حبل الله
أرواح الشهداء لا تحضر لنصرة المجاهدين

أرواح الشهداء لا تحضر لنصرة المجاهدين

السؤال: استمعت لخطيب الجمعة يقول إن أرواح الشهداء تحضر المعارك لمساندة المجاهدين في سبيل الله، وقد استدل بقوله تعالى (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون) وقد قص الكثير من القصص التي تدعم رأيه، ورغم الأسلوب المثير للشيخ إلا أنني لم أقتنع بما يقول لعدم اعتماده على القرآن والسنة في استدلاله . ما رأي فضيلتكم بهذه المسألة أفيدونا .

الجواب: الآية التي أوردتها في سؤالك هي الآية 169 من سورة آل عمران {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} (آل عمران، 169)

ولا يعلم حقيقة حياة الشهداء إلا الله تعالى بدليل قوله تعالى {عند ربهم} فهم أحياء عند الله وليس عندنا، فلا يعلم حياتهم إلا هو سبحانه، يؤيد هذا الفهم قوله تعالى في الآية 154 من سورة البقرة {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ} (البقرة، 154) فقوله تعالى: {ولكن لا تشعرون}. يدحض قول من يدعي أنه شعر أو شاهد أرواح الشهداء وهي تقاتل العدو.

والله تعالى لا ينصر المسلمين بالشهداء، وإنما ينصرهم بالملائكة، وقد وقع مثل هذا في غزوة بدر. قال تعالى {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ. بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ. وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} (آل عمران، 123-126).

وقال تعالى أيضا: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} (الأنفال، 12).

وعن أبي داود المازني  – وكان شهد بدرا- قال: “إني لأتبع رجلا من المشركين يوم بدر لأضربه إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي، فعرفت أنه قد قتله غيري”[1] ولا بد أن يكون الغير هو أحد الملائكة لأن القرآن صرح بنصرتهم للمؤمنين في بدر.

بينما ليس ثمة دليل من الكتاب والسنة على أن أرواح الأنبياء السابقين والشهداء المتقدمين قد حضرت المعارك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أصحابه.

وقد فضل الله تعالى الذين يموتون في سبيله على غيرهم من الموتى تفضيلا خاصا وهو المفهوم من الآيات السابقة. وأما إرسال الله تعالى الشهداء للقتال فلا بد له من دليل، وإذ لم يأتوا بالدليل فكلامهم مردود لأن الآيات تبين أن الذين يحضرون الجهاد إنما هم الملائكة وليس أرواح الشهداء.



[1]  تفسير الطبري، 3/422-423، بيروت 1412هـ/1992 م.

أضف تعليقا

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.