبي صلى الله عليه وسلم بشر يجب ان يبلغه جبريل عليه السلام اوامر الله ومت يريد منه عن طريق الوحي .

    وهذا يعني أن السنة هي وحي من الله .
    والا كيف يبلغ جبريل عليه السلام ما يريده الله الى نبيه صلى الله عليه وسلم !!!

  • أتعجب منك أخي قادر، تقول الآن والآن زال الإشكال والآن والآن …. هل هو فقط جدال ما جئت به من نتيجة أخيرة يدل على أنك لم تكن تسأل لتفهم، والله غريب، كبف بعد كل الكلام المنطقي والسليم الذي أجيب عليك به بأن كتاب الله هو الوحي الوحيد ثم تعود لتقول أن هناك وحيا آخر.. ما لكم كيف تحكمون؟!!!!

    اعلم أخي أنه قد أقيمت عليك الحجة، فاتق الله وتفكر جيدا، ولا تجعل ما ورثناه يعمي بصيرتك.

    وأختي الباحثة عن الحق المسلوب:

    الرسول ليس عن عبث لم يأمر بكتابة السنة، فنسبة أن بدس في الكتابة أكبر بكثير من نسبة أن يدس في الأقوال المنقولة، فلو نُقل إلينا ما فعله النبي وقاله فقط تواترا عملبا وشفهيا لما رأينا هذا الكم من الافتراء عليه، عليه الصلاة والسلام.

    ومن قال أن النبي لم يأمر بالكتابة كي لا تختلط مع كتاب الله أرحو منه أن يصمت إلى الأبد وأن لا يضحك على عقول الناس، فهل من عاقل لا يميز بين كلام الله وكلام النبي؟ ولو كان الخلط ممكنا لما تحدى ربنا بأن يأتوا بمثله، فلنحكم عقولنا.

    • اختي.. الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن يكتب الصحابه شي غير القرءان.. وبما أن وعد الله عزوجل نااافذ ومعمول لامحاله.. فسيتم التفريق بين كتاب الله.. وكلام النبي صلى الله عليه وسلم
      لو رايتي وقراتي الاختلافات في المذاهب والتعصب المذهبي والتقدير لاصحاب المذاهب.. لدرجة ان بعض مدن الإسلام كانت تقسم لعدة أجزاء…. كل قسم وجزء يخص أبناء مذهب معين.
      كل الاختلافات والتعصب والاقتتال والتفكير والتفسيق والتبديع في الزمن الغبر بل وحتى الآن…
      كل هذا.. لم يكن له إلا ادله من السنه
      وقليل جدا من القرءان الكريم فالكل يتحجج بقال رسول الله صلى الله عليه وسلم..
      انظري لحال النساء وانا باحثه(( ليس بالمعنى الأكاديمي)) في مواضيع المرأه كثييييييرا
      كل الكلام الذي يهين المرأه والأحكام التي تقلل من شأنها وتحتقرها ليس لها ادله الا من السنه
      فلذلك تمنيت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه بتدوين أحاديثه
      أو بعضها على الأقل….
      كنا سنختصر كثيييييير من الألم والتعصب والاقتتال وغيرها وغييييرها الكثير

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.