حبل الله
تناول المرأة علاج تأخير الحيض

تناول المرأة علاج تأخير الحيض

السؤال: هل يجوز للمرأة استخدام الأدوية المؤخرة للدورة الشهرية لتغتنم صيام رمضان؟

الجواب:

أولا: يجب الصيام على الحائض، ويرخص لها ترك الصيام لأنها بحكم المريض، وقد وصف الحيض في القرآن بالأذى بقوله تعالى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} (البقرة، 222) والأذى سبب للرخصة في ترك الواجب دفعا للحرج والمشقة. كما ورد في قوله تعالى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} وحسب الآية فإن المصاب بأذى في الرأس يرخص له بالحلق خلافا للأصل. وكذلك الحائض فإن الحيض أذى فيرخص لها بالإفطار دفعا للمشقة، والصوم أفضل . فلا داعي أن تأخذ هذا العلاج .

ثانيا: من المعلوم أن الطهارة ليست شرطا من شروط صحة الصوم، وقد أشكل هذا الأمر على الناس بسبب تغير معنى القضاء في القرآن والسنة، إذ إنه بمعنى الأداء في الحال، لكن تغيرت دلالة الكلمة بعد ذلك لتصبح الأداء بعد فوات الوقت. وعلى هذا النحو فهموا حديث عائشة رضي الله عنها (كنا نؤمر بقضاء الصيام ولا نؤمر بقضاء الصلاة) والمعنى الصحيح للحديث أنهن كن يؤمرن بالصيام ولا يؤمرن بالصلاة حال الحيض[1].

ثالثا: إذا كان يثقل عليها الصيام في الحيض، فلها أن تتناول العلاج المؤخر للطمث إذا لم يكن ثمة ضرر في استخدامه.

 


[1] يقول سبحانه في الحيض: “وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ” (البقرة 2/222). يقول أ.د عبد العزيز بايندر:  ليس في القرآن أية تبين أحكام الحيض غير هذه الآية. و إذا أمعنا النظر في الأية مع الأحاديث المبينة لها، نفهم الأحكام التالية بسهولة:

تمارس الحائض كل العبادات إلا ما يشترط له الطهارة. فالحائض مثلا تقرأ القرآن و تعطي صدقة مالها و تسبح و تكبر و تهلل و تذكر الله و تؤدي مناسك الحج إلا الطواف.

و بالجملة فإن للحائض أن تصوم إن شاءت وهو خير لها. أو أن تفطر إن شاءت؛ لأنه رخصة لها، و تقضي ما أفطرت في أيام أخر ، وذلك لأن الصوم لا يشترط فيه الطهارة. فلهذا تقضي المرأة الصوم إن أفطرت أيام حيضها للعمل بالرخصة. ولا تقضي الصلاة لأن الصلاة يشترط فيها الطهارة، ولا طهارة لحائض، و عدم طهارتها لم يكن بفعلها، لأن الحيض لا يكون بفعلها.

وهـذا يعنى أن صـيام رمضـان فـرض على المؤمنة الحائض أيضا، وهي تعتبر مريضة بسـبب حيضـها؛ لذلك إن شـاءت صـامت و هـو خـير لها، و إن شاءت أفطرت و تقضي في أيام أخر وهو رخصة لها. هذا و ليس في القرآن الذي نزل على رسولنا تبيانا لكل شيء ولا في الحديث المبين له، ليس فيهما شيء يحرم الصوم على الحائض. ورغم ذلك فإنّ جماهير الفقهاء يقولون: “ثبت تحريم الصوم على الحائض بالسنة و الإجماع”. وهروبهم إلى الإجماع لأنّ القرآن الذي هو المصدر الوحيد في التشريع وكذلك السنة المطهرة والتي تتبع القرآن في كل حال_ ليس فيهما دليل يستندون إليه في تحريم الصوم على الحائض، فلجأوا إلى أن يجدوا دليلا آخر على دعواهم فقالوا: ”والإجماع“….

و أسأل الذين يقولون: ”لا يجب عليها الصيام اتفاقا، وإذا صامت أثمت، وعليها بعد الطهر قضاء ما فاتها من رمضان، ويفسد صومها بخروج دم الحيض“ لمن هذا الحكم؟ لله؟ أو لرسوله؟ هل في القرآن أو في الحديث ما يمنع الحائض من الصوم في وقته ثم يكلفها بالقضاء في وقت آخر؟

و هل الصوم إلا ترك الأكل و الشرب و الجماع بالنية من طلوع الفجر إلى غروب الشمس؟ ما الشيء الذي مارسته الحائض بسبب الحيض من هذه المفطرات؟ الأكل؟ أم الشرب؟ أم الجماع؟ و هل يجب في دين الله على إنسان قضاء شيء لا يجوز له أداؤه في وقته؟، وهل القضاء إلا على فوات واجب لسبب من الأسباب؟ فإذا لم يكن الصوم واجبا عليها بل محرم عليها فما معنى القضاء إذن؟.

التعليقات

  • ارجو منكم الرد على أقوال الفقهاء (من الموسوعة الفقهية الكويتية، جزء18 صفحة 314-315) :
    اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى تَحْرِيمِ الصَّوْمِ عَلَى الْحَائِضِ مُطْلَقًا فَرْضًا أَوْ نَفْلاً، وَعَدَمُ صِحَّتِهِ مِنْهَا لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: {أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَل، وَلَمْ تَصُمْ؟ قُلْنَ: بَلَى، قَال: فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا} رواه البخاري والمسلم، فَإِذَا رَأَتِ الْمَرْأَةُ الدَّمَ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، فَسَدَ صَوْمُهَا، وَقَدْ نَقَل ابْنُ جَرِيرٍ وَالنَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا الإِْجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ، قَال إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَكَوْنُ الصَّوْمِ لاَ يَصِحُّ مِنْهَا لاَ يُدْرَكُ مَعْنَاهُ، لأَِنَّ الطَّهَارَةَ لَيْسَتْ مَشْرُوطَةً فِيهِ.
    كَمَا اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ قَضَاءِ رَمَضَانَ عَلَيْهَا، لِقَوْل عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي الْحَيْضِ: {كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ، فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلاَ نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلاَةِ} رواه البخاري والمسلم، وَنَقَل التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُمْ الإِْجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ.
    حاشية ابن عابدين 1/ 193، مجموعة رسائل ابن عابدين 1/ 111 الرسالة الرابعة، حاشية الدسوقي 1/ 172، مغني المحتاج 1/ 109، المجموع 1/ 354- 355، كشاف القناع 1/ 197.

    • أهلا بكم د حسن الجازي ويسعدنا مشاركتكم
      حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ليس فيه ما يقطع بعدم جواز الصيام للحائض، وإنّما فيه حكاية حال النساء إذ أنّهن يأخذن بالرخصة فيفطرن في رمضان، فلو قلت أن المسافر يفطر في رمضان فلا يعني ذلك أنه لا يجوز له الصيام بل إن الصيام خير له
      وأما حديث عائشة رضي الله عنها قالت{ كان يصيبنا فنؤمر بقضاء الصيام ولا نؤمر بقضاء الصلاة} هذا الحديث دليل لما ذهبنا إليه وحجة على من قال بعدم جواز صيامها. لقد كانت النساء تؤمر بقضاء الصيام أي بأدائه حال حيضهن لأنّه واجب عليهنّ، أما الصلاة فلا يؤمرن بقضائها لأنه يشترط الطهارة لها.
      ومعنى القضاء هو الاداء في الحال، وكلمة القضاء في عصر صدر الإسلام تفيد معنى غير ما تفيده في العصور المتأخرة ، إذ أن القضاء هو أداء العبادة في وقتها وليس بعد خروج وقتها.
      والقرآن الكريم يستخدم كلمة القضاء بمعنى الأداء في الوقت، وذلك مثل قوله تعالى: { فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا) وقوله تعالى: {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض} وفي كلا الآيتين جاءت كلمة القضاء بمعنى الأداء في الوقت. وبناء على ذلك نفهم حديث عائشة رضي الله عنها.
      وليس من المنطقي أن يحرم الله تعالى فعل شيء بوقته ثم يأمر بقضائه في وقت آخر ؛ إذ أن قضاء ما فات مختص بالعبادات الواجبة والتي لم يستطع المسلم أداءها في وقتها لسبب ما كالمرض والسفر والنسيان. فالحيض لا يمنع من صحة الصوم.
      وأقوال الفقهاء المخالفة للقرآن والحكمة نردها ولا نقبلها، وأقوالهم ليست حجة علينا وإنما الحجة كتاب الله والحكمة .

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.