حبل الله
الصيام بحق العاجز والمريض المزمن

الصيام بحق العاجز والمريض المزمن

السؤال: المريض المزمن الذي لا يستطيع الصيام مطلقا، والعاجزون عن الصيام بسبب تقدم السن. ما الذي يجب عليهم فعله في رمضان؟

الجواب: بعد أن رخص الله تعالى للمريض والمسافر بالإفطار في رمضان قال الله تعالى في نفس الآية {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (البقرة، 184)

ونفهم من قوله تعالى {وأن تصومو خير لكم} أن المريض العارض والمسافر يمكنهما الصوم مع المشقة، لذا كان الصوم (في رمضان)خيرا لهم. أما إفطارهم في رمضان وقضاؤهم بعد رمضان يوما بيوم فهو رخصة لهم. ورخصة الافطار كان سببها التيسير عليهم ورفع الحرج عنهم. كما ورد في قوله تعالى {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (البقرة، 185)

وفي آخر آية من سورة البقرة قال الله تعالى {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ}(البقرة، 286) ، ورفع التكليف عمن ليس في وسعه تنفيذ الأمر ورد في مواضع أخرى من القرآن الكريم[1].

وعلى ضوء ذلك نفهم أن المريض المزمن الذي لا يستطيع الصيام مطلقا لا في رمضان ولا في غيره، وكذا الكبير العاجز ومن في حكمهم هم خارج دائرة التكليف بالصيام، ولا يمكن أن يُكلفوا بما لا ليس في وسعهم، إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها.

وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يشير أن الحامل والمرضع يعدان من خارج المكلفين بالصيام:“إن الله تعالى وضع عن المسافر الصوم، وشطر الصلاة، وعن الحامل أو المرضع الصوم أو الصيام[2] وهذا الحديث صحيح لكن في متنه مشكلة، إذ أن الله تعالى لم يضع عن المسافر الصوم، بدليل كون الصوم خير له، وإن أخذ المسافر بالرخصة فيجب عليه القضاء لإكمال العدة. إذن فوضع الصوم عن المسافر لا بد أن يكون إدراج من الراوي، ويؤيد ذلك ما جاء في رواية البغوي “إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلاةِ، وَعَنِ الْحَامِلِ، وَالْمُرْضِعِ الصَّوْمَ أَوِ الصِّيَامَ”[3].

كما يؤيده ما روي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَوِ ابْنِ عُمَرَ  قَالَ: “الْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ تُفْطِرُ وَلَا تَقْضِي[4].

وغير المكلفين بالصيام لا يترتب عليهم وجوب إخراج الفدية، لأن الفدية المذكورة في قوله تعالى {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} (البقرة، 184) هي صدقة الفطر التي يخرجها من قدروا على الصيام في رمضان، أما أولئك الذين سقط عنهم الصيام بسبب عجزهم فلا شيء عليهم.

والذين يقولون بجوب الفدية على من لا يطيق الصوم في رمضان وخارجه فإنهم يضيفون على الآية بعض الكلمات، ويجعلون الجملة منفية باضافة “لا” على “يُطِيقُونَهُ ” و”لكل يوم” على آخر جملة من الآية ويجعلونها هكذا :{وَعَلَى الَّذِينَ لا يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ لكل يوم} وهذا تحريف بين. وليس عندهم دليل غير هذا لا أثرا من نبينا صلى الله عليه وسلم ولا من أصحابه. فواضح أن هذا لا يُقبل.

وقد شرعت هذه الآية صدقة الفطر للصائم تطهيرا له من اللغو والرفث في حال صيامه، ويؤيده ما ورد عن ابن عباسٍ قال: “فرض رسولُ الله – صلَّى الله عليه وسلم – زكاةَ الفِطْر طُهْرةً للصَائم مِن اللغو والرَّفثِ وطُعْمةً للمساكينَ[5]

وللمزيد حول فدية الصوم يمكنكم الدخول إلى الرابط التالي: http://www.hablullah.com/?p=1481



[1] مثل قوله تعالى {لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا} (البقرة، 233) {لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (الأنعام، 152) (الأعراف، 42) {وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} (المؤمنون، 62)

[2] الترمذي، الصوم 21، وأبو داوود، الصوم، 43، والنسائي، الصيام، 61، وابن ماجة، الصيام، 12

[3] شرح السنة، للبغوي، بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الإِفْطَارِ لِلْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ، 1769

[4]سنن الدارقطني، باب طلوع الشمس بعد الافطار، (2385) وعلق الدارقطني على الرواية بقوله: وَهَذَا صَحِيحٌ

[5]رواه ابو داوود، باب زكاة الفطر، (1609)، وأخرجه ابن ماجه (1827) وصححه الحاكم (1/ 409)، ورواه الدارقطني (2067) وقال: ليس في رواته مجروح.

أضف تعليقا

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.