حبل الله
أسئلة وأجوبة حول سعيد النورسي

أسئلة وأجوبة حول سعيد النورسي

أسئلة وأجوبة حول سعيد النورسي

أ.د عبد العزيز بايندر

سؤال: يقول سعيد النورسي: «أنه قد أتم خلال ثلاثة أشهر تحصيل العلوم والفنون التي يحتاج الإنسان لتحصيلها في العادة مدة عشرين سنة على الأقل!.. وأنه كان يجيب على كل ما يوجه إليه من أسئلة فورا بدون تريث ولا تردد، بقطع النظر عن أي علوم كانت الأسئلة؟..[1]

وهو يعلل ذلك قائلا بأنه كان قد طلب من النبي صلى الله عيله وسلم علما في منامه، فبشره بأنه سيعلمه علوم القرآن بشرط أن لا يسأل أحدا من أمته. من أجل ذلك فلم يطرح على أحد أي سؤال، وقد عُرف منذ صغره بعلامة العهد. وما من سؤال وجه إليه إلا أجاب عنه على الفور”[2]. وأنا أستغرب هذا القول. فما صحة قوله، وكيف يمكن الرد عليه؟

جواب: كون الشخص يتلقى العلوم من النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته هو ادعاء شيعي. وهم يدعون ذلك لمن ينحدر من نسل علي رضي الله عنه من الأئمة. ويقولون: لم يذهب أي واحد من الأئمة إلى معلم، ولم يتلق دروسا من أي أستاذ، ولم يذهب أي واحد منهم إلى كُتَّاب ولا إلى مدرسة، ورغم ذلك كانوا إذا وجهت إليهم أسئلة يجيبون عليها على البديهة وبأصح ما يكون من إجابة. كما لا تنطق ألسنتهم بكلمة “لا أدري”.[3] ويحصل الإمام على المعرفة الإلهية بواسطة النبي صلى الله عليه وسلم أو بواسطة من سبقه من الأئمة.[4] فسعيد النورسي قد استنسخ دعوى الشيعة بحق الأئمة.

سؤال: هل كان من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم منح العلوم بعد موته ؟

جواب: لا، طبعا ليس له ذلك. يقول الله تعالى: «فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ» (سورة النحل، 16/35). ويقول تعالى موجها نبيه: «قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً» (سورة الكهف، 18/110) «قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلَا رَشَداً. قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً. إِلَّا بَلَاغاً مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً» (سورة الجن، 72/21-23).

سؤال: هل عندكم معرفة عن كيفية تحصيل سعيد النورسي العلوم ؟

جواب: يذكر في سيرته الذاتية التي كتبها بيده أنه بعد إتمام دراسته الابتدائية التحق بحلقات الشيخ محمد جلالي ودرس هناك الكتب المعتاد دراستها حينذاك، ثم عمل في سلك التربية والتعليم في مدينة «وان» لمدة خمس عشرة سنة.[5]

ونفهم من سيرته الذاتية أنه كان يهتم في البداية بالنحو والصرف، وقرأ كتاب «الإظهار»، ثم ذهب إلى الشيخ محمد جلالي وتفرغ هناك للبحث العلمي في شتى العلوم علما أنه قد حفظ عند تواجده هناك أربعين كتابا تتعلق بالعلوم الشرعية. كما تتلمذ على شيوخ غير محمد جلالي، وهم: سيد نور محمد، وسيد عبد الرحمن طاغي، الشيخ فهيم، والشيخ محمد كفروي، والشيخ أمين أفندي، والشيخ ملا فتح الله، والشيخ فتح الله.[6]

سؤال: إذن، من أين جاءه الادعاء بأنه أتم تحصيله للعلوم خلال ثلاثة أشهر وأنه كان يجيب على الأسئلة التي توجه إليه على البديهة، وأنه تلقى هذه الميزة من النبي صلى الله عليه وسلم في منامه؟

جواب: لعله أراد استغلال ميل الناس إلى الإيمان بكل ما هو غريب وعجيب فادعى معرفته بهذه العلوم كلها.  ويقال إن العلماء لقبوه ببديع الزمان لهذا الذي رأوه عنده.[7]

سؤال: في أقوال سعيد نورسي تناقضات ظاهرة، ما رأيكم في هذا؟

وعلى سبيل المثال فهو يقول: «عندما كنت في الرابعة عشر من العمر وجدت موانع حالت دون قيام أحد من الأساتذة على وضع العمامة ولفّها على رأسي وإلباسي الجبة، كدليل على الشهادة العلمية، كما كانت العادة جارية سابقاً. فما كان لبس الجبة الخاصة بالعلماء والكبار يلائم سني الصغير.. كان العلماء في ذلك الوقت، قد اتخذوا موقف المنافس لي أو التسليم التام فلم يتمكنوا أن يتقلدوا طور الأستاذ. وحيث إن عدداً من الأولياء العظام قد ارتحلوا من الدنيا، لذا لم يجد أحد في نفسه الكفاءة ليلبسني الجبة أو يضع على رأسي العمامة، ولم أتشرف بهذا الحق إلا بعد خمسين سنة. وكان مولانا ذو الجناحين خالد ضياء الدين قد أرسل إلي بجبته الخاصة مع عمامته، وأنا الآن ألبس تلك الجبة. وقد كنت استلمت تلك الأمانة المباركة من يد السيدة المحترمة آسية التي هي من طلبة رسائل النور ومن قريناتي في الجنة.[8]

جواب: لا أصْلَ لادعاء سعيد نورسي على أنه أصبح من رجال العلم وهو في الرابعة عشرة من العمر. فجميع علومه كانت من السنوحات (ما يخطر على البال من الأوهام والخيالات[9]) حتى بلغ الخامسة عشرة أو السادسة عشرة من عمره كما هو مذكور في سيرته الذاتية.[10] لو أطلق على تلك الخواطر والسنوحات اسم العلم لأصبح كل من على وجه الأرض عالما ولم يبق جاهل.

سؤال: السنوحات وإجابة سعيد نورسي الفورية على كل الأسئلة المطروحة عليه. هل يمكن أن يكون هذا كله إلهاما من الله تعالى؟

جواب: قد ادعى سعيد نورسي أنه كان ملهَما من الله تعالى، وهو صاحب المقولة التالية: «وقد نزلت إلينا الحقائق الباطنية للقرآن الكريم مع رسائل النور». ومعنى هذا أنه كما أنزل القرآن الكريم عن طريق الوحي في عصر السعادة، أي في العصر النبوي، فكذلك نزلت الحقائق الباطنية والأدلة القاطعة من المعجزات المعنوية للقرآن الكريم من مكانه في العرش عن طريق الإلهام والخواطر.[11]

يعني أن رسائل النور نزلت من المصدر الذي نزل منه القرآن الكريم عن طريق الوحي، ويأتي بالحقائق الباطنية والأدلة القاطعة لتلك الحقائق.

سؤال: ألا يكون قد وضع نفسه بهذه المقولة في مرتبة النبوة؟

جواب: وإن لم يقل عن نفسه بأنه نبي إلا أن معنى كلامه السابق ظاهر في ادعائه النبوة. فالزعم أن معه الحقائق الباطنية للقرآن الكريم يدل على أن كتابه أهم من القرآن الكريم. يقول الله تعالى مخاطبا نبينا صلى الله عليه وسلم: « يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ» (المائدة، 5/67). لو علم النبي صلى الله عليه وسلم ما ادعى سعيد نورسي أنه علمه لما أخفاه ولكان قد بينه صلى الله عليه وسلم.

سؤال: وهل يكون المُصَدِّق بتلك المقولة قد اعتبر سعيد النورسي خاتمَ النبيين، ويكون قد اعتبر رسائلَ النور آخِرَ كتاب أنزله الله تعالى؟

جواب: إسمع مقولة سعيد هذه.. ثم تتخذ قرارك بنفسك.. «رسائل النور هي ما يتألف من ثلاث وثلاثين كلمة، وثلاث وثلاثين مكتوبة، وإحدى وثلاثين لمعة، هي بمثابة آيات قرآنية في عصرنا هذا، أي أنها الظواهر الدالة على الحقائق القرآنية، والدلائل القاطعة على أنه الحق، وبراهين قوية على ما اشتملت عليه الآيات القرآنية من الحقائق الإيمانية.»[12]

أي أن القرآن قد خرح من برهانيته فأصبح محتاجا إلى دليل من خارجه يثبته في نظر سعيد النورسي، وصارت آيات رسائل النور دليلا على صدق القرآن. ومثل هذا الكتاب لا بد وأن يكون خاليا من الخطأ، كما يزعم سعيد النورسي: «لا ريب أن «الكلمات»[13] لمعات من النور القرآني. وهي خالية من كل نقص وعيب، إلا أنها تحتاج إلى تفسير وتوضيح».[14]

سؤال: هل يمكن أن يكون هذا هو سبب عدم قراءة القرآن الكريم لدى جماعة النوريين؟

جواب: قد بذل سعيد النورسي كل ما في وسعه ليجذب الناس إلى مؤلفاته، وقد قال: «رسائل النور في هذا العصر وفي هذا التاريخ هي «العروة الوثقى»، أي أنها معتصم قوي لا انفصام لها، وأنها «حبل الله المتين» فقد أفلح من تمسك بها.»[15]

ونحن نعرف يقينا أن «العروة الوثقى» و «حبل الله» من خصائص القرآن.[16]

سؤال: الادعاء بأن مصدر رسائل النور هو مصدر القرآن الكريم نفسِه يوضح كل شيء، أليس كذلك؟

جواب: هذا الادعاء يتكرر أكثر من مرة، وها هي واحدة من تلك الادعاءات: « رسائل النور، وهي ضياء، لم يؤخذ ولم يقتبس من ثقافات الشرق وعلومه ولا من فلسفات الغرب وعلومه، بل نزل واقتبس من مصدر القرآن ـ المنزل من السماء ـ من العرش الذي فوق الشرق والغرب.[17]

ولنضرب مثلا بما يقال له «الآية الكبرى» المذكورة في رسائل النور ولنحاول تتبعها:

1. أنها اكتتبت لسعيد نورسي:

وهو يقول في مقدمة رسالة «الآية الكبرى»: «قد طالت مقدمة هذه الرسالة بدون إرادتي، ولكنها هكذا اكتتبت للحاجة إلى إطالتها.»[18]

2. أن عليا رضي الله هو الذي سماها بهذا الاسم.

ويقول سعيد النورسي: «ولهذه الرسالة أهمية، فقد سماها علي رضي الله عنه بكراماته الغيبية التي أُرِيَها “الآية الكبرى” و”عصا موسى”».[19]

3. توسل علي رضي الله عنه بالآية الكبرى:

«عندما كان علي يخبرني بأجزاء النور، قال ـ وبالآية الكبرى أَمِّنِّي من الفجت (مباغتة الموت) ـ متوسلا بالآية الكبرى ….»[20]

4. أن رسائل النور دليل قاطع على كلمة «لا إله إلا الله»:

وهو يقول: «رسالة الآية الكبرى المطبوعة حجة وبرهان على كلمة  “لا إله إلا الله”. وتسمية علي رضي الله عنه إياها برسالة الآية الكبرى وتوسله بها لكونها حجة فريدة»[21]

5. أن الرسائل منجية:

وهو يقول: «… كما كانت رسائل النور ـ بغلبتها وانتشارها سرا ـ سببا في براءة طلبتها (مما كانوا يتهمون به في المحاكم)» [22]

6. حمايتها دكانا من الحريق:

وهو يقول: «إشتعلت النار في إحدى الدوائر الحكومية واستمرت ثلاث ساعات كأنها نار جهنم في فصل الشتاء في يوم شديد البرد. وبينما أنا مسند ظهري لحائط جاءني أحد طلبة رسائل النور وقال لي: يا للهول نحن نحترق!! وكنت قد طلبت منه قبل ذلك بيومين أن يُحضر لي بعض النسخ من الآية الكبرى الموجودة في دكانه فلم يفعل وبقيت فيه حتى تطفئ هي تلك النار التي اشتعلت في الدكان. وقلت متوسلا برسائل النور والآية الكبرى: يا رب نج… وقد أحرقت تلك النار الشديدة في ثلاث ساعات هذه الدائرة الكبيرة، وأتت على جميع الدكاكين التي تحتها وبجانبها. أما الدكان الذي كان في حماية رسائل النور والآية الكبرى فلم تصل النار إليه قطعيا، كما بقي دكان الطلبة الذي كان تحته سالما.[23]

سؤال: قد شغل ذهني شيء، وهو لماذا سمى علي رضي الله عنه هذه الرسالة بهذا الاسم؟

جواب: هذا أمر طبيعي عند سعيد النورسي لأنه يزعم أن عليا رضي الله عنه قد أنزل إليه كتابا باسم «السكينة» فيه علوم الأولين والآخرين وأسرارُهم، ورسالته «الآية الكبرى» تشمل أسرار ذاك الحاضر والمستقبل بعده. ويقول باختصار: «ألقى جبريل عليه السلام صحيفة فيها اسم الله الأعظم في حضن علي رضي الله عنه بحضور رسول الله صلى الله عليه وسلم. وينقل سعيد النورسي عن علي رضي الله عنه بأنه قال: رأيت جبريل نفسه على شكل قوس قزح، وسمعت صوته، واستلمت منه الصحيفة ووجدت فيها هذه الأسماء. وبعد حديثه عن اسم الله الأعظم ينقل عن علي رضي الله عنه أنه قال: جميع العلوم وأهم الأسرار منذ بدء الكون إلى أن تقوم الساعة كشفت لنا على حد الشاهد، فليسأل الكل عما يريد، ومن يشك في كلامنا فهو خاسر.[24]

سؤال: هي صحيفة فيها جميع العلوم والأسرار المهمة، إذًا هي ليست صحيفة بل هو كتاب كبير. وأن مرتبة علي رضي الله عنه فوق مرتبة النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لا يعرف تلك العلوم. ومن أين حصل سعيد النورسي على تلك العلوم؟

جواب: وهو يدعي أنه حصل على تلك العلوم من المصدر الذي أُنزل منه القرآن ؟!!

سؤال: ما الذي يقصده سعيد نورسي واتباعه بهذا؟

جواب: تقديس رسائل النور وطلبتها.[25]

سؤال: لقد أدهشتني تلك الأقاويل. فبئس الإفتراء ما قالوا!…

جواب: يقول الله تعالى فيمن تقاول مثلها: « فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً[26] فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُون َ» (البقرة، 2/79).

سؤال: حوالي كثير من المثقفين من جماعة النور أعرفهم، وهم أشخاص محترمون، وهم يقيمون الصلاة، ويؤدون الزكاة، ولا سيما قيامهم بأعمال خيرية مثل تدريس الطلاب، وماذا عن مصير تلك الأعمال؟ علما أن أكثرهم لا يعرفون ما تقوله أنت؟

جواب: صحيح، يوجد في رسائل النور أشياء جميلة. ويعجبني البعض منهم أيضا. من فضلك اسأل من تعرف من جماعة النور. أنه لا يتجاوز ما يقرأ عليهم من رسائل النور إلا عدد الأصابع، وفوق ذلك لا يفهمون منها شيئا لأنها مكتوبة بلغة صعبة. وأنا رأيت من يدرِّسها وهو لا يفهم، ومع ذلك يشرحها بما خطر على باله من المعاني لبعض الكمات رجما بالغيب. ولكن لا يكفي كل هذا لخلاص جماعة النور، وهم سيجزون على تعطيل عقولهم. لأن الله تعالى «…. ويَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ» (يونس، 10/100).

سؤال: من أين تعرف أنهم يعطلون عقولهم؟

جواب: لأنّهم يسكتون حينما يقال إن رسائل النور أكتتبت لسعيد النورسي. وكل واحد منهم يقرأ رسائل النور كتلاوة القرآن الكريم. لأنها كتاب أساسي ومقدس في نظر جماعة النور. ولا يقال لمن يفعل ذلك أنه يستعمل عقله.

سؤال: حقا أنهم يقدسون سعيد النورسي تقديسا يفوق العادة. وقد أوقعني هذا دائما في الحيرة، فما سبب ذلك برأيك؟..

جواب: الذي أعطي تقديسا فوق العادة لسعيد النورسي هو نفسه. وهم تابعون له. على سبيل المثال يدعي أن عبد القادر الجيلاني قال فيه هذا الشعر قبل ثمانية قرون:

توسل بنا في كل هول وشدة.          أغيثك في الأشياء دهرا بهمتي.

أنا لمريدي حافظا ما يخافه.              وأحرسه في كل شر وفتنة.

مريدي إذا ما كان شرقا أو مغربا.     أغثه إذا سار في أي بلدة.[27]

ثلاث وعشرون تلميذا من تلاميذ النورسي يدعون بهذا الزعم.[28] ويعتمدون في إثباته على ما يسمى بـ«علم الجفر» علما أنه ليس بعلم بل هو وهم وخرافات. ويقولون إن في الشعر سالف الذكر يكمن هذا المعنى، كأن عبد القادر الجيلاني يقول: «إن سعيد النورسي مريدي ، عندما كان أسيرا في روسيا، ونفي من شرق شمال آسيا بيد المبتدعين إلى غرب آسيا، واضطر أن يجتاح أماكن كثيرة وهو يهرب من نواحي سيبريا، قد كنت ألبي نداءه وأغيثه»

ويوضح كيفية تحقق الإغاثة كما يأتي:

«سعيد الذي قال: “نعم.. إن مريد حضرت الغوث عبد القدر الجيلاني” عندما كان أسيرا في شرق شمال آسيا لمدة ثلاث سنوات كان محفوظا من صعوبات وشدائد قاتلة، وقد اجتاح مسافة ثلاثة شهور بل أربعة شهور هاربا، وزار مدنا كثيرة ولكنه كان دائما تحت الحماية كما قال الغوث (عبد القادر جيلاني).

ويقال عن سعيد النورسي: «يقول أستاذنا «حين كنت من العمر ثلاث أو أربع سنوات، كان الناس في منطقتنا والمناطق المجاورة لنا على طريقة نقشبندية، فهم كانوا يستغيثون بشيخ مشهور باسم غوث حزان، فكنت أنا أنادي  قائلا ـ يا غوث جيلاني ـ مخالفا لجميع الناس، كما أنا منذ صغري إذا غاب عني شيئ ولو بمثل حبة جوز واحدة، كنت أقول ـ يا شيخ لك الفاتحة، ساعدني لأجد ما غاب عني ـ،  شيء غريب!.. ولكنني  أقسم بالله قد كان الشيخ يحضر بدعائه وهمته لإمدادي أكثر من ألف مرة.[29]

ونذكر الآن بعض الآيات القرآنية التي تدل على أن ما ادعاه سعيد النورسي مخالف للعقيدة الإسلامية: «أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ» (النمل، 27/62).

إذا كان يستغاث بغير الله فيما لا يقدر عليه، فمن يلجأ إلى الله؟ يقول الله تعالى: «قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورا» (الإسراء، 17/56-57).

«وَاللّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ. وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ. أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ» (النحل، 16/19-21).

«وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ» (الزمر، 39/38).

سؤال، سعيد النورسي قد مات وهو لا يدافع عن نفسه أمام التهم التي توجه إليه، هل يجوز الحديث في حق مثل هذا الشخص؟

جواب: سعيد النورسي يحاسب عند الله تعالى وحده. ولا يمكن أن يصل منا إليه الضرر أو المنفعة. ومن المحتمل أنه تاب إلى الله تعالى قبل موته ومات بريئا من كل خطاياه، والذي يهمنا هو الجماعة التابعة له، والذين يعدُّون كتبه مصدرا لدين الإسلام، ونريد أن ننبههم على خطاياهم. وما نريد إلا الإصلاح ما استطعنا، وما توفيقنا إلا بالله تعالى، عليه توكلنا وإليه ننيب وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.



[1] بديع الزمان سعيد نورسي، سيرته الذاتية، دار سوزلر، استانبول 1991، ص. 34. (وقد أفيد في مقدمته أن هذا الكتاب أعد في العام 1958، وطبع تحت مراقبة بديع الزمان وتصحيحه).

[2] بديع الزمان سعيد النورسي، حاشية سيرته الذتية، ص. 33.

[3] محمد رضا المظفر، «العقائد الإيمانية»  «العقائد الشيعية» (ترجمة عبد الباقي جولبنار إلى اللغة التركية) استانبول 1978، ص؟ 52-53.

[4] جولبنار، «العقائد الشيعية» ص. 52

 [5] هذه السيرة الذاتية، كانت في أرشيف إدار الإفتاء في استانبول، في الملفات الخاصة لسجلات العلماء العثمانيين، ثم أفرغ ما في الملف من جهة أناس مجهولين، فهي توجد في كتاب صادق ألبيراق، لأنه قد كان سجلها ونشرها، «العلماء العثمانيين المتأخرين» استانبول 1996، ج. 17، ص. 271.

[6] السيرة الذاتية ص. 44.

[7] السيرة الذاتية ص. 45.

[8] رسائل النور المفهرس مع التخريج، لاحقة كاستومونو، ج. 2، ص. 1609، استانبول 1995

[9] شمس الدين سامي، القاموس التركي، استانبول 1317.

[10] السيرة الذاتية ص. 45.

[11] دار شعاعلر وسوزلر استانبول 1993، ص. 617.

[12] شعاعلر، ص. 709.

[13] الكلمات (سوزلر) تكون جزءا من رسائل النور

[14]لاحقة برلا، ص. 26.

[15] سعيد النورسي دار سوزلر وشعاعلر. استانبول 1992، ص. 231.

[16] انظر البقرة، 2/256، و آل عمران، 3/103

[17] شعاعلر، ص. 601.

[18]شعاعلر، الشعاع السابع (الآية الكبرى) دار سوزلر، استانبول 1992، ص. 84

[19] شعاعلر، الشعاع السابع (الآية الكبرى) دار سوزلر، استانبول 1992، ص. 83-84.

[20] شعاعلر، الشعاع السابع (الآية الكبرى) دار سوزلر، استانبول 1992، ص. 84.

[21] شعاعلر، الشعاع الخامس عشر، ص. 526.

[22] شعاعلر، الشعاع الخامس عشر، ص. 526.

[23] سعيد النورسي، لاحقة أمير داغ، دار سوزلر، استانبول 1993 101 بالإقتصار بدون أن يخل المعنى

[24] رسائل النور المفهرس مع التخريج، ج. 2، السكة التصديقية الغيبية (اللمعة الثامنة عشرة) استانبول 1995، ص. 2079.

[25] كليات رسائل النور المفهرس مع التخريج، ج. 2، السكة التصديقية الغيبية، ص. 2078.

[26 ]{فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ} (التوبة، 9/38)

[27] سعيد النورسي، السكة التصديقية الغيبية، دار سوزلر، استانبول 1991، ص. 119.

[28] اسماء هؤلاء: سليمان، صبري، وزكائي، وعاصم، ورفعت، وأحمد خسرو، ومصطفى أفندي، ورشدي، ولطفي، وشاملي توفيق، وأحمد غالب، وزهدي، وبكر بي، ولطفي، ومصطفي، ومصطفى مسعود، ومصطفى جاوش، وحافظ، وأحمد، وحاجي، و محمد أفندي، وعلي رضا

[29] سعيد النورسي، السكة التصديقية الغيبية، دار سوزلر، ص. 120.

التعليقات

  • للأسف لا تزال “العقلية السلفية” التي طال أمد إيهام الناس وطلاب العلم بتمثيلها للسلف.. لا تزال تمنع البعض من الاستبصار حتى في أسطع المواقف دلالة على الحق: كرامةً وعلمًا وتحقيقًا! ولكن ولله الحمد والمنة فإن أكثر من يبين إفلاس هذه العقلية اليوم وبعدها عن حقيقة السلف الصالح علما وتحقيقا وفقها وحالا هم من كانوا ذات يوم مخدوعين بها! نعم ولكن “الأنا” وسوابق ارتباط “الكينونات” الدعوية ب “تقريرات” و آراء و”مذاهب” قد صارت وللأسف عائقا أمام كثير من طلاب العلم و”العلماء” لرؤية الحق والمراجعات في سبيل الله…

    • 1- و هل تسريحة ذيل الحصان و الكعكه عندما تفعلها غير محجبه و تخرج تعتبر من رؤسهن كأسنمة البخت

      2 – { مائلات مميلات فقيل : زائغات عن طاعة الله تعالى و ما يلزمهن من حفظ الفروج و غيرها ، و مميلات يعلمن غيرهن مثل فعلهن و قيل ان مائلات متبخترات في مشيتهن مميلات اكتافهمن و قيل مائلات الي الرجال مميلات لهم بما يبدين من زينتهن و غيرها }
      يعني لما بنت بتحط مكياج و هيا غير محجبه و تحفظ على صلواتها هل تعتبر من مائلات الي الرجال مميلات لهن بما يبدين من زينتهن و غيرها و زائغه عن طاعة الله ؟

      3- و مرات يجي شخص يقلي بنت دي مش محجبه و كده انا اقول انها حره و هيا هتتحاسب مش احنا هل كده انا بشجع على الفاحشه ؟

  • السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    أخي الكريم.. كلامكم عن سعيد النورسي وجماعته فيه كثير من المبالغة لأنني رأيتهم واستمعت منهم فلم أجد منهم إلا الكلام والعمل الصالح ولهم دور كبير جداً خصوصاً في تركيا في نشر الإسلام والدفاع عن مبادئه وتكريس وقتهم لتعليم الاطفال والشباب القرآن الكريم و رسائل النور التي هي نابعة من نور آياته أما ما تقولون أنهم لا يقرؤون الارسائل النور فهذا ليس دقيقا على الاطلاق لأنني رأيتهم ورأيت نشاطهم في تركيا ولا وجود عندهم أن سعيد النورسي أدعى النبوة كما ادعيتم وانا كتبت ذلك لأنني عرفتهم في تركيا ووجدتهم قلعة حصينة منذ زمن استاذهم إلى الآن في وجه الملحدين والعلمانيين فأرجوا منكم أن تتبينوا من هم ولا تتسرعوا في الحكم على جماعة كبيرة تدافع عن المسلمين في تركيا .

    • أنا ساكن مع الجماعه منذ شهر، وشفت مثل الكلام المكتوب عنهم؛ يقولون إن قراءة كتابهم فرض مثل الصلاة والزكاة، وأنه يجوز التماس النفع من الموتى الصالحين وغير ذلك من الاشياء المخالفة للعقيدة. أتمنى أنك قبل ما تتفلسف تتعمق معهم شوي وتعرف معتقداتهم وبعدها تجي تقول إذا كان الكلام المكتوب عنهم حق أو باطل.

    • أن يكون الإنسان قلعة حصينة في وجه الملحدين والعلمانيين لا يغفر له الإشراك بالله سواء إشراك خفي أو غيره، فكل من يدعو غير الله مشرك ولو كانت أعماله الصالحة بلغت ما بلغت، فينبغي تمحيص التوحيد في المقام الأول، ولا نغتر بالأعمال الصالحة دونه ولا بالوقوف ضد الملحدين والعلمانيين.

      • رأيتهم واستمعت منهم فلم أجد منهم إلا الكلام والعمل الصالح ولهم دور كبير جداً خصوصاً في تركيا في نشر الإسلام والدفاع عن مبادئه وتكريس وقتهم

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.