حبل الله
هل آدم عليه السلام أول البشر؟

هل آدم عليه السلام أول البشر؟

هل سيدنا آدم هو أول البشر ؟ و إذا كان كذلك فلماذا قال الله إني جاعل في اﻷرض خليفة ؟ والخليفة هو القائد أو السيد على مجموعة مماثلة ؟ ولما قالت الملائكة : أتجعل فيها من يسفك الدماء.. كيف عرفت الملائكة أن آدم لديه دماء ؟ وأنه يموت إذا أهرقت دماؤه ؟ و لما كان آدم في الجنة ولم تكن هناك علامات على فنائه ، كيف علمت الملائكة أن آدم يمكن قتله أصلا ؟

الجواب: نعم، فآدم أول البشر وأبوهم، وقد خلقه الله تعالى بحسب نظام الخلافة حيث يخلف اللاحقُ السابقَ ويحلُّ محله، ويحصل التنافس بين الناس بحسب هذا النظام أيضا. ولذلك وصفه الله تعالى بالخليفة. قال الله تعالى {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (البقرة، 30)

وكلمة خليفة يمكن أن تأتي اسم فاعل واسم مفعول؛ فمن الأول أن يخلف الشخص غيرَه، ومن الثاني أن يخلفه غيرُه، وفي كلا الحالتين لا بد من موت الأول أو تغييبه ليحل الثاني محله. فقد خلف أبو بكر الصديق النبيَّ محمدا صلى الله عليه وسلم في قيادة الأمة، فأبو بكر خليفة باسم الفاعل والنبي خليفة باسم المفعول. وعندما نقول بأن آدم عليه السلام خليفة فإنه يتبادر إلى الذهب أنه اسم مفعول لا اسم فاعل لعدم وجود الانسان قبله.

بالنسبة للملائكة لم يكن آدم عليه السلام _عندما أخبرهم الله بأنه جاعل في الأرض خليفة_ سوى واحد من المخلوقات الحية (الحيوانات) التي عمرت الأرض قبله، تلك المخلوقات التي يقتل القوي منها الضعيف وتسفك الدماء في سبيل السيطرة والاستحواذ، لذلك استغرب الملائكة من إرادة الله تعالى خلق خليفة جديد يسفك الدماء.

الخلافة موجودة في عالم الحيوان قبل خلق آدم، وكل فصيل منها له خصوصية معينة فيها. وفي سبيل الوصول إلى قيادة المجموعة يحصل التصارع بين المتنافسَين لينتهي الأمر بمقتل أحدهما أو تشريده أو إخضاعه مطلقا. لقد تصور الملائكة أن المخلوق الجديد ستكون العلاقة بين أفراده محكومة بنظام الخلافة؛ ليصبح التنافس قائما بين الرجل والرجل وبين المرأة والرجل وبين المرأة والمرأة .

والجدير بالملاحظة أن الله تعالى لم يعنِّف الملائكة لتصورهم هذا، لأنّ الانسان إذا ظلم وسفك الدماء في سبيل السلطة والنفوذ فسيكون كالحيوانات بل هو أضل. لكن كان هناك شيئا لم تعرفه الملائكة ، لذا قال الله تعالى:

{إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}

الذي لا تعرفه الملائكة هو قدرة المخلوق الجديد على بناء الحضارة وابتكار المعرفة القائم على التنافس والتسابق نحو عمارة الأرض. والإنسان في محل الإختبار دائما؛ فكلما عمل الأفضل وتسابق نحو الجميل مبتعدا عن سفك الدماء، وتحلى بالقوة البناءة كلما وصل إلى درجات أعلى في النجاح.

أما كيف علمت الملائكة بفناء آدم فهذا مما رأته أن الفناء مصير كل مخلوق، ولم يكن هناك ما يبرر أن يكون آدم استثناء من تلك القاعدة.

التعليقات

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.