حبل الله
التنجيم

التنجيم

السؤال: يدعي البعض أن التنجيم؛ أي معرفة الاحداث المستقبلية من خلال النظر في حركة النجوم هو علم له قواعد وأسس وليس مجر تخريص وكذب وما إلى ذلك، فهل يعني ذلك أنه لا يوجد حرج فيه شرعا؟

الجواب:

العلوم المتعلقة بالنجوم ثلاثة أنواع:

الأول: ما يستدل به على القبلة وأوقات الصلوات واختلاف المطالع واتحادها ونحو ذلك، وهذا العلم متعلق بما هو واجب فتعلمه واجب كذلك.

الثاني: العلم النافع كدراسة الاجرام السماوية أو ما يطلق عليه علم الفلك، وهذا من العلم النافع المفيد الذي يؤجر فاعله.

الثالث: ومنها ما هو متعلق بالاستدلال به على وقوع الأشياء المغيبة بأن يقضي بوقوع بعضها مستدلا بها عليه. وهذا النوع من العمل حرام لا يجوز تعلمه أو العمل به؛ لأن معرفة الغيب مما خصَّ الله تعالى به نفسه ولم يؤته أحدا من خلقه. ومن ادعاه فهو كاذب وإن صادف الحقيقة أحيانا.

قال الله تعالى {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} (النمل، 65)

والملائكة المكلفون بتسجيل أعمال العباد لا يعرفون سوى ما يخرج من أفواه الناس.

{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ. إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ. مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (ق، 16_ 18)

وفي عدم معرفة الجن للغيب ورد قوله تعالى {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ. يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ. فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (سبأ،12_14)

والأنبياء لا يعلمون الغيب، فرسولنا _مثلا_ لا يعلم من الغيب الا ما أوحى إليه الله تعالى {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ} (الأنعام، 50)

{قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } (الأعراف، 188).

وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من مدعي علم الغيب كالكهان والعرافين بقوله ” من أتى عرافا فصدقه بما يقول لم تقبل له صلاة أربعين يوما “[1]

وحري بالمسلم أن يتعلم نواميس الكون وسنن الفطرة ويبذل جهده ثم يتوكل على الله تعالى في تحصيل ما يريد، فتلك هي طريق النجاح والفوز في الدارين.



[1]  رواه أحمد، 16638 ومسلم (2230) ، وأبو نعيم في “الحلية” 10/406-407، وفي “تاريخ أصبهان” 2/236، والبيهقي في “السنن” 8/138 من طرق عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد هو لفظه: “من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة”. وأخرجه البخاري أيضا 2/59-60 من طريق عبيد الله بن رجاء، عن عبيد الله، به.

أضف تعليقا

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.