حبل الله
الحكمة من تشريع اللباس الساتر

الحكمة من تشريع اللباس الساتر

السؤال: لماذا شرع الله تعالى اللباس الساتر للناس وللنساء على وجه الخصوص حيث يظهر أنهن مطالبات بالتستر أكثر من الرجال؟

الجواب: شرع الله تعالى الأحكام كلها لعلة واحدة وهي امتثال أمره وتحقيق معنى العبودية تجاه الخالق الرازق، فهو سبحانه الآمر الناهي يبتلي عباده فيظهر من خلال هذا الابتلاء الصادق في دعوى الايمان من الكاذب؛ فيحيى من حيّ عن بيّنة ويهلك من هلك عن بيّنه. ولا يأمرنا الله تعالى بأمر إلا فيه الخير لنا في الدنيا والآخرة، وهو أعلم بنا من أنفسنا وصدق الله تعالى إذ يقول {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (الملك، 14)

ولا يعدم المسلم المبررات المنطقية لايجاب اللباس الساتر للرجل والمرأة على حد سواء ويمكننا تقصِّي ذلك في النقاط التالية:

1_ الإنسجام مع الطبيعة: ونقصد بذلك أن لا يكون الانسان منفردا بين مخلوقات الله بالتعري، ومن ينظر إلى ما خلق الله من الحيوان فيجدها مخلوقة بالستر الذي وهبها الله تعالى إياه، ولأنها دون عقل فقد خلقها الله سبحانه مستورة مما يقيها الحر والبرد، أما الانسان فهو المخلوق ذو العقل والادراك الذي كلفه الله تعالى بالتستر كما كلفه بالصلاة والصيام وغيرهما. وقد لفت القرآن الكريم إلى علاقة الانسان بالموجودات بقوله تعالى {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ. وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} (الذاريات، 20_21)

2_ كمال اللباس يدل على تحضر الانسان، كما أنه عنصر جمالي مهم، وقد ورد ذلك في قوله تعالى {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} (الأعراف، 26) وقد ذكرت الآية حكمتين جليلتين لتشريع اللباس، وهما:

أ_ تغطية السوءات {لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ}

ب_ اضفاء المظهر الجمالي الحضاري على الانسان وذلك بقوله تعالى {وريشا}، وهو تذكير لما يؤديه الريش من دور للطائر حيث يستره ويحميه ويجمله.

3_ اللباس الساتر يقي من الوقوع في الفتنة والزنا وما يترتب عليه من فساد في العرض والنسب. فبعد أن ذكر الله تعالى الحكمة من إيجاب اللباس الساتر في الآية السابقة جاء في الآيتين اللتين تليها التحذير من الفتنة والوقوع في الفاحشة. حيث قال تعالى {يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ. وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (الأعراف، 27_28)

وقد ذكرت في سؤالك لماذا كان التستر مطلوب من المرأة أكثر من الرجل. وهو سؤال حسن نستطيع الإجابة عليه إن عرفنا قوة تأثير جاذبية المرأة في الرجل إذا قارنا تأثيره فيها، فطبيعة الرجل أكثر تأثرا بجسد المرأة من تأثر المرأة بجسد الرجل، مما استوجب أن تؤمر بالتستر أكثر منه، وبناء على ذلك كان هناك فرق بين عورة الرجل وعورة المرأة.

 ولا يخفى ما يتركه عدم الاحتشام من تسريع في وتيرة الفساد الأخلاقي الذي قد يتدحرج ليصيب الأمة في مقتل. إن انتشار الزنا والعلاقات غير المشروعة المترتبة على السفور والتبرج يؤدي الى العزوف عن الزواج والهروب من تحمل المسؤولية مما يؤدي الى انخفاض نسبة المواليد. وهذا يعني انخفاض نسبة الشباب في المجتمع ليصبح مجتمعا عجوزا، إذ يترتب على ذلك انخفاض في معدل الانتاج، والأهم من ذلك تبدأ الأمة تصارع في سبيل البقاء.

أضف تعليقا

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.