حبل الله
قرض الشعر

قرض الشعر

السؤال: ذم القرآن الكريم الشعراء واعتبر أن تابعيهم الغاوون. هل نفهم من ذلك حرمة قرض الشعر أو الإهتمام به؟

الجواب: لم يذمّ القرآن الكريم الشعراء مطلقا، وإنما ذمّ منهم من كانت الغواية صنعته، وهؤلاء لا يتبعهم ويثني عليهم سوى الغاوون أمثالهم، وقد استثنت الآيات أولئك الشعراء الذين يقولون الحق في أشعارهم ويسخرون شعرهم في نصرة الحق ونفع الناس.

قال الله تعالى {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ. أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ. وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ. إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} (الشعراء،224_ 227) فقد استثنت الآيات الشعراء المؤمنين الذين لا يلهيهم الشعر عن ذكر الله تعالى ونصرة دينه.

وقد وجدنا من صحابة رسول الله من كان شاعرا كحسان بن ثابت رضي الله عنه، حيث سخر شعره في نصرة الحق والثبات عليه.

وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال “إن من البيان لسحرا وإن من الشعر لحكما”[1]

ومع ذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يبالغ أحد في قرض الشعر حتى يشغله عن كلام الله تعالى فيستبدل الذي أدنى بالذي هو خير. فقد روي عن أبى سعيد الخدرى وسعد بن أبى وقاص وابن عمر قول النبي صلى الله عليه وسلم “لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا”[2] قال الحافظ ابن حجر: (مناسبة هذه المبالغة في ذم الشعر أن الذين خوطبوا بذلك كانوا في غاية الإقبال عليه والاشتغال به، فزجرهم عنه؛ ليقبلوا على القرآن، وعلى ذكر الله -تعالى- وعبادته)[3]

نفهم مما سبق أن قرض الشعر ليس محرما بذاته، فحسنه حسن وقيبحه قبيح. بل هو مُستحب إن كان يُسهم في بناء الثقافة الايمانية ويعزز الانتماء إلى الأمة ويثري ثقافتها. والمحرم إنما هو الإشتغال به عن ذكر الله سبحانه أو تسخيره فيما لا يرضي الله تعالى من فحش القول ونصرة الباطل.



[1] أخرجه أبو داود (4/303، رقم 5011) ، والطيالسى (ص 348، رقم 2670) ، وأحمد (1/303، رقم 2761) ، والطبرانى (11/287، رقم 11758) وأبو يعلى (4/220، رقم 2332) ، وابن حبان (13/96، رقم 5780)

[2] أخرجه البخارى (5/2279، رقم 5802) ومسلم (4/1769، رقم 2258) . وابن ماجه (2/1237، رقم 3760) . والترمذى (5/141، رقم 2852) ، . وأبو يعلى (9/424، رقم 5573) ، والبيهقى (10/244، رقم 20932) . وأحمد (2/39، 3760).

[3] انظر فتح الباري لابن حجر (10/566)

أضف تعليقا

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.