حبل الله
واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان

واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان

واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان

تفسير الآيات 101_ 106 من سورة البقرة

قال الله تعالى {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101) وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102) وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (103) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104) مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (105) مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (البقرة، 101_106)

تحدثت سورة البقرة مطولا عن بني اسرائيل، ولم يكن حديثا دون غاية أو بقصد معرفة تاريخ قوم معين، وإنما لبيان الأخطاء التي وقع بها هؤلاء القوم حتى لا يقع المسلمون بذات الأخطاء التي كان أبرزها تحريفهم للتوراة.

ويستمر الحديث عن بني اسرائيل في الآية 101 من سورة البقرة لتخبر عن رفض اليهود الإيمان بخاتم النبيين رغم معرفتهم اليقينية أنه رسول الله الذي يجب عليهم اتباعه بحسب العهد المكتوب في التوراة.

قال الله تعالى:

{وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ}

لقد جاءهم النبي الخاتم برسالة القرآن التي تصدق ما في كتبهم من الشرائع التي لم يلحقها التحريف والتزوير. ولكن:

{نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} انقسم أهل الكتاب فريقين؛ فريق؛ حفظ عهد الله تعالى المذكور في التوراة فآمن بالنبي واتبع النور الذي أُنزل معه، وفريق نبذ كتاب الله وراء ظهره متنكرا له وكأنه لا يعلم حقيقته، وهي طبيعة المتملِّص من الحق الرافض للإذعان لأمر ربه.

وبدلا من الايمان بالنبي الخاتم واتباع القرآن تنكروا للحق:

{وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ}

لم يُعجب هذا الفريق من أهل الكتاب حقيقة أنّ القرآن مصدق لما أُنزل إليهم، فوجدوا ضالتهم بما كتبته أيدي الشياطين في التوراة؛ حيث اتُهم النبي سليمان بالكفر وعبادة آلهة أخرى من دون الله[1]، وكان غرضهم تكذيب القرآن الذي وصف سليمان بأنه {نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} (ص، 30). وكان ذلك منهم حتى يظهروا لأتباعهم عدم تصديق القرآن لكتبهم، وبالتالي يجدوا المبرر لعدم إيمانهم بالقرآن وإتباع النبي الخاتم.

وقد برأ الله تعالى سليمان من الكفر بقوله:

{وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ}

لكنه أثبت الكفر على من امتدت أياديهم لكتاب الله (التوارة) بالتحريف: {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا}

لقد وصفهم بالشياطين لأنهم ضلوا وأضلوا كثيرا من الناس؛ لأن الافتئات على كتاب الله بالتحريف لا بد أن تتكاتف عليه قوى الشر من شياطين الإنس والجن كما يظهر من قوله تعالى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} (الأنعام، 112)

لقد اتبعوا ما حرفوه بأيدهم. ولم يكتفوا بتحريف كتابهم بل بدؤوا يعلمون الناس تحريف الكتاب المصدِّق:

{يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ }

السحر هو قلب الحقائق، وهو القول المخالف للفعل، وهو تجميل الباطل، وادعاء الايمان لإرباك الناس في دينهم. وسنذكر بعضا من الآيات التي توضح طبيعة السحر الذي مارسه اليهود مع أنبيائهم:

1- قال الله تعالى مخاطبا اليهود {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (البقرة، 93) فكلمة عصينا تحتمل معنيين أحدهما حسن والآخر قبيح، فأما الحسن بمعنى توحدنا وتمسكنا، وأما القبيح فضد الطاعة، وهذا سحر من القول. وقد كرر فريق من اليهود استعمال سحر الكلمات مع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كما ذكر في سورة النساء:

2_ {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} (النساء، 46)

والتحريف الذي حرَّمَهُ القرآن هو صرف الكلام عن معناه المراد إلى معنى محتمل طعنا في الدين، فقولهم «واسمع غير مسمع» تحتمل معنيين:

الأول: اسمع ولا يليق بنا أن نُسمِعَكَ الكلام.

والآخر: اسمع أيها الذي لا يسمع الكلام. ولو أنهم قالوا «اسمع» فقط لكان خيرا، لأنه لا مجال للتحريف فيها.

وقولهم «راعنا» لها أكثر من معنى:

الأول : هو أن فعل راعنا من رعى يرعى، فيه تعريض برسول الله، كأنهم قالوا له: «أنت تريد أن ترعانا كما يُرعى الحيوان، فارعنا إذن».

الثاني: ربما قصدوا راعي الأغنام.

الثالث: من راعى يراعي بمعنى الإهتمام والنظر إلى حالهم.

فلذلك كان قولهم: «انظرنا» أحسن من قولهم «راعنا» لأنها لا تحتمل معنى آخر.

ويتبين مما سبق أنهم قصدوا بأقوالهم معناها الباطن وأظهروا المعنى الثاني المحتمل. لذا قال الله تعالى: «ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم» لعدم إمكانية التحريف في هذه الحالة.

3_ {وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (البقرة، 72) وهذا نوع من سحر الفعل إذ يظهر للمؤمنين أن القوم قد آمنوا فينخدعون بهم، ثم لم يلبثوا أن يرتدوا عن إسلامهم المزعوم. والغرض إرباك المؤمنين في أمر دينهم وإثارة الشكوك في نفوسهم وهو ضرب من السحر.

وقد تعلم المنافقون السحر من اليهود حيث باتوا يمارسونه في تعاملهم مع النبي والمؤمنين؛ فيبدون كالناصحين الغيورين على الاسلام، وهو المشار إليه في قوله تعالى {يعلمون الناس السحر} وقد كان النبي والمؤمنون ينخدعون بهم ويستمعون لقولهم أحيانا. وقد ذكر الله تعالى مثل ذلك محذرا نبيه منهم: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ} (المنافقون، 4)

إن بعض الأساليب السحرية التي مارسها اليهود كان مما توارثه أجدادهم عن هاروت وماروت، لذا قال الله تعالى بعدما ذكر أنهم يعلمون الناس السحر:

{وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ}

أي علَّموهم أيضا ما أنزل على الملكين.

لقد كان ببابل من أرض العراق ملكان اسمهما هاروت وماروت[2]، ويبدو أنه نزلت بهم حوادث وتعاقبت عليهم تجارب جعلتهم خبيرين في قلب الحقائق وتزييف الوقائع، وقد كان هؤلاء الملكين يتظاهران بالاستقامة، لذا كانا يستدركان حين يعلمان الآخرين السحر:

{وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ}

كيف لا ينهون الناس عن الكفر وهم يدَّعون الإيمان. ومثل هذا القول يذكرنا بقول ابليس بعد أن ينجح بغواية الإنسان: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} (الحشر، 16)

إن علم السحر وقلب الحقائق وتزييف الوقائع لا يأتي بخير أبدا، لذا أخبر سبحانه عن طبيعة العلم المستفاد من هاروت وماروت:

{فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ}

إن التلاعب بالألفاظ وعدم وضوح الغايات يؤدي الى تضرر العلاقة بين المرء وزوجه، لأن السحرة يزرعون بذور الشك بين المرء وزوجه؛ فيراقب كل منهما الآخر ويقعد الواحد للأخر منهما كل مرصد، لينتهي الامر بالطلاق أو بما هو أسوأ.

كما أن التلاعب بألفاظ الوحي وتحريف المعاني يؤدي الى الافتراق عن الصراط المستقيم.

والله تعالى إذ يحذر من هؤلاء السحرة فإنه يؤكد أنهم لا يؤثرون بمن تسلح بالعلم والإيمان والتزم مراد الله من خطابه لخلقه:

{وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}

إن تعلم السحر والخداع لا يأتي بخير أبدا، وهو ضرر محض على من يمارسه أو يقبل به:

{وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ}

هؤلاء القوم الذين رضوا بسحر القول وتحريف آيات الله إنما تعلموا الضار دون النافع، وباعوا أنفسهم رخيصة في سبيل الشيطان:

{وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ. وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}

لقد كان الإيمان بالكتاب المصدق لما معهم خيرٌ لهم مما عمدوا إليه من قلب الحقائق والتعامي عن الآيات وتعليم الناس تحريف الكتاب.

ثم تلتفت الآيات بعد ذلك لمخاطبة المؤمنين لتنهاهم عن سلوك طريق السحر وتحريف الكلام تنزيها للمؤمنين عن مشابهة الكافرين من اليهود:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ}

لكن فريقا من أهل الكتاب لم يأل جهدا لصد المؤمنين عن دينهم الحق، لأنهم لا يحبون الخير للمؤمنين:

{مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ}

وقد ورد في الآية 109 من سورة البقرة توضيحا أكبر لنوايا هذا الفريق من أهل الكتاب: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} (البقرة، 109)

لكن الأمور لا تجري بالضرورة  كما يشتهون لأنه:

{وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}

وتواصل الآيات التنويه بالكتاب العزيز المصدق لما أنزل الله من قبل، وتشير إلى هيمنة هذا الكتاب على ما قبله، ومن مظاهر هيمنته اختصاصه بنسخ بعض الشرائع الموجودة في تلك الكتب:

{مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.

وقف السليمانية_ مركز بحوث الدين والفطرة

موقع حبل الله www.hablullah.com


[1]  ومن أمثلة ذلك ما ورد في سفر الملوك:

“وَأَحَبَّ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ نِسَاءً غَرِيبَةً كَثِيرَةً مَعَ بِنْتِ فِرْعَوْنَ: مُوآبِيَّاتٍ وَعَمُّونِيَّاتٍ وَأَدُومِيَّاتٍ وَصِيدُونِيَّاتٍ وَحِثِّيَّاتٍ 2مِنَ الأُمَمِ الَّذِينَ قَالَ عَنْهُمُ الرَّبُّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: «لاَ تَدْخُلُونَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ لاَ يَدْخُلُونَ إِلَيْكُمْ، لأَنَّهُمْ يُمِيلُونَ قُلُوبَكُمْ وَرَاءَ آلِهَتِهِمْ». فَالْتَصَقَ سُلَيْمَانُ بِهؤُلاَءِ بِالْمَحَبَّةِ. 3وَكَانَتْ لَهُ سَبْعُ مِئَةٍ مِنَ النِّسَاءِ السَّيِّدَاتِ، وَثَلاَثُ مِئَةٍ مِنَ السَّرَارِيِّ، فَأَمَالَتْ نِسَاؤُهُ قَلْبَهُ. 4وَكَانَ فِي زَمَانِ شَيْخُوخَةِ سُلَيْمَانَ أَنَّ نِسَاءَهُ أَمَلْنَ قَلْبَهُ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى، وَلَمْ يَكُنْ قَلْبُهُ كَامِلاً مَعَ الرَّبِّ إِلهِهِ كَقَلْبِ دَاوُدَ أَبِيهِ. 5فَذَهَبَ سُلَيْمَانُ وَرَاءَ عَشْتُورَثَ إِلهَةِ الصِّيدُونِيِّينَ، وَمَلْكُومَ رِجْسِ الْعَمُّونِيِّينَ. 6وَعَمِلَ سُلَيْمَانُ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَلَمْ يَتْبَعِ الرَّبَّ تَمَامًا كَدَاوُدَ أَبِيهِ. 7حِينَئِذٍ بَنَى سُلَيْمَانُ مُرْتَفَعَةً لِكَمُوشَ رِجْسِ الْمُوآبِيِّينَ عَلَى الْجَبَلِ الَّذِي تُجَاهَ أُورُشَلِيمَ، وَلِمُولَكَ رِجْسِ بَنِي عَمُّونَ. 8وَهكَذَا فَعَلَ لِجَمِيعِ نِسَائِهِ الْغَرِيبَاتِ اللَّوَاتِي كُنَّ يُوقِدْنَ وَيَذْبَحْنَ لآلِهَتِهِنَّ. 9فَغَضِبَ الرَّبُّ عَلَى سُلَيْمَانَ لأَنَّ قَلْبَهُ مَالَ عَنِ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي تَرَاءَى لَهُ مَرَّتَيْنِ، 10وَأَوْصَاهُ فِي هذَا الأَمْرِ أَنْ لاَ يَتَّبعَ آلِهَةً أُخْرَى، فَلَمْ يَحْفَظْ مَا أَوْصَى بِهِ الرَّبُّ. 11فَقَالَ الرَّبُّ لِسُلَيْمَانَ: «مِنْ أَجْلِ أَنَّ ذلِكَ عِنْدَكَ، وَلَمْ تَحْفَظْ عَهْدِي وَفَرَائِضِيَ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ بِهَا، فَإِنِّي أُمَزِّقُ الْمَمْلَكَةَ عَنْكَ تَمْزِيقًا وَأُعْطِيهَا لِعَبْدِكَ. 12إِلاَّ إِنِّي لاَ أَفْعَلُ ذلِكَ فِي أَيَّامِكَ، مِنْ أَجْلِ دَاوُدَ أَبِيكَ، بَلْ مِنْ يَدِ ابْنِكَ أُمَزِّقُهَا. 13عَلَى أَنِّي لاَ أُمَزِّقُ مِنْكَ الْمَمْلَكَةَ كُلَّهَا، بَلْ أُعْطِي سِبْطًا وَاحِدًا لابْنِكَ، لأَجْلِ دَاوُدَ عَبْدِي، وَلأَجْلِ أُورُشَلِيمَ الَّتِي اخْتَرْتُهَا”. سفر الملوك، الاصحاح 11/1_12

[2]  قرأ الحسن وابن عباس والضحاك بن مزاحم وعبد الرحمن بن أَبزَى: “وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلِكَيْنِ”بكسر اللام. أنظر المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها، أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (المتوفى: 392هـ) 1/100

التعليقات

  • إن حالة المسلمين اليوم سيئة جدا كما كانت في الأمس: تُفجر ديارهم ويُقتل أبناؤهم وترمل نساؤهم وتغتصب أموالهم وممتلكاتهم وتسيل الدماء من عيونهم بدل الدموع. ولا تزال حالتهم تسوء يوما فيوما وبلغ الأمر إلى ما يراه كل ذي عين يعيش فوق الأرض.

    وكتاب ربهم بين أيديهم يقرؤونه ليل نهار. لماذا لا تُحل مشاكلهم به كما حُلت به مشاكل الأولين في عهد النبي والراشدين؟ وهذا سؤال مهم كان يجب على كل مسلم أن يسأل نفسه عنه وأن يجد جوابا له. ولكن المسلمين لم يشاؤوا أن يستيقظوا من نومهم الذي غرقوا فيه منذ أزمنة طويلة، فلم يسألوا هذا السؤال، بل خالفوا من سأله بشدة وعنفوه وأسكتوه.

    ووقف السليمانية الذي تأسس قبل عشر سنوات ونيف برئاسة الأستاذ عبد العزيز بايندر هو مؤسسة فريدة سألت وما تزال تسأل هذا السؤال. وحاولت أن تجد الجواب الصحيح واجتهدت وصرفت كل شيء في سبيل تحقيق ذلك، حتى وجدنا الجواب المطلوب الذي يتلخص بالتالي:

    إن المصائب والبلايا التي يعانيها المسلمون في أنحاء العالم منذ أزمنة بعيدة لها أسباب كثيرة طبعا. وعلى رأسها يأتي الفهم السقيم لآيات القرآن الذي تتوقف سعادة المسلمين في الدارين بتطبيقه في حياتهم كما ينبغي. ولذلك يجب علينا (على المسلمين) أن نرجع إلى كتاب الله وسنة رسوله من جديد، وأن نفهمه مستقلا عن الفهم المعهود في كتب التفسير القديمة مراعين العلاقة بين الآيات والتوافق التام بين الكتاب والسنة، كما يجب علينا أن نطبقه على كل شؤون حياتنا اليومية.

    هذا الجزء هو الجواب النظري الذي يجب أن يترافق مع التطبيق العملي. والوقف لم يهمل التطبيق العملي للأمر بل أجرى بحوثا علمية كثيرة بعمل جماعي وحاول حل المشاكل المعقدة التي يقاسيها المسلمون في أنحاء العالم. فكتب الباحثون فيه الكتب والمقالات والفتاوى ثم طبعها الوقف وقدمها للمسلمين ونشرها عبر مواقعه الإلكترونية المفتوحة بعدة لغات.

    والتفسير السابق الجديد للآية 102 من سورة البقرة الذي حققه الباحثون في المركز يقدم إضافة جديدة وجميلة وأجد فيه سبيلا لإزالة الحرج الذي كان يشغلني وأنا أقرأ التفاسير القديمة التي لم أر فيها ما يريحني في تفسير تلك الآية.

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.