حبل الله
كلُّ كافرٍ يعتبرُ نفسَه مُتديِّناً

كلُّ كافرٍ يعتبرُ نفسَه مُتديِّناً

كلُّ كافرٍ يعتبرُ نفسَه مُتديِّناً

(من السَّهل أن يكون المرء مُسلماً ولكن من الصَّعب الدوامُ على ذلك)

أ.د عبد العزيز بايندر

الكُفرُ يعني التَّغطية أو السِّتر، والكافر هو السَّاترُ الذي يواجه النِّعمة بالنُّكران والجحود ويزعم عدم رؤيتها، أساسُ وصف الإنسان بأنَّه كافرٌ هو عدم قبوله لحاكميَّة الله تعالى وأنَّه وحده صاحبُ الأمر والنَّهي، ومعلومٌ أنَّ كلَّ إنسانٍ يجد في نفسه محبَّةَ الله تعالى وتوقيره، لأنَّه الخالق الرَّازق المُنعم، ومن السَّهل أن يكون مسلماً لأنَّ أوامرَ الله تعالى ونواهيه تتَّفقُ مع فطرة الإنسان، وتكمُن المشكلةُ في تعارض رغبات نفسه مع أحكام الله تعالى، ومن هنا تبدأ الصُّعوبة في بقاء المرء مسلماً.

أوَّلُ مَنْ ذُكر من الكافرين في القرآن الكريم هو إبليس الذي كان من جملة الملائكة، وقد واجهَ امتحانَ السُّجود لآدم كبقيَّة الملائكة.

لمَّا أرادَ اللهُ تعالى خلقَ آدم أخبرَ الملائكةَ بما أراد:

{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً[1]} (البقرة، 30)

لقد توجَّست الملائكةُ خيفةً من المخلوق الجديد لأنَّ اللهَ تعالى وصفه بـ (الخليفة)، لذلك أجابوا مُتسائلين مستغربين:

{أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء} (البقرة، 30) قالت الملائكةُ ذلك لمعرفتهم أنَّ نظام الخلافة يقود إلى سفك الدماء.

لكنَّهم استدركوا قائلين:

{وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ}

ومقصودُ الملائكة أنَّهم يُنزِّهون الله تعالى في كلِّ ما يفعل، بالرغم من استغرابهم لماذا يريد اللهُ تعالى أن يخلق خليفةً في الأرض ؟

ولم يكنِ الملائكةُ مُبطلين في سؤالهم؛ لأنَّه كان هناك شيءٌ قد خفي عنهم، لذا قال اللهُ تعالى لهم:

{إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}

{وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}

الأسماء، جمع اسم، والاسمُ يُطلق على كلِّ موجودٍ ومعلوم، كما أنَّه يُنبئ عن طبيعة هذا الشَّيئ وعن الفائدة المرجوَّة منه. وقد علَّم اللهُ تعالى آدمَ أسماءَ الموجودات كلِّها وفائدتَها.

وقد استعملَ القرآنُ الضميرَ العائد على الأسماء (ها) بصيغة غير العاقل، لكن عندما تحدَّث عن عرض الأسماء على الملائكة استعمل الضمير بصيغة العاقل (هم) ويُقال للعلم الذي يستفيده الإنسان بتلك القوة عقل.

لقد شعرت الملائكةُ بتفوُّق آدم عليهم لِما رأوا من تعليم الله تعالى إيَّاه الأسماءَ كلَّها، وقد ترك ذلك في نفوسهم شيئاً من الحسد، وكان الوقتُ ملائماً لاختبار صدق إيمانهم والتزامهم بأوامر ربِّهم فأمرَهم سبحانه بالسجود لمن حسدوه وذلك قمَّةٌ في الامتحان والتَّمحيص، فنجحَ الملائكةُ كلُّهم في الاختبار إلإ إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين.

وفي ذلك يقولُ اللهُ تعالى {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ. قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} (الأعراف، 11_12)

{قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} (الحجر، 33)

لقد أطاعت الملائكةُ ربَّها بالأمر دون شرطٍ أو قيدٍ أو تردُّدٍ، لكنَّ إبليسَ بدافع الحسد في قلبه ورغبته بالتفوُّق على آدم قدَّم نفسَه أولاً، ووضعَ أمرَ الله تعالى وراء ظهره وهو بذلك قد ألَّه نفسَه.

قال الله تعالى {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (الجاثية، 23)

مَنْ قدَّم رغباتِه وأهواءَه على حكم الله تعالى ورأى أنَّه أحقُّ بنفسه من خالقه فهو الكافرُ بعينه، ومَنْ رأى لنفسه أو لغيره من شيوخ المذاهب والطرق حقَّ الأمر والنَّهي بزعم أنَّهم أقربُ إلى الله تعالى فهو الشِّرك بعينه، ومَنْ يصلُ إلى مثل هذه النتيجة فلا بُدَّ أنَّه سدَّ منافذ الفهم وعطَّل عمل عقله.

يقول الله تعالى {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا. أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا } (الفرقان، 43_44)

إنَّ مَنْ يُغلقُ منافذَ الفهم عمداً فإنَّه يصل حتماً إلى وحل الشِّرك والكفر، ولا يعني ذلك أنَّه لا يدرك ما هو عليه من تيهٍ وضلال، بل إنَّ فطرته تُذكّره بين الحين والاخر كم هو بعيدٌ عن الحقِّ ومنغمسٌ بالباطل، وفي الآيات التَّالية التي تتحدَّث عن تزيين الشَّيطان لمشركي قريش الخروجَ لقتال النَّبيِّ والمؤمنين في بدر تبيَّنَ أنَّ الشَّيطان يعترف بغيّه وضلاله ويتخلَّى عمَّن أضلَّهم.

{وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (الانفال، 48)

وفي سورة الحشر يقول تعالى مُبيِّناً معرفة الشَّيطان لغيِّه {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} (الحشر، 16)

الشَّيطان لا يُنكر وجودَ الله ولا وحدانيَّته ويُؤمن باليوم الآخر، وعندما طُرد من رحمة الله وجنَّته قال كما أخبرَ عنه القرآنُ الكريم { قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} (الحجر، 36)

ولمَّا أذِنَ اللهُ تعالى له بالبقاء إلى يوم البعث قال مُستكبراً مُعانداً {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ. ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} (الأعراف، 17)

وقد ردَّ اللهُ تعالى عليه بقوله سبحانه {قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ} (الأعراف، 18)

والذين لا يلتزمون أوامرَ الله تعالى قسمان:

الأوَّل: يرى نفسَه مُخطئاً ويُقرُّ بذنبه، ومثلُ هذا عاصٍ لله مرتكبٌ للمُحرَّمات.

الثَّاني: يرى نفسَه مُحقَّاً في مخالفة أوامر الله تعالى، ومثلُ هذا لا يمكن أن يكون مسلماً، لأنَّه يتَّبع أهواءه، أمَّا آيات الله تعالى فلا يُلقي لها سمعاً وهي بعيدةٌ عن ناظريه وقلبه، وأسهلُ طريقةٍ على هؤلاء القفزُ على آيات الله تعالى بادعاء نسخها أو عدم صلوحها للزمان أو المكان. ويصدُق على هؤلاء قولُه تعالى {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (البقرة، 7)

والقومُ الذين ختمَ اللهُ على قلوبهم لا يقبلون من الآراء سوى ما يؤيِّد ضلالَهم، وهم يتَّخذون المواقفَ الحادَّة تجاه مَنْ يُذكِّرهم بآيات الله ويسعون إلى إسكاتهم بأيَّةِ وسيلةٍ ممكنة.

هؤلاء وبدعم من زعمائهم الروحانيين يخرجون إلى النَّاس بدينٍ جديدٍ مُفصَّلٍ بحسب مقاسهم ويعتبرون أنفسَهم مُتديِّنين بناءً عليه، لذلك لا يوجد كافرٌ يزعم أنَّه بدون دين. والتَّديُّن بحسب الدِّين الحقِّ غيرُ مُهمٍّ عندهم، المُهمُّ هو وجود ما يزعمون أنَّه التَّقوى في نفوسهم، والتَّقوى يمكن أن تتحقَّق بأيِّ تديُّنٍ كان. لكنَّ اللهَ تعالى لا يخفى عليه عِوَجُ هؤلاء وادعاءاتُهم، لذا بيَّن في كتابه أنَّ النَّاس فريقان لا غير، بقوله:

{فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} (الأعراف، 30)

إنَّ الذين يعتبرون أنفسَهم على الصِّراط الصَّحيح وهم ليسوا كذلك ما هُم في الحقيقةِ إلَّا النَّموذجُ البشريُّ لإبليس، فإبليس كذلك لا يُنكر وجودَ الله ولا وحدانيته ولا اليوم الآخر، كما أنَّه يزعم الخوف من الله تعالى بعد نجاحه بإضلال الناس. وأتباعُه من الانس يقومون بذات الدَّور.

مَنْ يسيرون بهذا الدَّرب ومهما شعروا بالمتعة فإنَّهم يشعرون بالضِّيق وخيبة الأمل بين الحين والآخر بسبب بعدهم عن فطرة الله التي فطر النَّاس عليها، وهم يحسُّون بحاجتهم إلى التَّسليم لأمر الله سبحانه في أوقاتٍ مُعيَّنةٍ.

وفي ذلك يقولُ اللهُ تعالى:

{الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ. رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ. ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ. وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ} (الحجر، 1_4)

والنَّتيجةُ التي نخلصُ إليها أنَّ الإيمانَ موجودٌ في قلب كلِّ كافرٍ لكنَّ هذا الإيمان مستورٌ بالأهواء والرغبات. وهذا ما يدلُّ عليه قولُه تعالى:

{يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} (آل عمران، 106)

جميعُ الكفَّار يشتركون بكونهم يُريدون العيشَ وفق ما تهواه أنفسهم، وفي سبيل ذلك يكذبون على الله تعالى وينسبون إليه ما شرَّعوه لأنفسهم ليظهروا أنَّهم على حقٍّ فيما يدينون به. وعندما يحين موعدُ لقائهم مع الله تعالى عند الموت لا يجدون مُبرراً لكفرهم وجحودهم لذلك لا يبقى أمامهم سوى طلبُ إعادة الاختبار من جديد كما أوردَه سبحانه:

{حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ. لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} (المؤمنون، 99_100)

وقد تحدَّث اللهُ تعالى عن حال هؤلاء في الآخرة بقوله سبحانه:

{وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ (ينهون الناس عن اتباع القرآن، ويبتعدون هم عنه، فيجمعون بين الفعلين القبيحين لا ينتفعون ولا يدعون غيرهم ينتفع) وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ. وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} (الأنعام، 26_28)

إذا أردتَ أن تعرفَ حالَك من الإيمان والكفر، فانظر: هل تقبلُ بآيات الله كلِّها دون قيدٍ أو شرطٍ أو لا تقبل؟ إذا وجدتَ نفسَك لا تقبل بآيةٍ واحدةٍ من كتاب الله تعالى مُقدِّماً رأيَك أو رأيَ عالم أو مذهبٍ عليها فاعلمْ أنَّك جانبتَ الحقَّ واخترتَ العمى على الهدى، وما عليك سوى المسارعة في العودة إلى الحقِّ الذي يوجد حصراً في كتاب الله سبحانه وتعالى.

وقف السليمانية/ مركز بحوث الدين والفطرة

الموقع: حبل الله www.hablullah.com

 


[1]  أصلُ كلمة خليفة (خليف) وإضافة التَّاء المربوطة إليها يُفيد المبالغة. وتأتي كلمة خليف كاسمِ فاعلٍ، بمعنى الخالِف أي مَنْ يخلُف غيرَه ويقوم بعده. كما تأتي كاسمِ مفعولٍ، بمعنى مخلوف؛ وهو الذي جاء مَنْ يخلفه من بعده، وتحمل الكلمة في طيَّاتها معنى المخالفة لاختلاف النَّائب عن المنوب عنه.

قال الله تعالى {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ . وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ …} (هود، 118_119)

نستنبط من الآيتين السَّابقتين القانون الطبيعيَّ الذي سيحكم علاقة الانسان بالإنسان القائم على الاختلاف والخلافة .

لقد شاهدت الملائكةُ كيف أدَّى مبدأُ الخلافة الموجود في الحيوانات إلى سفك دماء بعضها بعضاً، وكيف يأكل القويُّ منها الضعيف. لقد رأت _على سبيل المثال_ كيف يقتتل الدِّياك للسيطرة على مجموع الدجاج حتى لا يبقى في الخُمِّ (بيت الدجاج) سوى ديك واحد غالباً.

تعليق واحد

  • جزاك الله خيرا دكتور عبد العزيز بايندر
    أفهم من المقال أن غالب المسلمين يتأرجحون بين الكفر والإيمان ..وذلك من تنازع الهوى مع حكم الله تعالى .
    والإيمان محل نزاع مستمر بين القلب والعقل !!
    وصدق الله تعالى في كتابه المجيد : فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما.
    فهذه هي الميزان وكشاف البيان !!
    شكرا لك .

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.