حبل الله
ضوابط العلاقة بين الحاكم والمحكوم: أسئلة وأجوبة

ضوابط العلاقة بين الحاكم والمحكوم: أسئلة وأجوبة

 ضوابطُ العلاقة بين الحاكم والمحكوم

على ضوء

القرآن الكريم والسنّة النبويّة

سؤال(1):

أنا شابٌّ مسلمٌ أعيشُ في بلدٍ أكثرُ سكّانه غيرُ مسلمين و يحكمه حاكمٌ غيرُ مسلم، هل يجوزُ للمسلمين الموجودين في هذا البلد قتالُ ذلك الحاكم للسيطرة على الحكم ونشر دين الإسلام ؟ وهل يجوز لهم البقاءُ في ذلك البلد الذي تنتشر فيه كلُّ أنواع المحرّمات ؟ ماذا عليهم أن يفعلوا ؟

قبل كلّ شيء يجب علينا أن نقولَ أنّ وجودَ مجتمعٍ من المجتمعات على أرضٍ ما يتطلّبُ بالضرورة أن يُبادرَ أفرادُ ذلك المجتمع من تلقاء أنفسهم إلى تشكيل مؤسساتٍ وهيئاتٍ تنظّمُ شؤونَه وترعى مصالحَ أفراده على الوجه الأفضل، ولا شكّ أنّنا حين نتحدّث عن مؤسساتٍ ترعى مصالح ذلك المجتمع فإنّنا لا نحصرُ واجبَ الإسهام في عمل تلك المؤسسات بشخصٍ ما لأنّ كلّ فردٍ من ذلك المجتمع يجب أن يكون له دورٌ فعّالٌ في عمل تلك المؤسسات، ومن المعلوم بداهةً أنّ تلك المؤسسات والهيئات يجب أن تكون متدرجةًٌ في سلطاتها ومتكاملةً في أعمالها حتّى تتمكن من تأدية دورها المطلوب، ولعلّنا لن نأتيَ بجديد إذا قلنا أنّ مسؤوليّة الرقابة على عمل كلّ تلك المؤسسات والهيئات في سبيل تقويم أدائها في حالة انحرافه عن مصالح ذلك المجتمع تقع على عاتق الموظّف الأعلى رتبةً في المجتمع أي على عاتق الشخص الذي كان يُسمّى فيما قبل بولي الأمر وهو الموظّف المسمّى في يومنا هذا برئيس الدولة أو الملك أو السلطان …الخ، وللإجابة بدقّة على سؤالكم يتوجّب علينا استذكارُ المنهجِ الذي اتبعه رسولُ الله عليه الصلاة والسلام في تعامله مع زعماء قريش في المرحلة المكيّة من دعوته لأنّ ذلك المنهج يحمل الإجابة الوافية على تساؤلكم.

عاش رسولُ الله قبل البعثة في مجتمعٍ قَبَليٍّ متفكّك تغلبُ عليه كما أخبَرَنا القرآنُ الكريم عبادةُ الأصنام والحروبُ الثأريّة وشربُ الخمر والربا وانتشارُ الظلم وعدمُ احترام حقوق المرأة، وكان لكلّ قبيلةٍ رئيسٌ ومجموعةٌ من الزعماء المقرّبين إليه الذين كانوا يأمرون فيُطاعون ويفعلون كلّ ما يريدون، عاش عليه الصلاةُ والسلام في تلك الفترة في قبيلةٍ تُسمّى”قريش”، وكان من أبرز زعماء قريش آنذاك كلٌّ من: “أبو جهل عمرو بن هشام، والحكم بن أبي العاصي، وعقبة بن أبي معيط، والنضر بن الحارث، وأمية بن خلف، وزمعة بن الأسود، وطعيمة بن عدي، وأبو لهب(عمّ النبي)، وأبي بن خلف، ونبيه بن الحجاج وأخوه منبه وغيرهم”، كان رسولُ الله يعيشُ بين ظهراني ذلك المجتمع حياةً اجتماعيّةً عاديّةً اشتُهر خلالها بكونه رافضاً فطريّاً لكثيرٍ من السلوكيّات التي كانت تسيطر على ذلك المجتمع وبكونه مثالاً للشابّ الأخلاقي إلى درجة أنّ أهل قريش أطلقوا عليه لقب”الأمين”، فكانوا يقولون كلّما أقبَلَ إليهم محمّدٌ”جاء الأمين”[1]، هذه الصفاتُ الأخلاقيّةُ الفريدةُ كانت المدخلَ الذي اصطُفي من خلاله محمّدٌ ليكون رسولاً لله وخاتماً لأنبيائه، فما هي الرسالةُ التي أراد الله سبحانه وتعالى إيصالها للبشريّة جمعاء عبر محمّد وما كانت طرقُ تحقيقها على أرض الواقع وما العقبات التي كانت تواجه تبليغَها؟

يجيب القرآنُ الكريم عن محتوى الرسالة قائلاً: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا} الأحزاب[45:33]  لكنّ الله سبحانه وتعالى كان يعلم أنّ تحقيق إبلاغ محتوى هذه الرسالة  سيصطدمُ  برفضٍ شديد من سلطة زعماء قريش ، فما كانت أوّلُ آيةٍ تنزل على رسول الله مخبرةً بطريقة التعامل مع تلك العوائق المنتظرة ؟ { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } العلق [1:96-5]  نزلت الرسالةُ الإلهيّةُ على محمّدٍ الذي أصبح في صراعٍ كبيرٍ جداً بين تكاليف هذه الرسالة ومقتضياتها من جهة وبين رفض السلطة الحاكمة آنذاك لرسالته من جهةٍ أخرى، بعبارةٍ أخرى: لقد أصبح محمّدٌ في صراعٍ مع زعماء قريش المشركين لأنّهم رفضوا رسالتّه التي كانت تناقض منهجهم”العقيدي”القائم على عبادة الأصنام، ومنهجَهم السلطوي القائم على الظلم واستعباد الضعفاء، و سلوكهم الفردي المتحرر من كلّ الضوابط الأخلاقيّة، فكيف جاءت أوامرُ الله لرسوله في أسلوب التعامل مع ذلك الصراع؟ هل أمر اللهُ رسولَه بالدخول في صراعٍ قتالي ضدّ أولئك الزعماء الذين وقفوا بكلّ قواهم ضدّ نشر رسالة الله ؟ ماذا قالَ اللهُ لرسوله الذي كان يعاني من إيذاء زعماء قريش أشدّ المعاناة ؟ يقول اللهُ تعالى: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} الشعراء[214:26]، أي ابدأ يا محمّد بإبلاغ هذه الرسالة إلى المحيطين بك والمقرّبين منك، لقد كانت هذه الآيةُ بمثابة الخطوة الأولى والأساسيّة في صراع رسول الله مع زعماء قريش المشركين، وهي تشيرُ لنا بوضوح أنّ معركةّ الحقّ  ضدّ الباطل في أيّ مجتمع تبدأ بتوعية القاعدة في ذلك المجتمع ونثر الأفكار الصحيحة في أوساطها لتثمر فيما بعد، طال الزمانُ أم قصر، ثماراً ناضجةً يستلذّ الجميعُ بمذاقها ، فلا بناءَ دون أساس ولا ثمارَ دون بذورٍ وتربةٍ وماء، وعلى هذا الأساس كانت أوامرُ الله لرسوله بالانطلاق من قاعدة المجتمع القرشي، وقد حقّقت هذه الخطوةُ نتائجَ باهرة في أوساط تلك القاعدة من خلال اقتناع الكثير بالإسلام ديناً حقيقيّاً ينسفُ كلّ المعتقدات الفاسدة التي كانوا عليها وينهي كلّ الظلم الاجتماعي والاستعباد الذي كان يعزّزه زعماءُ قريش ضدّ المستضعَفين، ولنا في بلال الحبشي الذي كان عبداً مستضعفاً قبل وصول رسالة الإسلام له خيرَ مثالٍ على ما نقول، لقد مثّل بلالُ الحبشيّ النموذجَ الأفضل الذي يؤكّدُ أنّ بناءَ المجتمع الإسلاميّ المتماسك ينطلق من القاعدة التي تتسع شيئاً فشيئاً إلى أن تصبح أكثرَ قبولاً وانصهاراً في مثل ذلك المجتمع.

لقد كانت هذه القاعدةُ تتمدّد شيئاَ فشيئاَ طيلة ثلاثة عشر عاماً عاشها رسولُ الله عليه الصلاة والسلام في مكّة المكرمة يعاني أشدّ المعاناة لأنّ سلطة قريش الحاكمة كانت تحاول حرمانَه من حقّه في الدعوة إلى دين الله ، لم يكن رسولُ الله منافساً لأولئك الزعماء في سلطتهم أبداً، ولم يكن يحرّض على القتال ضدّهم على الإطلاق رغم العداء الكبير الذي أظهروه ضدّ رسول الله وأصحابه المسلمين الأوائل، لقد كان همُّه الأكبر متمثلاً في السماح له بالدعوة إلى دين الله بحريّة وكانت الآياتُ القرآنيّةُ تنزل عليه لتثبّتَ فؤادَه ولتحضّه على مزيدٍ من الصبر في مشوار الدعوة المتعب، يقول اللهُ سبحانه في ذلك: { فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا } الفرقان [52:25] ، لقد أسبغ الله صفة”الجهاد الكبير”على مشوار رسوله طيلة ثلاثة عشر عاماً عاشها تحت سلطة زعماء قريش وعانى أشدّ المعاناة فيها، لم يكن محمّدٌ كما قلنا طالبَ سلطة ولم يكن منافساً على زعامةٍ بل كان صاحب رسالة يريد نشرها وإبلاغَ محتواها إلى كلّ أفراد مجتمعه أولاً و لتنتقلَ فيما بعد إلى البشريّة جمعاء، نعم لقد حارب محمّدٌ زعماء قريش من خلال القرآن، لقد حارب محمّدٌ زعماء قريش المشركين من خلال نشر كلام الله بين كل طبقات المجتمع القرشي التي كانت تتمرّد على زعماء قريش شيئاً فشيئاً إلى درجة أنّ أولئك الزعماء استشعروا خطراً كبيراً جداً على سلطاتهم فسارعوا يرسلون الرسائل إلى محمّد بالترغيب تارةً وبالترهيب أحياناً أخرى لمحاولة إيقافه عن نشر رسالته في مجتمع قريش لأنّهم كانوا يعتقدون أنّ انتشار تلك الرسالة يهدد كلّ معتقداتهم الدينيّة ويلغي مصالحهم الشخصيّة، لكنّ رسول الله كان يرفض كلّ تلك الإغراءات والتهديدات ويصرّ على أن يعلّم المسلمين أنّ حملَ رسالة الإسلام وتبليغَها لا يقتضي منك أن تكون زعيماً بالضرورة أو منافساً على السلطة، لكنّ ذلك يقتضي بكلّ تأكيد أن تتمتّع بأعلى درجات الصبر والاجتهاد والمثابرة والإخلاص.

وصل عداءُ زعماء قريش لرسول الله وأصحابه المؤمنين الأوائل إلى درجةٍ كبيرة، ووصل تعذيبُهم لبعض المسلمين حدّ الآلام الكبيرة، فأشار رسولُ الله إلى أصحابه هؤلاء بالهجرة إلى الحبشة، وهنا يجب علينا أن نطرح السؤال المهمّ التالي: لماذا اختار رسولُ الله عليه الصلاة والسلام الحبشة مكاناً لاستقبال المسلمين المعذّبين ؟

لقد برّر رسولُ الله اختياره حين قال لأصحابه: “إنّ بالحبشة ملكاً عادلاً لا يُظلَمُ أحدٌ بجواره، وأرى أن تذهبوا إليه”، لم ينظر رسولُ الله إلى كون حاكم الحبشة غيرَ مسلم، لكنّه استند إلى معرفته بأنّ ذلك الحاكم كان عادلاً ، ولعلّ رسولَ الله من خلال هذا الاختيار يعطي المسلمين درساً أنّ عدلَ الحاكم، ولو لم يكن مسلماً، يكفي لأن يعيشَ المسلمون في أرضٍ يحكمها ويستطيعون فيها ممارسة نشاطاتهم اليوميّة والفكريّة والدعويّة بحريّة كاملة، وقد تجلّت شهادةُ رسول الله لملك الحبشة، فبعدما نزل المسلمون عليه علمت قريش بمَنْ وصل إليه، ثم أرسلوا إليه عمرو بن العاص وهو الذي كان من دهاة العرب، وكان صديقاً للنجاشي يأتيه بالهدايا والتحف من مكّة، فجاء ودخل على الملك وسجد له على حسب عادته، ثم قال: (ما بكَ يا عمرو؟ قال: إن أشخاصاً صبئوا لا هم على ديننا ولا على دينك جاؤوا إلى أرضك يُفسدون فيها، وقد أرسلنا قومُنا بهدايا إليك لتردَّهم إليهم)، فهل فرح الملك بالهدايا ؟ لا، بل قال: (لا والله، قوم لجؤوا إليّ ووصلوا إلى أرضي، فلا أسلمُهم إليكم قبل أن أسألَهم، فانتظرْ حتى أُحضرَهم وأسألَهم وأعلمَ أمرَهم ؟).فلما جاءوا واشتدّ الأمرُ عليهم قال لهم جعفرُ رضي الله تعالى عنه: (لا يتكلمْ أحد، فأنا خطيبُكُمُ اليوم)، فلما أرادوا الدخول كان عمرو جالساً بجانب النجاشي ، قال: (انظر إليهم لن يسجدوا إليك ولن يحترموك)؛ لأنه يعرف أن المسلم لا يسجد إلا لله، فلمّا دخلوا ولم يسجدوا سألهم:(لِمَ لم تسجدوا كما يسجد الناس؟ قال: نُهينا أن نسجدَ لغير الله، قال: وما شأنكم ؟ قال: كنّا.. وكنّا.. وأخذ يصف حالة العرب وما كانوا فيه من الظلم والبغي والقحط والجوع وقطيعة الأرحام وأنّ القويَّ يأكل الضعيف، حتى قال: ثم بعثَ اللهُ فينا رجلاً منّا نعرف نشأتَه ومولدَه ونسبَه، فأمرنا بالمعروف ونهانا عن المنكر وأمرنا بصلة الأرحام وأمرنا بالصلاة).قال: هل معك شيء مما جاء به، فقرأ عليه شيئاً من سورة طه، فغاظ ذلك عمرو بن العاص، فغمز الملك فقال: سله ما يقولون في عيسى ؟ “انظر إلى التحريش، وهكذا دائماً أعداء الفطرة ينظرون إلى نقاط الضعف”، فسألهم: (ما يقول صاحبُكم في عيسى؟ فقال: يقول: هو عبدُ الله ورسولُه، وكلمتُه ألقاها إلى مريم وروحٌ منه، وقرأ عليه شيئاً من سورة مريم، فما كان من هذا الملك العادل إلّا أن أهوى إلى الأرض وأخذ قشّةً صغيرةً، وقال: والله! ما زاد صاحبُكم على ما جاء به الناموسُ من عند الله ولا مثل هذه)، ثم قال كلمتَه التي هزّت التاجَ فوق رأسه: (لولا ما أنا فيه من الملك، واستطعت أن أصل إليه لغسلتُ التراب عن قدميه)! هكذا يعلن الملك في بلاطه: لو استطاع الوصولَ إلى رسول الله لكان خادماً يغسل عن قدميه التراب، ثم قال: (اذهبوا فلن يصيبكم أحد)، وأعلن في مملكته أنّهم يحلّون حيث شاؤوا، ولا يعترضهم أحدٌ بشيء، وقال: ردّوا الهدايا على عمرو وصاحبه[2].

إذاً فقد عاش المسلمون تحت سلطة النجاشي ومارسوا طقوسَهم وشعائرَهم الدينيّةَ دون تضييق وكانوا يُعاملون في ذلك المجتمع الجديد أحسنَ معاملة.

ولعلّ قصّةَ موسى عليه الصلاة والسلام مع فرعون تؤكّد هذه الفكرةَ أيضاً، فبعد أن تجاوز فرعون كلّ طغيانٍ مُتصوّر، أرسل الله سبحانه وتعالى موسى إليه، فماذا قال له ؟ هل قال له: اذهب يا موسى وقاتلْ فرعون؟ لا، بل يقولُ تعالى: { اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي، اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى، فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} طه [42:20-44]

يمكننا تلخيصُ النقاط التي يتوجب علينا معرفتُها استناداً لطريقة تعامل رسول الله مع زعماء قريش الذين اعتدوا عليه وآذوه في المرحلة المكيّة كما يلي:

1- لم يفكّر رسولُ الله أبداً بالزعامة في قريش، بل كان يحمل رسالةً من الله ويسعى إلى تبليغها إلى أكبر عددٍ ممكن من بني قومه ثمّ إلى البشريّة جمعاء.

 2- ابتدأ رسولُ الله في رحلة التبليغ بالدائرة الضيقة التي كانت تحيط به لتأسيس قاعدةٍ ينطلق منها بمساعدة تلك الدائرة إلى الآخرين.

 3- لم تكن مشكلةُ رسول الله مع زعماء قريش في كونهم رفضوا أن يُسلموا لأنّ من حقّهم القبولُ بالإسلام أو رفضُه، لكنّ المشكلةَ كانت في أنّهم كانوا يضعون العراقيل أمام رسول الله في طريقه لتبليغ الدعوة ونشر الرسالة وكانوا يعتدون على كلِّ مَن يترك عبادة الأصنام ليلتحق بدين الله.

 4- يستطيع المسلمُ أن يعيش في بلدٍ محكومٍ من شخص غير مسلم إذا كان هذا الحاكم يسمح بحريّة المسلمين في أداء شعائرهم الدينيّة وفي تبليغ رسالة الإسلام إلى الآخرين دون أيّ تضييقٍ على ذلك.

 5- الإسلامُ ليس مرتبطاً بأرضٍ جغرافية محدّدة بل هو مرتبطٌ بوجود الإنسان المسلم في أيِّ مكانٍ من العالم وأيّاً كان الحاكم.

 6- الإسلامُ لا يمكن أن يُفرض فرضاً بعصا سلطةٍ أو زعيمٍ، بل هو قناعةٌ عقليّةٌ وتصديقٌ قلبي صادرٌ عن كلّ فردٍ آمَنَ حقّاً بهذا الدين، وحين نقول بأننا يجب أن نكوّنَ مجتمعاً مسلماً فهذا يعني أن نبدأ من القاعدة في هذا المجتمع حتى تستطيع هذه القاعدةُ فيما بعد إفرازَ حاكمٍ منها بشكلٍ تلقائي.

هذا منهجُ نبينا في مثل هذه الحالات فهل نحنُ به مقتدون ؟

سؤال(2):

ما هي واجباتُ الحاكم المسلم نحو أفراد مجتمعه ؟

يقول اللهُ تعالى في كتابه الكريم: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا } الأحزاب[21:33]، كان لنا في تجربة رسول الله في المدينة المنورة مثالٌ فريدٌ عن المنهج والواجبات التي يجب على الحاكم المسلم الالتزامُ بها في علاقته مع شعبه، فلنستذكر شيئاً من تلك الواجبات على ضوء استقرار رسول الله في المدينة..

 بعد اشتداد تعذيب المسلمين في مكّة، قََََبِِلَ الأنصارُ بعد نجاح بيعة العقبة الثانية باستقبال رسول الله وأصحابه المضطهدين في المدينة المنوّرة، وكان رسولُ الله عليه الصلاة والسلام في مؤخّرة المهاجرين لأنّ همّه الأساسيَّ كان يتمثّل في إنقاذ أصحابه من أذى مشركي قريش فكان كالربّان الذي لا يخرج من سفينته إلّا بعد أن يطمئنّ أنّ كلّ الركّاب في أمان، ويُعدّ استقرارُ المسلمين في المدينة نقطة تحوّل في بناء مجتمع مسلمٍ يتمتع بالاستقلالية، وكان لا بُدّ من وجود عقد دستوري في هذا المجتمع ينظّم العلاقات بين المهاجرين والأنصار من جهة، وبين جميع المسلمين والقبائل اليهوديّة التي كانت مستقرّةً في المدينة المنورة آنذاك من جهةٍ أخرى، وقد تولى رسولُ الله صياغة هذا العقد في وثيقةٍ دستوريّةٍ تضمّنت عدّةَ بنود تخضع في مجملها إلى السياسة الإسلاميّة العامّة “المساواة في الحقوق بين الجميع، الحريّة الفكريّة وحريّة الاعتقاد للجميع، الالتزام بالعهود والقوانين”، هذه هي السياسة العامّة التي تتكون على أساسها العلاقاتُ في المجتمعات الإسلاميّة.

وباعتبار المسلمين هم الكثرة في المدينة آنذاك، فقد تولّى رسولُ الله رعايةَ شؤونهم والإشراف المباشر على قضاياهم وحلّ المشكلات التي تنشأ فيما بينهم أو بينهم وبين القبائل اليهوديّة، أي كان عليه الصلاة والسلام يعمل على حفظ الأمن الاجتماعي، وكان المشرف على كلّ الأعمال العسكريّة التي كان المسلمون يخوضون غمارها لصدّ عدوان الكافرين، إذاً نستطيع القول أنّ المرحلة المدنيّة قد اختلفت جذريّاً عن المرحلة المكيّة، ففي مكّة المكرمة كان رسول الله يعيش مع أصحابه تحت سلطة مجموعة من زعماء قريش المشركين، لم يكن يمتلك الحريّة الكاملة في الدعوة إلى دين الله وتبليغه بسبب اضطهاد وإيذاء أولئك الزعماء له ولأصحابه، وبعبارة أخرى، وقف أولئك المشركون من خلال اعتداءاتهم على المسلمين ضدّ تشكّل مجتمع إسلامي مستقر وحر في مكّة المكرمة، لكنّ المسلمين وجدوا كلّ مقومات نشر دينهم في المرحلة المدنيّة التي تولّى رسولُ الله إدارة شؤون المسلمين فيها بحريّةٍ كاملة فاستطاع توحيد المسلمين”مهاجرين وأنصار”إلى جانب اليهود في مجتمع واحد مستقرٍّ له كيانٌ ووجودٌ فعّالٌ، ومن خلال سلوك “القائد” رسول  الله في المدينة نستطيع استنتاج بعض المهام الرئيسيّة التي يتوجب على كلّ مسلمٍ وصل إلى مرتبة رعاية شؤون مجتمع مسلم القيامُ بها كما يلي:

1- المهمّة الرئيسيّة التي تقع على عاتق المسلم الذي يتسلم زمام مسؤوليّة الحُكم هي العملُ على حفظ الأمن الاجتماعي في  المجتمع.

2- المساواة الكاملة والمطلقة في الحقوق بين المسلمين وغير المسلمين الذين يعيشون في المجتمع الواحد.

3- ترسيخُ مبدأ حريّة الاعتقاد كحقٍّ لجميع أفراد المجتمع فلا يملك أحدٌ إجبار الآخرين على قبول معتقدٍ ما أو رفضه.

4- حماية أمن المجتمع ضدّ كل التهديدات والاعتداءات والإشراف المباشر على التشكيلات الأمنيّة التي تتولى هذه المهمّة.

5- تأمين تواصل ذلك المجتمع مع المجتمعات الآخرى.

6- حريّة التعبير عن الرأي ولو كان مخالفاً للحاكم.

7- الاهتمام بمعالجة المشكلات التي تحدث والاستماع إلى كلّ الآراء واستشارة العقلاء.

وقد رسّخ رسولُ الله عليه الصلاة والسلام المبادئ الكبرى التي يجب أن تحكم علاقة المسلمين فيما بينهم “والحاكمُ بطبيعة الحال واحدٌ من المسلمين” من خلال خطبة الوداع كما يلي: ” أيها الناس إن دماءكم وأعراضكم حرامٌ عليكم إلى أن تلقوا ربَّكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا هل بلغت اللهم فاشهد، فمن كانت عنده أمانةٌ فليؤدّها إلى من ائتمنه عليها، فلا ترجعُنّ بعدي كفّاراً يضرب بعضُكم رقابَ بعض، فإني قد تركت فيكم ما لن تصلّوا بعده إن اعتصمتم به : كتابَ الله ، ألا هل بلّغت … اللهمّ فاشهدْ[3].

ولا شكّ أنّ كلّ مسلم يجب أن ينهض بهذه الواجبات لكنّ صاحبَ المسؤوليّة الأكبر في القيام بأعباء هذه التكاليف هو الحاكم من خلال حفظ الأمن والسلم الاجتماعي.

سؤال(3):

ما هي الوسيلة المشروعة لوصول مسلم ما إلى السلطة في المجتمع ؟ يعني كيف يصبح المسلمُ حاكماً في مجتمعه ؟ توفي رسولُ الله عليه الصلاةُ والسلام، لكن هل اختار قبل وفاته مَن يخلفه في رعاية شؤون المسلمين ؟

لم يثبتْ عن رسول الله أنّه قد أوصى بالخلافة من بعده لشخصٍ بعينه، لكنْ بعد وفاته اجتمع كبارُ الصحابة في سقيفة بني ساعدة فبايعوا أبي بكر خليفةً للمسلمين ثمّ بايعه عمومُ المسلمين في المسجد البيعة العامّة، هذا هو مبدأ الشورى الذي أعطى لأبي بكر الحقّ في قيادة المسلمين بعد وفاة رسول الله، ولقد ذكر القرآنُ الكريم هذا المبدأ أكثر من مرّة مدلّلاً على أهميّة وجوده فيما بين المسلمين في كلّ الأمور، ولا شكّ أنّ اختيار حاكم المسلمين هو من أهمّ هذه الأمور التي تقتضي الشورى، يقول الله تعالى مؤكّداً على مبدأ الشورى: { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْ} آل عمران[159:3]

{وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} الشورى[38:42]

{فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ} البقرة[233:2]

{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} النور[62:24]

{ قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ} النمل[32:27]

حين يأتي الحاكمُ على أساس الشورى فإنّه يأتي على أساسٍ متين من رضى المحكومين به حاكماً عليهم، وهذا هو المفتاحُ الأساسيُّ لحفظ الأمن الاجتماعي في أيّ مجتمع، فالشورى تعني أنّ الحقيقة مشتركةٌ بين جميع أبناء المجتمع، وأنّ جميع أفراد المجتمع يشاركون في صياغة القرارات التي تصدر باسم الحاكم، وحينها ستجد تلك القرارات طريقَها الفوريَّ إلى التنفيذ مع كامل الرضى، الشورى تُنافي الكره والإجبار والفرض، والدِّينُ أيضاً ينافي الكرهَ والإجبار والفرض، لذلك فإنّ مبدأ الشورى هو جزءٌ فاعلٌ في كلّ أمور المسلمين وخصوصاً فيما يتعلّق بتولية واحدٍ منهم حاكماً عليهم، استناداً إلى ذلك كلّه نستطيع القول أنّ الوصولَ المشروع إلى الحكم يقتضي المرور عبر طريق الشورى الذي يجمع كلّ المسلمين على هدفٍ واحدٍ يوصلهم إلى النهضة والسعادة في الدنيا والفلاح في الآخرة.

وقد رسّخ أبو بكر الصدّيق معاني الشورى في أوّل كلمةٍ ألقاها إلى المسلمين بعد أن أصبح خليفةَ حين قال: “أمّا بعدُ أيّها الناس فإنّي قد وُلّيتُ عليكم ولستُ بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأتُ فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أرجعَ عليه حقّه إن شاء الله، والقويُّ فيكم ضعيفٌ حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع قومٌ الجهاد في سبيل الله إلّا خذلهم الله بالذّلّ، ولا تشيع الفاحشةُ في قوم إلا عمّهم اللهُ بالبلاء، أطيعوني ما أطعتُ الله ورسولَه، فإذا عصيتُ الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله”[4].

التزم المسلمون بمبدأ الشورى في تسمية بقية الخلفاء الراشدين “عمر بن الخطاب وعثمان بن عفّان وعلي بن أبي طالب”، لكنّ النزاعات والصراعات الدمويّة بين المسلمين حول أحقيّة الخلافة بدأت في فترة خلافة علي بن أبي طالب وبلغت هذه الصراعاتُ أوجَها في عهد يزيد بن معاوية الذي كانت فترةُ حكمه الممتدة بين 60-64 من الهجرة من الفترات الأكثر دمويّةً في التاريخ   الإسلامي، تحوّل شكلُ تسمية الحاكم في تلك المراحل من مبدأ الشورى الذي أقرّه رسولُ الله والخلفاء الراشدون الأربعة إلى الاستيلاء على الحكم بالقوّة والغلبة أو توريث الحكم من الأب إلى الابن، وأُريقت بسبب ذلك الكثيرُ من دماء المسلمين وما تزال إلى يومنا هذا.

الإسلام لا يُقرّ أن يصل المسلمُ إلى الحكم عبر إراقة دماء الأبرياء لأنّ حرمة الدماء هي من أعظم الحرمات كما يقول الله تعالى في أكثر من آية في كتابه الكريم: { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} النساء[93:4]

{مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} المائدة[32:5]

إنّ الوصولَ إلى الحكم قسراً عبر إراقة دماء المسلمين أو عن طريق التوريث يجرّ سلسلةً طويلة من الآلام على المجتمع المسلم، فكيف سيقتنع ذلك المجتمع بمشروعيّة حاكمٍ اغتصب السلطة وأراق الدماء البريئة ؟ كيف سيعمل أفرادُ ذلك المجتمع برضى وإخلاص تحت سلطة حاكم لم يكن لهم نصيبٌ في اختياره ؟ وكيف سيسود الأمنُ والازدهار في مجتمعٍ يقوده مجرمٌ أزهق الأرواح البريئة في سبيل نيل المكاسب الدنيويّة ؟

إنّ كلّ شواهد التاريخ الإسلامي القديم والحديث تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنّ اغتصاب السلطة بذلك الشكل لم يعد بأيّ نفع على المسلمين، بل إنّ تجاهل مبدأ الشورى الذي تعلمناه من كتاب الله ومن تطبيقات رسول الله قد فرّق المسلمين إلى شيعٍ مختلفة يقتل بعضُها البعض ويكفّرُ بعضُها البعض، فضلّ المسلمون عن طريق الله القويم ودخلوا منذ مئات السنين في حروبٍ على السلطة سبّبت هلاك ملايين المسلمين.

نعود لنؤكّد أنّ الطريق القويم لوصول المسلم إلى قيادة مجتمعه قيادةً سليمةً وفق مقاييس كتاب الله وتطبيقات نبيّه تمرّ على طريق الشورى، هذا الطريق الذي سار عليه الغربُ اليوم باسم الديمقراطيّة بينما تخلّى المسلمون عنه، فقيادةُ المجتمع هي عقدٌ بين الحاكم والمحكومين، وأوّلُ الشروط الضروريّة واللازمة لأيّ عقد يُبرم بين طرفين هو رضى الطرفين عن ذلك العقد، فإذا استتبَ الحكمُ بذلك الشكل حرُم الخروجُ المسلّحُ على مثل هذا الحاكم.

سؤال(4):

ما حكمُ الخروج على الحاكم المسلم الذي يحاول جاهداً العمل وفق شرع الله؟

إنّ طاعة الحاكم المسلم الذي تولّى قيادة المجتمع وفق الأسس الشرعيّة واجبٌ على كلّ فردٍ من ذلك المجتمع ما لم يأمر ذلك الحاكمُ بمعصية ، لكنّ طاعته تسقط إذا أمر المسلمين بما يخالف أمر الله تعالى، أي أنّ الطاعة له مقرونةٌ بمدى التوافق بين أوامره وبين ما أمر به الله تعالى في كتابه الكريم وطبّقه رسولُ الله في سنّته الكريمة.

نحن نعلم أنّ الله سبحانه وتعالى صنّف في كتابه الكريم طاعة الإنسان لوالديه في المرتبة الثانية مباشرةً بعد الخضوع لسلطان الله، لكنّه سبحانه قيّد هذه الطاعة بوجوب أن تكون فيما يرضي الله تعالى، فلو أمرَ الوالدان ابنَهما بمعصية، لا يجوز أن يطيعهما الابنُ فيما يريدان، لكن يجب عليه أن يتعامل معهما مع ذلك بالإحسان كما يقول الله سبحانه: { وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} لقمان[15:31] فإذا كان هذا هو الحالُ مع الوالدين الذين يأمران ابنُهما بمعصية، فإنّه من باب الأَوْلى سيكون أيضاً في علاقة الحاكم الذي يطلب من المحكوم ارتكابَ معصيةٍ ما أو السكوتَ عن معصيةٍ ما، لا طاعةَ للحاكم حينئذ.

ونجد هذا المعنى مكرراً في بعض آيات القرآن الكريم،منها قولُه تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِر } النساء[59:4] حين يجمع الله سبحانه وتعالى الأمر بطاعة أولي الأمر إلى جانب الأمر بطاعته وطاعة رسوله فهذا يعني أنّ الطاعة يجب أن تكون بالمعروف وبما يرضي الله لأنّ الله ورسوله لا يمكن أن يأمرا إلّا بالمعروف، وهذا ما تؤكده أيضاَ الآيةُ القرآنيةُ التالية: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} الممتحنة[12:60]، قيّد اللهُ سبحانه وتعالى في هذه الآية طاعة النبي في حالة الأمر بالمعروف فقط، وهو ما يؤيّد أنّ طاعة الحاكم المسلم واجبةٌ فقط في حالات الأمر بالمعروف.

تؤيّدُ هذا المعنى طائفةٌ من الأحاديث النبويّة منها: حدثنا مسدد حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله حدثني نافع عن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحبّ وكره ما لم يؤمر بمعصية فإذا أُمر بمعصية فلا سمعَ ولا طاعة.[5]

عن أمّ الحصين الأحمسيّة قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إن أُمِّر عليكم عبدٌ حبشيٌّ مجدعٌ أسودٌ يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا[6].

عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إن من إجلال الله إكرامَ ذي الشيبة المسلم وحاملَ القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه وإكرامَ ذي السلطان المقسط [7].

سؤال(5):

هل يتوجب على المسلمين التمرّد على الحاكم المسلم الظالم؟

إنْ صَدرَ عن الحاكم المسلم ظلمٌ ما، يجب على المسلمين إنكارُ ذلك الظلم وعدمُ الركون إليه أبداً، فالإصلاح هو سمةُ المسلم أينما حلّ وفي كلّ الظروف، وحين يتغاضى المسلمون عن ظلم الحكّام سينتشر الفسادُ في البَرّ والبحر وسيوشكُ اللهُ سبحانه وتعالى أن يعمّ الجميع بعقاب، ألم نقرأ عشرات الآيات في القرآن الكريم التي تنهى عن الظلم وعن مناصرة الظالمين، وتؤيدها طائفةٌ كبيرة من الأحاديث النبويّة في ذلك ؟

يقول الله سبحانه وتعالى :{ فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ، وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} هود[116:11-117]، ويقول سبحانه وتعالى في آية أخرى: {وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ} هود[113:11]

 {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} آل عمران[104:3]

{كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ} آل عمران[110:3]   {لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ،يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ} آل عمران[113:3-114]

{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} التوبة[71:9]

{لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ} المائدة[63:5]

{لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ،كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } المائدة[78:5-79]

ويؤيد وجوب إنكار المنكر ما روي عن ابن عباس في تفسير رسول اللّه صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم للآية، فقال صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم : « لتأمرُنّ بالمعروف ولتنهُنّ عن المنكر، ولتأخذنَّ على يد السفيه، ولتأطرنه[8] على الحق أطراً أو ليضربنّ اللّهُ قلوبَ بعضكم على بعض ويلعنَكم كما لعنهم »[9]

عن أَبي سعيدٍ الخُدْريِّ رضي اللَّه عنه قال : سمِعْتُ رسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقُولُ : « مَنْ رَأَى مِنْكُم مُنْكراً فَلْيغيِّرْهُ بِيَدهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطعْ فبِلِسَانِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبقَلبهِ وَذَلَكَ أَضْعَفُ الإِيمانِ [10]»

عَنْ حذيفةَ رضي اللَّه عنه أَنَّ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بالْمعرُوفِ ، ولَتَنْهَوُنَّ عَنِ المُنْكَرِ ، أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّه أَنْ يَبْعثَ عَلَيْكمْ عِقَاباً مِنْهُ ، ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلاَ يُسْتَجابُ لَكُمْ [11]»

عنْ أَبِي سَعيد الْخُدريِّ رضي اللَّه عنه عن النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال: «أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عندَ سلْطَانٍ جائِرٍ [12]».

عن تميم بن أوس الداري رضي الله عنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدين النصيحة ، قلنا لمن يا رسول الله ؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين و عامتهم [13].

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى يرضى لكم ثلاثاَ ويكره لكم ثلاثاَ، فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا وأن تُناصحوا مَن ولّاه اللهُُ أمرَكم ويكره لكم قيل وقال وكثرةَ السؤال وإضاعةَ المال[14].

عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثٌ لا يغل عليهن قلبُ امرئ مسلم: إخلاصُ العمل لله والنصحُ لأئمة المسلمين ولزومُ جماعتهم[15].

إذا من خلال الآيات القرآنية والأحاديث النبويّة الموافقة لها يتضح أنّ علاقة المسلم مع ولي الأمر”رئيس الدولة،السلطان…”يجب أن تقوم على السمع والطاعة بالمعروف، لكن إذا سار الحاكمُ المسلمُ في طريق الظلم والباطل، يجب على المسلمين إنكارُ ذلك باللسان لأنّ إنكار الظلم في حضور الحاكم الظالم هو أفضلُ الجهاد كما قال رسولُ الله عليه الصلاة والسلام، فإذا تخلّى المسلمون عن واجب إنكار الباطل وشاع الظلمُ نتيجة ذلك في المجتمع، أوشك اللهُ أن يعمَّ الجميعَ بالعقاب.

سؤال(6):

قرأتُ الكثيرَ من الأحاديث النبويّة الصحيحة التي تأمرنا بالصبر على الحاكم المسلم الظالم وعدم الخروج عليه ولو اغتصب أموالَنا وجَلَدَ ظهورَنا ، كيف نفهم هذه الأحاديث مع العلم أنّها تناقض كتاب الله وتناقض أحاديث أخرى صحيحة أيضاً تحضّ المسلمين على قول كلمة الحق أمام الظالمين؟

 قبل عرض هذه الأحاديث التي يذكرها السؤال لا بُدّ من أن نعلم أنّ القرآن الكريم كتابٌ لا يأتيه الباطلُ من بين يديه ولا من خلفه، وأنّه كتابٌ تولّى اللهُ سبحانه وتعالى حفظه، ويجب أن نعلم أيضاّ أنّ عشرات الآيات القرآنيّة تنهى عن الظلم وتنهى عن محاباة الظالمين، والساكتُ عن الظُلم مشاركٌ فيه، فالقرآن نزل ليُصلح لا ليشجّعَ على الظلم والفساد..

ومن الأمور التي يجب أن نفهمها على هذا الأساس أنّ الأحاديث المنسوبةَ للنبي عليه الصلاة والسلام التي لا تتفق مع محتوى ومضمون كتاب الله لم تصدر فعلاً عن النبي، فمن المستحيل أن يكون هناك تناقضٌ بين حديثٍ خرج فعلاً من فم النبي وبين محتوى القرآن الكريم، لكن من الممكن أن تُنسب إلى النبي عليه الصلاة والسلام أقوالٌ حسب الأهواء فتكون متعارضةً مع كتاب الله فمثلُ هذه الأقوال المكذوبة على رسول الله لا يُؤخذ بها ولو وردت في كلّ كتب الحديث.

إنّ كتابة الأحاديث التي تُنسب إلى رسول الله لم تنتشر إلّا في القرن الثاني، أي بعد انتقال النبي عليه الصلاة والسلام إلى الرفيق الأعلى بأكثر من مئة عام، وهو الذي كان يحذّر صحابتَه ويمنعهم من تدوين أحاديثه، ولم يكن ذلك الانتشارُ بوازعٍ من الرواة، بل كان بدافعٍ من الولاة، كما حدث في زمن الأمويين والعباسيين حيثُ انتشرت أحاديثٌ منسوبةٌ إلى النبي عليه الصلاة والسلام من النوع الذي يعطي الحكّام على اختلاف أسمائهم السلطةَ الأبديّةَ على الشعوب التي كانوا يحكمونها ويبرّرُ لهم استبدادهم و هيمنتَهم على ثروات البلاد التي يحكمونها، أي أنّ الهدف من نشر تلك الأحاديث الباطلة هو دعمُ الحكم الاستبدادي لأولئك الحكّام ومحاولة الإيحاء بأنّهم ممثلون لله سبحانه على الأرض وبأنّ لهم السلطةَ المطلقةَ فيما يفعلون.

سنسرد هنا طائفةَ من الأحاديث المذكورة في السؤال والتي تعطي للحاكم سلطاتٍ مطلقةً على الأرض وتأمر المسلم بالسمع والطاعة على كلّ حال:

 عن وائل بن حجر رضي الله عنه قال: سأل سلمةُ بن سعيد رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله أرأيتَ إن قامت علينا أمراءٌ يسألونا حقَّهم ويمنعونا حقَّنا فما تأمرنا ؟ فأعرَضَ عنه رسولُ الله

 ثم سأله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حُمِّلوا وعليكم ما حُمِّلتُم[16].  عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يكون بعدي أئمةٌ لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنّتي وسيقوم فيهم رجالٌ قلوبُهم قلوبُ الشياطين في جثمان إنس  قلت: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركتُ ذلك؟ قال تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمعْ وأطع[17].

 عن أبي بكرة الثقفي رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: السلطان ظلّ الله في الأرض، مَن أكرمه، أكرمه الله، ومَن أهانه أهانه الله[18].

عن عباده بن الصامت رضي الله عنه قال: دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه فقال: فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وألا ننازع الأمرَ أهلَه إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان[19].

عن أسيد بن حضير رضي الله عنه أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: استعملتَ فلاناَ ولم تستعملني؟

قال: إنكم سترون بعدي أثرةً فاصبروا حتى تلقوني[20].

 عن أبي بكرة الثقفي رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :مَنْ أجلّ سلطانَ الله أجلّه اللهُ يوم القيامة[21]

عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل أنتم تاركو لي أمرائي؟

 لكم صفوة أمرهم وعليهم كدرُه، إنما مثلُكم ومثلُهم كمثل رجل استرعى إبلاً أو غنماً فرعاها ثم تحين سقيها فأوردها حوضا فشرعت فيه فشربت صفوَه وتركت كدرَه فصفوه لكم وكدره عليهم [22].

 عن عباده بن الصامت رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: اسمعْ وأطعْ في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك وإن أكلوا مالك وضربوا ظهرك[23].

أخرج ابن أبي شيبة وغيره بسند صحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله انه قال لسويد بن غَفَلة: يَا أَبَا أُمَيَّةَ لَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ بَعْدِى، فَأَطِعِ الإِمَامَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا، إِنْ ضَرَبَكَ فَاصْبِرْ، وَإِنْ أَمَرَكَ بِأَمْرٍ فَاصْبِرْ، وَإِنْ حَرَمَكَ فَاصْبِرْ، وَإِنْ ظَلَمَكَ فَاصْبِرْ، وَإِنْ أَمَرَكَ بِأَمْرٍ يَنْقُصُ دِينَكَ فَقُلْ سَمْعٌ وَطَاعَةٌ دَمِى دُونَ دِينِي[24].

إنّ مثلَ هذه الأحاديث المنسوبة إلى النبي عليه الصلاة والسلام لا تستلزم منّا أكثر من نظرة سريعة على كتاب الله لندرك أنّها أحاديثُ مكذوبةٌ فُصّلت على قياس الحكّام في العهدين الأموي والعبّاسي لتعطي أفعالَهم الاستبداديّة مشروعيّةَ باطلة، فلا حاجة أساساً لدراسة صحّة أو عدم صحّة إسناد مثل تلك الأحاديث لأنّها مخالفةٌ بالجملة لما جاء به كتابُ الله سبحانه من حضٍّ مكثّف على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتبرؤ من أفعال الظالمين ومواجهتهم، إنّ هذه الأحاديث تنسف آيات الله التي تتحدث عن أنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبٌ يرافق المسلم أينما حلّ، وأنّ ممالأةَ الظالمين سببٌ لعموم عقاب الله، فهل من المعقول أن يشبّه رسولُ الله عليه الصلاةُ والسلام العلاقة بين الحاكم والمحكوم كالعلاقة بين الراعي والإبل ؟!

وهل من المعقول أنّ الحاكم له الصلاحيّة المطلقة ليفعل ما شاء من قتلٍ لإنسانيّة وكرامة الإنسان و اغتصاب الأموال بغير حق وجلد الظهور وارتكاب كلّ المفاسد التي لا ترتقي إلى “الكفر البواح” من قتلٍ وتشريدٍ واعتقالٍ للأبرياء دون أن يقف المسلمون ليقولوا له: أنتَ ظالم ؟ إنّ ترويج مثل هذا الحديث لهو استخفافٌ بالمسلم ومسحٌ لشخصيّته وطريقٌ لتزيين الظلم في عينيه.

إنّ الإسلام بنى شخصيّة الإنسان المسلم التي تأبى الظلم وتدافع عن حقوقها، فالدفاعُ عن الحقوق أمرٌ فطريٌّ لدى كل إنسان، بينما تحاول هذه الأحاديثُ المكذوبة الإيحاء بأنّ الحاكم أو السلطان أو الرئيس هو قدرٌ من الله لا مفرَ منه ولا سبيل للاعتراض عليه أو مناقشته فهو لا يُسألُ عمّا يفعل ولو اغتصب الأموال وجلد الظهورَ وأشاع الفساد والفسق وارتكب الجرائم وأراق الدماء وتسلّط على العباد واستعبدهم!

سؤال (7):

ما سبلُ مواجهة الحكّام الظالمين إذا استمروا على ظلمهم بعد أن سمعوا النصحَ ولم يغيّروا سلوكَهم ؟ هل يحقّ لنا رفعُ السلاح ضدّهم وقتالُهم لتغيير المنكر؟

إنّ واجبَ الإنسان المسلم يكون في أداء كلمة الحقّ دائماً وفي العمل بمقتضيات ذلك الحقّ، بعبارةٍ أخرى، إنّ واجبَ المسلم يكون في أداء العمل الصحيح المناسب لأحكام الشرع بغضّ النظر عن النتائج، وفي إطار هذا الفهم يقول عليه الصلاةُ والسلام: “إنّ من أعظم الجهاد كلمةُ عدل عند سلطان جائر”، لم يقل رسولُ الله: إنّ أعظم الجهاد هو قتالُ السلطان الجائر لثنيه عن الظلم..

إنّ كلمة الحق التي ينطق بها المسلم أمام الظالمين أشدُّ عليهم من غرز سيوفنا في أعناقهم، حين نأمر حاكماً ظالماً بالمعروف وننهاه عن المنكر نكون قد أدّينا المطلوب شرعاً منّا، أمّا في حالة عدم استجابة ذلك الحاكم الظالم لنصح الناصحين، فهناك وسائل أخرى سلميّة يستطيع المسلمون القيام بها تعبيراً عن رفضهم للظلم، منها مثلاً أن يحرص المسلمُ على نشر الوعي بين عموم الناس للممارسات الظالمة للحاكم، ومنها أيضاً الاعتصاماتُ والاحتجاجاتُ المسالمة والإضرابُ والعصيانُ المدني….الخ

لكنّ قتالَ هؤلاء الحكّام في مثل هذه الحالة غيرُ مشروع باعتباره باباً لسفك الدماء المسلمة قد يستطيع الإنسانُ فتحَه بمحض إرادته لكنّه لن يكون قادراً على إغلاقه، إنّ حرمة دماء المسلمين فيما بينهم يجب أن تحتفظ بقدسيّتها، وقد أشار الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم إلى حرمة دماء المسلمين في أكثر من آية، نذكر من هذه الآيات: { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} النساء[93:4]

{مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} المائدة[32:5]    من المعروف أنّ لدى الحاكم أجهزةً أمنيّةً تدافعُ عنه، فحين تستعمل هذه الأجهزةُ القمعيّة القوّةَ والعنفَ ضدّ أبناء الوطن المسالمين الذين يطالبون بحقوقهم، فإنّها تعلن حالة الحرب على الجمهور،وهذا قد يدفع البعض من الجمهور للدفاع عن نفسه لكنّها ستكون حرباً غير متكافئة باعتبار امتلاك السلطة لكل الأسلحة الفتّاكة التي لا يمتلكها الآخرون فيدخل الوطنُ الواحد في حالة حربٍ دامية لا تنتهي بانتصار طرف على آخر بل يتغذّى نهرُ الدم فيها عبر حالات الثأر والانتقام !

أشارت كثيرٌ من الأحاديث النبويّة إلى حرمة اقتتال المسلمين فيما بينهم وأكّدت على صون دمائهم متوافقةَ بذلك مع هدي القرآن الكريم:

عن أبي بكرة الثقفي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار قالوا يا رسول الله: هذا القاتل فما بالُ المقتول؟ قال : كان حريصاً على قتل صاحبه[25].

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يشيرنَّ أحدُكم إلى أخيه بالسلاح، إنه لا يدري لعل الشيطان ينزع في يده فيقع في حفرة من النار[26].

وقال صلّى الله عليه وسلّم في خطبة الوداع مرسخاً ومؤكداَ مبدأ صون دماء المسلمين: أيُّها النَّاسُ، اسمعوا قولي، فإنِّي لا أدري لعلِّي لا ألقاكم بعدَ عامي هذا بِهذا الموقِفِ أبدًا:أيُّها النَّاسُ، إنَّ دماءَكم وأموالَكم عليْكُم حرامٌ، إلى أن تلقَوا ربَّكم كحُرمةِ يومِكم هذا، وَكحُرمةِ شَهرِكم هذا، وإنكم ستلقونَ ربَّكم، فيسألُكم عن أعمالِكم وقد بلَّغتُ، فمن كانت عندَهُ أمانةٌ فليؤدِّها إلى منِ ائتمنَهُ عليْها وإنَّ كلَّ ربًا موضوعٌ، ولكن لَكم رؤوسُ أموالِكم، لا تظلِمونَ ولا تُظلَمونَ قضى اللَّهُ أنَّهُ لا ربًا وإنَّ ربا العبَّاسِ بنِ عبدِ المطَّلبِ موضوعٌ كلُّهُ، وإنَّ كلَّ دمٍ كانَ في الجاهليَّةِ موضوعٌ، وإنَّ أوَّلَ دمائكم أضعُ دمَ ربيعةَ بنِ الحارثِ بنِ عبدِ المطَّلب- وَكانَ مستَرضَعًا في بني ليثٍ، فقتلتْهُ هُذيلٍ- فَهوَ أوَّلُ ما أبدأُ بِهِ من دماءِ الجاهليَّةِ [27].

إنّ أسلوبَ النضال السلمي المقاوم للحاكم الظالم المستبد هو بمثابة مواجهة بين الحبّ والكراهية، بل هو مواجهة الكراهية بالحب بغرض انتزاع الحب من ذلك الحاكم الظالم ومنحه الأمان اللازم للانتقال من جبهة الكراهية إلى جبهة الحب.

يجب ألّا ينجرّ المسلمون إلى العنف والعنف المضاد في أيّة حالةٍ من الحالات لأنّ افتقادَ الأمان في المجتمعات المسلمة وانتشار القتل والقتل المضاد فيها هو حالةٌ بعيدةٌ عن أوامر الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم وعن توجيهات رسول الله عليه الصلاة والسلام، كما أنّ غياب الأمن في المجتمعات المسلمة وانتشار العنف سيفسح المجال لأعداء المسلمين للدخول إلى المجتمع المسلم وتغذية الاقتتال ونشر الفساد وتحقيق المصالح المعادية للمسلمين.

ويجب أن نعرف أنّ تغيير المنكر يجب ألّا يمرّ على طريق ارتكاب منكرٍ أكبر منه، بل يجب السعيُ لتغيير المنكرات مع محاولة اجتناب أيّة نتائج عكسيّة قد تصدر نتيجة ذلك، فكثيراً ما يقول أحدُ المسلمين:أنا أريد تغيير ذلك المنكر، لكنّه يرتكب منكراتٍ أكبر من المنكر الذي يحاول تغييره لأنّه اختار الأسلوب المتعارض مع القرآن الكريم والسنّة النبويّة في طريقة التغيير المشروعة..

باختصار، لا يجوز الانجرارُ إلى استخدام السلاح بين المسلمين في الوطن الواحد تحت أيّة ذريعةٍ كانت، وفي حالة حدوث ذلك، فإنّ السبيل الأمثل للتعامل معه كما يخبرنا القرآنُ الكريم هو الإصلاح بين المتقاتلين ،يقول الله تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} الحجرات[9:49]

 إنّ الله سبحانه وتعالى يقول لنا بكلّ وضوح أنّ اقتتال جماعتين من المسلمين فيما بينهما”إن حَدَثَ” يجب أن يتمّ التعاملُ معه على أساس الإصلاح وإنهاء الاقتتال بكلّ الجهود الممكنة وأنّه في حالة عدم الالتزام من إحدى الجماعتين وبغيها على الجماعة الأخرى فيجب أن يصطفّ المسلمون صفّاَ واحداً لمحاربتها بغية إعادة أفرادها إلى رشدهم، لكنّ هذه المعالجة الإلهيّة تغيب اليوم بين المسلمين للأسف، فنجد أنّ تسعيرَ الاقتتال بين المسلمين المتقاتلين قد حلّ محلّ الإصلاح بينهم فلا يكاد ينجو عالمٌ أو مسلمٌ اليوم من صفة التحزّب إلى جانب واحدٍ من الطرفين المتقاتلين ممّا يحول دون اجتماع كلمة هؤلاء في سبيل الإصلاح وإحلال السلم والأمن في المجتمعات المسلمة التي تتمزّق اليوم بسبب ابتعادها عن تعليمات القرآن الكريم وتطبيقات رسول الله عليه الصلاة والسلام.

وقف السليمانية/ مركز بحوث الدين والفطرة

الموقع: حبل الله www.hablullah.com

هشام العبد

 


[1]  سيرة ابن هشام

[2]  سيرة ابن هشام، ج1 ص 334-335/ابن كثير، البداية والنهاية، ج3 ص93

[3]  مسلم،كتاب الحج،باب حجّة النبي 147/1218  أبو داوود،باب صفة حجّة النبي،1905/ ابن ماجة،باب حجّة رسول الله 3074

[4] تاريخ الخلفاء، جلال الدين السيوطي، ص91/ المستدرك، 3/ ٦٦  الأنصار في العهد الراشد، حامد محمد الخليفة، ص108/

[5] سنن أبو داوود،باب الطاعة،2628/سنن الترمذي،لا طاعة لمخلوق في معصيى الخالق،1707/ صحيح البخاري،باب الإمارة،6725

[6]  ابن ماجة،باب طاعة الإمام،10631

[7]  أبو داوود،باب تنزيل الناس منازلهم، 4845

[8]  أي:لتحملنّه على الحقّ والصواب ولو من غير إرادةٍ منه

[9]  أبو داوود،باب الأمر والنهي، 4338

[10]  صحيح مسلم،باب الإيمان، 186/سنن ابن ماجة،باب الأمر بالمعروف،4013/صحيح ابن حبّان،باب الصدق والأمر بالمعروف،307

[11]  الترمذي،باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،2169

[12]  أبو داوود،باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،4344/سنن ابن ماجة،باب الأمر بالمعروف،4011

[13]  صحيح مسلم،كتاب الإيمان،55/سنن النسائي،باب النصيحة للإمام،4197/سنن أبو داوود،باب النصيحة،4946

[14]  الموطأ،باب في إضاعة المال،1796/صحيح ابن حبّان،باب المسألة والأخذ،3388

[15]  سنن ابن ماجة ،باب من بلغ علماً،230/،الدارمي،باب حسن النبي،236

[16]  صحيح مسلم،باب طاعة الأمراء،1846

[17]  صحيح مسلم،باب وجوب ملازمة الجماعة،1847

[18]  السنّة لابن أبي عاصم،489/2

[19]  صحيح مسلم،باب الإمارة،1709/صحيح البخاري،باب القتن،6647

[20]  الترمذي،باب في الأثرة،2189/صحيح البخاري،كتاب الفتن،6648

[21]  السنّة لابن أبي عاصم،854

[22]  مسند أحمد،الجزء 39،الصفحة 415/صحيح مسلم 1753

[23]  مسند الشاشي،1221/ابن أبي عاصم،1026/صحيح ابن حبّان 425/10

[24]  البيهقي،كتاب النفقات،15283

[25]  صحيح البخاري،الفتن،7083/صحيح مسلم،الفتن،2888

[26]  صحيح البخاري،2592/صحيح مسلم،2020

[27]  مسلم،كتاب الحج،باب حجّة النبي 147/1218  أبو داوود،باب صفة حجّة النبي،1905/ ابن ماجة،باب حجّة رسول الله 3074

التعليقات

  • إنّ دينَ الله هو دينٌ عالميٌّ يمكن أن يعيش المنتسبُ إليه في الظروف المختلفة متمسّكاً به، فهو يستطيع أن يتمسّك بدينه تحت نظام حكمٍ غير إسلامي، فلا يجب عليه أن يعيش في مكّة المكرّمة أو في المدينة ليقوم بوظائفه الدينيّة، بل له أن يعيش في أيٍّ مكان شاء بشرط أن يأمنَ على نفسه من القتل أومن الإخراج من ذلك المكان بسب إسلامه.

    ويكون المسلم في المجتمع المسلم الذي يعيش فيه حاكما أو محكوماً، ويكون حاكمُه ظالماً أو مقسطاً، وفي أيِّ ظرف من الظروف عاش ينبغي له أن يكون في عون حاكمه إن كان مقسطاً و أن يمسك يدَه عن الظلم إن كان ظالماً عبر النصح من صميم قلبه أمام ذلك الحاكم، وهذا ما يقتضيه منه أساساً الواجبُ في الإسهام حسب استطاعته في ازدهار وطنه وارتفاع مستوى شعبه في ميادين العلوم والتقنيات وكلّ ميادين الحياة الأخرى، وينبغي أن يكونَ النصح لذلك الحاكم الظالم مستنداً إلى نهج الأنبياء والمرسلين في التعامل مع الظلم والظالمين.

    هذا وقد قرأتُ البحثَ الذي كتبه الأخُ الكريم هشام العبد في هذا الموضوع ورأيت أنه قد تناول وأنارَ أغلبَ جوانبه تحت ضوء القرآن الكريم والسنّة النبويّة بالتفصيل، وأرى أنّ هذه المقالةَ تنير الطريق أمام الحيارى من المسلمين الذين يتساءلون عن هذا الموضوع في أيامنا هذه .

    لله درك يا أخي ويا صديقي! أنت قلتَ الحقَّ الذي لم يجرؤ كثيرٌ ممّن يتحدثون حول هذا الموضوع اليوم على قوله، بارك اللهُ بك.

  • جزاكم الله خيرا
    وكما عهدناكم في هذا الموقع المتميز برئاسة البروفيسور عبدالعزيز بايندر ومن معه من الاخوة الافاضل فأنتم تقدمون كل ما هو مميز ومفيد وبعد بحث دقيق ويوضح تلك الدقة سعيكم للاحاطة بجميع جوانب المسائل المطروحة وبتجرد تام وبعلم رصين وحجة واضحة مع البعد عن كل عصبية مقيتة او تحزب وهذا واضح للعيان .

    فأنتم في بحثكم هذا قد افدتم واجدتم واحسنتم البيان وبالحجة الواضحة وهذا ما لم أجده عند أحد غيركم .

    وفقكم الله وهداكم لما ففيه صلاح الناس وخدمة دين الإسلام .

  • السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    ذكرتم في الإجابة على السؤال السابع

    انه هناك وسائل أخرى سلميّة يستطيع المسلمون القيام بها تعبيراً عن رفضهم للظلم، منها مثلاً أن يحرص المسلمُ على نشر الوعي بين عموم الناس للممارسات الظالمة للحاكم، ومنها أيضاً الاعتصاماتُ والاحتجاجاتُ المسالمة والإضرابُ والعصيانُ المدني….الخ

    فيما يخص الاعتصامات والاحتجاجات المسالمة والعصيان المدني .
    ارى ان ذلك يكون بعد توعية المجتمع وتثقيفهم والوصول بهم إلى مستوى من النضج والوعي والإدراك بما يؤهلم الى القيام بمثل هذه الحلول لا ان يكون المجتمع غير مؤهل لمثل هذه الأمور فأنتجت عندنا فوضى وما لا يحمد عقباه وخصوصا ان كانت الأمة يحاك لها وتستغل مثل هذه الاحتجاجات والاعتصامات لغايات اخرى كما حصل في العراق وما أدت له هذه الاعتصامات من كوارث ومصائب وسهل لتنظيمات إرهابية مثل داعش ان تفعل وأن تصول وتجول وتفسد في بلادنا.

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.