حبل الله
مُصطلّح “الصُّحْبَةُ” بَيْنَ القُرآن والتُّراث الإسلاميِّ

مُصطلّح “الصُّحْبَةُ” بَيْنَ القُرآن والتُّراث الإسلاميِّ

مُصطلّح “الصُّحْبَةُ”

بَيْنَ القُرآن والتُّراث الإسلاميِّ

مُقدِّمة:

نَجِدُ في المعاجم مادَّة (ص ل ح) “صَلَحَ” الَّتي ترجع إليها لفظةُ “مُصْطَلَح”، أي ما يدُلُّ على إصلاح الشيء وصُلُوحه بمعنى أنَّه مناسبٌ ونافِعٌ، صَلَحَ الشيءُ أي كان مُناسباَ و نافِعاً، ويُقال: هذا الشيءُ يَصْلُحُ لكَ[1].

وأمَّا “الاصطلاحُ” فقد عرَّفه صاحبُ تاج العروس على أنَّه اتفاقُ طائفةٍ مخصوصةٍ على أمرٍ مخصوصٍ[2].

“الُمصطَلَحُ” كلمةٌ أو عبارةٌ قصيرةٌ لها معنى محدَّد مُتَّفقٌ عليه[3].

وقيل: لفظٌ معيَّنٌ بين قومٍ مُعيَّنين[4].

يكتسبُ موضوعُ المُصطلحات أهميَّةً كُبرى نظراً لتأثيره العميق في الحياة المعرفيَّة عموماً والدِّينيَّة خصوصاً ولعلَّه يكون أشدَّ خطورةً في الحياة الدِّينيَّة لما يترتَّب عليه من صياغةٍ للقضايا الدِّينيَّة التي تحدِّدُ سلوكَ أفرادٍ وشعوب.

وإذا كان ذلك المُصطلحُ الدِّينيُّ خاصَّةً غيرَ مستندٍ لحقائق وتصوُّرات صحيحة فستعاني الحياةُ الدِّينيَّة للأفراد والشعوب من مشكلاتٍ لا حصرَ لها لأنَّها أقامتْ مُصطلحاً على أسسٍ هشَّة وحوَّلتْه إلى يقينٍ لا يجرؤ أحدٌ على إعادة النَّظر فيه أو تصويبه.

وإذا ما كنَّا راغبين بدراسة مُصطلَحٍ ما في حياتنا الدِّينيَّة فلا بُدَّ أن ننطلقَ من مصدر الحقائق الدِّينيَّة “كتابِ الله” الذي لا يأتيه الباطلُ من بين يديه ولا من خلفه، فلا كتابَ قاضٍ على القرآن، ولا يحقُّ لمجموعةٍ من النَّاس الاتِّفاقُ على إلزاميَّة الخضوع لمتطلَّبات مُصطلحٍ دينيٍّ إذا كانت أسسُ ذلك المُصطلح باطلةً.

ولَعلَّ مُصطلح “الصَّحابة” واحدٌ من أخطر المُصطلحات الدِّينيَّة لِما ترتَّبَ على التَّسليم بصحَّته من نتائجَ كارثيَّةٍ حوَّلتْ القرآنَ إلى كتابٍ دينيٍّ ثانويٍّ تقضي عليه مرويَّةٌ عن”صحابيٍّ” وقسَّمتْ الأمَّةَ إلى مذاهبَ متناحرةٍ حلَّ كلُّ واحدٍ منها محلَّ دين الله.

يعلو القرآنُ الكريم ولا يُعلى عليه، ولا يجوزُ ولا يحقُّ لمسلمٍ القولُ بأنَّ واحداً من المسلمين السَّابقين كان حُجَّةً على الإسلام وعلى كتاب الله، فنحنُ نحترمُ ونوقّرُ الشخصيَّاتِ التَّاريخيَّةَ بقدر التزامها وانضباطها بدين الحقِّ دون أن نُسبغَ على أخطائها صِبغةً إسلاميَّةً لنقولَ أنَّ واحداً منهم قد فعلَ شيئاً خاطِئاً لأنَّه رأى المصلحةَ فيما يخالفُ كتابَ الله.

“الصَّحابَةُ” في اللّغة العربيَّة:

صَحِبَ: صَحِبَه يَصْحَبُه صُحْبَةً بالضَّمِّ وصَحَابَةً بالفتح ، وصَاحَبَه : عاشَرَه .

والصَّحْبُ: جمعُ الصَّاحب مثل راكِب ورَكْب. والأصحاب: جماعةُ الصَّحْب مثل فَرْخٍ وأفراخ. والصَّاحبُ: المُعاشِر

والجمعُ أصحاب ، وأصاحيب ، وصُحْبَان، مثل شابٍّ وشُبَّان، وصِحاب مثل جائعٍ وجِياع، وصَحْب وصَحابة وصِحابة.

وقال الجوهريُّ: الصَّحابة بالفتح: الأصحاب، وهو في الأصل مصدرٌ، وجمعُ الأصحاب أصاحيب.

والصَّحابة: مصدرُ قولِكَ صاحَبَكَ اللهُ وأحسَنَ صحابَتَك.

واسْتَصحبَ الرَّجُلَ: دعاه إلى الصُّحْبة؛ وكلُّ ما لازمَ شيئاً فقد استصحَبَه؛ قال:

إنَّ لكَ الفضلَ على صُحْبَتي     والمسكُ قد يستصحبُ الرَّامكا

الرَّامك: نوعٌ من الطِّيب رديءٌ خسيسٌ.

وأصحبتُه الشيءَ : جعلتُه له صاحباً، واستصحبتُه الكتابَ وغيره. وأصْحَبَ الرَّجُلَ واصطحبَه: حفظَه.

يصحبُ : يمنعُ ويحفظُ، وهو من قوله تعالى: “ولا هم مِنَّا يُصحَبون” ؛ أي يُمنعون. وقال غيرُه: هو من قوله: صَحِبَك اللهُ أي حَفِظَكَ ، وكان جاراً.

وأصْحَبَ البعيرُ والدَّابَّةُ: انقادا[5].

 الصُّحبَةُ في القرآن:

وَرَدَ مُصطلَحُ الصَّحابة ومشتقَّاتُه في القرآن الكريم في كثيرٍ من الآيات:

1. الصَّاحِبة:

يقولُ اللهُ تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } الأنعام (101:6).

{وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَداً } الجِنّ (3:72).

ما المقصودُ بالصَّاحِبة في الآيتين السَّابقتين؟ ومالفرقُ بين الصَّاحِبة والزَّوْجة؟

الصَّاحِبةُ هي المرأةُ التي تُرافِقُ الرَّجُلَ وتعيشُ معه سواء أكانتْ هذه الحياةُ المُشتَركة بنِكاحٍ أو بغير نِكاح، نقرأ في قِصَّةِ مريم: {قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً } مَرْيَم (20:19).

“َلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ”: لم أكُنْ زوجةً لرجلٍ ما. “وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً”: لم أرتَكِبِ الزِّنا.

أيْ أنَّ مريم عليها السَّلام لم تتَّخذْ صاحِباً لها.

الصَّاحبةُ إذاً مفهومٌ عامٌّ دالٌّ على الحياة المُشتَركة التي تربط بين المرأة والرَّجُل سواء أكانت تلك العلاقةُ بزواجٍ وفق الأُسس الشرعيَّة أو بغيرها، وفي الآيتين السَّابقتين نجد لفظَ الصَّاحِبة لا “الزَّوجة” لأنَّ اللهَ تعالى ليسَ بَشَراً مثلَنا، فلو أرادَ وَلَداً لاتّخذَ صاحِبةً له اصطفاءً من خلقِه.

فكُلُّ زواجٍ هو صُحبَةٌ لكنَّ العكسَ غيرُ صحيح.

فمثلاُ كانتْ امرأةُ نوح صاحبةً له لكنَّها لم تنتفعْ بتلك الصُّحبة، وكانت امرأةُ لوطٍ كذلك صاحبةً له لكنَّها لم تنتفعْ بتلك الصُّحبة، ولم يُطلق القرآنُ الكريمُ وصفَ الزَّوجة على المرأتين لأنَّ الزوجيَّةً تقتضي التَّجانسَ التَّام بين الزَّوجين، بينما لا تقتضي الصُّحبةُ مثلَ ذلك التَّجانس لذلك قال القرآنُ عنهما:”امرأة لوط” و”امرأة نوح”.

ومع أنَّ الزَّوجيَّةَ التَّامَّةَ هي أعلى درجات الصُّحبة فإنَّ القرآنَ الكريمَ قد حذَّر زوجاتِ النَّبيِّ الخاتم اللَّواتي كُنَّ أكثرَ النَّاس التصاقاً به من ارتكاب الخطايا والفواحش: {يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} الأحزاب (30:33).

وإذا كان الأمرُ كذلك مع زوجات النَّبيِّ فكيف لواحدٍ من المسلمين القولُ بأنَّ شخصيَّةً من تاريخ المسلمين قد اكتسبتْ العِصمةَ لمجرَّد أنَّ صاحبَها قد رأى النَّبيَّ عليه الصَّلاةُ والسَّلام؟ وكيف لمسلمٍ القولُ بأنَّ أقوالَ تلك الشخصيَّة وتصرُّفاتِها قد أضحتْ قاضيةً على كتاب الله ومُهيمنةً عليه؟

ويتكرَّرُ ذاتُ اللّفظِ في الآيتين التَّاليتين لكنَّه مرتبطٌ بالبَشر هذه المرَّة: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ، وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ، وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ} عَبَسَ ( 34:80_36).

{يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ، وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ} المَعَارِج (11:70_12).

2. الصَّاحِبُ بالجَنبِ:

تعني هذه العبارةُ الشَّخصَ القريبَ مِنَّا مُرافِقاً لنا “سواءً أكان ذلك في عملٍ أو في سَفَرٍ أو في سِجنٍ أو في أيِّ مكانٍ آخر”، ونجدُ مثالَ هذا في الآياتِ التَّالية: {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } التَّوْبة (40:9).

{يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ } يُوسُف (39:12).

{يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ } يُوسُف (41:12).

{قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْراً } الكَهْف (76:18).

{وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً } الكَهْف (34:18).

{قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً } الكَهْف (37:18).

نلاحظُ من الآيتين الأخيرتين أنَّ الصُّحبةَ بين الرَّجُلين المذكورين لمْ تَنفِ حقيقةَ أنَّ أحدَهما كان مؤمِناً بالله بينما كَفَرَ الآخرُ بخالقه.

نستطيعُ القولَ إذاً أنَّ الصُّحبةَ بين كيانين لا تُفيدُ المدحَ أو الذمَّ لكنَّها كلمةٌ مُحايدةٌ، فقد يكونُ الصَّاحبُ جيِّداً وقد يكون خلافَ ذلك.

وتؤكِّدُ ذلك أيضاً الآيةُ التي تتحدَّث عن وجوب مُصاحَبَة الوالِدَين بالإحسان مع وجوبِ عدمِ طاعتهما فيما يُغضِبُ الله، أي أنَّ عدمَ التزامهما بذاتهما بطاعة الله ليس مُبرِّراً لترك صُحبتهما بالإحسان من الأولاد:{وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } لُقْمان (15:31).

 ونحنُ مُطالَبون بالإحسانِ إلى الصَّاحِبِ بالجَنبِ ولو لم نتّفق فكريَّاً معه بنصِّ الآية التَّالية:

{وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً } النِّساء (36:4).

3. كلُّ رسولٍ هو صاحبٌ لبني قومه:

يقولُ اللهُ تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } إبراهيم (4:14).

كلُّ رُسل الله مكثوا طويلاً في أقوامهم وتحدَّثوا بلسانهم فكانوا أصحاباً لبني قومِهم، ويستوي في هذه الصُّحبة مَن آمَنَ برسالتهم ومَن لم يؤمن بها، وقد أطلقَ اللهُ تعالى لفظَ “الصُّحبة” على العلاقة التي ربطتْ بين خاتم النَّبييِّن وبين أفراد بني قومه المؤمنين منهم والكافرين على حدٍّ سواء كما يظهرُ في الآيات التَّالية:

{أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } الأعراف (184:7).

{قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ } سبأ (46:34).

{مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى } النَّجم (2:53).

{وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ } التَّكوير (22:81).

وبهذا المعنى فإنَّ كلَّ أفراد قوم خاتم النَّبيِّين هم أصحابُه دونَ تمييزٍ في هذا المُصطلح بين أبو لهب وأبو بكر الصِّدِّيق مَثَلاً.

ويؤكِّدُ كتابُ الله أنَّ أكثرَ قومِ رسول الله قد رفضوا رسالةَ الله إليهم ولم يسمعوا بقول صاحبِهم عليه السَّلام:{لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} يس (7:36).

{بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ} فُصِّلتْ (4:41).

{وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} يُوسُف (103:12).

والذي عَقَرَ ناقةَ صالِح الذي أُرسِلَ إلى قومِ ثمود هو واحدٌ من بني قومِه، أي من أصحاب رسول الله صالح عليه السَّلام: {فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ } القَمر (29:54).

فالصُّحبةُ إذاً هي التقاءٌ في زمانٍ واحدٍ وفي مكانٍ واحدٍ دون أن تعني بالضَّرورة التَّجانسَ والانسجام بين المُتصاحِبَيْن:

{قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَىَ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } الأنعام (71:6).

وفي آيةٍ أُخرى:{فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ }الذَّاريات (59:51).

أي أنَّ الَّذين ظَلَموا سيلقَوْنَ مع الذين اشتركوا معهم ولازموهم في ظُلمهم ذاتَ الجزاء.

يقولُ اللهُ تعالى: {فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ } الشُّعراء (61:26).

يُطلِقُ اللهُ تعالى لفظَ الصُّحبة على كلِّ مَنْ خرَجَ من بني إسرائيل مع موسى عليه السَّلام، لكنَّ أولئك الأصحاب هم الَّذين قالوا لموسى بعد ذلك: {يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} الأعراف (138:7).

وهمُ الَّذين عبدوا العِجلَ وحكمَ اللهُ عليهم بأن يتيهوا في الأرض: {قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} المائِدة (26:5).

أي أنَّ صُحبتَهم مع موسى عليه السَّلام لم تجنِّبهمَ الضَّلال والفُسقَ بعد ذلك.

4. أصحابُ الجَنَّة وأصحابُ النَّار:

 إنَّ أكثرَ لفظٍ من مشتقّات الصُّحبةِ وَرَدَ في كتاب الله هو لفظُ”أصحاب”، وغالباً ما ارتبطتْ هذه المُفردةُ بالجنَّةِ ومرادفاتها أو النَّار ومرادفاتها تبعاً لِما يستحقُّه الإنسانُ بعد موته من مرافقة النَّعيمٍ أو الجحيمٍ، ونذكرُ من تلك الآيات:

 {وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } البَقَرَة (39:2).

{وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُولَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } البَقَرَة (82:2).

{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ } البَقَرَة (119:2).

{فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ } الواقِعة (8:56).

{وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ } الواقِعة (9:56).

{وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ } الواقِعة (41:56).

أطلَقَ اللهُ تعالى لفظَ “أصحاب” على كلٍّ من أهل الجنَّة وأهل النَّار للدَّلالة على شدَّة التصاق وملازمة كلٍّ من الفريقين لِما سيحصده نتيجةً لأعماله في الدُّنيا.

5. مُصاحبَةُ الجَمَاد أو المخلوقات غير البشريَّة:

يقولُ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ } الممتَحِنة (13:60).

أصحابُ القُبور هُمُ الَّذين لازموا القبورَ بعد موتهم. وفي ذات المعنى نقرأُ عن أصحاب الكهف:

{أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً } الكهف (9:18).

والقومُ الذين يعيشون في أيَّة قريةٍ هم “أصحابُ” تلك القرية: {وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءهَا الْمُرْسَلُونَ } يس (13:36).

فرسولُ الله صالح عاشَ في بلدةٍ تُدعى “الحِجر”:{وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ } الحِجر (80:15).

وكانَ شُعيب رسولاً في قومه في بلدةٍ تُسمّى”مَدْين”:{ أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وِأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } التَّوبة (70:9).

ويُسبغُ اللهُ تعالى وصفَ الصُّحبة على علاقة العبوديَّة التي كانت بين قوم شعيب وبين الأشجار المُسمّاة”الأَيْكة”:

{وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ } الحِجر(78:15).

ونجدُ مثلَ هذا المعنى في الآية التي تتحدَّث عن القومِ الَّذين عاشوا بجوار بئرٍ كبيرةٍ “رس”: {وَعَاداً وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً } الفُرقان (38:25).

{إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ } القَلَم (17:68).

أصحابُ الجنَّة همُ الّذين لازموا الأرضَ الزِّراعيَّة التي وهبها اللهُ لهم، وينطبقُ هذا الوصفُ على كلِّ صاحِبِ عمل.

{قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ } البُرُوج (4:85).

أصحابُ الأُخدود هُمُ الَّذين لازموا الحُفرةَ التي تضطرمُ ناراً بعد أن أُلقوا بها. كما يفهم أنهم الذين ألقوا المؤمنين فيه فتكون الصحبة بمعنى الملكية الملازمة.

يقولُ اللهُ تعالى:{وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُواْ مَا أَغْنَى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ } الأعراف (48:7).

“الأَعْراف” جمعٌ مفردُه “عُرف” وهو المكانُ المرتَفِعُ عن الأرض، وعلى رأي الحَسَن البَصْريِّ وفقَ ما ذكره البغويُّ في تفسيره فإنَّ أصحابَ الأعراف هم رجالٌ من أهل الفَضْل من المؤمنين عَلَوا على الأعراف فيَطَّلعون على أهل الجنَّة وأهل النَّار جميعاً ويُطالعون أحوالَ الفريقين.

أي أنَّ ملازمتَهم لذلك المكان المرتفع جعلتْهم من أصحابه.

والَّذي يسيرُ على الطَّريق المستقيم الذي خطَّه القرآن يُصبح من أصحاب هذا الطَّريق كما تقول الآية: {قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى } طه (135:20).

ووَصَفَ اللهُ مَنْ صَعَد مع نوح عليه السَّلام إلى السَّفينة بأنَّهم أصحابُها لأنَّهم أمضَوا بعضَ الوقت على ظهرها:{فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ } العنكبوت (15:29).

وفي الآيةِ القرآنيَّة:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً} النِّساء (47:4).

رَبَطَ اللهُ تعالى في هذه الآية بين طائفةٍ معتديةٍ على أمره من بني إسرائيل وبين الزَّمن “السَّبت” الذي كانوا يعتدون فيه على أمر الله لهم.

 وأمَّا الصُّحبةُ مع المخلوقات غير البشريَّة فنجدُ مثالَها في قوله تعالى: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ } القَلَم (48:68).

والمقصودُ بصاحب الحوت في هذه الآية هو يُونُس عليه السَّلام لأنَّه لازمَ الحوتَ مُجبراً لفترةٍ من الزمن.

ونجدُ مثالاً آخرَ عن هذا النَّوع من المُصاحَبَة في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ } الفيل (1:105).

أصحابُ الفيل هم الذين رافقوا الفِيَلة لفترةٍ من الزمن كانوا يريدون خلالها هدمَ الكعبة كما تذكرُ كتبُ التَّفسير والتَاريخ.

لم يخرُج القرآنُ الكريم إذاً بمُصطلح “الصُّحبة” عن معناه اللُّغوي “التقاءٌ بين كيانين في زمانٍ واحد ومكانٍ واحد دون أن يعني ذلك بالضَّرورة الانسجامَ والتوافقَ بين الكيانين”.

صحبة النبي

كان خاتمُ النَّبييِّن صاحِباً لكلِّ أفراد بني قومه “المؤمنِ منهم والكافر والمُنافِق”، وهذا يُبيِّنُ الأسسَ الباطلة التي احتجَّ بها أولئك الذين اخترعوا مُصطلحَ “الصَّحابي” وحوَّلوه إلى مُصطلحٍ دِينيٍّ يستوجبُ السَّمعَ والطَّاعةَ لقول الصَّحابي ولو خالفَ كتابَ الله.

وقد أرسى القرآنُ الكريم قاعدةً للتفاضُل بين النَّاس، لم تكن تلك القاعدة على أساس التقاء ورؤية الصَّالحين بل على أساس الالتزام بأمر الله القائم على التَّقوى:{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} الحُجُرات (13:49).

ولو كانت رؤيةُ الصَّالحين كافيةً بحدِّ ذاتها لانتفعتْ منها امرأةُ نوح عليه السَّلام الذي عمَّرَ مئات السِّنين ولانتفعتْ بها امرأةُ لوط التي هلَكَتْ فيمَنْ هَلَكَ من قومه.

إذاً فلا وجودَ في القرآن  لمُصطلح “الصَّحابة” بمعناه الدِّينيِّ كما فهمه كثيرٌ من المسلمين عبر التَّاريخ، ولم يصفِ اللهُ تعالى الَّذين اتَّبعوا نبيَّه الخاتم بأنَّهم أصحابُ رسول الله، ولم يُثنِ اللهُ تعالى إلَّا على الأفعال والصِّفات التي تتَّسقُ مع محتوى كتابه دون اهتمامٍ بمَنْ فعلَها، وجَعَل تعالى مناطَ التَّفاضل والتَّمايز بين النَّاس هو التَّقوى والعمل الصَّالح.

وهذا تؤكِّدُه الآياتُ التَّالية: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} الأحزاب (35:33).

لم يذكر كتابُ الله مصطلح “الصَّحابة” للدلالة على مَن اتَّبع نبيَّه الخاتم:{ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} التَّوبة (100:9).

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} الأنفال (64:8).

{لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} الحَشْر (8:59).

وإنَّما أطلقَ القرآنُ الكريمُ مُصطلحَ “القَرْن”[6] على مجموعات الأمم السَّابقة والتي تلتها:

{أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاء عَلَيْهِم مِّدْرَاراً وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ } الأنعام (6:6).

{وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِئْياً } مريم (74:19).

{ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ }المؤمنون(31:23).

“الصُّحبةُ” في التُراث الإسلاميِّ:

تداولَ التُّراثُ الإسلاميُّ مُصطلحَ “الصُّحبة” على أنَّه مصطلحٌ دينيٌّ يستلزمُ سمعاً وطاعةً وتقليداً لأقوال وتصرُّفات مَن تنطبقُ عليهم شروطُ الصُّحبة، وهنا نذكرُ بعضَ الأقوال المأثورة في كتب التُّراث:

عن عبد القدُّوس بن مالك العطَّار قال: سمعتُ أبا عبد الله أحمد بن حنبل وذَكَرَ من أصحاب النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أهلَ بدر فقال: “ثمَّ أفضلُ النَّاس بعد هؤلاء أصحابُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم القرنُ الذي بُعث فيهم، كلُّ مَنْ صحبه سنةً أو شهراً أو يوماً أو ساعةً أو رآه فهو من أصحابه له من الصُّحبة على قدر ما صَحِبَه وكانت سابقتُه معه وسمِعَ منه ونَظَرَ إليه”[7].

وقال البخاريُّ: “مَنْ صَحِب النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه”[8].

وقال عليُّ بنُ المدينيِّ “شيخُ البُخاري”: “مَنْ صَحِبَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أو رآه ولو ساعةً من نهار فهو من أصحاب النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم”[9].

وقال سعيدُ بنُ المُسيَّب: “الصَّحابةُ لا نعدُّهم إلا مَنْ أقام مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم سنةً أو سنتين وغزا معه غزوةً أو غزوتين”[10].

ويقولُ الحافظُ ابنُ حجر: “وأصحُّ ما وقفتُ عليه من ذلك أنَّ الصَّحابيَّ مَنْ لقيَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مؤمناً به ومات على الإسلام”.

ثم قال شارحا التَّعريف: “فيدخل فيمَنْ لقيه مَنْ طالتْ مجالستُه له أو قصُرتْ، ومَنْ روى عنه أو لم يرو، ومَنْ غزا معه أو لم يغز، ومَنْ رآه رؤيةً ولو لم يجالسه، ومَنْ لم يره لعارضٍ كالعَمى، ويخرج بقيد الإيمان مَنْ لقيه كافراً ولو أسلم بعد ذلك إذا لم يجتمع به مرَّةً أُخرى وقولنا: (به) يُخرِجُ من لقيه مؤمناً بغيره كمَنْ لقيه مِن مؤمني أهل الكتاب قبل البعثة، ويدخل في قولنا: (مؤمناً به) كلُّ مُكلَّفٍ من الجِن والإنس… وخرج بقولنا: (مات على الإسلام) مَنْ لقيه مؤمناً به ثم ارتدَّ ومات على رِدَّتِه والعياذ بالله… ويدخل فيه من ارتدَّ وعاد إلى الإسلام قبل أن يموت سواء اجتمع به صلَّى الله عليه وسلَّم مرَّةً أُخرى أم لا وهذا هو الصَّحيح المُعتمد”[11].

ويقول ابنُ الأثير: “والصَّحابة يشاركون سائر الرُّواة في جميع ذلك إلَّا في الجرح والتَّعديل فإنَّهم كلَّهم عُدُولٌ لا يتطرَّق إليهم الجرحُ لأنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ زكَّاهم وعدَّلهم وذلك مشهورٌ لا نحتاج لذكره”[12].

ونحنُ حقيقةً لا نعرفُ شيئاً في كتاب الله يؤيِّدُ ما ذهبَ إليه ابنُ الأثير، بل إنَّ بين يدينا من الآيات القرآنيَّةِ ما يؤكِّدُ عكسَ ما ذهبَ إليه ابنُ الأثير، ومن ذلك قولُه تعالى:{ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} الجُمُعة (11:62).

وقولُه تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} آل عِمران (155:3).

لا شكَّ أنَّ الَّذين تَوَلَّوا في ذلك الوقت هم أصحابُ رسول الله، ويقول اللهُ إنَّ الشَّيطان قد استزلَّهم فزلَّوا ثمَّ عَفَا اللهُ تعالى عنهم.

ومن ذلك أيضاً قولُه تعالى: (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} التَّوبة (106:9).

وقولُه تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} النِّساء (94:4).

وقولُه تعالى: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ} التَّوبة (101:9).

كُلُّ متطلَّبات الصُّحبة التي افترضها التُّراثُ الإسلاميُّ اجتمعتْ في هؤلاء المنافقين الَّذين لا يعلمُهم إلَّا الله، فهم ممَّن رأى رسولَ الله وكانوا يدَّعون بأنَّهم مؤمنون برسالته وكانوا يجالسونه، فلماذا استثناهمُ التُّراثُ الإسلاميُّ من دائرة صحابة رسول الله؟ !

قال صلَّى الله عليه وسلَّم حين بلغه قولُ عبد الله بن أبي بن سلول :”والله لَئِنْ رجعنا إلى المدينة ليُخرجنَّ الأعزُّ منها الأذلَّ”، فقال عمر: يا رسول الله دعني أضرب عنقَ هذا المنافق، فقال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم :”دعه لا يتحدث النَّاس أنَّ مُحمَّداً يقتل أصحابَه”[13].

ويقول السَّفاريني: “والذي أجمع عليه أهلُ السُّنَّة والجماعة أنَّه يجب على كلِّ واحدٍ تزكيةُ جميع الصَّحابة بإثبات العدالة لهم والكفِّ عن الطَّعن فيهم والثناءِ عليهم . والاعتقادِ بنزاهتهم وأنَّهم أفضلُ جميع الأمة بعد نبيِّهم . هذا مذهبُ كافَّة الأُمَّة ومَنْ عليه المُعوَّلُ من الأئمَّة”[14].

ويقول ابنُ الصَّلاح: “للصَّحابة بأسرهم خصيصةٌ وهي أنَّه لا يُسألُ عن عدالة أحدٍ منهم . بل ذلك أمرٌ مفروغٌ منه لكونهم على الإطلاق مُعدَّلين بنصوص الكتاب والسُّنَّة والإجماع”[15].

وقال عليُّ بن المديني: “ثمَّ أفضل النَّاس بعد أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم (يريد كبار الصَّحابة): القرن الذي بُعِثَ-الرَّسولُ صلَّى الله عليه وسلَّم- فيهم كلُّهم مَن صَحِبَه سَنةً أو شهراً أو ساعةً، أو رآه، أو وَفَدَ إليه فهو من أصحابه، له من الصُّحبة على قدر ما صحبَه، فأدناهم صحبةً هو أفضلُ من الذين لَم يروه، ولو لقوا اللهَ عزَّ وجلَّ بجميع الأعمال، كان الذي صحب النَّبِيَّ –صلَّى الله عليه وسلَّم- ورآه بعينيه وآمن به ولو ساعةً أفضلَ بصُحبته من التَّابعين كلِّهم، ولو عملوا كلَّ أعمال الخير”[16].

في الحقيقة لا ندري من أين أتى المديني بهذه المعلومات وما دليلُه على صِحَّة ادِّعائه ومَن الذي أعطاه الحقَّ أساساً في تصنيف النَّاس بهذه الطَّريقة!

لكن نستطيعُ القولَ وفق ما ورَدَ عنه أنَّه أعطى لنفسه من غير وجه حقٍّ الدَّورَ الذي اختصَّ به اللهُ تعالى نفسَه في تقييم النَّاس وتزكية بعضهم، أي أنَّ المديني انتهك حدودَ الله بقوله الذي نُقِلَ عنه، والآيةُ تقول: {فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} النَّجم (32:53).

ويقول القرطبيُّ : “فالصَّحابة كلُّهم عُدُول . أولياءُ الله تعالى وأصفياؤه وخيرتُه من خلقه بعد أنبيائه ورسله، هذا مذهبُ أهل السُّنَّة والذي عليه الجماعة من أئمَّة هذه الأُمَّة . وقد ذهبت شِرذمةٌ لا مبالاة بهم إلى أنَّ حالَ الصَّحابة كحال غيرهم فيلزم البحثُ عن عدالتهم. ومنهم مَن فرَّق بين حالهم في بداءة الأمر . فقال: إنَّهم كانوا على العَدَالة إذ ذاك ثم تغيَّرتْ بهم الأحوالُ فظهرتْ فيهم الحروبُ وسفكُ الدِّماء فلا بدَّ من البحث. وذا مردودٌ ولا يجوز أن يُنسب إلى أحد من الصَّحابة خطأ مقطوع به وقد تعبَّدنا بالكفِّ عمَّا شَجَرَ بينهم وألاَّ نذكرَهم إلا بأحسن الذكر لحُرمة الصُّحبة ولنهي النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن سبِّهم وأنَّ الله غفر لهم وأخبر بالرضا عنهم . ومن أصحابنا مَن قال: إنَّ سبيل ما جرت بين الصَّحابة من المنازعات كسبيل ما جرى بين إخوة يوسف مع يوسف . ثم إنَّهم لم يخرجوا بذلك عن حدِّ الولاية والنُّبوَّة فكذلك الأمر فيما جرى بين الصَّحابة ، وقد سُئل الحسنُ البَصريُّ عن قتالهم فقال: قتالٌ شهده أصحابُ محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم وغِبْنا وعَلِموا وجهلنا واجتمعوا فاتَّبعنا. واختلفوا فوفَّقنا”[17].

تحوَّل مُصطلحُ الصَّحابة إذاً من معناه اللُّغويِّ القرآنيِّ إلى مُصطلحٍ دينيٍّ يعتبر أقوالَ “الصَّحابة” وممارساتِهم حجَّةً على المسلمين الذين جاؤوا من بعدهم لأنَّ أولئك “الصَّحابة” معصومون من الكذب والزَّلل.

طغى الرِّجالُ إذاً على النُّصوص وأصبحَ الحقُّ يُعرفُ بالرِّجال لا بالنُّصوص، وانقسمتْ هذه الأمَّةُ إلى جماعاتٍ متناحرةٍ اخترعت مذاهبَ حلَّت محلَّ الإسلام وأصبحَ الحديثُ عن أخطاء السَّابقين جريمةً كبيرةً تستوجبُ العِقاب وآلَ أمرُ هذه الأمَّة بالنتيجة إلى ما نراه اليوم من تقديسٍ للأخطاء وعضٍّ عليها بالنواجذ وهجرٍ لكتاب الله تعالى: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} الفُرقان (30:25).

حتَّى في كتب الحديث نقرأُ أحاديثَ تؤكِّدُ أنَّ مصطلح الصَّحابة بمعناه الدَّيني لا يعني أنَّ الصَّحابةَ معصومون:

عن ابن عبَّاس عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: إنَّكم تُحشرون حفاةً عراةً غرلاً ثم قرأ:”كما بدأْنَا أوَّلَ خلقٍ نُعيده وعداً علينا إنَّا كنَّا فاعلين”، وأوَّلُ مَنْ يُكسى يوم القيامة إبراهيم وإنَّ أُناساً من أصحابي يُؤخذُ بهم ذات الشِّمال فأقول أصحابي ، فيُقال: إنَّهم لم يزالوا مرتدِّين على أعقابهم منذ فارقتَهم. فأقول كما قال العبدُ الصَّالح: وكنتُ عليهم شهيداً مادمتُ فيهم إلى قوله الحكيم[18].

عن عبد الله عن النَّبيِّ صلَّى االله عليه وسلَّم قال: أنا فرطُكم على الحوض وليُرفعنَّ رجالٌ منكم ثم ليُختلجنَّ دوني فأقول يا ربِّ أصحابي فيُقال: إنَّك لا تدري ما أحدثوا بعدك[19].

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” وَدِدْتُ أَنِّي رَأَيْتُ إِخْوَانِي “، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَسْنَا بِإِخْوَانِكَ؟، قَالَ: ” بَلْ أَنْتُمْ أَصْحَابِي، وَإِنَّمَا إِخْوَانِي الَّذِينَ يَأْتُونَ مِنْ بَعْدِي”[20].

وفقَ هذه المرويَّة فنحنُ إخوانُ النبيِّ، وإذا كان “الصَّحابةُ” قد تحوَّلوا بفعل التُّراث الإسلاميِّ إلى مُشرِّعين معصومين فكيف سيكون الحالُ مع إخوان النَّبيِّ؟

الخاتمة:

لا يجوزُ لأحدٍ اختراعُ مصطلحٍ في الحياة الدِّينيَّة ما لم يكن ذلك المُصطلَحُ متوافقاً مع مبادئ كتاب الله، ولم يُعطِ اللهُ الحقَّ لأحدٍ في القول بعِصمة شخصٍ أو مجموعةٍ من الأشخاص أو بتفضيلهم على غيرهم لمجرَّد أنَّهم رأوا النَّبيَّ عليه السَّلام أو بقبول رواياتهم المنسوبة للنَّبيِّ دون تمحيصٍ لها على ضوء كتاب الله، فما وافقَ من تلك المرويَّات كتابَ الله نأخذ به وما خالفَ كتابَ الله نتركه ولو كان رواتُه مِن أكثر النَّاس التصاقاً برسول الله، فالحقُّ يُعرفُ على ضوء كتاب الله ولا يُعرَفُ بقول الرِّجال، ولا كتابَ ولا قولَ قاضٍ على كتاب الله.

ولا شكَّ أنَّ تمزُّقَ الأُمَّة اليوم إلى مذاهبَ متصارعة يقتُلُ بعضُها البعضَ باسم الله هو النتيجةُ المحتَّمة للتَّلاعب بالمصطلحات الدِّينيَّة، فما نراه اليوم ليس هو الإسلام الَّذي أرادَه اللهُ لنا، لكنَّه العَمَى والتعصُّب والتمذهب بعيداً عن روح الإسلام، ولن يكون لهذه الأُمَّةِ نهضةٌ ما لم تبادر إلى كَنْسِ العقبات التَّاريخيَّة التي تقف اليوم في طريق نهضتها وإخضاعِ ذلك التَّاريخ إلى الدِّراسة على ضوء القرآن الكريم لنأخذَ منه ما يساعدُنا في حياتنا اليوم وينسجمُ مع دين الله ونتركَ الصِّراعات التي تضعُنا اليوم على شفا حُفرةٍ من الجحيم الجماعيِّ.

وقف السليمانية/ مركز بحوث الدين والفطرة

الموقع: حبل الله  www.hablullah.com

هشام العبد



[1]  مَجْمَعُ اللُّغة العربيَّة، المُعجم الوسيط، مادَّة (ص ل ح )

[2]  مُحمَّد مُرتضى الزُّبيدي، تاج العروس من جوهرالقاموس، مادة (ص ل ح)

[3]  مركزُ البحوث والتَّطوير الدُّوليُّ، إحداث التَّغيير بتوطين المعلوماتيَّة دليلٌ لتوطين البرمجيَّات الحُرَّة مفتوحة المصدر، ترجمة خالد حسني، 2011، ص 28

[4]  الشَّريف علي بن مُحمَّد الجرجانيَّ، التَّعريفات، المطبعة الخيريَّة المنشأة بجمالية، مصر، 1306هـ ، ط1، ص13

[5] لسانُ العرب، ابن منظور، الجزء الأوّل، الصّفحة 519

[6]  أهلُ عصرٍ واحدٍ أو زمانٍ واحدٍ، أُمَّةٌ أو جماعةٌ تعيش في عصرٍ أو زمانٍ واحدٍ

[7]   الكفاية (69)، وفتح المغيث بشرح ألفيَّة الحديث (77)، ومُقدِّمة ابن الصَّلاح (146).

[8]  صحيحُ البخاري مع الفتح (7/3)

[9] فتح الباري (7/5)

[10]  الكفاية (68-69) وانظر أيضاً أسد الغابة (1/18)

[11]  الإصابة (1/7-9)

[12]  أسدُ الغابة في معرفة الصَّحابة ، ج 1 ، ط . القاهرة

[13]  البخاري 3518، صحيح مسلم،كتاب البِرِّ والصِّلة والآداب، 2584

[14]  الدُّرَّة المُضيئة وشرحُها / عقيدة سفاريني : ج 2 / 338

[15]  علوم الحديث ، ص 264

[16]  اعتقاد أهل السُّنَّة والجماعة/ للألكائي(1/187-188)

[17]  الجامع لأحكام القرآن، ج 16 / 299 / 322

[18]  صحيح البخاري، ج 4، ص 110

[19]  صحيح البخاري، ج 7، ص 206

[20]  صحيح مسلم، ( كتاب الطَّهارة ، باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل ) ج 1 ص 228 – 229 رقم 249

التعليقات

  • لقد أصابَنَا (نحن المسلمين) في أوائِل التَّاريخ الإِسلاميِّ مَرَضٌ ما نزالُ نشتكي منْ آلامه إلى يومنا هذا، ولمْ نحاولْ أنْ نبرأَ منه، بل لمْ نشتغلْ بسُبل الوصولِ إلى العلاج اللَّازم لنتعافى منه.

    ويتلخَّصُ ذلك المَرَضُ في أنَّ “آباءَنا الأوَّلين” قدَّسوا آباءَهم فقدَّسناهم وما نزال، ونُدافعُ عنهم ونفتخرُ بهم ونمدَحُهم في كلِّ فرصةٍ تسنحُ لنا، والحالُ أنَّ تقديسَنا إيَّاهم لم يجلبْ لنا أيَّ نفعٍ ولم يدفعْ عنَّا أيَّ ضرر.

    وأخونا المُحتَرَم كاتبُ المقال بَحَثَ في سِرِّ نجاح المسلمين الأوائِل فوجدَه في كتابِ الله الكريم، ثم كَتَبَه في مقالةٍ رائعةٍ جِدَّاً سهْلةِ العبارة وواضحةِ المعنى، وقد حاوَلَ أنْ يُبيِّنَ مناطَ التَّفاضُل بين عباد الله الذي يتلخَّصُ في التَّقوى فقط، أي لا علاقةَ لذلك بنَسبٍ أوصُحْبةٍ، ويُؤيِّدُ الحديثُ التَّالي ما وَصَلَ إليه الأخُ الكريمُ من خلال بحثه:

    عن أنس؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ أُمَّتِي مَثَلُ المَطَرِ لَا يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَمْ آخِرُهُ » .
    هذا الحديثُ يدلُّ على أنَّ توقيرَنا للصَّحابة مُرتبِطٌ باتِّباعهم لرسولِ الله ولا يكفي لذلك صُحبتُه.

    والخلاصةُ أنَّ ما وَصَلَ إليه أخونا الفاضل هشام العبد وجَمَعَه في المقالة التي بين أيدينا مُوافِقٌ للكتاب والحِكمة والعقلِ والمنطقِ ومطابِقٌ لروح الدِّين الإسلاميِّ ولسُنَّة اللهِ في إنزال الكتب وإرسال الرُّسل، لأجل ذلك ينبغي بل يستحقُّ أن يُنشَرَ في موقعنا “حبل الله” وفي مجلَّتنا “الكتاب والحِكمة”.

    مع فائق الاحترام والتَّقدير

    أخوكم في الله: أنس عالم أوغلو
    ‏الثلاثاء‏، 10‏ آذار‏، 2015

  • بداية لا يفوتنا ما بذله صاحب المقال الأخ الأستاذ هشام العبد من جهد ملحوظ مصاغ بأسلوب بديع، كما لا يفوتنا أن المكان الذي طرح فيه هذا المقال هو المكان المناسب للمناقشة، إذ أن طرح مثل هذه القضايا أمام عموم الناس يفتح أبواب الجدل العقيم.
    بارك الله فيكم وإلى المزيد من هذه الأبحاث القيمة.

  • السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    بكل فخر واعتزاز أشكر أخي الكريم هشام العبد على ما تألق به فكره وورعه وتقواه في سبر واد خطير ومليئ بقطاع الطرق من التراثيين الذين ينهشون في الإسلام ليل نهار ..
    جزاك الله خيرا ..ويا ليت قومي يعلمون ويستيقظون
    الشيعة تقدس أإمتهم بجنون.. وأهل التراث يقدسون الصحابة مثلهم ..
    أسأل الله العافية لنا ولكم ..
    ولا أنسى شكري وتقدي ي لهذه المنارة الصادحة بالحق والصواب بتوفيق الله تعالى.

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.