حبل الله
الأسير في حماية المسلمين حتى تضع الحرب أوزارها

الأسير في حماية المسلمين حتى تضع الحرب أوزارها

الحرب لا تنتهي عند نهاية الإشتباك، فحالة الحرب تبقى قائمة ما لم يتم القضاء المبرم على قوة العدو أو توقيع الاتفاق معه على إنهاء حالة الحرب. ويبقى الأسير في رعاية المسلمين حتى يتحقق واحد من الأمرين. وخلال بقاء الأسير في قبضة المسلمين لا بد أن يلقى معاملة خاصة تليق بإنسانيته اولا، كما تليق بآسره المسلم صاحب الرسالة العظيمة ثانيا.

وقد أورد القرآن الكريم تعبيرا غاية في الحض على اللطف بالأسير وحسن التعامل معه والبذل في سبيله، في سياق وصفه سبحانه للأبرار من عباده حيث قال تعالى {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا. إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} (الإنسان، 8_9)

وقد ورد في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم التي هي التطبيق العملي لما دعا إليه القرآن الكريم، أمثلةٌ كثيرة على حسن تعامله صلى الله عليه وسلم مع الأسرى ومن ذلك:

ما روي عن عزيز بن عمير: قال كنت في الأسارى يوم معركة بدر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استوصوا بالأسارى خيرا»، وكنت في نفر من الأنصار، وكانوا إذا قدموا غداءهم وعشاءهم أكلوا التمر وأطعموني الخبز، بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم)[1] وقد كان خبز القمح طعاما نادرا يشتهيه الناس في ذلك الزمان، والتمر مما كان متوافرا بكثرة، ومع ذلك آثر الصحابة رضوان الله عليهم أسرى العدو على أنفسهم بوصية  الله ورسوله.

وقد كان الأسرى ذووا الشأن يتلقون معاملة خاصة، ومثاله ما جاء في الرواية التالية «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلا قِبَل نجد فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال سيد أهل اليمامة، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ” ماذا عندك يا ثمامة” فقال: عندي يا محمد خير، إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تُنعم؛ تُنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل تُعط منه ما شئت، [وكرر رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا السؤال لثمامة ثلاث مرات في ثلاثة أيام]، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أطلقوا ثمامة”، فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل، ثم دخل المسجد، فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. يا محمد والله ما كان على الأرض وجه أبغض إليَّ من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إليَّ، والله ما كان من دين أبغض إليَّ من دينك، فأصبح دينك أحب الدين كله إليَّ، والله ما كان من بلد أبغض إليَّ من بلدك، فأصبح بلدك أحب البلاد كلها إليَّ … »[2]

وروى ابن هشام في السيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى ثمامة قال لأصحابه: «هذا ثمامة بن أثال الحنفي، أحسنوا إساره. ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله فقال: اجمعوا ما كان عندكم من طعام فابعثوا به إليه، وأمر بلقحته [ناقة ذات لبن] أن يُغدى عليه بها ويراح»[3]

وكان من أخر ما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم صحابته: «الصلاة وما ملكت أيمانكم»[4] وملك اليمين هنا هو الأسير الذي لم يتمكن بعد من دفع الفدية لآسره.

للمزيد حول الموضوع يمكنكم الدخول إلى الرابط التالي http://www.hablullah.com/?p=2320



[1]المعجم الكبير (977). قال الهيثمي في مجمع الزوائد 6/ 86: وإسناده حسن

[2]صحيح البخاري (4114)، صحيح مسلم (1763).

[3]السيرة النبوية لابن هشام 6/ 51.  أي يشرب صباحا ومساء.

[4] مسند أحمد بن حنبل 3/ 117، سنن ابن ماجه (1625)، وصححه الألباني في إرواء الغليل (2178).

أضف تعليقا

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.